تحليل اخباري: الطاقة البديلة قبل فوات الأوان

ت + ت - الحجم الطبيعي

استضافت الامارات المؤتمر العالمي الثالث للطاقة الشمسية, والذي عقد بامارة الشارقة خلال الفترة من 21-25 مارس الماضي تحت شعار (تكنولوجيا الخلايا الشمسية والتحولات الحرارية) وافتتحه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة, وحضر المؤتمر اكثر من مائة عالم ومتخصص في الطاقة الشمسية ممثلين لاكثر من ثلاثين دولة . وكانت المشاركة العربية في فعاليات المؤتمر قوية وبارزة سواء من حيث تقديم اوراق العمل واثراء الندوات والمحاضرات, ورش العمل, او من خلال المناقشات والمداخلات وتبادل وجهات النظر. واستمرت فعاليات المؤتمر خمسة أيام متتالية تضمن نشاطات كثيرة ومتعددة كان ابرزها مسابقة السيارات الشمسية بين طلاب وطالبات المدارس, اضافة الى معرض الطاقة الشمسية, والزيارات التي قامت بها الوفود المشاركة للجامعات بالدولة والشارقة والتي قد تثمر عن مشاريع علمية وبحثية في المستقبل القريب. إلا أننا لا بد أن نلقي الضوء على عدد من النقاط الهامة والتي تتعلق بموضوع المؤتمر وأهمها افتتاح سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي للمؤتمر, ودعوته للبحث عن مصادر جديدة للطاقة, وعلى تنويع مصادر الدخل, و هي في الحقيقة رسالة ضمنية موجهة لكل ابناء المجتمع في حثهم على العمل والنجاح والسعي نحو التقدم والرقي. وتأمين الاستقرار والامن اللذين تتمتع بهما البلاد في ظل الحكومة الاتحادية بقيادة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. فالاستراتيجي النفطي في أي دولة ما هو إلا مخزون كمي محدود لابد له من نهاية, فكان لابد من التخطيط للمستقبل, والأخذ بكل الاسباب التكنولوجية والتقنية لمواجهة كل التحديات والمخاطر المستقبلية التي تواجه الأمة, ولا سيما ان القرن الحادي والعشرين والذي يحمل بين طياته الكثير والكثير مما لا يستطع احد التنبؤ به قد بات يطرق الأبواب. وقد يبدو غريبا ان دولة كدولة الامارات العربية وهي دولة كبرى بين الدول المصدرة للنفط هي التي تبادر بالبحث عن طاقة بديلة وجديدة؟! ولكن اذا علمنا ان توجهات صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان دائما ترنو الى ملاحظة التطورات العلمية في شتى المجالات, والنظر بعين ثاقبة لكل المستجدات سواء في مجال الطاقة او في المجالات الأخرى, فلا بد ان ندرك ان هذه التوجهات لا تعيش الحاضر فقط وانما تنظر الى المستقبل اكثر مما تعيش في الحاضر وذلك من أجل الحفاظ على مسيرة الأمة وتجديد مصادرها ودعم استقرارها. أما موضوع المؤتمر وهو (تكنولوجيا الخلايا الشمسية والتحويل الحراري) فقد تركزت مناقشات المؤتمر على الاستفادة من الخلايا الشمسية, ولم يتطرق احد الا القليل الذي لم يسمع صوته الى صناعة الخلايا, او الى أي مدى وصلت هذه الصناعة, وكيف يمكن صناعتها في دولة الامارات او استهلاكها. ذهب العلماء المشاركون وخاصة من العرب يعددون الفوائد والمميزات, وبيان مدى الحاجة الملحة لاستخدامها في المستقبل القريب, ولكن مع الأسف كان منطقهم ينطلق كونها تكنولوجيا امريكية أو غربية ليس أكثر. إلا أنا المعنيون بالأمر مباشرة ينسون الموضوع فور الخروج من قاعات المؤتمر ويفكرون في المؤتمر التالي الذي يحقق لهم الوجاهة والزخم الاعلامي وصور تنشر هنا وهناك وأحاديث تلفزيونية وغير ذلك. وفي هذا الاطار اشاد جميع المشاركين بفوائد ومميزات هذه الطاقة المتجددة والبديلة ولكن هل وضع أحد خطة لما تحتاجه الامارات مثلاً من تكاليف وامكانات لاستغلال هذه الطاقة.. احدهم تحدث على استحياء وبعد مراجعات قائلاً ان الامارات تحتاج الى 30 كيلومتراً من الخلايا الشمسية حتى تستطيع تغطية جميع المناطق أما كيف يتم ذلك وما هي الخطة المناسبة لاستغلال الطاقة الشمسية بدون تكاليف إستخراج أو حفارات أو خبراء أمريكان وأوروبيين وآسيويين او هنود لاستخلاصها.. فإن أحداً لم يتطرق الى هذه الموضوعات. أما النقطة الثالثة وهي اعلان بعض المتحدثين من أن البعض قد يعجب من انعقاد المؤتمر في دولة نفطية بترولية وهذه الطاقة قد تساهم في تخفيض أسعار البترول أو تقلل الاعتماد عليه على الأقل رغم اننا المنتجون وهم المستهلكون وهم بذلك انما يريدون ان يخرسوا الألسنة حتى لا تعترض ولكن الحق الذي أريد به الباطل إنما هم يبحثون عن آخر ما توصل اليه العرب في هذا المجال بما أن الله حباهم بثروة الشمس والدفء والطاقة وليس البترول فحسب وانما الطبيعة كذلك يعرفون ما في ادمغتنا ليخططوا ويدرسوا مستجدات الاحداث بعد مائة سنة ونحن ننساق خلفهم .. لا أعني بذلك التوقف ومحاربة هذه الطاقة البديلة بل أعني ان نعي وننتبه لكل شيء يجري حولنا.. والا ماذا يعني انعقاد المؤتمرات الثلاثة في دول عربية.. المؤتمر الاول بالقاهرة عام 1994 والثاني بالقاهرة ايضاً عام 96 وكان الثالث في الامارات بالشارقة عام 98 وسيكون الرابع ايضاً في الامارات عام 2000. هل سنبقى مستهلكين حتى يبور البترول.. وهل لمثل هذا المؤتمر أثر على اسعار النفط ام هي رسالة لنا نحن العرب البتروليون بأننا نستطيع الاستغناء عن نفطكم ولن تستطيعوا التحكم بنا كما فعلتم في عام 1973م. كل هذه الأسئلة وغيرها تتوارد الى الذهن وهي تحتاج الى اجابة وتفكير ويجب ان يمر علينا هذا المؤتمر مرور الكرام, وخاصة بعد الحديث الطويل عن جدوى هذه الطاقة اقتصاديا وبيئياً وغير ذلك من الكلام المعسول. اتمنى أن نجد اجابة شافية تنظر الى مصلحة امتنا العربية والاسلامية والى مصدر الدخل القومي لدولتنا الفتية بعين الاعتبار والتقدير. كتب - رضا هلال

Email