2000 إصدار في مكتبتها تلبي احتياجات الصغار والكبار

«منى اليافعي»: عائلتي تعشق الكتاب والمعرفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ اللحظة الأولى التي تطأ فيها قدماك منزل منى عبدالكريم اليافعي، نائب مدير عام مدينة الشارقة للخدمات للإنسانية، تجد نفسك في حضرة أسرة قارئة أدركت قيمة اكتساب المعرفة منذ الصغر فنشأ أبناؤها على حب الكتاب.

بأناقة لا تُضاهى، يتربع ما يقارب الـ2000 كتاب على أرفف مكتبة منى اليافعي، ليأخذك كل رف إلى كوكب لا يشبه غيره، فبين الكتب التربوية والاجتماعية والروايات والقصص وكتب تطوير الشخصية، تجد نفسك غارقاً في بحر من المعارف، لا تلبث معه أن تلتقط بعض أنفاسك، حتى تُباغِتك موجة أخرى بكمٍّ هائل من أسماء كتب شيقة وجاذبة، تجبرك على الغوص في أعماقها مرة أخرى بلا طوق نجاة، فالغرق في بحر القراءة هو النجاة بحد ذاتها.

«البيان» رحلت مع مكتبة منى اليافعي في عوالم النفس البشرية، وعرجت على التربية الخاصة لتحط رحالها في بساتين الطفولة وروائعها، ومن هذه المحطة انطلقت منى اليافعي في حديثها. فقالت:

حرصتُ على تأسيس غرفة خاصة بالمكتبة، تضم مجموعة كتب تشبع متطلبات وحاجات جميع أفراد الأسرة، فركزتُ في اختياراتي على الكتب المتعلقة بجوانب تخصصي وعملي في مجال التربية الخاصة، وحرصتُ على اقتناء الكتب الجديدة التي تغذي معلوماتي في المجال..

وفي غيره من الجوانب التي تمنح مكتبتي روح التنوع والثراء، فطعّمتها بكتب علم النفس والكتب الاجتماعية والدينية، وخصصتُ ركناً لقصص الأطفال واختياراتهم من الكتب. واود أن ألفت هنا إلى أن عائلتي، وبوجه عام، عاشقة للكتاب والمعرفة.

كلمات متقاطعة وعادات قرائية

لا تنحاز منى إلى كاتب معين، كما ذكرت، إذ يلفت نظرها الكتاب ومضمونه وليس اسم الكاتب. وأشارت إلى أنها تعشق الكلمات المتقاطعة، لافتة إلى أن هذه اللعبة تدفعها إلى عملية بحث عن مرادفات للكلمات، ما يزيد ثراءها المعرفي ويجعل عملية التعلم ممزوجة بالمتعة.

شارَكَنا في الحوار أبناء منى اليافعي، خلف ومريم وسيف علي الحوسني، ليزداد الحوار بصحبتهم متعة وروعة، إذ ذكر خلف (14 عاماً) أنه منذ صغره تجذبه الكتب الخاصة بعالم الحيوانات، لافتاً إلى أن عالم الكرة بدأ بخطف انتباهه بعد تخطيه العاشرة.

وقال: عززت المدرسة حرصي على القراءة، إذ كانت تنظم معرضاً للعلوم، يتطلب منا تقديم اختراع متميز، وهذا الأمر كان يتطلب منا عملية بحث وقراءة حتى نصل لاختراع جيد، ما زاد شغفي بالقراءة كثيراً.

وتحدثت مريم (11 عاماً) عن عاداتها القرائية، فقالت: أميل إلى قراءة الكتب باللغة الإنجليزية، إذ تلفت نظري الصور والرسومات الجميلة التي تتضمنها، وأحرص على شراء الكتب من مصروفي الخاص لأنني أجد فيها متعة حقيقية، وبعد أن أنتهي من قراءة كتبي أهديها لأشقائي لقراءتها.

أما سيف (12 عاماً) فيحرص على قراءة قصص أخته مريم، ويسعد بالوقت الذي يجمعهما معاً في أحضان الكتاب. ورغم عدم وجوده أثناء زيارتنا، إلا أننا علمنا أن سالم الحوسني (17 عاماً) وهو الابن الأكبر لمنى اليافعي، يعشق القراءة منذ صغره، وقدم مع زملائه في المدرسة اختراعاً حاز على المركز الأول في معرض العلوم الذي تنظمه مدرسته كل عام.

شغف

وذكرت منى اليافعي أن ابنتها مريم الأكثر شغفاً بالقراءة بين أخوتها، وقالت: تستمتع مريم بالقراءة إلى حد كبير، ودائماً ما تطالبني بزيارة المكتبات لشراء مجموعة من الكتب والروايات والقصص، وتجذبها كتب الخيال أكثر من غيرها، وتقضي وقتاً طويلاً في عملية انتقاء الكتب، إذ تستمتع باختيار كتبها المفضلة، وتسأل عن موعد طرح قائمة من الكتب في المكتبات في كل مرة، كما أنها دائماً ما تُطالبني بهدية:

عبارة عن كتاب، حين تحقق إنجازاً في مدرستها، أو تحصل على علامة كاملة في إحدى المواد، وكم أسعدني تعاملها مع الكتاب كهدية، فهذا يعكس مدى احترامها وتقديرها للكتاب، وفوجئتُ أخيراً، بمهارتها في كتابة القصص الخيالية، إذ شاركت صديقاتها بكتابة قصة عنوانها «جزيرة الحلوى».

واجب يومي

وأشارت اليافعي إلى حرصها على قراءة القصص التي تتحدث عن مكارم الأخلاق لأبنائها منذ نعومة أظفارهم، لافتة إلى أنه من الضروري أن نعمق السلوكيات الحسنة لدى الأطفال منذ الصغر، وتابعت: القصص من أفضل الأساليب التربوية لتوصيل الفكرة للأبناء، وبالنسبة لأبنائي، فقصة قبل النوم تعد واجباً ومهمة يوميين.

ولفتت اليافعي إلى أن أبناءها وصلوا اليوم مرحلة أصبحوا قادرين فيها على انتقاء كتبهم بأنفسهم. وذكرت أنهم يميلون للقراءة باللغة الإنجليزية، لافتة إلى أنها تسعى جاهدة لتطعيم قراءاتهم بالكتب العربية، معلنة نجاحها في هذا الجانب. كذلك أشارت إلى أنها وأبناءها يميلون للكتاب الورقي أكثر من الإلكتروني، وقالت: لا مكان للكتاب الإلكتروني لدينا، فنحن نعشق الكتاب الورقي.

مبادرات ثقافية

وأشادت منى اليافعي بمبادرات الدولة الثقافية، وقالت: يوماً بعد يوم، يفاجئنا قادتنا وحكومتنا بمبادرات ثقافية رائعة، وها نحن اليوم في حضرة مبادرة «2016.. عام القراءة» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله..

وعززت رسوخها متابعة وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إذ نعيش معها تظاهرة ثقافية حقيقية في دولة لا تتوقف فيها المعارض والمهرجانات الثقافية، عن تقديم أفضل الأفكار والمساهمات للارتقاء بالفرد والمجتمع،..

بالإضافة إلى مشروع تحدي القراءة العربي الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والذي لاقى أصداء طيبة وتفاعل معه المجتمع بعمق، كما جذب أنظار جميع الدول في الوطن العربي. وهذه المسائل تؤكد أن مبادرات دولتنا ليست مجرد شعارات، بل هي نابعة من فكر ووعي كبيرين، ما يسهم في تنمية مهارات ومعارف أبنائنا، ويرتقي بهم وبوطننا.

وذكرت اليافعي أن «عام القراءة» مبادرة مهمة جداً، ولم تأتِ من فراغ، لا سيما أن الشباب في الفترة الأخيرة انجذبوا إلى أمور كثيرة جعلت من القراءة أمراً ثانوياً بالنسبة لهم، لتعيد هذه المبادرة الكتاب إلى مكانه الصحيح، وتفتح أعين الشباب على أهمية القراءة في الارتقاء بفكرهم ووطنهم.

وأشادت اليافعي بالمشروعات الثقافية في الشارقة، كـ«ثقافة بلا حدود»، المشروع الذي دعمه وأسهم في توجيه مساراته صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ليجعل في كل بيت مكتبة، ما يعزز حضور الثقافة وإقبال الناس عليها.

وطالبت اليافعي كل بيت في الإمارات بالاهتمام بالقراءة، وقالت: أتمنى من كل بيت في الإمارات والوطن العربي أن يتفاعل مع مبادرة الإمارات في هذا العام من خلال تشجيع الأبناء على القراءة، والتعامل مع المكتبة على أنها أكثر من مجرد زينة في المنزل ليستفيدوا منها قدر المستطاع، بما ينمي مهاراتهم ويبني مستقبلاً واعداً ركيزته أجيال شابة مؤمنة بالأوطان وأهمية الارتقاء بها وتحصينها.

تأثر

أوضحت منى اليافعي، بشأن الكتب التي تأثرت بها، أنها تعلمت الكثير من كتاب «لغة الجسد»، وقالت: تعلمت منه كيف أنتبه لكل حركة وإيماءة، واكتشفتُ أن هناك حركات كثيرة لها دلالات نغفل عنها، إلا أن المتخصص في لغة الجسد يدركها جيداً، وهو ما دعاني للتوقف عند بعض الحركات العفوية التي يُمكن أن تفسر بطريقة خاطئة.

وأشارت إلى أنها تأثرت بكتاب «ذكريات» للكاتبة مريم أحمد سعيد ـ الأمين العام السابق للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، ويضم مجموعة قصص واقعية عايشتها حين كانت معلمة مدرسة، وقالت: كنت أتخيل أحداث القصة أمامي، لدرجة أنني عشت إحدى القصص، فوجدت نفسي أبكي رغماً عني، واتصلتُ بالكاتبة لأخبرها كم أنها برعت في توصيل المعلومة بأسلوبها المتميز.

مختارات

Email