«بريدج» كسر حاجز اللغة على شبكات التواصل

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الهدف الأساسي من «بريدج» فتح قنوات تواصل جديدة تتخطى الانقسامات اللغوية والثقافية على الشبكة العنكبوتية

إذا كانت التكنولوجيا وشبكة الإنترنت حوّلت عالمنا اليوم إلى قرية كوكبية أو عالمية كبيرة، إلا أننا ما زلنا نعيش في صومعات يحددها أقدم حاجز للتواصل ألا وهو اللغة. وإذا كان العديد من التطبيقات والبرامج والقواميس الإلكترونية تسعى إلى الحد من هذه المشكلة، إلا أنها نادراً ما تكون دقيقة وما تقوم بالواجب.

هذا النقص بالتحديد هو التحدي الذي يحاول «بريدج» من مؤسسة «ميدان» أن يتغلب عليه؛ فهذه المؤسسة التي أنشأها إد بيس عام ٢٠٠٦ بهدف تقديم التكنولوجيا التي تخدم مشاركات الأفكار والمناقشات والمعلومات عبر اللغات المختلفة، والتي تضمّ فريقاً عالمياً من مصمّمين وخبراء في التكنولوجيا واللغة من أربع دول مختلفة (كندا، الولايات المتحدة، البرازيل، مصر).

وتقول نهى داود، مديرة مشروع في «ميدان» عن ولادة فكرة «بريدج»: «بدأت الفكرة حين كانت ميدان تقوم بترجمة محتوى الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الربيع العربي من العربية إلى الإنجليزية بتطويع أدوات متاحة على الإنترنت ولكن ليست مُطورة بهدف الترجمة. حينها، برزت الحاجة إلى تطبيق مخصص لترجمة محتوى الإنترنت».

وتتابع قائلة: «كان المحرك الأساسي وراء فكرة بريدج من البداية هو الحاجة إلى فهم المحتوى المنشور على الإنترنت بلغات غير الإنجليزية، فكان من الضروري ترجمة المحتوى حتى يستطيع مستخدمو الإنترنت غير المتكلمين بهذه اللغة فهمها ومتابعة الأحداث».

ما إذاً «بريدج»؟ وتجيبنا داود: «هو تطبيق يتيح الترجمة السريعة لمحتوى شبكات التواصل الاجتماعي مع إضافة ملاحظات ثقافية واجتماعية وسياسية مهمة لتسهيل فهم الترجمة باستخدام أدوات ذكية مثل القواميس والمعاجم». وبالتالي، «بريدج» أكثر من مجرد أداة للترجمة.باختصار، صُمّم «بريدج» لتمكين المترجمين من ترجمة مقاطع نصية صغيرة بسرعة ودقة بفضل تحسين تجربة المستخدم وتوفير أدوات بسيطة مثل الترجمة الآلية والقواميس.

ولكن، كيف يعمل «بريدج»؟

تقول داود: «تقوم ميدان بتطوير تطبيق لهواتف آيفون وأيضاً ملحق المتصفح لبريدج». وتضيف: «بعض المترجمين يفضلون العمل على حواسيبهم واستخدام ملحق المتصفح في حين أن آخرين يفضلون استخدام الهواتف الذكية للترجمة وبالتالي يفضلون التطبيق».

أياً تكن الوسيلة، يبقى عليك أن تكتب نصاً صغيراً عبر «بريدج» الذي يرسله إلى أحد المترجمين الذي يتولى ترجمته وإرساله إلى محرر، إذا لزم التدقيق، قبل أن يعود إليك مترجماً. ولا بد من الإشارة إلى أن أفضل الترجمات تنطوي على مجموعة متنوعة من المهارات مثل التحرير والنحو والإملاء. وبالتالي، يساعد «بريدج» المترجمين على التعاون بينهم مع تسليط الضوء على مساهماتهم الفردية.

وبما أن الهدف الأساسي من «بريدج» يبقى فتح قنوات تواصل جديدة تتخطى الانقسامات اللغوية والثقافية على الشبكة، تتميز جميع المحتويات بأنها قابلة للمشاركة، ومصممة لتكون سلسة كما لو أنك تشاركها على وسائل الإعلام الاجتماعية بلغتك الأم.

حالياً، ما زال التطبيق المتاح من «بريدج» بنسخة تجريبية حيث تطلعنا داود على المستجدات قائلة: «في هذه المرحلة، لدينا العديد من المشاريع إلا أننا نركّز على الترجمة في مؤتمرات حقوق الإنسان والتطبيق للأزمات حول مخيمات اللاجئين وحاجاتهم» ولا سيما أن فريق العمل يحاول تسهيل التواصل بين عمّال الإغاثة واللاجئين.

وتضيف داود: «معظم الترجمات من اللغة الإنجليزية إلى العربية والعكس. أما المترجمون، فهم من دول مختلفة من العالم مثل فلسطين وسوريا ولبنان ومصر وقد تطوّعوا لإتمام المهمة».

يتم اختبار «بريدج» مع شركاء «ميدان» الذين يحرصون على تقييمه ومراجعته ويساعدون فريق العمل على تطويره بناءً على نتيجة التجربة. وتشدّد داود على أن أي شخص أو مؤسسة مهتمة بالمشاركة في اختبار التطبيق أو الانضمام كشريك، عليه فقط التواصل مع الفريق

. فعلى سبيل المثال، تذكر «بريدج فور كرايسيس» («بريدج للأزمات»)، مبادرة لترجمة تغريدات حول قضايا اللاجئين إلى العربية بواسطة تطبيق «بريدج» وتخبرنا أنه «بمساعدة مجموعة من المترجمين/‏ات المتطوعين/‏ات، كان يتم ترجمة من خمس إلى عشر تغريدات يومياً حول أخبار مخيمات اللاجئين والاحتياجات المطلوبة» مشيرة إلى أن كل الترجمة منشورة على حساب تويتر @bridgeforcrisis.

وبالحديث عن هذه الشراكات، تتابع داود قائلة: «بدأنا تجربة أيضاً مع فريق أكسيس ناو المنظم لـ رايس كون (أكبر مؤتمرات العالم عن حقوق الإنسان والتكنولوجيا) وجلوبيل فويسيس [الأصوات العالمية] لتغطية المؤتمر لحظة بلحظة لغير المتكلمين باللغة الإنجليزية ثم ترجمة التغطية الإنجليزية إلى العربية، والإسبانية والفرنسية».

إلا أن الشراكات وحدها لا تكفي، بل الأهم هو الأصداء وردود أفعال المترجمين. وتوضح داود: بعد هذا المؤتمر، اجتمعنا بالمترجمين ليخبرونا عن تجربتهم في عملية التغريد المباشرة واستخدام التطبيق. ومن بين أبرز ردود الفعل، هذه الشهادة من متطوعة للترجمة من الإنجليزية إلى الإسبانية حيث قالت أعتقد أنها كانت تجربة رائعة. التطبيق يسهّل عملية ترجمة التغريدات.

وأعتقد أن هذا الجهد مهم جداً لتكون المعلومات والموارد والمحادثات في هذا النوع من الفعاليات متاحة لعدد أكبر من الناس في لغاتهم. على الرغم من أنني أعتقد أنه من الضروري تسليط الضوء أكثر على جهود الترجمة وحسابات تويتر التي سيتم نشر الترجمات عليها، وإطلاع المنظمات والأشخاص المشاركين بالفعاليات عليها حتى يتمكنوا أيضاً من مشاركة المحتوى على صفحات تويتر الخاصة بهم.

ولا تتردد داود بالقول على غرار أي برمجيات يجري تطويرها، نحن نأخذ بعين الاعتبار كيفية توفير تطبيق «بريدج» ليعمل بطريقة بديهية قدر الإمكان. بالنسبة لنا، من المهم أن يتمكّن المترجمون من أداء مهمتهم بأقل مجهود ممكن وأكبر مساعدة يمكن توفيرها (مثل دمج القاموس والترجمة الآلية) في التطبيق. وبهذه الطريقة، يمكن لـ«بريدج» توفير ترجمات فعالة موثوقة.

ما زال التطبيق في المرحلة التجريبية، إذ يسعى فريق «ميدان» إلى تحسين التطبيق استناداً إلى ملاحظات الشركاء والمستخدمين إضافة إلى أنهم يطوّرون تطبيقاً لنظام أندرويد ويأملون إطلاق «بريدج» لكل مستخدمي الإنترنت في الوقت القريب.

في النهاية، لا بد من أن تكون النسخة النهائية الأفضل على الإطلاق ليؤدي «بريدج» واجبه بحيث، على حد قول داود، «يمكن تطويعه ببساطة للاستخدام من قبل أي مجموعة مهتمة بترجمة قضية معينة على شبكات التواصل الاجتماعي».

* باحثة اجتماعية

 

 

Email