استقامة الأبناء.. طريق السعادة الأسرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن من تمام رحمة الله تبارك وتعالى ببني آدم أن جعل لهم أزواجاً من أنفسهم، قال تعالى: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً).

وذلك أدعى لحصول السكينة والطمأنينة، وتنظيم العلاقة بينهما على أسس سليمة، تحقق السعادة والاستقرار، وتحمي الأسرة من التفكك والانهيار، وأول هذه الأسس الشعور بالتكامل بين الزوجين، قال سبحانه: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها) أي ليطمئن إليها ويميل فلا ينفر، فكل من الزوجين مؤنس لصاحبه، متمم لوظيفته، يجمعهما وحدة الشعور بأنهما متكاملان، قال عز وجل: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن).

إن الشعور بالتكامل بين الزوجين يقتضي أن لا يتعالى زوج على زوجه، ولا تنتقص زوجة زوجها، بل يتعاملان بالحب والتراحم، قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).

فبالمودة والحب والحنان المتبادل بين الزوجين، والرحمة والعطف والرقة التي تسع كلا منهما تتحقق السكينة، فيرحم الزوج زوجته إن قصرت إمكاناتها للقيام بواجبها، وترحم الزوجة زوجها إن اعتراه مرض أو ضعف أو تقصير.

وبالمودة والرحمة تحافظ الأسرة على استقرارها، وتحل مشكلاتها، فقد تحدث خلافات بين الأزواج والزوجات، بسبب اختلاف الطبائع والسلوك، وفي مثل هذه الحالات علينا أن نتذكر المعروف والحسنات، ونتغاضى عن الهفوات والزلات، قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضى منها آخر». أي: لا يبغضها بغضاً كلياً يحمله على فراقها، بل يتغاضى عما يكره لما يحب، قال تعالى: (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً).

قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: إن الرجل ليستخير الله تعالى فيختار له، فلا يلبث أن ينظر في العاقبة، فإذا هو قد خير له.

إن السعادة الأسرية لا تتكامل إلا باستقامة الأبناء والذرية، ولهذا فقد دعا إبراهيم الخليل ربه الجليل فقال: (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء).

وجاء في دعاء نبي الله زكريا -عليه السلام-: (رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء).

وجاء في دعاء عباد الرحمن: (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً). والذرية الطيبة يكاثر بها رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ الأمم يوم القيامة قال -عليه الصلاة والسلام-: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم».

فالذرية الطيبة تحتاج إلى رعاية تربوية، ومتابعة أخلاقية، وشعور بالمسؤولية التي حملها القرآن الكريم للوالدين، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة).

قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير هذه الآية: اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصي الله، ومروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار. وليتنبه الآباء والأمهات إلى ضرورة الاهتمام بأبنائهم وبناتهم، والعناية بفلذات أكبادهم، وعدم الانشغال عن تربيتهم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي».

إن مما يعين على تحقيق الاستقرار الأسري تقليل نفقات الزواج، وعدم المغالاة في المهور، وإن من يمن المرأة خفة مهرها، وتحقيقاً للاستقرار الأسري في المجتمع الإماراتي فقد أنشأت الدولة صندوق الزواج؛ لتخفيف العبء عن كواهل أبناء الوطن.

Email