دعت لانشاء مجلس أعلى للرعاية: دراسة تضع استراتيجية جديدة لتطوير مؤسسات رعاية الاحداث بالدولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

دعت دراسة من جديدة من الامارات إلى ضرورة انشاء مجلس اعلى لرعاية الاحداث بالدولة, على ان يتولى ذلك المجلس عملية اعداد الخطط الشاملة والمرحلية لمواجهة ظاهرة جنوح الاحداث والتنسيق بين كافة الاجهزة المعنية باجراءات الوقاية والعلاج للاحداث الجانحين, وذلك ضمن الاستراتيجية الجديدة التي وضعتها تلك الدراسة من اجل تطوير العمل بمؤسسات رعاية الاحداث بالدولة. وقد ذهبت الدراسة إلى القول بأن تطوير العمل بتلك المؤسسات في حاجة ماسة إلى استراتيجية معينة تقوم على تشكيل لجان متخصصة لدراسة خطة التطوير المقترحة, ووضع برنامج زمني لتطبيقها, مع توفير المتطلبات اللازمة لتنفيذها ومتابعة اجراءات التنفيذ, وكذلك اقامة توازن بين برامج الرعاية والانشطة التي تقدم للاحداث بحيث لا يكون هناك تركيز على انشطة بعينها على حساب اخرى, بالاضافة إلى تزويد مراكز رعاية الاحداث بالكوادر الفنية المتخصصة المؤهلة والمدربة لكي تستطيع ان تحقق الاهداف التي يسعى المركز إلى تحقيقها, وضرورة الاهتمام والتركيز على برامج التأهيل والتدريب المهني والتدريب العسكري للاحداث, والتركيز على برامج الرعاية اللاحقة للاحداث المفرج عنهم. كما دعت الدراسة ــ ضمن هذه الاستراتيجية ــ إلى ضرورة توعية المواطنين بأهمية الرعاية الاسرية للابناء, وتوعية اولياء الامور بأهمية القيام بزيارة الاحداث واستمرار تواصل العلاقات الاسرية والاجتماعية بينهم, وضرورة عقد دورات تدريبية للعاملين, بتلك المراكز في المجال الاداري والحراسات الامنية وكذلك الاخصائيين الاجتماعيين فيما يتعلق بأسلوب التعامل مع الاحداث وتقويم سلوكهم واصلاحهم واعادة دمجهم في المجتمع. مؤسسات رعاية الاحداث ذات فلسفة حديثة واشادت الدراسة بمؤسسات رعاية الاحداث بالدولة مؤكدة على انها تعتبر من احدث المؤسسات الاصلاحية التي تعتمد الفلسفة الاصلاحية الحديثة القائمة على نبذ فكرة العقاب كأساس لعلاج الحدث الجانح والتركيز على تهذيب وتقويم سلوك الحدث ومساعدته على التكيف الاجتماعي والعودة للاندماج بالمجتمع كمواطن صالح, ولقد اتضج ذلك من خلال مباني تلك المراكز التي تتوفر فيها معظم الامكانيات التي تساعد على تحقيق الفلسفة الاصلاحية وتهذيب وتقويم السلوك غير السوي, ومن خلال تنفيذ هذه المراكز لمجموعة من برامج الرعاية الاجتماعية والتعليمية والصحية والدينية والرياضية التي تساعد على معالجة السلوك الجانح لدى الحدث, والاشراف الاداري على تطبيق الفلسفة الاصلاحية وتنفيذ البرامج ومتابعة كل الامور عن كثب واهتمام بالغ, وتقديم خدمات ايواء واطعام جيدة جدا للاحداث الجانحين. استراتيجية التطوير ووضعت الدراسة استراتجية جديدة من اجل تطوير اسلوب العمل والاداء بمؤسسات حماية الاحداث, وحددت اهداف هذه الاستراتيجية, في تفعيل برامج الرعاية والتهذيب والتأهيل بتلك المراكز, وتوفير الظروف المناسبة بها لتعديل سلوك الاحداث ووقايتهم من الانحراف والجنوح واصلاحهم وعلاجهم وازالة العادات الفاسدة من انفسهم واحلال عادات اخرى صالحة تمهيدا لاعادة دمجهم بالمجتمع وذلك كهدف اساسي تسعى نحوه مؤسسات الدولة. وتناولت الدراسة ضمن استراتيجيتها تطوير المجال الاداري عبر طريق تفعيل نص المادة (49) من قانون تنظيم المنشآت الاصلاحية رقم 43 لسنة 1992 والخاصة بتأهيل الاحداث حيث نصت المادة على تشكيل لجنة تأهيل الاحداث بقرار من وزير الداخلية بالاتفاق مع وزيري العدل والعمل والشؤون الاجتماعية, ويرأسها احد رؤساء النيابة العامة الاتحادية وتضم في عضويتها ضابط المنشأة, ومتخصصا في علم النفس وممثلا عن وزارة التربية والتعليم, وممثلا عن الشؤون الاجتماعية, وللجنة ان تستعين بمن ترى الاستعانة بهم من ذوي الاختصاصات, كما اشارت المادة 50 من القانون نفسه الى اختصاص اللجنة بوضع البرامج السنوية لتعليم الاحداث والنظر في منح المزايا المقدرة لهم في هذا القانون. كما أكدت الدراسة على تطوير القوى البشرية في مراكز رعاية الاحداث, عن طريق تطوير الجهاز الاداري من المدير الى المشرف, ووجود مواصفات معينة بهم كالرغبة في العمل بهذا المجال وتوفير المؤهلات العلمية والكفاءة الادارية اللازمة لادارة المركز. وكذلك تطوير الجهاز الفني والمهني المتمثل في الطبيب والاخصائي الاجتماعي والمدرس والمرشد الديني, ومدرب الرياضة ومدرب التأهيل المهني, اذ يجب ان يتوفر في هذا الفريق ميزان التكامل والانسجام بالعمل بحيث يؤثر بالاحداث الجانحين ودفعهم الى الاقتداء بهم. كما بحث اشراك العاملين في مراكز رعاية الاحداث في عدة دورات للتدريب قبل الخدمة لاعدادهم لتلك الرعاية, والتدريب اثناء الخدمة, لتحسين نوعها, وكذلك اقامة دورات اخرى متخصصة وعليا يشارك فيها الفنيون من الاخصائيين كل حسب اختصاصه. كما تطرقت استراتيجية الدراسة الى وضع تصور متطور لمجال الاستقبال بدار رعاية الاحداث, يقوم على التحقق من مذكرة توقيف الحدث او الحكم عليه, وطمأنته وتلبية احتياجاته الشخصية والاتصال بعائلته, وبذل الاخصائي الاجتماعي لكل جهد في سبيل اقناع الحدث برغبته الصادقة في مساعدته. واكدت الدراسة على ضرورة تصنيف الاحداث الجانحين الى فئات معينة حسب السن, وحسب نوع الجريمة, والحالة العقلية, والاجتماعية, وفي ضوء الدراسات والفحوصات التي يخضع لها الحدث, وذلك بغرض انجاز المعاملة العلاجية بشكل افضل للحدث في ضوء دراسات وفحوصات اللجان الفنية والمتخصصة في قسم الاستقبال. وطالبت الدراسة, بضرورة تخصيص فني مناسب في المركز يخدم مرحلتي الاستقبال والتصنيف يتم تأمينه بالمستلزمات الضرورية لاستقبال الاحداث وتحديد عدد من الغرف للنوم وعيادة للطبيب, ومكتب للاخصائي الاجتماعي المناوب والاخصائي النفسي, ومدرب التأهيل المهني والمدرسي, الخ, وكذلك تشكيل فريق للاستقبال, وتوفير الكادر البشري لذلك من الفنيين والاخصائيين واستكمال غير الموجود منهم مع زيادة عدد الاخصائيين الاجتماعيين ومدربي التأهيل المهني. استراتيجية الرعاية والتهذيب والتأهيل وفيما يتعلق باستراتيجية الرعاية والتهذيب والتأهيل, ذهبت الدراسة الى ضرورة تطوير البرامج القائمة والمنفذة حاليا, والتي منها برامج الرعاية الاجتماعية مثل برنامج الاصلاح الفردي الذي يهدف الى مساعدة الحدث على تنمية شخصيته وعلى مواجهة المشكلات التي تحول دون أدائه لوظيفته ودوره الاجتماعي, وتتدخل هذه الطريقة في الجوانب النفسية والاجتماعية لحياة الحدث وتتدخل ايضا في علاقة الحدث بأسرته, وكذلك تطوير برنامج الاصلاح والتقويم الجماعي الذي يهدف الى تنمية الشعور بالانتماء من خلال جو اجتماعي, ذلك يتطلب زيادة عدد الاخصائيين الاجتماعيين بالمركز, وتوفير مكاتب خاصة للخدمة الاجتماعية. واكدت الدراسة على ضرورة تطوير الرعاية التعليمية والبرامج الثقافية في مركز رعاية الاحداث عن طريق افتتاح فصول لمحو الامية واعداد المنهاج الخاص بتعليم الكبار من قبل وزارة التربية والتعليم, وانشاء مكتبة, وزيادة عدد المحاضرات الثقافية, وقنواتها بالتعاون مع العلاقات العامة بالادارة العامة لشرطة ابوظبي, كما اكدت الدراسة على ضرورة تطوير برامج الرعاية الصحية والنفسية من خلال دور وزارة الصحة في دعم الكادر الطبي بالمركز وانشاء صيدلية به, وتوفير الاجهزة الطبية اللازمة وتكليف طبيب نفسي بزيارة المركز بصورة مستمرة, وتوفير وسائل ومستلزمات التثقيف الصحي للاحداث. ومن ناحية اخرى حددت الدراسة عدة اجراءات مطلوبة لتطوير برامج الرعاية الدينية في مراكز الاحداث منها زيادة عدد المرشدين وايجاد وسائل اخرى لبناء القيم والمعايير لدى الحدث من المناقشة الجماعية, وعقد دورات لتحفيظ القرآن الكريم.. مع ضرورة اشتراك المرشد الديني في لجان فحص الاحداث واستقبالهم. برامج مقترحة كما حرصت الدراسة على تقديم مقترحات بعدة برامج لازمة لرعاية الاحداث, منها الرعاية المهنية.. لاكساب الحدث مجموعة من المهارات التي تساعده على اداء عمل او وظيفة معينة, وذلك يدعو لانشاء قسم للتدريب المهني بكل مركز, تتوافر فيه الآلات والمعدات والتجهيزات اللازمة, وكذلك اعتماد المناهج اللازمة لكل مهنة, وتوفير اعداد مناسبة من المدربين, والمواد الاولية اللازمة لكل ورشة. كما اقترحت الدراسة وجود برنامج للتدريب العسكري, ليتعلم الحدث الانضباط واطاعة الاوامر والجدية في بعض المواضيع وذلك يتطلب انشاء ميدان خاص للتدريب العسكري بمراكز الاحداث, واعطاء شهادات وجوائز للمتدربين المتفوقين. كما دعت الدراسة الى تطوير الرعاية اللاحقة للاحداث المفرج عنهم, عن طريق تهيئة الحدث للعودة الى المجتمع قبل الافراح عنه, ومساعدته في الحصول على المستندات اللازمة لاعادته الى المدرسة او الالتحاق بالعمل, والاتصال مع قسم الرعاية اللاحقة بوزارة العمل وارسال ملف الحدث اليها, لتبدأ المرحلة الثانية من الرعاية اللاحقة, اذ تقوم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتقديم عدة خدمات للحدث منها مساعدته على التغلب على المشاكل والظروف الاسرية التي قد تعيق بقاء الحدث في اسرته, ومساعدته على ايجاد عمل مناسب له.. الخ وذلك يتطلب دعما من كافة الجهات الرسمية والاهلية لبرامج الرعاية اللاحقة للاحداث, الذين مروا بظروف اجتماعية ونفسية سيئة دفعتهم الى الجنوح, والبعد عن مجتمعهم الصالح وحان وقت ارجاعهم الى ذلك المجتمع. أبوظبي ــ عادل عرفة

Email