فساد المحليات

ت + ت - الحجم الطبيعي

مسلسل انهيار العقارات علي رؤوس قاطنيها في ربوع محافظاتنا‏,‏ يؤكد احتياجنا الشديد لوقفة جادة حاسمة حازمة مع المحليات‏

, التي نخر فيها سوس الفساد وقوض أساساتها وقدرتها علي القيام بمهامها بشكل سليم يحفظ أرواح الأبرياء, ويفرض احترام القانون. فما أسهل أن تدفع رشوة لكي يغض الحي الطرف عن مخالفات البناء, وافتقار المنازل الجديدة لأبسط اشتراطات ومعايير الجودة في التشييد, حيث يلجأ المقاول أو صاحب العقار لاستخدام مواد أقل من المطلوبة ترشيدا للنفقات.

والأرقام الرسمية المتداولة عن عدد المباني المخالفة مفزعة, فبيانات وزارة الإسكان تشير إلي وجود324 ألف عقار مخالف ابان الأعوام الأربعة الماضية, وأن محافظة الغربية تحتل الصدارة بنحو40 ألف عقار,

 أما الإسكندرية ففيها14 ألفا يلزم لإزالتها بالطرق الاعتيادية100 عام. كل هذا يحدث لأن المحليات لا تؤدي عملها كما ينبغي, خصوصا خلال الفترة التالية للثورة, التي شهدت موجات متصاعدة من البناء بدون ترخيص في مختلف أنحاء البلاد, ويتحجج العاملون فيها بأنهم لا يقدرون علي مزاولة عملهم, خشية تعرضهم للاعتداء من الاهالي, وتلك حجة واهية. ويعلم المسئولون أن استشراء الفساد هو الحائل دون قيام المحليات بواجبها, ويتسبب في استنزاف ثورتنا البشرية الغالية,

فما السبيل للقضاء علي هذه الظاهرة البائسة المعوقة؟ الحل يبدأ من تحديد مرتبات معقولة تتناسب مع الزيادة المطردة في الأسعار للعاملين في المحليات, بعدها يتم محاسبة المقصرين والمهملين منهم بأساليب رادعة, ووقف العادة السائدة بتصالح المخالفين مع الحي, نظير دفع مبلغ معلوم له وللموظفين بطبيعة الحال, وأن تعد الحكومة قانونا جديدا للمحليات يخولها الصلاحيات والسلطات اللازمة للوقوف في وجه التعديات والمخالفات بحسم وفي التوقيت المناسب, حتي لا نستيقظ كل صباح علي وقع انتشال جثث ضحايا جدد للعقارات المنهارة ودموع من فقدوا ذويهم تحت الأنقاض.


 

Email