مبدأ قانوني للمحكمة الاتحادية العليا: اللعان شرط لنفي نسب الجنين إلى أبيه

ت + ت - الحجم الطبيعي

أرست المحكمة الاتحادية العليا دائرة النقض الشرعية مبدأ قانونياً هاماً يقضي بأن حمل الزوجة أو وضعها لجنينها لا ينفي نسبته لزوجها إلا باللعان ما لم تلده بأقل من 6 أشهر من تاريخ عقد الزواج كما أن تأخير اللعان بعد علم الزوج بالحمل أو الوضع ولو ليوم واحد يسقط الحق في التمسك به.. واعتراف الزوج بالزنا أمام الشرطة لا أثر له طالما لم يتم اللعان بسببه. وتعود تفاصيل القضية أو الحكم المطعون فيه إلى أن المطعون ضدها (الزوجة) أقامت عام 1995 دعوى في شرعية العين ضد الطاعنين (ورثة الزوج) طلبت فيها اثبات بنوة الصغير (الطفل) إلى أبيه (الزوج) مورث الطاعنين مع اضافته إلى جواز سفرها, وذلك لانها كانت متزوجة بمورث الطاعنين بصحيح العقد الشرعي ورزقت منه بطفل بتاريخ 28/11/1991 ثم طلقها بتاريخ 7/12/1991 واتهمها بالزنا ولكن المحكمة برأتها فطالبت مورث الطاعنين باثبات نسب الصغير له فرفض كما رفض ذلك ورثته من بعده, مما دعاها لاقامة هذه الدعوى. وبتاريخ 29/7/1996 قضت المحكمة بثبوت نسب الولد المذكور لأبيه. فاستأنف الطاعنون الحكم وبتاريخ 2/11/96 قضت محكمة الاستئناف الشرعية بالعين بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. وحيث ان الطعن أقيم على سبب واحد حاصله مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية, ذلك أن الثابت من التقارير الطبية التي تخص مورث الطاعنين أن هذا الأخير كان قد وصل من الكبر عتيا وانه أصيب بضعف في جسمه وعقله وعاطفته وانه انتهى إلى مرحلة متأخرة من العمر أصابت قواه العقلية والوجدانية ووصل به الضعف مبلغه بعد اجراء ست عمليات جراحية ــ بالبروستاتا, ولما كانت هذه هي حالته فإنه يكون قد أصبح شيخاً هرماً لا يمكنه المعاشرة الزوجية أو الانجاب, وإذا كان نفي النسب لا يتحقق إلا باللعان إلا أن هناك حالات لا يحتاج فيها إلى اللعان لنفي النسب كحالة الاتهام بالزنا والهرم وغير ذلك فينتفي الولد في هذه الحالات بلا لعان, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحكم بلحوق الولد بمورث الطاعنين الهرم بعد اعتراف المطعون ضدهما بالزنا فإنه يكون مستوجب النقض. وحيث ان المعنى غير سديد, ذلك ان المقرر في الفقه المالكي المعمول به في الدولة انه لا ينتفي عن الزوج الحمل أو الولد إلا باللعان إلا إذا أتت الزوجة بالولد لأقل من ستة أشهر من العقد فينتفي عنه حينئذ بغير لعان, وأنه مما يشترط في اللعان التعجيل به بعد علم الزوج بالحمل أو الولد, فلو أخره ولو يوماً واحدا بعد علمه بالحمل أو الولد بلا عذر فلا لعان ويلحق الولد به (شرح الخرشي على الشيخ خليل ج4 ص124 وما بعدها والشرح الصغير ج2 ص660 وما بعدها) . لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن مورث الطاعنين كان قد علم بالحمل لأكثر من شهر قبل الولادة وظل ساكتاً ثم طلقها بعد الولادة بعدة أيام حيث انها وضعت بتاريخ 28/11/1991 وطلقها بتاريخ 7/12/,1991 وكان يجب عليه أن ينفي الولد عنه وان يلاعنها بمجرد علمه بالحمل أو بالولد, فإذا ما تأخر ولو يوماً واحداً فان الولد يلحق به لأنه متزوج بها منذ ثلاثة عشر عاماً والحياة الزوجية قائمة بينهما خلال هذه المدة, أما كبر سن أو اجراء العمليات الجراحية فانها لا تحول دون الانجاب أو لحوق الولد, لان الانجاب يتأتى في هذه الأحوال كلها, كما أن الخرف لا يمكن أن يحول دون ذلك أيضاً لا سيما وان الطاعنين يوافقون على حصول طلاق مورثهم للمطعون ضدها فلو كان مختل العقل لما لزم طلاقه ولورثت فيه, كما أكد ذلك الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه, ثم ان ما نسب إليها من اعتراف بالزنا أمام الشرطة لا يعتد به ولا يمكن أن يكون مانعاً من لحوق النسب طالما ان هذا الاعتراف لم يقطع في مجلس القضاء ولم يتم اللعان بسببه. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي قد أقام قضاه باثبات النسب في حدود سلطته في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها على ما سبق معتبراً ان الولد هو لابيه مورث الطاعنين ولانه لم يلاعن المطعون ضدها في حينه وان كبر السن أو العمليات الجراحية لا تحول دون الانجاب, فانه يكون قد طبق مقتضيات الفقه المالكي تطبيقاً صحيحا مما يكفي لحمل قضائه ويكون النعي غير قائم على أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن. لذلك حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنين الرسم والمصروفات وألفي درهم أتعاب محاماة وأمرت بمصادرة التأمين.

Email