حروب وأسئلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كلما سمعنا خبراً جاء على ذكر أحد بلداننا شعرنا بالخوف، وكلما انتشرت أخبارنا حول العالم توجسنا من الآتي، من مجهول يخبئ لنا مفاجآت، حتى باتت حياة الخوف والقلق والتوجس عنواناً للعيش العربي.

ينظر المرء حوله ولا يرى سوى الحروب والمفخخات وفتاوى الجهل، وكأن المنطقة خلت من عقلاء أو حصفاء، أين رجال دولة يحتكمون للأخلاق وينهلون من المآثر ويسيرون على خطى من سبقوهم في تأسيس الأوطان، وليس في رفع أسوار السجون أو في إغلاق دور العلم؟

هل يحدث هذا حولنا حقاً؟ أين ذهب الزمن المضيء، عندما كنا نردد أناشيد بلاد العرب أوطاني.. أين ذهبت التنمية، التكامل، الدفاع المشترك.. أين القضية المركزية قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، هل حقاً أصبح صراعاً ثانوياً مقارنة بصراعات أخرى تفوقت في المحتوى وزادت في الضحايا؟

منذ عقدين من الزمن كان عددنا أقل، وكذلك ثرواتنا ومشاعرنا الوطنية أعمق وأكبر، لكننا اليوم أكثر شعوب الأرض يأساً وفينا من جهل ما يُخجل الأمم، انظروا إلى جامعاتنا ما هو تصنيفها بين جامعات العالم، وإلى مخرجات التعليم .. إلى أين؟ وإلى الأحلام التي أرضعونا إياها قبل أن يجهضوها بالشعارات والمسيرات التضامنية، وقبل أن يفرغوا المجتمعات من الطبقة الوسطى، تلك الطبقة التي كانت تحمي قيم المجتمعات من نبالة وخير وعطاء.

أخبارنا في محطات العالم لا تسر، ولا تمنحنا الشهرة. كم كان رائعاً لو كنا دولاً مجهولة في أعالي البحار أو وراء المحيطات، نشعر بقيمة الحياة وقوة الوجود كلما أشرقت الشمس بدلاً من تصدّرنا عناوين الأخبار وقد قارب عدد ضحايانا في سوريا الثلاثمائة ألف، ومثلهم من مفقودين أو معتقلين وملايين أخرى تضيع في الطريق إلى القارة العجوز، ناهيك عما يجري اليمن أو ليبيا أو تفكك العراق أو خطف لبنان.. أي ريح خبيثة ساقت إلينا كل هذا الظلم، أم ترانا فعلنا ذلك بأيدينا!

Email