الخوف من ذكراه

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع اقتراب الذكرى الثامنة لرحيل الشاعر محمود درويش (9 أغسطس 2016) تعود إلى الذاكرة تلك الليلة من العام الماضي التي أحيا فيها أحد المطاعم في دبي ليلة ثقافية بمناسبة ذكرى رحيل محمود درويش السابعة، وحشد لها منظموها عدداً كبيراً من الوجوه الفنية والثقافية المعروفة، وخاصة من السوريين حيث إن المطعم دمشقي الطابع.

كانت جدران المكان تزينها أشعار وصور للشاعر الراحل الذي كتب أجمل عباراته لدمشق: (أمر باسمك، إذ أخلو إلى نفسي/ كما يمر دمشقي بأندلس/ هنا أضاء لك الليمونُ ملحَ دمي/ وههنا وقعت ريحٌ عن الفرس)، وكانت ثمة أغنيات من قصائده بصوت المغني مارسيل خليفة، وثمة مفردات في المكان تشي بكثير من الحب لشاعر أعطى للحب مفردات يعرفها العشاق.

كانت ليلة لا تنسى في سجل (إحياء ذكرى الرحيل) فقد صعد إلى المنصة عدد كبير من محبي الظهور الإعلامي الذين قرأوا قصائد للشاعر أو قالوا حكايات عنه أو وصفوا حياته وشعره، ولم يبخل المكان بمغنٍّ جرب حظه مع قصائد الشاعر الراحل، ضاع الكثير من مفرداتها بين قرقرة النراجيل وطقطقة الملاعق والصحون، حيث كان الحضور يتناولون الطعام ويدخنون ويتبادلون الحديث بصوت مرتفع.

تلك الليلـــة لم تكن ليلة تليق بشاعرٍ أحب الأنــاقة في الحياة تدل عليها مفرداته المنتقاة بعمق من معنى المعنى، ليلة حضر فيـــها كل ما يمت للسهر بصلة، سوى الشــعر والـشاعر، إذ لا تستقيم قراءة قصيدة والفم مليء بالطـــعام أو الشفاه تمج الشيشة، عندها يصبح المشهد شديد السوريالية تعجز عنه مخيلة سلفادور دالي.

أكتب هذه الكلــمات بعد مرور عام على تلك الواقعة، ومع اقتراب ذكرى رحيل محمود درويش السابعة (الثلاثاء المقــبل) وكلي أمل ألّا تكون كتــــلك الليــــلة، لأن قيمة من نحـب في أن نُحسن ذكرهم، وإن لم نستطع، فعلينا ألّا نسيء إليهم.

Email