بعد التحية:بقلم- د. عبد الله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل يصح ان يقال بان الزواج أو الحياة الزوجية سجن أو قفص ذهبي حتى يتم تجنب التشبه بأقفاص الطيور أو الحيوانات المفترسة أو حتى الداجنة . لدى متابعتي لأحد البرامج المذاعة عبر اذاعة امارات إف إم في ليالي رمضان المعظم لفت انتباهي سؤال المشاركين عن الحالة الاجتماعية لهم من حيث الزواج أو عدمه. لقد كان طرح المذيعين يدور حول الزواج ان كان بالنسبة لهؤلاء سجنا او قفصا ذهبيا او فضيا او اي نوع من أنواع المعادن المستخدمة في صناعة الاقفاص. فغالبية الردود كانت ترفض ان يقارن حال المتزوج على آنه دخل سجنا مؤبدا أو قفصا محاطا باسياخ الحديد من كل الجهات, ولايمكن فتح بابه الا بإذن من وزارة الداخلية أو مدير البلدية. قد يكون طرح الموضوع من باب التسلية الرمضانية, الا ان الزواج بحد ذاته جد لا يحتمل الهزل اذا كان المقصود منه إيصال المفهوم الصحيح للناس من خلال البرامج الاعلامية المتنوعة. ففي كثير من الاحيان تساهم أجهزة الاعلام بشتى صورها في تعويم بعض المفاهيم الاجتماعية عن الحياة الزوجية, وتصورها في إطار من القيود البعيدة عما هو متعارف عليه بين الناس. لذا كانت أجوبة المشاركين الفطرية وعبر السليقة السوية واضحة للمستمعين رغم تداخل خطوط المزاح بين سطورها, وهنا ننبه الى مفهوم قد يتغافل عنه الكثير وذلك على غرار مدرسة المشاغبين التي أعطت للعالم صورة هزلية فاقعة ومهزلة بل مسخرة لهذا المربي الذي يتحمل العنت حتى يوصل الطلبة الى بر الامان في العملية التعليمية والتربوية الشاقة في كل الازمنة. ولانريد ان تنحى الحياة الاسرية وانتشار مفاهيمها السلبية كذلك منحى مدرسة المشاغبين في كره الارتباط بالحياة الزوجية اذا ماتم اعتبارها سجنا او قيدا على الانسان يختاره الانسان بإرادته الحرة. فالزواج واقعا هو حياة ارحب بكثير من حياة العزوبية لأن فيه من المعاني التي لايمكن للأعزب ان يمارسها إلا عن طريق الزواج. اما اختيار او تفضيل طريق الفلتان والابتعاد عن القيود الزوجية بالدخول الى علاقات نسائىة بعيدة عن اطارها الشرعي, وتكرار التجارب المريرة التي يمر بها بعض الشباب الذي يصبح مع الايام في قمة السلبية اذا ما طلب منه الارتباط ببنت الحلال. فتراه يكشر عن انيابه, ويتهم كل بنات خلق الله بالفساد الخلقي وذلك, لانه فقط هو الذي يمارس هذا السلوك في الخفاء المعلن, فيظن ان العالم الخارجي كله يعيش هذه الحياة المنكسة عن سنة الفطرة الإلهية. فلولا الحكمة الإلهية لارتباط الذكر والانثى اللذين لايمكنهما التخلي عن بعضهما البعض في جميع العوالم الكونية ابتداء من الانسان وصولا الى ادنى درجات الخلق, ولقد قال هذه الحقيقة احد المشاركين في البرنامج بصراحة اجتماعية تامة, فاستغناء الرجل عن الزواج والعكس من اشد الاستحالات.

Email