بعد التحية:بقلم- د. عبدالله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في زخم الحديث عن وقوع شباب الوطن تحت وطأة الادمان على تعاطي المخدرات تبرز مسألة الارادة ودورها في علاج المشكلة من الاساس والمقولة التي تنتشر في المنتديات الثقافية والعلمية عن ضرورة التعامل مع المدمن باعتباره فردا مسلوب الارادة ينبغي اعادة النظر فيها بشكل عقلاني . فاذا صدقت هذه المقولة فمعنى هذا ان المدمن لا ذنب له فيما اقترفت يداه اولا ثم ساعدته على هذا العوامل الاجتماعية الاخرى, فلو اعطينا للارادة المسلوبة بسبب الاقدام على هذه الجريمة 10% فقط وحمـلّـنا المشاكل الاسرية والاجتماعية 90% من حالات الادمان في المجتمع فاننا نرجح دور الارادة القوية والعزيمة الحازمة في القضاء على هذه المشكلة بين الفرد ونفسه. نعرف من اختار الموت سبيلا للوقاية من هذا الادمان عندما غلبت عليه شهوة الادمان, فكانت ارادة الموت راجحة على الاستمرار في هذا العصيان الدائم. وهي نقطة ايجابية تحسب لصالح المدمن الذي لايستطيع العيش مع الاسوياء فيفضل الموت على الحياة بهذا الاسلوب المتدني. فمن لايملك زمام نفسه وارادته ولو حلت جميع مشاكله الاسرية والاجتماعية فإن نسبة العشرة في المائة تتغلب على التسعين بالمائة في مثل هذه المشكلات المزمنة. والعودة الى الادمان خير دليل على ذلك لان نسبة 90% التي لا تملك الارادة على البقاء بعيدا عن ساحة الادمان تعني بأن الحاجة الى البحث عن سبل كفيلة وعملية لتقوية ارادة الفرد واعادة الثقة الى نفسه الضعيفة اهم نقطة في موضوعنا, فإن هذه الحقيقة يجب ان تفرض على الجميع اعادة النظر مرة اخرى في أساليب مواجهة المخدرات والقضاء عليها. والتعامل مع المدمنين على اساس انهم عناصر فاسدة فقط والتيئيس من انتشالهم بدعوى ان المدمن يعد مجرما ومنتحرا في آن واحد تزيد من حدة المشكلة وتعقد سبل البحث عن الحلول المناسبة لانقاذ ما يمكن انقاذه من هذه الشريحة التي اختارت عند نقطة ضعف في ارادتها الرضوخ لهذا الداء العضال. فالتأكيد على قوة الارادة خير من الحديث عن سلب الارادة والبحث عن العوامل التي تساعد المدمن على تقوية ارادته وتعزيز الثقة بعودته الى الساحة الرحبة للمجتمع السوي هو افضل الخيارات التي يجب ان تخلق لهذا المصاب. ان هذا الامر لا يحتمل الجدل الطويل, بل الحاجة الى العمل الجاد والاسلوب العلمي البعيد جدا عن التقريع والتوبيخ المباشر وسيلة هادفة على المدى الطويل. وادخال الامل دائما الى هذه النفوس المريضة هو بداية الحل لمشكلة عجزت الوسائل المستخدمة من وقف هذا السرطان عن الانتشار في بقية الاجزاء من الجسم البشري العام.

Email