يترك آثارا سيئة في نفوسهم ويؤدي بهم الى الجنوح: العنف الأسري خطر يهدد الطفولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

العنف الاسري احد اشكال العنف السائد, وان كان يبدو اقل حدة الا انه اكثر خطوة وضررا على الفرد والمجتمع.. وذلك لانعكاس نتائجه على العلاقات غير المتكافئة داخل الاسرة والمجتمع بصفة عامة.. وهذا النوع من العنف يهدد الاطفال ومع تراكمه على المدى البعيد يتسبب في خلق علاقات وسلوكيات غير سوية ومتوترة عصبيا ونفسيا, وهو ما يؤدي الى زيادة حدة العنف وتوالده مرة اخرى داخل الاسرة او في غيرها من المؤسسات الاجتماعية الرسمية والاهلية في المجتمع. وتتعدد أشكال العنف الاسري بتعدد الاطراف المشاركة فيه, وقد لوحظ من خلال العديد من الدراسات المعنية بشؤون الاسرة وجود ممارسات عنيفة تقع على الاطفال داخل الاسرة او حتى في علاقة الكبار بالصغار في المؤسسات الاجتماعية والتربوية اطلقت هذه الدراسات عليه اصطلاح (صراع الاجيال) . ولأهمية العنف الاسري وحرصا على عدم انتشاره رأت (البيان) ضرورة رصده ومناقشته للتعرف على اسبابه ودوافعه ونتائجه على الاجيال الجديدة والتي تختلف من مجتمع لآخر حسب طبيعته وتركيبته وسمات اهله.. وذلك من خلال استطلاع مختلف آراء الجهات المعنية والمهتمة بشؤون الاسرة باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الكيان الاجتماعي ككل مثل الشرطة, وجمعيات رعاية الاحداث, والجمعيات الاهلية والنسائية ومراكز التنمية الاجتماعية والشؤون الاجتماعية, وعلماء الاجتماع والتربويين الذين اكدوا جميعا ان العنف الاسري موجود في كل المجتمعات بنسب مختلفة وليس ذلك المهم, ولكن الاهم هو كيفية القضاء عليه والحد من انعكاساته وهو في حد ذاته قيمة نسعى جميعا للوصول اليها. برامج دراسية عن العلاقات الانسانية من جانبه يؤكد اللواء ضاحي خلفان القائد العام لشرطة دبي, ان العنف الاسري في المجتمع الامارتي لم يصل الى حدود (الخطوط الصفراء) التي يمكن ان تشكل ظاهرة او حتى مشكلة... وذلك للترابط الوثيق داخل الاسرة الاماراتية وتقدير القيم والمبادىء الاجتماعية, وصلات القربى والود التي تساهم في حل اي مشكلة طارئة قد تحدث داخل نطاق العائلة.. وعدم تصعيدها الى خارجها... وان كان هناك بعض القضايا المتفرقة... لكنها لا ترقى الى المستوى الذي يدفعنا الى القول بأنها ظاهرة. ويرجع اسباب العنف الاسري في المجتمع العربي والاسلامي الى خروج احد اعضاء الاسرة (الزوج او الزوجة) عن عادات وتقاليد وقيم اجتماعية محددة ينجم عنها سوء تفاهم يمتد الى خلاف وقد يصل الى حد المواجهة المسببة في قطيعة تبلغ احيانا الى حد الطلاق والذي يعتبر عنصرا قويا ومسببا رئيسيا في ظهور العديد من حالات العنف والسلوكيات العدوانية بين الاطفال. وفي هذا الاطار, يوضح القائد العام لشرطة دبي ان الدوافع الجوهرية لحدوث الطلاق تتركز في معظمها على عدم وجود الاستعداد والتهيئة النفسية للشاب او الفتاة المقبلين على الزواج, وربما تكون فرصة الشاب اكبر في اكتسابه الخبرة او تلقي النصح في كيفية التعامل مع زوجته. ومن هذا المنطلق ينبغي ان تشمل مناهجنا الدراسية في المدارس والجامعات برامج خاصة تساعد الشباب والفتيات على اكتساب الخبرة العلمية في العلاقات الانسانية السوية.. وهذا ليس غريبا على ثقافتنا فتاريخنا العربي تناول ذلك عند سرده لتجارب الآباء والأجداد من خلال القصص التي تروى عنهم وعن سلوكياتهم وطريقة ممارستهم لحياتهم... والتي تشمل وصايا الآباء والامهات لابنائهم وبناتهن قبل الزواج وكيفية التعامل مع الزوج والزوجة. واضاف ان طبيعة الحياة التي نعيشها اليوم وسرعة ايقاع العصر الحديث تحدد توجهات الافراد وتوافقهم مع مقوماتها... فنجد ان الشاب في سن الثالثة والعشرين تقريبا بعد الانتهاء من دراسته الجامعية اذا عزم على الزواج.. يقبل عليه بشغف ولهفة ويتبادل الزوجان في بداية حياتهما الافكار والاحلام بحياة سعيدة الى ان يصل الشاب الى سن الثلاثين ويجد نفسه انجب اطفالا لهم متطلباتهم المتزايدة ويحتاجون الى التفكير في تأمين مستقبلهم... ويتجه الأب الى الميادين التي تزيد دخله وينغمس في العمل ويشغل جزءا كبيراً من وقته لضمان مستقبل مريح لأبنائه واسرته... بينما تشعر الزوجة في هذا الوقت باحساس اللامبالاة من قبل الزوج وترى انه يتخلى عن دعوته لها بالمشاركة في كل كبيرة وصغيرة والرعاية ومن ثم السعادة والامان.. وقد تتدخل الغيرة لتعصف بحياة الزوجين خاصة اذا اسس الزوج مشروعات خاصة ويستمر هذا التوتر العائلي في الفترة ما بين سن 30 ــ 40 سنةبعدها يشعر الزوج عادة ان كفاحه اثمر خيرا عليه وعلى اسرته وبنوع من الرضى عن النفس وتقدير لسنوات العمر التي تمر سريعا يعود الرجل الى الاهتمام المبالغ بزوجته واسرته. فاذا استمرت العلاقة الزوجية صامدة الى ذلك الوقت وخلال السنوات العشر الحرجة في مشوار الحياة الزوجية فمن الممكن ان تظل بخير وتسير سفينة الحياة الى بر الامان, اما اذا اهتزت العلاقة ونالت منها العواصف بحدوث بلبلة وفتور في العواطف.. في هذه الحالة تصبح الحياة الزوجية في مهب الريح وربما يصل الامر الى الطلاق او تستمر الحياة بمعاناة ومشاكل تنعكس اثارها على الزوجين والابناء.. وهي ايضا من اهم مسببات العنف الاسري حتى لو لم يحدث الطلاق. وينصح اللواء ضاحي خلفان بعدم تجاوز الزوجين لحد الاحترام القائم بينهما مهما كانت اسباب الخلافات الزوجية وبغض النظر عن احترام المنافسة وتعارض وجهات نظر الطرفين... من الممكن يحدث ذلك دون ايذاء لمشاعر الطرفين او الابناء الذين يتابعون ويعيشون كل مشكلة بين الابوين بمشاعرهم وانفعالاتهم. ويشير الى ان العنف الاسري يترك اثارا خطيرة على نفوس الابناء ويتسبب في الجنوح المؤكد لهم بل يترك بذور الكراهية والشك تنمو في نفوسهم تجاه الآب او الام, وتظل الصورة العنيفة التي شاهدوها سواء كانت اعتداء لفظيا او جسديا عالقة في اذهانهم... وكما يقولون من واقع التجربة حينما نتحدث عن العنف (نذكر الرجل) اما عند الدهاء (نقول المرأة) . وللحد من العنف الاسري وما يسفر عنه من مشكلات تهدد امن واستقرار المجتمع يرى القائد العام لشرطة دبي ان الدور الرئيسي في ذلك يقع على عاتق المؤسسات التربوية لأن التربية هي المحور الاساسي الذي يمكن ان يقوم عليها بناء اسرة مستقرة. ويأتي بعد ذلك دور الجهات المعنية الاخرى مثل وزارة الشؤون الاجتماعية وجمعيات رعاية الاحداث النسائية وجمعيات النفع العام التي يمكن ان تساهم بدور ارشادي كبير. وكذلك وهو الاهم دور الاجهزة الاعلامية بامكانياتها الهائلة تستطيع ان تحدث اثرا مفيدا يساعد الهيئات الاخرى في عملها الارشادي. ضغوط العمل وبنوع من التحليل الموضوعي يتناول النقيب يوسف موسى علي مدير قسم التحقيق الجنائي بالادارة العامة لشرطة الشارقة موضوع (العنف الاسري في مجتمع دولة الامارات) من خلال العودة الى اصل تركيبة المجتمع الاماراتي الذي حدثت له طفرة غير اعتيادية اوجدت بعض الافرازات منها الايجابية, والسلبية. وقد تمثلت الجوانب الايجابية في ارتفاع مستوى المعيشة وانتشار التعليم والمدارس والجامعات وانعكس ذلك على فكر وسلوك ابناء الدولة, كما كان لها بعض السلبيات التي اخترقت جدار الاسرة الاماراتية ونالت من راحتها واستقرارها. واضاف بأن النقلة التي حدثت بالمجتمع الاماراتي فتحت مجالات كثيرة للعمل امام رب الاسرة والزوجة سواء الخاص او الحكومي.. وبالتالي استهلاك جزء كبير من الوقت في هذه الاعمال لتحسين مستوى دخل الاسرة بما يتوافق مع التطلعات المستقبلية لأفرادها. لذلك صارت ضغوط العمل والتي تزداد او تقل وفقا لطبيعته ونوعيته بمثابة مؤثر نفسي على حياة الزوجين داخل المنزل بالشكل الذي يصعب فصله عن مناخ العمل.. وهي الشرارة الاولى للاحتكاك بين الزوج وزوجته, وينتج عنها خلافات في الرأي او منازعات على مسؤولية البيت والابناء وكيفية توزيعها فيما بينهما.. واحيانا تتطور هذه الخلافات الى صدامات حادة والخطورة هي حدوثها امام الابناء الذين يحتاجون في مراحلهم العمرية المختلفة الى توجيه ورعاية وحنان من الابوين بشعور من المسؤولية لا يمكن تركه للخادمات او المربيات وهو ما يحدث عادة في مجتمعنا ويسبب العديد من المشكلات التي قتلت بحثا دون جدوى. ومن المعروف ان المقومات الشخصية للطفل تتكون في مرحلة عمرية معينة تشكل شخصيته وسلوكياته وفقا لما يتيح له المناخ الاسري فإن كان صحياً يستطيع من خلاله الابناء ان ينشأوا نشأة اجتماعية سوية وسليمة. ويؤكد النقيب يوسف موسى ان العنف في الصغر يولد مجرمين في الكبر خاصة ان كان عنفا غير مبرر ويتساءل كيف نتوقع استقامة تربية وسلوكيات ابنائنا وسط المشاحنات والخلافات الزوجية التي تكاد تكون يومية, وتصل الى درجة العنف الغير مرغوبة امام الابناء؟ ويجيب قائلا: لابد ان يبدأ انحراف وجنوح الطفل الذي يعيش وسط هذا الجو المتوتر والمشحون بالعواصف. ويشير انه من واقع عمله كمدير قسم التحقيق الجنائي بشرطة الشارقة هناك نماذج لحالات العنف الواقع على الابناء يأسف لوجودها دفع فيها العنف الآباء لكي يصبحوا مجرمين في حق اقرب الناس اليهم وهم فلذات اكبادهم.. بعضهم يحرق اجسام ابنائه لرسوبهم او تأخرهم الدراسي. دون ان يعي الاب انه المقصر الحقيقي وليس الابن سواء من ناحية مستواه الثقافي وعدم معرفته بالطريقة المثلى لتربية الابناء, او لزواجه من اجنبية خاصة الآسيويات حيث يتربى الابناء على عادات وقيم دخيلة على مجتمعنا بالاضافة الى صعوبة التفاهم اللغوي مما يجعلها غير قادرة على التواصل فكريا ومعنويا مع الابناء. وفي حالات اخرى نتلقى بلاغا من احد الابوين يعرب فيه عن عدم قدرته في السيطرة على تمرد الابن ويطلب تدخل الشرطة لترويضه.. وتنتقل الدورية فورا وتتعامل مع المشكلة بشكل ودي في محاولة لتهدئة الامور والتوتر داخل الاسرة. ويوضح نقيب يوسف موسى ان مثل هذه الحالات التي لا تخلو من العنف الاسري وان كانت محدودة الا انها في رأيي اخطر من الجرائم والقضايا الاخرى لانها ترتبط بمستقبل الاسرة والابناء وتقودهم الى الضياع.. لذلك نحاول علاجها في قسم الشرطة بقدر الامكان ولا نحيلها الى المحاكم او النيابة الا في اضيق الحدود وبعد ان نعجز عن التوفيق بين الطرفين وفي حالة وصول الايذاء الجسدي على الابناء او الزوجة او حتى الاب الى مدى لا يمكن التغاضي عن الفصل القانوني والجنائي في امره... واضاف انه في كل دول العالم المتقدم توجد مراكز متخصصة تعالج السلوك الاجرامي لدى الابناء من خلال نظام الخط المفتوح بين الطفل واحدى الجهات المعنية لعلاج مشكلاته حتى ولو كانت مع اسرته. وفي مجتمعاتنا نفتقد الى وجود هذا النظام الوقائي للجنوح.. فقط نعتمد على ايداع الحدث في مراكز رعاية الاحداث التي اراها سجنا بالمعنى الكامل للسجن العقابي ويتبع نظام صارم لا يخفف حدة العنف لدى الجانحين بقدر ما يزيدها تراكمات.. وذلك بعد ان يكون الطفل قد وضع في قفص الاتهام مع المجرمين بسبب عدم وجود شرطة او نيابة مختصة للحدث.. وبالتالي يعتاد الاجرام لاننا نلغي الحواجز بينه وبين المجرمين معتادي الاجرام.. وعن رؤيته لكيفية الحد من العنف الاسري وجنوح الابناء وتقليص ميولهم العدوانية يقول النقيب يوسف موسى: هناك دور ارشادي ابعد من دور الشرطة كجهة تنفيذ للقانون, فلا بد من وجود تواصل بين المنزل والمدرسة والشرطة والجهات الاجتماعية الاخرى المعنية بشؤون الاسرة والطفولة.. وبالنسبة لنا في شرطة الشارقة نحاول تجنب الحاجز النفسي بين الشرطة والاطفال بتنظيم دورات صيفية (اصدقاء الشرطة) لطلبة المدارس حتى سن 15سنة علاوة على نشرة الشرطي الصغير التي تخاطب الاطفال.. وهي محاولات نحاول من خلالها تغيير نظرة الطفل لمفهوم رجل الشرطة والتي غالبا ما يشوبها نوع من الخوف.. بالاضافة الى تنظيمها لبرنامج ثقافي عبارة عن محاضرات في المدارس كوسيلة للتوعية دون انتظار وصول الحدث الى مراكز الشرطة ومعاملته على انه مجرم, فجزء من خطتنا هي محاربة الجريمة ومحاولة الاصلاح قبل العقاب خاصة في الامور التي تتعلق بالعلاقات الانسانية ومنها الاسرة.. كذلك يجب ان تتدخل وسائل الاعلام بثقلها ودورها المؤثر على المجتمع في وضع حد لافلام العنف التي تترك اثرا سلبيا مباشرا على الاطفال. العنف غير موجود ويوضح د. محمد مراد عبدالله مدير مركز الدراسات والبحوث وامين سر جمعية توعية ورعاية الاحداث ـ دبي: انه لا توجد قضايا مسجلة حتى الان ناجمة عن (العنف الاسري) وذلك لطبيعة المجتمع الاماراتي ـ الذي يتسم بالهدوء والاستقرار , ولا يعرف العنف بمنعاه المتداول.. والذي يمكن ان ينتج عنه الاعتداءات الجسدية والاذى البليغ. ولكن ما قد يحدث داخل الاسرة الاماراتية يمكن ان نطلق عليه الخشونة في التعامل سواء في اسلوب الاب تجاه الابناء او بين الزوج والزوجة.. وابداء نوع من الشدة والجلافة احيانا او الفتور في العواطف والتي لا ترقى الى درجة الايذاء الجسدي الذي نقرأ ونسمع عنه في مجتمعات كثيرة. واذا حدثت بعض المشاجرات والخلافات الاسرية لا يتم تضخيمها او خروجها عن حيز محيط الاسرة او الاقارب ولذلك لا تصل الى اجهزة الشرطة وانما يتم احتواؤها وحلها داخل نطاق الاسرة ونحن كمجتمع عربي مسلم له عاداته وتقاليده نشجع هذا الاتجاه... حفاظا على الروابط الاسرية ومصلحة الابناء. وعن الاسباب والدوافع التي تؤدي الى العنف داخل الاسرة يقول د.مراد... ان هناك الكثير من الحالات التي تكون الغيرة من قبل احد الزوجين او كليهما سببا قويا لحدوث المشاكل.. كذلك تعاطي المسكرات وادمان المخدرات من قبل الزوج قد يدفع الى ممارسة درجات من العنف مع زوجته او الابناء, بالاضافة الى بعض السلوكيات الاجتماعية الاخرى والمتفشية في المجتمع منها تعدد الادوار التي تلقى على المرأة وعدم التعاون وتوزيع المسؤوليات الاسرية بنوع من التفاهم بين الزوج والزوجة خاصة وان كان الزوج يبقى لفترات طويلة خارج المنزل مما يؤدي الى حدوث فتور في العلاقات الانسانية بين الطرفين, وكذلك صعوبة تكيف احد الاشخاص مع المستجدات الاجتماعية والظروف الطارئة.. وهي ترتبط بطبيعة الانسان ومدى قدرته على تطوير نفسه وقبول الواقع الجديد. وحول ارتباط العنف بالطلاق.. يشير الى انه ليس الشرط الوحيد الذي يقود الى الطلاق في مجتمعنا فهناك اسباب عديدة كما ذكرنا.. كما لا يفترض ان يكون الطلاق مصحوباً بالعنف الذي يتجه نحو اسلوب تربية الابناء ومع من سيكونون. ولكن يرجع ذلك الى طبيعة المشكلة نفسها التي قد تكون ناتجة عن اختلاف وجهات النظر بين الزوجين وقد تتدخل اسباب كثيرة لوقوع الطلاق وليس بالضرورة ان يرتبط بالعنف... ويدعو الاباء والامهات الى ضرورة مراعاة عدم حدوث مظاهر للعنف امام الابناء لان ذلك يحدث ردود فعل تنعكس اثارها السلبية على الاولاد وتترك انطباعا نفسيا سيئا لديهم يؤدي الى شروخ عميقة ويكّون لديهم ميولاً عدوانية وكراهية لاحد الابوين مما يساهم في جنوح الابناء, فهناك علاقة وثيقة بين العنف وانحراف الاحداث على سبيل المثال سوء المعاملة والتفرقة بين الابناء وطردهم من المنزل او المدرسة كل ذلك يعمق الجذور الانتقامية لديهم ويؤدي الى الانحرافات السلوكية للابناء في مراحلهم العمرية المختلفة. نشر الوعي وللحد من العنف الاسري وتقليل مخاطره يقترح د. مراد ان يتم التركيز على عدة مقومات منها نشر الوعي لدى الاسر وتتضافر جهود العديد من المؤسسات والهيئات الاجتماعية الاهلية والحكومية في ذلك, بالاضافة الى تقديم الخدمات الاسرية ومساعدة الاسر في حل مشاكلها الناتجة عن العنف ومحاولة حصرها في نطاق الاهل والاقارب لتدعيم التماسك داخل العائلة الواحدة. ويقول ان وزارة الشؤون الاجتماعية يقع عليها العبء الاكبر في التدخل لحل المشكلات الاسرية قبل تفاقمها وبلوغها حد النهاية او صعوبة التراجع في حدوث الطلاق او الشقاق بين الزوجين.. حيث يمكن ان تقوم وحداتها الارشادية بدور كبير من خلال برامجها التنظيمية المعدة لهذا الغرض.. وقد لاحظنا في عدد من الدول الاوروبية اهتماماً واضحاً بهذا الجانب حيث يقوم اخصائيون اجتماعيون بزيارة للمنازل للتأكد من عدم وجود اعتداءات جسدية او معنوية على الابناء وهي تعرض خدماتها على الاسر لحل الخلافات اولا بأول.. وقبل وصولها الى الجهات القضائية وتقدم بذلك خدمة وقائية فعالة حتى لا يبلغ العنف الاسري مداه وقبل ان يحدث الضرر لافرادها.. ويؤكد على الدور الارشادي لاجهزة الاعلام وخاصة التلفزيون الذي ينبغي ان يشدد الرقابة الواعية على الافلام ومراعاة اختيار المناسب منها والتي تتضمن افكارا تتوافق مع قيمنا وتبتعد عن العنف الذي غالبا ما يحاول الابناء تقليده في سلوكياتهم.. بالاضافة الى دور الجمعيات النسائية ومراكز التنمية الاجتماعية التي يمكنها من خلال الندوات والمناقشات التي تنظم لهذا الغرض ان تقدم الكثير, كذلك يقوم المسجد بمهمة كبرى من خلال الخطب والدروس الدينية التي تساهم في زيادة الوعي للاباء والشباب وحتى النساء. وعن المساهمات التي يمكن ان تقدمها جمعية توعية ورعاية الاحداث بدبي في نطاق تقليص العنف الاسري ومحاصرة عواقبه خاصة على الابناء وانقاذهم من الجنوح.. اشار د. مراد (مدير مركز الدراسات والبحوث, وامين السر العام للجمعية) ان الجمعية ليست مكاناً لايداع الاحداث كما نعلم وبالتالي فهي تركز على التوعية في محيط الاسرة, وان كانت لا تقوم بالرعاية المباشرة ولكن تقدم استشاراتها الاجتماعية والنفسية والتربوية وتعمل على تبني البرامج الهادفة, وتلمس الظواهر والمشاكل الاجتماعية التي تعرض البناء الاسري والمجتمعي للخطر, ويتجه اعضاء الجمعية لرصد الحالات والظواهر غير السوية وايجاد وطرح الحلول الناجعة لها.. ونظرا لحدوث بعض المشاكل, وعدم قدرة كل من الاباء والامهات والابناء على ايجاد الحلول المناسبة لها, وخصوصا المشاكل اليومية المستعصية, فقد بادرت اللجنة التربوية الى عمل (الخط الساخن) الذي يباشر عمله ضمن انشطة الجمعية المتعددة والمتنوعة بتقديم الاستشارات الاجتماعية من قبل اخصائيين اجتماعيين اختيروا بناء على خبراتهم العملية والعلمية.. ليكون هذا الخط حلقة وصل بين اولياء الامور والابناء عن طريق تقديم النصائح والحلول لمشاكلهم اليومية.. ويضيف.. ان بداية تشغيل الخط الساخن جاءت مع بداية العام الدراسي 97/98 وهو يتمنى التعاون بين الجمعية واولياء الامور والابناء, والمؤسسات المهتمة لمتابعة الامور الدراسية والتربوية والاجتماعية لابنائنا تحقيقا للاهداف المنشودة من عمل الخط الساخن بما يعود على الاسرة والمجتمع بالفائدة, وللحفاظ على اسرة اماراتية قادرة على مواجهة التحديات بثقة ومقدار واقتدار. كذلك ينصح اولياء الامور بعدم الخجل في عرض معاناتهم مع هؤلاء المتخصصين,حتى يمكن التدخل بالمساعدة المباشرة في حل بعض المشكلات الاسرية ومنها العنف الذي يقع على افراد الاسرة بالتعرف على اسبابه ومحاولة تذليلها. وعلى جانب اخر تعد الجمعية برامج شاملة للتوعية والارشاد ومساعدة الاحداث اذا تورطوا في بعض الجرائم حيث تتدخل مع الجهات المسؤولة لحل المشكلة في وجود الاهل.. ونحن عادة لا نحبذ وصول المشاكل الاسرية الى ساحات المحاكم ولكن يمكن احتواؤها في محيط العائلة والجهات قريبة الصلة بالاسر. تحقيق- ماجدة شهاب

Email