من وحي «برلين السينمائي»

‬10 وصفات لصناعة مهرجان يملأ الدنيا ويشغل الناس- 2-2

ت + ت - الحجم الطبيعي

استعرضنا أمس بعض «أسرار» مهرجان برلين السينمائي الذي يجذب الآلاف كل العام إلى العاصمة الألمانية في موسم لا يمكن اعتباره بأي حال من الأحوال «سياحياً»، مع درجة حرارة تنحدر إلى ما دون الصفر، وليل يبدأ باكراً. لكن محبي السينما والمشتغلين فيها، إضافة إلى المسؤولين عن مرافق أخرى مثل الفنادق والمطاعم والملاهي، تتشوق جميعها لعودة المهرجان في فبراير من كل عام. وبعيداً عن السجادة الحمراء، والنجوم والأفلام، فإن جزءاً كبيراً من نجاح «برلين السينمائي» يتمثل في البيئة الفنية والثقافية الشاملة التي نجحت الحكومات في تغليف برلين بها. «انها المدينة الأكثر حداثة وجذباً للشباب ومن الطبيعي ان يقبل الجميع على المهرجان. انهم يثقون بالمهرجان، ولكن أيضاً بالمدينة»، يقول مسؤول التسويق هنز شوبارد، الذي حدد لنا ملامح من الفضاءات الفنية والثقافية في برلين والتي ساهمت في إنجاح المهرجان.

‬5- لا تبخل في الموازنة

مع ما يتمتع به (برليناله) من سحر وجاذبية فإن السينما الألمانية اكتسبت ثقلاً كبيراً، ولا تزال تنمو وتزدهر. وتبلغ ميزانية المهرجان في العام الجاري ‬19,5 مليون يورو، بينما كانت قبل عشر سنوات أقل من نحو ‬9 ملايين. وتساهم الحكومة الاتحادية بـ ‬6,5 ملايين يورو، أما الباقي فيحصل عليه المهرجان من خلال إيرادات مبيعات التذاكر والرعاية ومصادر إيرادات أخرى. ولا يجب أن ننسى أن مهرجان السينما هذا هو معرض عالمي جذاب، حيث يستقطب حوالي ‬20 ألف زائر مختص يأتون من أجل كسب المال، ولكن العملة الأصعب هي الحصول على الاهتمام!

ويمكن أن تزداد القيمة السوقية لفيلم ما من خلال المشاركة في مسابقة أو مجالات أخرى تنافسية، وفي نفس الوقت يجب تغذية الجمهور دوماً بأحداث بارزة. لذلك تم ابتكار منصات جديدة مثل (سينما الطهي) و(المواهب الشبابية)، بحيث يمكن أن يساهم ذلك في زيادة الإقبال على السينما.

‬6- لديك مهرجان.. لديك سينما؟

لا يمكن أن تصنع مهرجاناً سينمائياً ناجحاً من دون ان يكون لديك، في بلادك، صناعة سينما ناجحة. فلدى برلين كل الأسباب والعوامل التي تجعلها عاصمة عالمية للأفلام: ففي السنوات الأربع الأخيرة، هناك خمسة من الأفلام المصورة أو المنتجة في برلين فازت بجائزة الأوسكار. وفي عام ‬2010 تم تسجيل ما مجموعه ‬13 ترشيحاً للأوسكار. ومن بين الأفلام الناجحة تبرز أفلام تم إنتاجها باللغة الألمانية كالفيلم الفائز بجائزة الأوسكار (حياة الآخرين) (داس ليبن دير أندرين) أو (الشريط الأبيض) (داس فايسه باند) وكذلك إنتاجات هوليوود الكبرى مثل فيلم (أوغاد مجهولون) (إنغلوريس باستردس) أو (القارئ) (ذي ريدر).

‬7- اجعل السواح نجوماً والنجوم سواحاً!

هناك المزيد من الأسباب الوجيهة الأخرى للتصوير في برلين، فهي تضم شبكة كثيفة من الشركات المتخصصة في تصاميم الرسوم المتحركة والملابس، والعديد من الاستوديوهات السينمائية الكبيرة، وقبل كل ذلك المدينة نفسها التي تمثل خلفية متعددة الوجوه. فالفيلم المثير (عملية فالكيري) (أوبريشن فالكيري) الذي لعب فيه توم كروز دور الضابط الألماني (كلاوس شينك غراف فون شتاوفنبيرغ) الذي حاول اغتيال هتلر، تم تصويره في المناطق الأصلية التي تمت فيها الأحداث تاريخياً مثل مبنى (بيندلر بلوك) في برلين. كما دفع المخرج (باول غرينغراس) بنجمه (مات ديمون) في فيلم (ذي بورن آيدنتتي) ليجري ويطارد في مناطق عديدة في برلين مثل ساحة (الكسندر بلاتس) وشارع (كارل ماركس آليه).

وفي فيلم الإثارة (أنّاون آيدنتيتي) الذي لعب بطولته الممثل (ليام نيسون) والممثلة (ديان كروغر) تسقط سيارة أجرة من جسر (أوبرباوم بروكه) الذي يعتبر من المعالم المميزة في منطقة (فريدريشسهاين- كرويتسبيرغ) في برلين. وفي نوفمبر من العام الماضي اختار نجم بوليوود (شاه خان) برلين لتصوير مشاهد من فيلمه (دون ‬2)، والتي اشتملت على حافلة برلينية أصلية من طابقين وبقايا جدار برلين عند معرض الجانب الشرقي (إيست سايد غاليري) وكاتدرائية برلين الشهيرة (برلين دوم). وعلى الرغم من برودة فصل الخريف آنذاك، فإن خان امتدح العاصمة الألمانية بقوله «أحب برلين! الأسبوعان الأخيران كانا بمثابة إجازة أكثر من كونهما عملاً» وبالفعل، تعد برلين مدينة يشعر فيها نجوم السينما وكأنهم في إجازة بينما يشعر السياح القادمون إليها وكأنهم في فيلم سينمائي.

‬8- تنفّس السينما

السينما في كل مكان في برلين. وللغوص فيها ما على المرء إلا أن ينضم إلى واحدة من الجولات السياحية المتوجهة إلى مواقع العرض الشهيرة، كالتي تقدمها جمعية (مشاريع برلين الثقافية) (كولتور برويكته برلين) وجمعية (بدلاً من السفر برلين) (شتات رايزن برلين) أو منظم الفعاليات (مدينة الأفلام برلين) (فيلم شتادت برلين). وتنظم وكالة السفر البرلينية (تسايت رايزن) بالتعاون مع (متحف الأفلام والتلفزيون) (موزيوم فور فيلم اند فيرنزيهن) جولات بالحافلات تحت عنوان (مدينة الأفلام برلين- السينما المتحركة)، إذ يتم أثناء سفر السياح على متن حافلة سياحية لمدة ساعتين عبر المدينة، عرض أفلام قديمة وملفات صوتية من قبل فريق موظفي الوكالة، تتناسب مع كل موقع يمرون به. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لعشاق الأفلام استئجار غرفة في فندق (هوليوود ميديا هوتيل) في شارع (كورفورستندام) الشهير. فكل غرفة من غرفه الـ ‬182 مكرسة لتكريم أحد النجوم والمخرجين الدوليين الكبار، بحيث تتحول إقامتك فيه إلى رحلة عبر السنوات الذهبية لعالم الأفلام وأساطير السينما لتعيش أجواء الفنون الساحرة.

 

‬9- إذا خرجوا من الصالات.. ماذا يفعلون؟

ومن المعروف عن برلين أنها تتنفس فناً، حيث تمتلك أكثر من ‬170 متحفاً، ولكن واحداً منها فقط يستعرض الكيفية التي عاش فيها سكان برلين الشرقية تحت الحكم الشيوعي، حيث يقدم متحف جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ز حَِّّمٍِّ) رحلة من وراء الستار الحديدي مع أعمال فنية أصلية وأفلام أرشيفية حول الحياة في ألمانيا الشرقية السابقة ويوسع النطاق ليصل إلى تأثير جهاز أمن الدولة والجدار في الحياة اليومية للناس: كيف اختلفت الحياة بالمقارنة بالحياة في ألمانيا الغربية سابقاً؟ وما كم أثرت الدولة على حياة الناس؟ وأين كانت الديكتاتورية أكثر وضوحاً في الحياة اليومية؟ وما هي الإنجازات التي تعتبر إيجابية لجمهورية ألمانيا الديمقراطية وهل هي إيجابية حقاً؟ وبالنسبة لهؤلاء المأخوذين بفيلم (حياة الآخرين).

Email