مكافحة (الثلاسيميا) بقانون الفحص الطبي قبل الزواج

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخطوة التي اتخذها صندوق الزواج قبل عدة سنوات والقاضية بضرورة الفحص الطبي للشباب المقبلين على الزواج كشرط من شروط الحصول على المنحة هي خطوة ايجابية تستحق الاشادة والتقدير, ولكن هذه الخطوة مازالت بحاجة الى خطوات اخرى مماثلة مثل تعميم الفكرة او على الاقل اشتراط اجراء الفحص الطبي للطرفين قبل الحصول على المنحة وتوسيع نطاق الفحص ليشمل كذلك الامراض الجينية والوراثية بهدف بناء اسر سليمة وانجاب اطفال اصحاء. لا شك ان نسبة كبيرة من الامراض الوراثية الناتجة عن زواج الاقارب قد تنتقل الى الابناء, ومن هذه الامراض مرض الثلاسيميا, حيث يبلغ عدد المصابين بهذا المرض والذين يراجعون بمركز الثلاسيميا بمستشفى الوصل حوالي 400 مريض بينهم 200 مريض من المواطنين وبالتأكيد فإن علاج هذه الحالات هو عملية مرهقة للأهل والدولة, في وقت يؤكد فيه الاطباء انه بالامكان تجنب نسبة من هذه الامراض عن طريق الفحص الطبي قبل الزواج. وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ونظرا لارتفاع عدد مرضى الثلاسيميا قامت جمعية الامارات للثلاسيميا بتوعية المواطنين والمقيمين ولتوجيه المقبلين على الزواج بأهمية اجراء الفحوصات الطبية المسبقة. فما هو مرض الثلاسيميا وكيف ينتقل الى الابناء وماهي الاهداف التي انشئت من اجلها الجمعية, وماهي العقبات التي مازالت تحول دون سن تشريعات خاصة تقضي بضرورة اجراء الفحوصات الطبية قبل الزواج؟ يقول احمد عتيق الجميري مدير عام دائرة الصحة والخدمات الطبية ورئيس لجنة صندوق الزواج بدبي ان الفحص الطبي قبل الزواج مهم جدا خاصة اذا ما ادركنا ان نسبة لا بأس بها من الامراض الوراثية قد تنتقل من الاباء الى الابناء ومنها على سبيل المثال مرض الثلاسيميا. واضاف بأن صندوق الزواج قام باتخاذ خطوة ايجابية في هذا الشأن حيث تم وضع شروط للحصول على منحة صندوق الزواج وهي ان يقدم الشاب شهادة طبية تثبت خلوه من الامراض المعدية, ولكننا ننصح دائما جميع الشباب والفتيات ايضا باجراء الفحوصات الطبية المسبقة لان الوقاية خير من العلاج والامراض البسيطة قد تسبب امراضا كبيرة في حال تداركها من البداية. لايوجد دراسة شاملة عن الامراض الوراثية وحول امكانية سن قوانين او تشريعات خاصة بضرورة الفحوصات الطبية المسبقة يقول مدير عام دائرة الصحة والخدمات الطبية: ان فرض مثل هذه الفحوصات يرتبط بعدة عوامل اجتماعية وصحية ويتطلب دراسة شاملة عن الامراض الوراثية من قبل الجهات المعنية ولا سيما صندوق الزواج فاذا وجد ان هناك ضرورة لاجراء مثل هذه الفحوصات فدائرة الصحة والخدمات الطبية بالتأكيد ستكون عاملا مساعدا ورئيسيا في تنفيذ مثل هذا القرار. وحول اقتصار هذه الفحوصات على الطب الوقائي يقول احمد عتيق الجميري بأن ادارة الطب الوقائي هي الجهة المسؤولة وجهة الاختصاص بالنسبة للامراض السارية او المستوطنة ولديها الاجهزة الخاصة باجراء هذه الفحوصات ومن الصعب توفيرها في كل المراكز والعيادات الطبية. واهاب مدير عام دائرة الصحة والخدمات الطبية بجميع الشباب المقبلين على الزواج بضرورة اجراء مثل هذه الفحوصات اختياريا وليس اجباريا خاصة اذا كان الزواج سيتم من داخل نطاق العائلة للتأكد من ان الوضع الصحي للطرفين سليم تماما. ماهو مرض الثلاسيميا؟ يقول د. محمود احمد الحسين اخصائي امراض الاطفال بدبي معرفا مرض الثلاسيميا: اصل الكلمة يوناني وتعني فقر دم حوض البحر الابيض المتوسط وذلك لكثرة انتشار المرض في دول منطقة حوض البحر الابيض وخاصة ايطاليا واليونان ودول الشرق الاوسط. وهذا المرض متوارث حيث ان الصفات الوراثية تنتقل من الوالدين للابناء ويتبع نظام صفات الوراثة المتنحية اي لكي يظهر المرض يجب ان يحصل الطفل على مورثتين غير طبيعيتين احداهما من احد الوالدين والثانية من الطرف الثاني. أنواع الثلاسيميا ويقول د. محمود الحسين أن الثلاسيميا تنقسم الى مجموعتين كبيرتين هما: مجموعة البيتا ثلاسيميا (الباهية) والمجموعة الثانية هي الفا ثلاسيميا, فمعلوم ان خضاب الدم الهمجلوبين يتكون من اتحاد اربع سلاسل من الحبوبين وهناك عدة أنواع من الهمجلوبين حسب مراحل نمو الجسم, فالنوع الموجود عند الجنين يختلف عن المولود الجديد وكذلك عن النوع الموجود لدى البالغين. الهمجلوبين الطبيعي أو كما نسميه خضاب الدم, يتكون من اتحاد سلسلتين من (الفا) وسلسلتين من (بيتا) وتبعا للتغيرات التي تطرأ على هذه السلاسل تسمى الثلاسيميا بهذا الاسم فاذا كان الخلل بسلاسل (بيتا) تسمى بيتا ثلاسيميا واذا كان الخلل بسلاسل (الفا) تسمى الفا ثلاسيميا. ويوضح الدكتور محمود الحسين ان هناك أنواع للبيتا ثلاسيميا, فحامل الصفة الوراثية المعتلة يسمي بالثلاسيميا الصغرى او حامل اثر الثلاسيميا, والذي يحمل صفة معتلة واحدة لا تظهر عليه اي علامات معنية وهو سليم ولكن اذا فحصنا الدم روتينيا نجد ان حجم الكريات الحمراء صغير ونسبة الهمجلوبين اقل من المتوسط بشيء بسيط وهؤلاء اصحاء ولا يشكون من اي مرض. تشخيص هذه الحالات سهل جدا وهو مهم لسببين: اولا يجب عدم معالجتهم بمركبات الحديد لان فقر دم الحديد يتشابه مع هذه الحالة والسبب الثاني هو لتجنب الزواج في المستقبل من حاملي المرض عن طريق اجراء الفحص الطبي قبل الزواج. اما بالنسبة للثلاسيميا الكبرى فهي حمل الطفل عند ولادته لصفتين معتلتين عن الوالدين وهذا يحصل عندما يكون كلا الوالدين مصابان بالثلاسيميا الصغرى او يحملان الثلاسيميا حيث ان هنالك إحتمال ان يكون المرض بالثلاسيميا الكبرى حوالي 25% من الاطفال وحوالي 5% منهم يكونون حاملين لاثر الثلاسيميا. أعراض المرض ويقول د. محمود الحسين أن المرضى المصابون بالثلاسيميا الكبرى تظهر عليهم اعراض المرض مبكرا وعادة ما تظهر في حوالي الشهر السادس من العمر وهي المرحلة التي يتغير فيها لون خضاب الدم من الهمجلوبين (F) الى الهمجلوبين (A) وبالنسبة للمصابين ببيتا ثلاسيميا الكبرى نتيجة اختلال سلسلة بيتا لا يتكون عندهم خضاب الدم بشكل كاف لذلك تظهر عليهم علامات فقر الدم مبكرا فالشحوب والارهاق وعدم زيادة الوزن بشكل طبيعي بالاضافة الى تضخم الكبد والطحال والتأثيرات على العظام لان النخاع العظمي يبدأ بالعمل بشكل مضاعف جدا لتعويض فقر الدم عند الاطفال حيث ان الكريات المتكونة عند هؤلاء المرضى لا تعيش اكثر من ثلاثة اسابيع بينما في الاحوال العادية تعيش أربعة شهور. طرق العلاج ويقول د. محمود الحسين أن علاج هذه الحالات يتم بواسطة النقل المتكرر للدم وذلك لزيادة نسبة الهمجلوبين للدرجات العادية وبمعدل مرة كل اربعة أو ستة اسابيع حسب الحالة وذلك لكي يتمكن الجسم من القيام بمهامه الطبيعية, وقد لوحظ ان المرضى الذين يقومون بأخذ الدم بانتظام يكون نموهم طبيعياً وتختفي لديهم ظاهرة تضخم الطحال والكبد. ويقول: ان عمليات نقل الدم المتكررة لا تخلو من المشاكل فقد تخلصنا من الفيروسات التي تنتقل عن طريق الدم وذلك نتيجة لفحص المتبرعين للتأكد من سلامة الدم, ولكن نقل الدم بكميات كبيرة يؤدي الى تكدس كميات كبيرة من الحديد في الجسم وهذا يؤثر على وظائف كثير من اعضاء الجسم وخاصة القلب والغدد الدرقية, وهذه لها تأثيرات جانبية خطيرة. فعلاج هؤلاء المرضى بالاضافة الى نقل الدم المتكرر والذي لا غنى عنه هنالك علاج اخر هو ازالة الكميات الزائدة من الحديد, وقد لوحظ ان المرضى الذين يأخذون مزيلات الحديد بانتظام وحسب ارشادات الطبيب يتمتعون بصحة جيدة. 400 مريض يتلقون العلاج وحول عدد مرضى الثلاسيميا يقول د. محمود الحسين: يوجد لدينا في مركز الثلاسيميا بدبي حوالي 400 مريض يراجعون المركز بانتظام وتتم معالجتهم بمستويات عالية جيدا تضاهي مثيلاتها في المراكز الاوروبية والغربية المتقدمة, حوالي نصف هؤلاء المرضى هم من ابناء دولة الامارات والباقي من المقيمين على ارض الدولة, ونسبة عالية من هذه الحالات ناتجة عن زواج الاقارب والوراثة ولا شك ان علاج هذه الحالات يتطلب مجهودات كبيرة ومرهقة بالنسبة للأهل وللدولة لان تكاليف العلاج عالية جدا. أهداف الجمعية وحول الاهداف التي انشئت من اجلها جمعية الامارات للثلاسيميا يقول جمعة الخاطري رئيس مجلس الادارة: (هناك عدة اهداف للجمعية تم تحديدها بموجب القرار الوزاري رقم 285 لسنة 1997 الصادر من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية منها مساعدة الاشخاص المصابين بمرض الثلاسيميا الوراثي معنويا واجتماعيا وتقديم المشورة لهم والاتصال بالجمعيات والمؤسسات العالمية المشابهة بغرض تبادل المعلومات والخبرات وتشجيع ومتابعة الابحاث الطبية والعلاجية المتعلقة بمرض الثلاسيميا الوراثي واعداد برامج للتوعية والتثقيف الصحي في المجتمع للحد من انتشار المرض والتعريف بكيفية الوقاية منه, وتوفير الدعم المعنوي وتشجيع التبرع بالدم على مستوى الدولة, مع التأكيد على اهمية التبرع بالدم لاستمرار حياة مرضى الثلاسيميا حيث ان حياة المرضى تعتمد على استمرار التبرع لهم بالدم. ومن ضمن الاهداف الاخرى التي ستسعى الجمعية لها يقول جمعة الخاطري: بما ان هذا المرض ينتقل عن طريق الوراثة فلابد من توعية وتوجيه المقبلين على الزواج بأهمية اجراء الفحوصات الطبية المسبقة وتشجيع مرضى الثلاسيميا على ان يكونوا عناصر منتجة في المجتمع للمشاركة في بناء الوطن وذلك عن طريق توفير فرص التعليم والعمل لهم, وستعمل الجمعية على دعوة الجمعيات والمؤسسات الكبرى في الدولة لتقديم المساعدات المالية والمعنوية للجمعية لمساعدتها في القيام بواجباتها والمهام الموكلة لها. خطط مستقبلية وعن الخطط المستقبلية للجمعية يقول عبدالباسط مرداس المدير الاداري للجمعية: (ستقوم الجمعية بالتعاون مع كافة الجهات المعنية ولا سيما صندوق الزواج ودائرة الصحة والخدمات الطبية وكذلك الطب الوقائي لمحاولة استصدار قوانين وتشريعات لغرض الفحوصات الطبية المسبقة للامراض الوراثية والجينية للمقبلين على الزواج وسنطالب أن يكون هذا الفحص ساريا على الطرفين وذلك لضمان سلامة الاجيال المقبلة. ويضيف: ان مجتمع الامارات مازال الى حد ما من المجتمعات القبلية ونسبة كبيرة من الزيجات مازالت تتم من الاقارب وهنا يكون احتمال انتقال الامراض الوراثية للاطفال عالية, فلماذا لا نقوم باجراء هذه الفحوصات والاستفادة من الامكانات التي وفرتها الدولة لخدمة المواطنين. وحول رأيه في مدى تقبل فتاة الامارات لاجراء مثل هذه الفحوصات يقول عبدالباسط ان فتاة الامارات ومن خلال وعيها ودراستها وثقافتها لا اعتقد أنها ستتردد في اجراء مثل هذه الفحوصات خاصة اذا كان الامر يتعلق في بناء الاسرة السليمة الخالية من الامراض. واختتم عبدالباسط حديثه قائلا: ان عدد اعضاء الجمعية الآن 75 عضوا وكلهم اباء لابناء مصابين بمرض الثلاسيميا, ومن هنا فإن مسؤولياتنا كبيرة ونأمل ان تتعاون معنا كافة المؤسسات والدوائر الحكومية بالدولة عن طريق توفير الدعم المادي والمعنوي للجمعية. تحقيق: عماد عبدالحميد

Email