بعد التحية:بقلم- د. عبدالله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالامس تلقيت مكالمة مفادها, هل تعرف فلانا ابن فلان الذي يعمل كذا وكذا... الخ، قلت له نعم, ولكن لم هذا السؤال عن معرفتي به اليوم, مع العلم بأنني لم أر هذا الشخص الا عندما كان طفلا وبحكم الجيرة التي قاربت بيننا المسافات الاجتماعية في الحي الواحد . فجأة تأتيك مكالمة غير متوقعة فحواها بأن فلانا قد مات, مات لماذا؟ تعددت الاسباب والموت واحد وانضمت حبوب الهلوسة والمخدرات الى قائمة الاسباب السريعة لموت الشباب وبصورة تثيرالعجب لدى المعارف والاصحاب. وقبل ايام قرأت محاضرة عن المخدرات بالدولة تقول ان الادمان يوجد في الدولة على شكل مشكلة وليس كظاهرة وذلك بسبب الوعظ الديني ووجود الروابط الاسرية وسلوك المجتمع بشكل عام والعادات والتقاليد. كما ان التعامل مع الادمان يندرج في الدولة ضمن خطة وطنية شاملة لمكافحة المخدرات والوقاية منها. وهل هناك اخطر من ان يتساقط شباب الوطن واحدا بعد اخر لانه تناول جرعة او حبة زائدة عن المطلوب؟ وعندما يعجز الوعظ الديني والرابط الاسري والعادات والتقاليد عن الحد من هذا التساقط ألا يثير هذا سؤالا هاما عن مدى نجاح هذه الجهود في انقاذ المجتمع من هذه الأفة سواء كانت في صورة الادمان او الاتجار او التعاطي, فكل هذه الصور تؤدي الى تضحيات جمة بأعز ممتلكات الوطن الذي يسعى الى الحفاظ على عناصره سليمة حتى تقوى على اداء دورها في البناء بعيدا عن هذه الهزات التي تذهل الألباب وتوقف عمليات التفكير احيانا في المشكلة فيتحول الشخص الى مبهوت لايستطيع ان يعرف كيف يتصرف او ماذا يقول عندما تصل اليه تلك الانباء السيئة, فالموت حق الا ان الواحد منا لايود ابدا لا لقريب او بعيد ان يموت مدمنا بدل ان يموت عزيزا مكرما, فخير للميت ان تموت سيئاته معه او تدفن معه بدل ان تتناوله الألسن وتحوّله الى سيل جرار من الاشاعات التي لاتترك مجالا لبيان وجه الحق في القضايا المشاعة. فاذا كان البعض يرى ان الادمان في مجتمع الامارات ليس ظاهرة فهو مشكلة ونصف او زيادة, ومادمنا أقررنا بأنها مشكلة فلا نملك الوسائل التي تمنع تحويلها الى ظاهرة مقلقة ولايعرف حقيقة الادمان على هذه السموم الا الأسر التي ابتليت بفرد او بجزء منها بهذا الداء العضال. فالتعامل مع الادمان كمشكلة لابد وان يخرج عن اطار التجزئة لان كل مايتعلق بالمخدرات مهما تفاوتت الانواع في الخطورة او تباينت النسب في الارتفاع او الانخفاض فإن الوجه الكالح لايفارق المدمن والتاجر والمروج والمتعاطي. نعم التشريعات القانونية فرعت في الاحكام الخاصة لكل قضية على حدة ولكن الناتج الاجتماعي لمجموع العمليات التي فيها رائحة للمخدرات يصب بعيدا جدا عن صالح المجتمع

Email