القراءة أعظم وسائل اكتساب العلم

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقَد اهتم الإسلام بالعلم اهتماماً بالغاً، لأنه سبيل معرفة الله تعالَى وتوحيده وعبوديته، ولأنَّ العلم أساس نهضة الأمم وتقدمها وحضارتها، وهو سبب سعادة المرء في الدنيا والآخرة، وليس غريبا أنْ تنْزل أول آية مِن كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ تدعو إلَى العلم والمعرفة وتنوِّه بقيمة القراءة، لأنَّها أعظم وسائل اكتساب العلم فقدْ قالَ تعالَى: (اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).

ولقد أقسم اللهُ سبحانَهُ بالقلم ومَا يسطرُه، فقالَ: (ن * وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) وحثَّنَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم علَى طلبِ العلم؛ وجعلَهُ طريقاً إلَى الجنَّة فقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» ألاَ فهنيئًا لأهلِ العلمِ هذهِ الوِراثةُ.

وقد بيَّن القرآن الكريم مكانةَ العلماءِ ومنْزلتَهُم، قالَ اللهُ سبحانَهُ وتعالَى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). وجعلَ اللهُ تعالَى هذِه الدَّرجةَ لَهُمْ دونَ غيرِهم فقالَ عزَّ وجلَّ: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الأَلْبَابِ).

ولذَا يُنْزِلُ اللهُ تعالَى العلماءَ بعد ذاتِه العليَّة وملائكته في أعظم شهادِة وأقدسها، قالَ سبحانهُ: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُو العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ). وناهيكَ بِهذا شرفاً وفضلاً ونبلاً، وهنيئاً للعلماءِ هذِهِ الشهادةُ العظيمةُ، وهنيئاً لَهُمْ شهادةُ اللهِ بأنَّهمْ أشدُّ النَّاسِ خشيةً لهُ، قالَ تعالَى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ).

إنَّ مِنْ حقِّ العلماءِ علينَا احترامَهم والتواضع لهمْ ولينَ القول والجانب لهم، وكذلك أهل العلم منْ أئمةَ وخطباء ووعاظ.

فلنحرص علَى العلمِ والتعلمِ ففِي ذلكَ الخيرُ العظيمُ، يقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلاَّ ذِكْرَ اللَّهِ وَمَا وَالاَهُ، وَعَالِماً أَوْ مُتَعَلِّماً» وليحرص المتعلِّم علَى شكر أستاذه ومَنْ علَّمَه أوْ أسهمَ فِي تعليمِهِ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ».

والقراءة غذاء للعقل، ولذة للقلب، ولا يخلو كتاب من فائدة، قال الخليفة المأمون: لا نزهة ألذ من النظر في عقول الرجال. أي في كتبهم. فالقراءة من أهم وسائل نقل ثمرات العقل البشري وآدابه وفنونه ومنجزاته ومخترعاته، وهي توسع مدارك القارئ، وتكسبه علما وحكمة، وتنمي من مهاراته، وتزيد من خبراته، كما أنها تهذب الأخلاق، وتقوم السلوك، قيل لابن المبارك: يا أبا عبد الرحمن، لو خرجت فجلست مع أصحابك، قال: إني إذا كنت في المنزل جالست أصحاب رسول الله محمد. يعني قراءة الكتب. فمن أراد أن يجالس عالما أو مفكرا أو مخترعا فليقرأ كتبه.

Email