الأمم المتحدة وحقوق الإنسان في الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

فوز الإمارات بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة له دلالات كثيرة، أهمها ان حقوق الإنسان في هذه البلاد مصانة، وأن ما جرى في البرلمان الأوروبي من تشكيك حول توافر هذه الحقوق قبل أسابيع غير صحيح، ولا تؤيده الوقائع، وأن هذا القرار، قرار البرلمان الأوروبي مبني على آراء أشخاص في البرلمان تلقوا معلومات غير دقيقة من جهات لا يعول على ما تقوله وتنشره...

ومن المؤكد أن حقوق الإنسان وتبعاتها تختلف حولها المفاهيم ويثار حولها الجدل والتساؤلات، بعضها قد تنطوي على فلسفات نظرية وطوباوية قد لا تكون مجدية ولا تأتي بنتائج مرضية في التطبيق العملي... وعلى سبيل المثال، نأخذ بآراء الليبراليين القائمة على ليبرالية الحرية السياسية والاجتماعية المطلقة للمجتمعات، كل المجتمعات مهما اختلفت موروثاتها الثقافية، وما هي فيه من العادات والتقاليد التي تبرز خصوصية كل مجتمع على حدة وتضع الفواصل بين مجتمع وآخر.

وقد أثبتت التجارب أن إتاحة الحرية السياسية والاجتماعية غير المحددة في المجتمعات التي لموروثاتها الثقافية وعاداتها الاجتماعية تأثير كبير عليها، كالمجتمعات العربية والإسلامية، لم تأتِ هذه الإتاحة بثمر طيب، بل اشتد فيها أوار الجدل حول جدوى تطبيق هذه الحرية حرفياً، وأدى هذا الجدل في بعض الأحيان إلى سخونة اللهجة وإلى الصدام، بل أكثر من ذلك، قاد إلى عرقلة مشاريع التنمية ووصل ببعضها إلى حافة ما لا يحمد عقباه...

وليس معنى هذه المسببات السلبية أن الإنسان يتوقف عن المضي إلى الأمام لكسب الحرية، فالحرية جزء أساسي لا غنى عنه لأي إنسان ينشد الوصول إلى الهدف السامي في حياته... ولكن يكون ذلك في ظل نظام اجتماعي راقٍ، واقتصادي راقٍ، يضمن للإنسان عيشة راضية، دون أن تضطره حياته إلى اللجوء إلى الصدام مع الآخر لكسب هذا العيش الكريم..

وفي الدول العربية الخليجية، وفي الإمارات على وجه الخصوص، لا يبدو أن الحرية السياسية المطلقة والحرية الاجتماعية ذات الزمام المنفلت هي المطلب وهي الهدف، ودعنا من التغريدات الغريبة عن الأسماع، والتي لا تشبع بأي وجه من الوجوه طموحات الإنسان الإماراتي الواعي... ولكن الذي يبدو بجلاء وبوضوح ان الدولة عاقدة العزم على المضي قدماً في تحقيق العدالة الاجتماعية والأمن من كل الشرور والآفات الاجتماعية، وبوادر هذا العزم بادية للعيان أينما اتجه الإنسان في هذه الدولة من شرقها إلى غربها...

في الإمارات، هناك التعليم الجيد، وهنالك الرعاية الصحية الجيدة، والتأمين الاجتماعي الجيد، وأمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه، وهناك بنيان مدن جيد، وبنية تحتية جيدة، وهناك سكن جيد للمواطنين، وهناك قوانين تحفظ لمن يعيش على هذه الأرض حقوقه التي له والتي عليه... فإذا قمنا بعدّ هذه المميزات حسابياً، والتي يتمتع بها الإنسان الموجود على هذه الأرض، فإننا في الوقت نفسه نعدّ حقوق الإنسان وما تتطلبه هذه الحقوق من رعاية... ما الفائدة أن نتبجح بحرية اجتماعية أو سياسية خاوية لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تطعمني أو تطعم أسرتي عيشاً؟... لا نقول إن ذلك يكون بالمقابل للحرية، ولكن نقول إن هذه المتطلبات، متطلبات العيش الجيد والتي أشرنا إليها، إذا توفرت للإنسان فإنما تحقق له جزءاً أساسياً قريب التكامل من حقوقه على الدولة وعلى المجتمع.

وفي رأيي أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي قبل بعضوية دولة الإمارات، أخذ بعين الاعتبار وبعين القبول أن في الإمارات صيانة ليســت بقليلة، لحقوق الإنسان، وأن الإنسان في مأمن من الاعتداء على حقوقه.. وما التأكيد من قبل 184 دولة وتصويتها على القبول بعضوية الإمارات، إلا دليل واقعي وعملي أن ما تحقق في الإمارات من حقوق لمواطنيها والمقيمين على أرضها ليس بالشيء اليسير، ولا تخطئه العين المبصرة.

Email