بعد التحية: بقلم - د. عبد الله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تكررت مرة أخرى ظاهرة ارتكاب الحدث الواحد لأكثر من جريمة واحدة فالقضية التي عرضت على محكمة الفجيرة الشرعية بتاريخ 98/2/17 م والتي تأجلت إلى جلسة 98/4/19م خير شاهد ودليل قاطع على تفاقم مشكلة جنوح الاحداث . ففي الفجيرة ارتكب ستة أحداث ست عشرة جريمة سرقة, شملت السطو والتهديد وانتهاك عرض طفلة صغيرة من قبل أحدهم, كل هذا خلال فترة الصيف الماضي بمختلف مناطق الفجيرة. وهذا يعني بأن كل حدث من هؤلاء قام بارتكاب جريمتين ونصف تقريبا ولو قسمناها على شهور الصيف لكان الوضع في كل يومين ارتكاب أحدهم جريمة. وهذا يعود بنا للحديث عن سعة الفراغ الكبير الموجود لدى هؤلاء مع قلة وجود أماكن اللهو والتسلية البريئة التي تحتوي قوة النشاط المتدفق في هذه المرحلة من العمر. ولقد اثبتت بعض الدراسات العلمية لهذه الشريحة من الشباب الجانح والمتعلقة بجرائم السرقة على وجه الخصوص, بأن كثيرا من هؤلاء لا يسرق لدافع الحاجة, بل بدواعي التسلية, وادخال الجديد الى حياتهم المملة في فترة فراغ الصيف الطويل. فياحبذا لو كانت الاجهزة الأمنية والدوائر المهتمة بإعطاء قضية تكرار جرائم الاحداث للفرد الواحد وذلك لمعرفة السبب المباشر والدافع على القيام بها حتى يمكن لها الوقاية من الاحداث القادمة وصنع الحلول المناسبة للحد من انتشار جرائم هؤلاء الاحداث طوال فصول السنة. الوقفة المتأنية والبحث الجاد على سبيل الخروج بضحايا أقل واجب جميع من بيده هذا الخيط الرفيع في التعامل الحذر مع مشكلة جنوح الاحداث لأنها ليست سفينة جانحة على الشاطىء أو في عمق البحر بل هى سفينة المجتمع ككل فاذا جنحت أو ارتطمت بالقاع الذي يعبث فيه هؤلاء الجانحون فالتلوث الاجتماعي الخارج من عملية الارتطام بالقاع أقله جاء في انتهاك الاعراض فمن يتوقع للأكثر؟! وكون أنهم صغار لا يعني أن نقف مكتوفي الايدي وبالأخص عندما تقف بعض الاسر بجوار ابنائها الذين يتورطون في بعض جرائم الاحداث. هذا القيد الداخلي قلما يتطرق إليه البحث الاجتماعي بشكل عام إلا أنه واقع لا يمكن اغفاله من خلال الحيثيات التي تنقل إلينا على ألسنة بعض المتورطين في هذه المشكلة. هذا ما جعل فرنسا تفكر في العقاب الشديد بالنسبة لهؤلاء مما آثار ارتعاد فرائص الجانحين من الشباب والمراهقين في مدينة كريست, بعدما فرض المحافظ العقاب الذي يتمثل في جمع الجانحين وتوبيخهم بشدة, في حضور ذويهم ولعله الحل الذي يصلح تطبيقه عالميا.

Email