اقتراح بانشاء معاهد أو كليات لتدريس طب الاعشاب: فوضى العلاج بالاعشاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

(العودة الى الطبيعة) .. أحدى الطرق العلاجية الحديثة المعترف بها عالميا, وتهدف الى محاولة تجنب الاثار الضارة للادوية الكيماوية الامر الذي دفع كبريات الشركات المنتجة للادوية الى اللجؤ للاعشاب والنباتات الطبية لاستخلاص المواد الطبيعية استنادا الى ابحاث ودراسات علمية في هذا المجال .. ولكن ان يستغل البعض هذا النهج لاغراض تجارية بحتة تهدف الى تحقيق الربح فحسب دون مراعاة صحة وسلامة الناس, فهذا هو الخطر الذي لا يمكن السكوت عليه لان صحة الانسان لا ينبغي ان تكون حقل تجارب يعبث به (مدعو الطب) تحت مظلة العلاج بالاعشاب مستغلين في ذلك حاجة المريض الى العلاج والدواء الذي يخفف من معاناتهم, وخاصة المصابين بأمراض مستعصية بعد يأسهم من طرق العلاج التقليدية, متأثرين بالدعاية الجذابة من قبل هؤلاء التجار, الذين يجيدون فن الترويج لمنتجاتهم التي تعالج (امراضا لا علاج لها) ...! بينما اجمع الاطباء الذين التقت بهم (البيان) في استطلاع آرائهم حول الاثار الجانبية لاساءة استخدام العلاج بالاعشاب, ان العديد من الوصفات العلاجية العشبية يتناولها المرضى ولا تخضع لاشراف وزارة الصحة, ويتسبب بعضها في احداث اثار ضارة للصحة,وخاصة للاطفال نتيجة لوجود انواع عديدة من الاعشاب يتم تداولها في الاسواق يحتوي بعضها على مواد سامة لا يمكن اكتشاف اضرارها في وقتها, ولكن تكتشف بعد فترة طويلة من العلاج. وهنا تثور اسئلة هامة منها: هل نعتمد عند العلاج بالاعشاب الطبية على خبرة تجارها فقط دون الرجوع للاطباء, وهو نظام سائد ومتوارث عن الاباء والاجداد؟ وهل تخضع الوصفات العلاجية والخلطات التي يقدمها تجار الاعشاب لعلاج جميع الامراض لاشراف الجهات الصحية المعنية؟ وما الوضع الطبي والقانوني للعيادات التي يفتتحها بعض (خبراء الاعشاب) على حد زعمهم ويكشفون على المرضى ويتعاملون مع اجسادهم بشكل مباشر ويستخدمون العلاج العشبي المناسب لكل حالة دون ان يحملوا شهادات طبية وهم أبعد ما يكونون عن الطب وعلاج الامراض؟ وما العشب أو النبات السحري الفريد الذي يشفي جميع الامراض؟ وكيف يمكن ان تؤدي وصفة عشبية أو (خلطة) صنعت بيد أحد العطارين الى علاج مرض مستعص خلال تسعين يوما فقط مثل (السكري) في حين ان المرضى الذين استعملوها تم تحويلهم الى غرف الانعاش؟ واذا كان العلاج بالاعشاب واقعا مفروضا علينا, فكيف نحمي مرضانا من الوقوع فريسة في شباك هؤلاء المحتالين الذين لا يجدون حرجا في المتاجرة بصحة الناس وعافيتهم؟ ولماذا لا يكون هناك تشريع قانوني واضح بشأن تجارة وتداول الاعشاب اسوة بالعديد من دول العالم؟ في هذا التحقيق.. نحاول الاجابة على تلك التساؤلات. الحل السحري في البداية يوضح د. عبدالرزاق مدني استشاري الغدد الصماء والسكري بدائرة الصحة والخدمات الطبية, ان معظم من يلجأون الى العلاج بالاعشاب هم أصحاب الأمراض المستعصية الذين يستنفدون طرق العلاج التقليدية عند الاطباء وباستخدام الادوية الكيماوية المعروفة. والغريب ان بعض مدعي طب الاعشاب يقدمون وصفاتهم العلاجية وكأنها الحل السحري القادر على شفاء كل الامراض التي لم يتوصل الطب الحديث حتى الآن لعلاج قاطع لها مثل السكري والسرطانات والايدز والكبد الوبائي وغيرها من الأمراض المزمنة. ويتساءل الدكتور مدني: كيف يتوصل من يقدم هذه الاعشاب كوصفات الى علاج فعال دون ان يكون مؤهلا علميا ودارسا لطرق وأساليب العلم الحديثة ومطلعا على أحدث الابحاث الطبية؟ وأضاف ان (تجار الاعشاب) يلعبون على (وتر حساس) وهو حاجة المريض الى العلاج بكل السبل وبغض النظر عن مصدره, واخطر ما في الأمر انهم يوهمون المرضى بأن هذه الوصفات العشبية حققت نتائج مذهلة في شفاء مرضى كثيرين يعانون من نفس المرض, ويترك المريض الادوية الفعالة جانبا ويهملها تماما معتمدا على الاعشاب السحرية وحدها, والنتيجة تدهور حالته الصحية لدرجة خطيرة قد تصل الى حد الوفاة. ويشير الى ان هناك بعض الحالات المرضية المصابة بالسكري وصلت الى المستشفى وهي تعاني من (غيبوبة السكري) مما استدعى نقلهم على الفور لغرف الانعاش وتكثيف الجرعات العلاجية حتى اجتازوا مرحلة الخطر.. وبعد سؤالهم عن سبب تدهور حالتهم ذكروا انهم استبدلوا العلاج المعتاد الذي وصفه الاخصائي ببعض النباتات العشبية المطروحة بالاسواق وتباع كمجموعة أو (كورس علاجي) وقيمة العبوة 3000 درهم, وبالاطلاع عليها وجد ان اسمها (سكروما) , وتؤكد الدعاية المصاحبة لها انها تعالج أمراض السكر وتقضي عليه نهائيا بعد تناولها دون انقطاع لمدة 90 يوما.. وطبعا العبوة الواحدة لا تكفي لأكثر من سبعة أيام فيعاود المريض شراء عبوة اخرى بثلاثة آلاف درهم حتى تتحقق له النتيجة الفعالة المطلوبة. والعجيب ان كل هذه الادعاءات يتبعها تصريح بموافقة الجهات المعنية بالدولة. وبمبادرة شخصية مني من منطلق شعوري بالمسؤولية ــ والحديث مازال للدكتور مدني ــ اتصلت ببعض موزعي هذه الوصفات, ومنها ما يعالج آلام العظام والروماتيزم وآخر لعلاج أمراض المعدة بأنواعها, وشراب يقضي على الانفلونزا والبرد خلال ثلاثة أيام الى جانب أمراض السكري. وتبينت ان القائمين عليها لا علاقة لهم نهائيا بالنواحي الطبية أو العلاجية بل هم مجرد موظفين يعملون بعيدا عن الطب ويفتقدون حتى الى الخبرة والدراسة العلمية.. ومع ذلك أكد هؤلاء التجار انهم حصلوا على نتائج عظيمة في علاج هذه الأمراض وبقدرة لم تصل اليها الطرق العلاجية المعروفة. ويعقب د. مدني على مثل هذه المواقف قائلا: كيف يتم تداول هذه الأعشاب وطرحها في الأسواق كوصفات علاجية لأمراض خطيرة على مسمع ومرأى من الجهات الرسمية بالدولة ودون التأكد علميا من ذلك. ويرى ان ذلك يعد نوعا من التحايل حيث دخلت هذه الوصفات على انها أعشاب عادية ليس لها أي مضاعفات جانبية, وبالتالي لم تخضع لاشراف أو حتى موافقة أو اعتراض الجهات المسؤولة عن الصحة. ولكن المشكلة الحقيقية ــ كما يراها د. مدني ــ تكمن في تلاعب القائمين على ترويجها وادعائهم كذبا, انها لعلاج الأمراض التي لم يتوصل الطب حتى الآن لنتائج فعالة في علاجها. وفي هذه الحالة نلتمس للمريض العذر لو ركض وراءها سعيا للبحث عن مفعولها الأكيد في علاجه مهما كلفه ذلك من مبالغ طائلة لا تتناسب مع القيمة الحقيقية لهذه النباتات. ويضيف د. مدني استشاري أمراض السكري ان العلاج بالأعشاب علم قديم, وكان متبعا قبل ظهور الادوية الكيماوية وتقدم صناعتها الحالية, وتضمنت كتب الطب القديمة سواء الطب العربي أو اليوناني أو الصيني فائدة بعض أنواع الاعشاب واستخداماتها في علاج معظم الحالات المرضية قديما, ومازال العلاج بالاعشاب علما يدرس في الجامعات وكليات الصيدلة ويطبق في أكثر الدول تقدما. ولا ننكر ان هناك نسبة كبيرة من الأدوية الحالية مستخرجة من الاعشاب.. ولكن يتم ذلك وفقا لدراسات علمية وابحاث تطبيقية, وهو اتجاه حديث للعلاج حاليا تحكمه ضوابط سليمة... وبالتالي فان العلاج بالاعشاب يحتاج الى وصف طبيب متخصص وعلى دراية تامة بأنواعها وخصائصها ومضاعفاتها وكمياتها المناسبة ودرجة ما تحتويه من سمية.. حتى يمكن تفادي آثارها الجانبية وأخذها في الاعتبار عند وصفها للعلاج.. خرافة العشب المعجزة ولكن مع الاسف الشديد الذي يحدث ان عددا كبيرا من غير الدارسين لعلم الاعشاب يعتمدون على الخبرة المتوارثة وهذا مسموح به في تجارتها, ولكن تدخلهم في وصف العلاج دون استشارة طبيب يصنفهم تحت (فئة الدجالين) الذين يستغلون العامل النفسي للمرضى ومعاناتهم في سبيل تحقيق بعض الارباح على حساب (صحة الناس) .. ويؤكد د. مدني عدم وجود (العشب المعجزة) الذي يعالج كل الامراض التي لا علاج لها في جرعات محدودة لان مدعي هذه الوصفات يرجعونها الى التجربة الناجحة على حالات كثيرة وفي واقع الامر ان من يتبعهم اعداد قليلة ولم يتم متابعتها طبيا للتعرف على النتائج الفعالة او الاثار الجانبية لهذه الوصفات. وفيما يتعلق بظروف مرضى السكري يقول د. مدني ان هناك نوعان من مرضى السكري الاول: هم المرضى المعتمدون على الانسولين واكثرهم من فئة صغار السن (الشباب).. وبديهيا يكون علاجهم الوحيد من الناحية الطبية هو الانسولين لتعويض النقص لديهم.. والثاني: هم مرضى السكري غير المعتمدين على الانسولين ويعانون في الغالب من مشاكل صحية اخرى منها زيادة الوزن وعدم استفادة الجسم من الانسولين.. وفي بعض الحالات من الممكن ان تفيدهم الاعشاب وتساعدهم على عدم امتصاص السكريات من المعدة وهي تضاف الى احدى طرق العلاج لحالات معينة وتحت اشراف طبي. وفي هذا الاطار نحذر (مرضى السكري) من وجود عشب نباتي هندي جديد مطروح بالاسواق حاليا, وتؤكد النشرات الاعلانية المصاحبة له جدواه في علاج مرضى السكري دون الحاجة الى الانسولين الذي يهمله المريض تماما مستعيضا عنه بهذا العشب الذي سوف يعيد بناء جسمه, ومن خلال طعمه المر يتوهم المريض نفسيا انخفاض نسبة السكر مما يسبب له كوارث صحية قد تصل الى حد الغيبوبة او الوفاة. فنون التحايل والغش ومن بين الحالات الطريفة لمحتالي فنون التداوي بالاعشاب ان بعض الاطباء في دول خليجية مجاورة اكتشفوا ان هناك اعشابا مطروحة بالاسواق ويقبل عليها مرضى السكري بكثرة, ووجد انها بالفعل تأتي بنتائج فعالة, وتحدث تحسنا ملحوظا لدى المريض.. وبعد تحليلها, وجد انها مخلوطة بالادوية والحبوب المعروفة الكيماوية التي توصف للمرض مما أدى تناولها الى انخفاض مثالي في نسبة السكر لدى بعض المرضى.. وحقيقة الامر هو تطوير جديد في طرق وفنون الاحتيال على المرض من قبل بعض (تجار الاعشاب) . ويضيف: ان هناك بعض أنواع الاعشاب لها فاعلية في علاج الحالات المعدية البسيطة وفوائد كبيرة على الجهاز الهضمي وتستخدم في علاج الاسهال او سؤ الهضم دون أي أثار جانبية منها النعناع, وكذلك البابونج الذي يستعمل في حالات الربو وضيق التنفس بشرط ان تأتي من مصادر علمية موثوقة, وقادرة على تحديد نسبة السمية لان هناك نباتات تحتوي على نسبة كبيرة من ا لرصاص. واثبتت الدراسات ان تراكمها في المعدة يحدث اثارا سامة تظهر في صورة قيء واسهال ويختفي نسبة كبيرة منها في المعدة لتؤثر على الاعضاء الحيوية في جسم الانسان مثل الكبد منها (نبات بنت الذهب) الذي يعطى للاطفال لعلاج سوى الهضم. مطلوب تدخل وزارة الصحة وأشار د. مدني ان اشراف وزارة الصحة على كل انواع الادوية الكيماوية المستوردة التي تدخل البلاد يتم على نحو مشرف ويستحق التقدير فرغم ان كل هذه الادوية تأتي الينا من مصادر وجهات معروفة وشركات كبرى, وتم استخدامها واختبارها بالفعل وثبات فاعليتها بكل دول العالم.. الا ان الجهات الرسمية لا توافق على منح اي ترخيص دون ان يخضع للتحليل المختبري ويمر على رقابة صادقة. وهو نفس ما نطالب به في مجال (الاتجار بالاعشاب) والتي تدخل البلاد من جهات عديدة من الصعب التحكم فيها والتأكد من فوائدها او اخطارها الصحية, او التحري عن مدى صدق ما تعلن عنه على عبواتها من مزايا تبيح انتشارها وأسعارها المرتفعة في اغلب الاحوال, لان الامر تحول الى واقع يفرض نفسه علينا دون حسيب او رقيب واصبح يحتاج على الاقل الى تدخل وزارة الصحة فيما يقدمه تجار الاعشاب من وصفات علاجية تعتمد على الخرافات والدجل والنصب او الكسب غير المشروع. ويتم ذلك تحت شعار (نباتات عشبية) لا تسبب مضاعفات جانبية مثل الادوية الكيماوية.. وبالتالي تفلت من يد الرقابة رغم انها لا تقل خطورة اذا ما أسيء استخدامها كوصفات علاجية.. والحل في رأيي هو دخول هذه الاعشاب تحت اشراف ادارة الصيدلة بوزارة الصحة للقضاء على العشوائية في استعمالها, والزام القائمين عليها بقوانين الدولة فيما يتعلق بصحة الانسان. عموميات غير مؤكدة علميا ويبلور د. سلمان النيال اخصائي الامراض الباطنية والهضمية ابعاد المشكلة في عدم وجود دراسات علمية واضحة النتائج فيما يتعلق بأنواع الاعشاب وصلاحية استخدامها كوصفات علاجية من الممكن ان تحل محل الادوية الكيماوية المؤثرة التي تحدث فاعلية مباشرة ومضمونة. فعلى الرغم من ان كل الادوية تقريبا اصلها عشبي الا انها مستخلصة بطرق علمية مجربة عمليا على نحو تدريجي بدءا من الحيوانات ثم المرضى على نطاق ضيق وقبل ان يعمم استخدام الدواء لا بد وان يأخذ موافقة الجهات الصحية المعنية وبناء على معرفة دقيقة بمدى تأثير الدواء الصحي او السمي على المريض.. عكس التداوي بالاعشاب الذي يعتمد حتى الان على الخبرة المتوارثة والتي تكونت مع الزمن, وتستند الى التجارب الشخصية على بعض الحالات المرضية وان كانت محدودة ولكنها لم تخضع لدراسات علمية او فحص مختبري واضح النتائج.. منها انواع الاعشاب التي لم يعرف عنها اي سمية وهي الاكثر تداولا ومن واقع الخبرة العامة مثل الملينة والمهدئة للامعاء كالبابونج والنعناع والقرفة.. وهي نباتات عشبية مثبت فاعليتها وكثيرا ما نستخلص منها بعض الادوية الكيماوية لعلاج نفس الحالات.. فالنعناع على سبيل المثال نبات نعتمد على مستخلصاته المركزة في تركيب الادوية المعالجة للغازات المعوية بالاضافة الى تأثيرها الملطف على الامعاء.. ولكن مع الفارق الكبير بين وجود العشب وتناوله على حالته الطبيعية, والدواء المستخلص منه الذي يكون منقى بدرجة معروفة ومؤكدة من الصعب توافرها في الاعشاب العادية.. هذا واذا اتفقنا على قدرة هذه الاعشاب في علاج كثير من الاعراض الا اننا لا نستطيع ان نجزم بالتعامل معها في علاج الامراض الخطيرة والمزمنة لما تسببه من مضاعفات لا يحمد عقباها.. وحول بعض انواع الاعشاب المتداولة بالمنطقة وما يمكن ان تسببه من مضاعفات واثار جانبية.. يقول د. النيال: الحلول مستخرج من السنا وهو نبات معروف منذ القدم وله تأثير سهل للمعدة.. غير ان الافراط في استعماله وغليانه قد يسبب آلاما تشنجية في الامعاء واسهالا شديدا. لذلك ننصح دائما بعدم غلي السنمكي لفترة طويلة ودعم الاكثار من (الحلول) كملين. كذلك الحال بالنسبة لــ (الكحل العربي أو الشعبي) فهو يستخدم منذ القدم في معالجة بعض أمراض العيون إلى جانب تأثيره التجميلي إلا ان الكثير من المستحضرات التي تحتوي على الكحل بها مادة الرصاص السامة. وقد وجدت عدة حالات مصابة في كامل الجسم بتسمم الرصاص على اثر استعمال (الكحل العربي) لذلك يجب على من يستعمل الأعشاب ان يكون دائما واثقا من خبرة من يصفها له وهناك دائما مجال للتداوي بالأعشاب بعد التجربة العملية والمراقبة الصحية المطلوبة والفعالة حتى تكون الوصفات العلاجية على درجة من الأمان كما هو الحال في المركز الطبي للعلاج بالأعشاب في أبوظبي, وقليل من المراكز العلمية الأخرى التي تستخدم مشتقات الأعشاب بطريقة علمية دقيقة. مضاعفات سلبية وفيما يتعلق بامكانية الاعتماد على النباتات العشبية في علاج بعض أمراض الجهاز الهضمي, أوضح د. النيال ان ذلك لا يتخطى المعالجة العرضية ولحالات بسيطة مثل التجشؤ والانتفاخ والامساك واحيانا الاسهال, وقد استعملت بعض انواع الاعشاب في تنشيط عمل الكبد. وهذا كله ما يمكن ان يقع في حقل الاستعمال الآمن. أما الافراط في استعمال أنواع معينة من الاعشاب ذات السُمية مثل الحنظل وغيره فهو أمر غير مأمون ويحدث مضاعفات سلبية. ويؤكد د.النيال ان أغلب تجار الأعشاب غير مصرح لهم باعطاء وصفات علاجية, كما انه لا يوجد نبات واحد (معجزة) يعالج حالات مرضية عديدة كما يدعون, ولو حدث ذلك يكون في نفس المجال مثل الاعشاب المدرة للبول التي تساعد في الوقت ذاته على معالجة الضغط الشرياني والحصيات الكلوية بشرط ان تكون هذه الاعشاب منتقاة بعيدا عن الآثار الضارة لها. ونحذر المرضي الذين يعانون من الامراض المستعصية والمزمنة من استبدال الدواء الفعال بأعشاب لا تكون لها قدرة على احداث الاثر الطبي المطلوب وتكون لها درجة سمية غير معروفة. وحين يتوصل العلم الى براهين مؤكدة ومؤمنة في استعمال الاعشاب لعلاج هذه الامراض يكون الأثر عظيما ولكنها حتى الان لا تزيد عن كونها عنصرا مساعدا في تلافي بعض المضاعفات الخطيرة المرتبطة والمترافقة مع هذه الامراض. كما يساعد الحمية وتغيير نوع الطعام في احداث تقدم ملحوظ ببعض الحالات المرضية المتدهورة. التعارض مع الأدوية الأخرى وفي دراسة أجراها د. محسن جابر صيدلي واخصائي في مجال التداوي بالاعشاب, أشار الى انه من الشائع بين العامة ان (الأدوية العشبية والطبيعية ان لم تنفع فلن تضر) . مؤكدا انه من الثابت علميا ان بعض الاعشاب الطبية لها آثار جانبية ويتعارض تناولها مع أدوية اخرى كأن يقلل أو يزيد من فاعليتها, والبعض الآخر من الممكن ان يتسبب في زيادة شدة بعض الحالات المرضية, والملفت للنظر ان بعض الاعشاب والنباتات وحتى الخضروات التي نتناولها بصفة شبه يومية من الممكن ان تتسبب في عدد من المشاكل الصحية. وأضاف انه اذا اردنا ذكر بعض الامثلة على ذلك, فعرضها بهدف لفت الانتباه لضرورة توخي الحذر قبل تناول اية ادوية عشبية أو شعبية تم وصفها من غير المتخصصين في هذا المجال, وليس لديهم من الدراسة العلمية والدراية والخبرة العملية التي تمكنهم من ممارسة هذا التخصص مع الالمام بكل الخصائص والحقائق المتعلقة بالأدوية العشبية. أعشاب تؤثر على مرضى الكبد فمن المعروف ان الكبد هو أكبر وأحد أهم الاعضاء في جسم الانسان وهو الذي يقوم بالتعامل مع معظم العناصر الغذائية والادوية لتحويلها الى مواد ذائبة غير سامة يسهل التخلص منها. ويوجد بالكبد مادة تعرف باسم (جلوثاثيون) تقوم بالتفاعل مع الجزئيات النشطة مثل الاليكتروفيلات, والشقوق الحرة لتحويلها الى عناصر غير نشطة قبل ان تسبب اضرارا للحامض النووي وبروتينات الخلية, فإذا حدث انخفاض في مستوى (الجلوثاثيون) عن المعدل الطبيعي فإن هذه الجزئيات النشطة ستحدث تأثيرات ضارة جدا على خلايا الكبد والدم. وهناك بعض الادوية مثل (الباراسيتامول) الشائع استخدامه كمسكن للألم والصداع يحدث انخفاضا حادا في مستوى الجلوثاثيون بخلايا الكبد وكذلك بعض المكونات النباتية تحدث تأثيرا مشابها, لذلك فمن الضروري ان يتم تلافي اعطاء هذه النباتات أو الأعشاب أو مكوناتها بجرعات كبيرة للمرضى الذين لديهم قصور في وظائف الكبد أو التليف أو الالتهاب الكبدي. ومن امثال هذه الاعشاب الانيسون والشمر والقرفة والقرنفل أو المسمار والكافور. كما ان مادة المنثول المستخرجة من زيت النعناع تحدث تغييرات خطيرة في خلايا الكبد اذا ما تم تعاطيها بجرعات كبيرة على فترات طويلة. ومن المستبعد ان تسبب الجرعات القليلة التي نستخدمها احيانا من النعناع في حدوث اي اضرار للكبد. ولكن من المهم جدا تجنب اعطاء اية ادوية او اغذية تحتوي على المنثول للمرضى الذين لديهم نقص في بعض الانزيمات مثل انزيم جلوكوز ــ 6 فوسفات. أعشاب تؤثر على مرضى القلب والدم وأضاف خبير الاعشاب انه من الشائع استنشاق المنثول المستخرج من زيت النعناع لتوسيع الشعيرات الدموية الموجودة في الغشاء المخاطي للأنف. وقد ثبت ان المنثول يتسبب في توسيع الأوعية الدموية الداخلية. لذلك فإن بعض مدخني السجائر التي تحتوي على النعناع (المنثول) يعانون من ارتعاش عضلة القلب أو انخفاض في معدل ضربات القلب. وبالتالي فمن الضروري تجنب تناوله بجرعات عالية بواسطة المرضى الذين يعانون من الاعراض السابقة او يتم علاجهم ببعض الادوية التي لها نفس التأثير. كما ان الزيت المستخلص من كل من البصل والثوم له تأثير مضاد لتجمع الصفائح الدموية الضرورية لتجلط الدم. لذلك فانه من الواجب على المرضى الذين يعانون من مشاكل في الدم مثل الهيموفيليا ومرضى الكبد والكلى سرطان البروستاتا او الذين يتعاطون ادوية مضادة للتجلط مثل الهيبا رين والوارفرين والاسبرين ان يتجنبوا الاكثار من تناول البصل والثوم. كذلك العرقسوس ـ والسوس المستخدم بكثرة كمشروب منعش يجب على مرضى ضغط الدم المرتفع والقصور الكلوي ان يتجنبوا تناوله لانه يحتوي على مواد استيرولية لها تأثير مشابه لمشتقات الكورتيزون من حيث قدرتها على الاحتفاظ بالسوائل داخل الجسم مما يتسبب في ارتفاع ضغط الدم. كما ان العرقسوس يحتوي بكثرة على املاح الاوكسالات التي تسبب حصوات خطيرة في المجاري البولية. اعشاب تؤثر على الجهاز التنفسي يقول د. محسن جابر: بعض الزيوت الشعبية الطيارة تتسبب احيانا في تهييج الجهاز الهضمي مثل زيت القرنفل اذا تم استنشاقه او تناوله بالفم باستمرار.. فقد ثبت حدوث عدد كبير من الحالات المرضية لمدخني السجائر المحتوية على القرنفل حيث تسبب في تورم رئوي نزيفي والتهاب الشعب الهوائية. اعشاب تؤثر على الجهاز العصبي المركزي ونظرا لان الزيوت الطيارة لها قابلية للذوبان في الدهون فانها تنتقل بسهولة من الدم الى المخ والخلايا العصبية, ومن الممكن ان تسبب تلفا في الخلايا المخية والعصبية وتؤدي الى امراض عصبية مثل الصرع والتشنجات ولكن هذا نادر حدوثه اذا كانت الجرعات التي يتناولها الانسان سواء كغذاء او دواء محدودة ولا تسبب اضرارا للانسان الطبيعي.. ولكن بعض الحالات الخاصة مثل (مرض الصرع) او الذين لديهم تاريخ عائلي مع هذا المرض ينبغي عليهم تجنب تناول عدد من الزيوت الطيارة المعروفة مثل زيت النعناع وحصا السبان والكافور واللافندر لانها تزيد من احتمال تعرضهم لنوبات صرع شديدة. كما ان ثمرة جوز الطيب من المواد المعروفة بقدرتها على تنبيه الجهاز العصبي المركزي واحداث حالات من الهلوسة اذا تم تعاطيها بجرعة حوالي خمسة جم. اعشاب تؤثر على الغدد الصماء ويرجع ذلك الى بعض المكونات الكبريتية لكل من البصل والثوم التي لها تأثير سلبي على عملية ايض مركبات اليود بالجسم مما يؤثر على وظائف الغدة الدرقية للذين يعانون من اختلال وظائفها او الذين يعيشون في مناطق غير غنية باليود.. كما انه ينبغي على مرضى الاورام السرطانية وخاصة تلك التي لها علاقة بهرمونات الذكورة والانوثة ان يتوخوا الحذر عند تناولهم لبعض الادوية العشبية مثل الينسون وحشيشة الليمون لانها تزيد من سؤ الحالة المرضية لمن يعانون من سرطان الصدر والتهابات الرحم واورام البروستاتا الحميدة.. أعشاب تؤثر على الحمل والرضاعة واشار د. محسن جابر الى ان هناك بعض الاعشاب التي لها تأثير منشط للرحم ويجب تجنبها اثناء الحمل مثل الشمر والزعتر والحلبة والزنجبيل.. كما ان (الصبار) يمنع اعطاؤه اثناء الحمل لانه مسهل قوي ويمكن ان يسبب اضرارا بالحمل.. وعلى الرغم من ذلك يؤكد ان النباتات هي كنز حقيقي كمصدر من مصادر الادوية العلاجية سيغطي مستقبلا معظم المجالات العلاجية وذلك بعد ان قطعت الابحاث العلمية شوطا كبيرا وبدأ انتشار الادوية العشبية التي تم انتاجها على اساس علمي.. وكل ما نريد ان نلفت الانظار اليه ان الادوية العشبية ليست آمنة 100%, وفي نفس الوقت فهي ليست ضارة او خطيرة 100% لذلك من المحذور استعمالها مهما كانت بسيطة الا بوصفة من المتخصصين في هذا الحقل حتى يمكن الاستفادة من هذه الادوية الى اقصى درجة والتقليل من اثارها الجانبية الى أقل حد ممكن. فترة سماح للعشابين وتقول د. مريم كلداري مدير ادارة الصيدلة والرقابة الدوائية بوزارة الصحة: انه وفقا لقرارات مجلس الوزراء ومعالي وزير الصحة الاخيرة والتي تقضي بضرورة تسجيل الادوية العشبية المستوردة او المصنعة محليا _ بوزارة الصحة فسوف تخضع للرقابة والاشراف الكامل عليها.. وبناء عليه سوف نمنح العاملين في حقل الاعشاب (فرصة ستة شهور) كفترة زمنية فاصلة ومناسبة لتعديل اوضاعهم ومراجعة الجهات الرقابية المعنية ممثلة في قسم التسجيل بادارة الصيدلة والرقابة الدوائية لتسجيل اي منتج عشبي.. وهذا معناه خضوعه للفحص والتحليل المختبري والكيميائي للتأكد من المادة الفعالة به قبل الموافقة على تداوله وطرحه في اسواق الدولة. واضافت انه حتى الان لا يوجد اي دواء عشبي مسجل رسميا بالجهات الصحية المعنية لانه وفقا للوضع السابق, جميع الاعشاب كانت تدخل ضمن نطاق المواد الغذائية ومن ثم تخضع لاشراف ومسؤولية (مختبر الصحة بالبلدية) وسوف يختلف الوضع بعد القرارات الاخيرة التي سوف تكون بمثابة تشريع قانوني واضح ومحدد بشأن عملية التداوي بالاعشاب, وهي خطوة اولى نحو تحديد القائمين عليها والذين يتولون مسؤولية اعطاء وصفات عشبية علاجية ولديهم تصريح بمزاولة المهنة. وسوف نركز على الادوية المصنعة او المستخلصة من أصل عشبي وتعطى في صورة حبوب او كبسولات وتدخل ضمن رقابتنا بشكل مباشر.. اما محلات العطارة وبيع الاعشاب فهي ظاهرة منتشرة في كل دول العالم ولا يحتاج العمل فيها الى تصريح او تسجيل بوزارة الصحة باعتبارها تتعامل مع انواع عادية من الاعشاب المستخدمة في علاج اشياء بسيطة وعارضة ولا خوف منها فهي متداولة منذ الاجداد وتستخدم في نفس الاطار.. وهذا يختلف عن المواد المخلوطة او الحبوب الدوائية وليس معنى ذلك ان بائعي الاعشاب لهم الحق في اعطاء وصفات علاجية للامراض المستعصية مثل القلب والسكر.. وغيرها او حتى العادية دون الرجوع لطبيب متخصص لما له من مخاطر واضرار على صحة الناس.. وخلال الشهور القليلة المقبلة سوف تخضع كل الاطراف المعنية بعلاج الاعشاب لرقابة صارمة من دائرة الصحة تقضي على كل المخالفات الموجودة في هذا المجال. اعلانات الادوية محظورة واكدت د. مريم كلداري ان اي اعلان مرفق او مصاحب للادوية والمستحضرات العشبية لن يتم الا بموافقة وزارة الصحة.. والمعروف ان الاعلان عن الادوية العلاجية عموما هو امر محظور تماما.. وبشكل عام ننصح راغبي التداوي بالاعشاب الذهاب الى الطبيب المختص وعدم اللجؤ لشراء الادوية من الاسواق بشكل عشوائي سواء كانت كيماوية او مستخلصة من النباتات الطبيعية الا بموجب وصفة طبية حتى يتجنبون اثارها الجانبية. احدى الخلطات التي تزعم الدعاية انها تعالج السكر في مدة وجيزة تحقيق وتصوير: ماجدة شهاب

Email