حذر من تطور الاساليب الاجرامية،بحث علمي يطالب بتشديد العقوبة في الجرائم الاقتصادية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يهدف قانون العقوبات الى حماية السياسة الاقتصادية وتتجلى هذه السياسة في التشريعات التي تصدرها الدولة مثل الحد من ارتفاع الاسعار ومنع الغش التجاري وتزييف العملة ... الخ. وصاحب التطور الهائل في الميدان الاقتصادي تطورا في السلوك الاجرامي وظهور الجرائم الاقتصادية. ونظرا لخطورة الجرائم الاقتصادية واهمية التصدي لها واساليب مواجهتها بعد ان اصبحت تهدد امن واستقرار مجتمعاتنا فقد قام الملازم اول خليفة عبيد خليفة باعداد بحث حول (العوامل المؤثرة في الجرائم الاقتصادية) واشرف عليه الدكتور منصور عقيل العور الخبير الاحصائي بمركز البحوث والدراسات بشرطة دبي. وعرف الباحث الجريمة الاقتصادية بأنها كل ما يمس الاقتصاد الوطني بصفة عامة فيشمل الجرائم الموجهة ضد الذمة المالية والتي ترتكب اثناء مباشرة النشاط الاقتصادي, وهي التي تسبب ضررا للاقتصاد الوطني مثل تزييف العملة والاختلاسات ومن امثلة الجرائم الاقتصادية التي تحميها القوانين الاقتصادية التزوير والغش التجاري وجرائم بطاقات الائتمان وتزييف العملة وجرائم الحاسب الآلي. وتطرق الباحث الى اركان الجريمة الاقتصادية وهي الركن المادي الذي يمكن تلمسه في الجريمة وتكون له الطبيعة المادية الملموسة بالحواس, وللركن المادي ثلاثة عناصر هي: الفعل والنتيجة وعلاقة السببية التي بانتفائها لا يسأل الفاعل عن جريمة تامة بل تقتصر مسؤوليته على الشروع, اما الركن الثاني فهو الركن المعنوي, ويعني اتجاه الادارة نحو هدف حصين او بقصد مخالفة القانون عن طريق اتيان فعل او الامتناع عن فعل. وتحدث الباحث عن العوامل التي تؤدي الى زيادة الجرائم الاقتصادية واولها العوامل التي من شأنها زيادة الجرائم الاقتصادية وكيفية التغلب عليها, وتطرق الى التطور الاقتصادي في امارة دبي التي مرت بمرحلتين, التقليدية المحدودة ثم اقتصاد يتميز بكبر حجم الانفاق على المشروعات الهيكلية من فوائض البترول الضخمة ثم المرحلة الثانية وهي مرحلة التشغيل الفعلي للمشروعات من المعدات والماكينات والايدي العاملة الكبيرة. كما اشار الى مصادر الثقافة وتأثيرها على الجرائم الاقتصادية وهي الاسرة التي تعتبر المؤسسة الاولى التي يحتك بها الفرد ثم البيئة والمدرسة التي تعتبر حلقة الوصل بين الاسرة وباقي اجزاء المجتمع ثم الخدم والمربيات الذين انحصرت جرائمهم في نوعين هما: جرائم اخلاقية والسرقة وتطرق الباحث الى دور وسائل الاعلام وتأثيرها الكبير في سلوك الفرد والطفل ومنها التلفزيون والسينما والمطبوعات. تجارة دبي وقال ان تجارة دبي الخارجية حققت رقما قياسيا بلغت نسبتها 72% من اجمالي تجارة الدولة الخارجية غير النفطية و28% مما تدخله مبيعات النفط وان موقع دبي في قلب منطقة التسوق والتوزيع العالمي وموقعها على طرق آسيا واوروبا وافريقيا يغطي حوالي (102) مليار نسمة مما جعل دبي محط انظار المستوردين العالميين سعيا وراء التسهيلات التي توفرها الحكومة وازاء هذا الكم الهائل من البضائع ظهرت قضية السلع والبضائع المغشوشة والاغذية الفاسدة والرديئة والمقلدة كجريمة اقتصادية. وتحدث الباحث عن تأثير الهجرة الخارجية على الجريمة الاقتصادية حيث ان تضاعف عدد سكان الامارات خلال الفترة من 1968 الى 1980 حوالي ست مرات, هذه الزيادة نابعة من الهجرة الوافدة واكثرهم من الباكستانيين والهنود والسريلانكيين والبنجاليين, واشار الى ان هناك انخفاضا في نسبة السكان من العمالة في دبي من 8&32% عام 68 الى 7&26% عام 80 ويرجع السبب الى انخفاض مستوى ايجارات المساكن في امارتي الشارقة وعجمان الامر الذي جذب نسبة كبيرة من العاملين في دبي اليهما. واشار الى ان انخفاض التخطيط في القطاع الخاص دفع اصحاب العمالة الى اتخاذ ما يخدم مصالحهم وجلب اعداد هائلة من العمالة الوافدة التي شكلت اعباء على المستوى الوطني, وكان لهذه العملية عدة نتائج منها البطالة والبطالة المقنعة التي تحدث لسوء توزيع العمالة وكذلك سوء تطبيق قوانين العمل فهي غير ماهرة, وبالتالي ينعدم الطلب عليها ويصبح وجودها غير شرعي الامر الذي يدفعهم لارتكاب السرقات الليلية وسرقة السيارات كما اشار الى ان الباعة الجائلين بلغوا في دبي 2100 شخص يتجولون ويختلطون بالجمهور مما ينتج عنه ارتكاب سلوك اجرامي كالسرقة في ظل غياب رب الاسرة. مكافحة الجرائم الاقتصادية وتطرق الملازم اول خليفة عبيد خليفة الى العوامل التي من شأنها ان تخفض الجرائم الاقتصادية واساليب تنميتها وهي الاداء الشرطي يتجلى في منع وقوع الجريمة وضبطها واصلاح المجرم وذوي السلوك المنحرف والرعاية اللاحقة او اعادة تكييف المنحرف مع المجتمع, وتؤدي الشرطة واجباتها في خدمة الشعب وتكفل لهم الطمأنينة والامن وحفظ الآداب العامة الى جانب الاختصاصات الاقليمية مثل الحراسات والدوريات وتنظيم المرور وتدريب القوات وتأهيلها. ومع التطور الحضاري والتكنولوجي وجدت الشرطة ان عليها ان تتعاون مع سائر الاجهزة التي تعمل في ميدان الخدمة الاجتماعية من اجل القضاء على الانحلال الذي ادى الى ازدياد معدلات الجريمة مثل المخدرات والبغاء وعرفت جهود الشرطة في هذا المجال باسم الوظيفة الاجتماعية التي يمكن تحقيقها من خلال وضع سياسة جنائية متناسقة مع سياسة التنشئة والتطبيع الاجتماعي ورسم سياسة تربوية للنشء تجنبهم عوامل الانحراف بميدان الجريمة. ومن عوامل التي من شأنها ان تخفض من الجرائم الاقتصادية العوامل الاجتماعية كالأسرة والمدرسة والاصدقاء والعمل, كما ان للتلفزيون والسينما ودورهما في تقليل نسبة الجرائم عامة من خلال الافلام والبرامج لانها تولد لدى المشاهد حب التقليد في الافعال التي يقوم بها بطل الفيلم ويتألمون لحالة القبض على المجرم ويحقدون على رجال الامن والشرطة. ولان الجرائم الاقتصادية تمس الاقتصاد الوطني وتهدد امن الدولة, فان التشريعات تشدد العقوبات على الجرائم الاقتصادية, وهذه الاجراءات الاقتصادية كالتالي: الغرامة وفيها يتم التعويض المالي من جراء ارتكاب جرائم مالية والمصادرة وهي اما ان تكون مصادرة عامة او مصادرة خاصة. التوصيات وانتهى الباحث في ختام بحثه الى عدة توصيات الاولى في المجال القانوني وذلك بتجريم هذه الافعال بشكل اكبر عما هي عليه الآن وكذلك تشديد العقوبة على المخالفين الى جانب الحبس والغرامة والمصادرة, ويقصد بها مصادرة الاموال التي عليها من التزوير او الغش التجاري او الاحتيال. وفي المجال الامني اوصى الباحث بأن تصبح وسائل التدخل الامني اكثر فعالية للسيطرة على النظام الاجرامي المعقد بايجاد مكاتب متخصصة بخبراء دوليين في بعض ادارات الشرطة لتأهيل موظفي الادارات المتخصصة في الجرائم الاقتصادية وايجاد جهاز فعال يتكون من قانونيين ومحاسبين ومحللي نظم معلومات للرقابة القانونية والمالية على هذه الافعال المخالفة وكذلك تكثيف المؤتمرات والندوات والدورات لرجال الشرطة حول انماط الجريمة الاقتصادية والاطلاع على الطرق والاساليب المتبعة في الاخلال بالاقتصاد الوطني. وفي المجال المالي اوصى الباحث بتعاون القطاعات المصرفية والاقتصادية (المصرف المركزي) مع الشرطة والسلطات القضائية بشكل يسمح بسهولة البحث عن الاموال المشبوهة. اما فيما يخص المستهلك والمنتجات المستوردة للدولة فقد طالب بانشاء جهاز متطور لمراقبة جودة المنتجات ويكون لجهاز الشرطة يد في هذا الجهاز ونوه الباحث بالدور الرقابي لجمعية حماية المستهلك مطالبا بتنظيم دور هذه الجمعية عن طريق الدعم المالي والمعنوي والتنفيذي لها. وأكد في ختام بحثه ان من اهم طرق مكافحة الجرائم الاقتصادية تعبئة الشعور الوطني والديني والاجتماعي لدى المواطن وتحصينه بالمبادىء الاخلاقية وتنمية شعوره بالواجب. كتب صالح الجسمي

Email