في مجموعتها القصصية الثانية، الصادرة عن دائرة الكتب الوطنية التابعة لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، استطاعت كاتبة أدب الأطفال الإماراتية عائشة الظاهري بأسلوب سردي قصصي
بعضهم، يمر يوم مولده، كعادته، لا يتذكره إلا بعد فوات الأوان، وهذه المرة صديقنا الخمسيني تذكره ذات يوم على وقع صراخ رضيع في حضن أمه المتسولة على قارعة الطريق.
غريب أمر الأحياء المهووسين بالشهرة الساعين لها، ولكنهم لا يمتلكون أدنى مقوماتها، فلا عِلم ولا فن ولا أدب ولا موهبة أو كاريزما، لكنهم مَهَرة في توظيف العلاقات الاجتماعية لصالحهم، يحاولون إشهار أنفسهم حتى ولو على حساب الموتى من المشاهير،
لقد فعلها ترامب، واجتاح »الفيل« الجمهوري البيت الأبيض، وقد صرح أحد الديمقراطيين المنهزمين في الانتخابات الأميركية قائلاً: »ماذا أقول لأولادي، يا لها من مفاجأة ويا لها من كارثة«.
ما إن نرى عَلَم البلاد يُرفرف في مناسبة وطنية ونسمع نشيدنا الوطني، ثمة شيء ما خفيّ ووريدي وسلس يدغدغنا حسّياً وعقلياً وعاطفياً، فنمتلئ شعوراً بالفخر قد يصيبنا بالقشعريرة والامتلاء، وفي تلك اللحظات يستدعي المرء شعوره من محيطه الجمعي عبر
يتيماً من أبيه، وُلد هنغولا ضامراً بحجم كف اليد، بذل الطبيب كل ما في وسعه أن يسعفه، فحَقْنه بالسوائل المغذية والتنفس الاصطناعي لمنحه فرصة أكبر للحياة، كان حليب صدر أمه يذهب هدرا يقطر بعيدا عنه لأن أمعاءه غير مكتملة النمو غير قادرة على
لم أرَ ثراء في المعنى وفي الصدق والسخرية، لباساً أكثر من الجينز في حياة البشر على مختلف أعراقهم وطبقاتهم، فيلاطف الفقير لأنه بسيط وقوي، فيبقى معهم بقطعته نصف العمر أو أكثر، فهو يقاوم العرق والأوساخ، ولا يبلى بسهولة.. دافئ في الشتاء بارد في
خلف مذياعها المُقَطّن الملون بخطوط جلد النمر، تحاور المذيعة بخفة الدم وبادعاء الثقافة العامة الرفيعة، وغالباً المثقف الحقيقي لا يستعرض بإهانة الآخرين والتهكم عليهم. فالإعلامي المثقف يكون غارقاً في الجدية والبحث الدائم عن إجابات لأسئلة
لنا في الآخرين شعلة، وللآخرين لهم فينا اشتعال، وتتفاعل وتتقاطع في علاقاتنا بلا حدود. وإن التفاعل بين البشر قد يكون فيه تعدٍ على ذات الآخرين إلى حد تهميش خصوصياتهم وجوهرهم.
ما طلعت عليه الشمس ولا بدأ نهاره من استيقظ ولم يتنفس نداها أو رأى رغوتها في ركوتها وتلمس دفئها على الشفاه. ما عرفت الدمشقية صباحات الأُنس في صحن دارها.
تَعلّمنا أن الرّيادة، هي أن نبتكر شيئاً ما، ونقرع جَرَسَه على الملأ حتى يصدح، ونشق طريقاً بِكْراً يأخذنا إلى أفق، فآفاق تُثري روحَنا وحَياتنا بجوهر المعنى لكل ما نبتكره.
في اللحظة الأخيرة قبل تنفيذ حكم إعدامه اختار القاتل أسلوب موته، فإما المقصلة أو الرصاص أو السيف أو حتى بالغاز أو الكهرباء، سيموت بعد دقائق ويختار أفضل طريقة
يقال إن المجرمين يضعفون أمام كبار السن والأطفال ويحبون الحيوانات الأليفة ولكنهم يكرهون أنفسهم. كيف يمكن لمجرم سفّاح أو قاتل مُتسلسل أن يُساعد كفيفا متسولا .
ما إن ينبس أحدهم برأيه، جاداً أو ساخراً أو محذراً، مشككاً أو حتى سائلاً مستفسراً حول صحة رأي رجل دين ذي عمامة أو بدونها، حتى تنهال عليه جام عبارات التكفير
كنّا صغاراً وتعلّمنا أن النار حارقة إن اقتربنا، ودافئة إن ابتعدنا، تقينا برد الشتاء، وتعلّمنا أن «أعقل الناس أعذرهم للناس»، و«أن النفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح».
ما أسهل على إحداهن أن تدعي الألم والحزن والشقاء، كي تستعطف رجلاً كان حبيباً مستهدفاً، أو عشيقاً محتملاً، أو زوجاً مُهْمِلاً غير مكترث، فالمسألة لا تتجاوز سوى دَمْعات تجرف كُحل العين.
الحقيقة مُمِلّة وروتينية وكسولة، وتدعو إلى الخمول، وغالباً ما تكون مستهلكة معروفة النتائج، ومتناقلة بين عامة الناس، بسيطة غير قابلة للنقاش، كجدول الضرب في الحساب نتوارثه ونورّثه.
يحوم فوق رؤوسنا ولا نراه إلا قاسياً باختطافه أحدهم فجأة أو عنوة من بيننا، نعرفه، ونتذكر أنه يحيا بيننا على حساب موت أحدنا، قد أكون أنا أو أنت أو هو أو هي، فثمة ضحية قادمة ستأتي.
ثمة ملموسات في حياتنا نفرح أو نترح بها أو من أجلها، نشعر بالألم والغثيان عندما نرى سيارتنا المهشمة، ولا نفكر بأننا مازلنا أحياء، حتى يأتينا صوت من الخارج ليهنئنا بسلامة الجسد والروح، فننتشي للحظة وندرك كم نحن محظوظون، وسرعان ما يعود الألم
يكاد لا يخلو فيلم أو رواية شهيرة من ذلك الجانب الشرس للفقر، وتأثيره القاسي في البشر والمجتمعات، وغالباً ما يكون ذلك عبر مشهدين رئيسين، الأول الأم أو الأب الذي يرتكب جريمة أو جنحة لإطعام أولادهما، والمشهد الثاني، أن نرى ذلك الطفل متسخ الوجه
على طريق عودته للمنزل، تسبّب أبو مزعل بحادث مروري، فتهشمت واجهة سيارته دون أن يصاب بأذى، وقُيدت بحقه مخالفة مرورية من الدرجة الأولى، عاد إلى منزله متصبباً عرقه متسخاً متشنّجاً، وكأنه خرج للتو من مصارعة كان الطرف المهزوم فيها. دخل منزله
لم أرَ في حياتي مثلاً ينتقص من استقلالية المرأة وقَدْرها، ويُغرقها في تبعيّتها للرجل، أكثر من ذلك المثل الشهير الذي تتداوله وتفتخر به النساء أكثر من الرجال، ويردده الرجال مواساة وتكفيراً عن قمعهم المرئي والمخفي المستدام للنساء في العمل،
قبل سنوات، أشهرت في وجه صديقي مقالاً قديماً يَحكي عن المثقفين الجدد، والذين صنفتهم حينذاك تحت مسمى «المثقف الببليوغرافي»،.. واتهمته ساخراً بأنه لا يعرف من الكتب إلا عناوينها وموضوعاتها وأسماء مؤلفيها وسيرهم الذاتية، فلا قراءة ولا تعمّق ولا
شر البليّة ما يُضحِك، وَخيْر الضّحِك ما أبكى. ولكن من لا يُكمل نشوة ضحكَتِه حتى الدمعة الأخيرة في عينه، سيبقى مُتحسّراً متأسفاً، ولن يُشفي الضحك الكآبة إن لم نكمل فرحته. ويخشى هذا النوع من البشر أن يستبطن الضّحِك مصيبة مستترة تستيقظ بعد كل
ما الذي يمكن أن يقوله العاشق لامرأة قد أخطأت للتو بحقه، غير أن يقدّم لها اعتذاره عن أنه لم يغضب كما يفعل معظم الرجال العاديين والعفويين والأغبياء، وأن خفض جناح الذل للحبيبة، هو رفع راية النصر للحب، وأنه الشاطئ الأهدأ لكل حالات المد والجزر
«أكون أو لا أكون.. ذلك هو السؤال»، وتلك هي العبارة الخالدة للكاتب المسرحي الأشهر في تاريخ الأدب الإنجليزي والعالمي على لسان سيد الشك والريبة وضحية البحث عن الحقيقة هاملت المُنتقِم لمقتل أبيه، إنه السؤال الذي لم يفقد بريقه وبقي حيّاً في
بينما كنت أبحث وأعبث في أوراقي القديمة المصْفَرّة، وأصُولُ وأجولُ في الذكريات العتيقة الحلوة والمرة والعادية، شاهدت بعض الصور بالأبيض والأسود التي تؤكد أنني اليوم أصبحت عتيقاً وقديماً بامتياز، خصوصاً مع هذا الفارق في التقدم التقني الهائل
في حياتنا العادية نحن بني البشر، لا ندرك كم هو الموت ماهر في التخفَّي أو التربّصْ إلا بعد أن يباغتنا ويخطف أحبتنا، غير ذلك غالبا ما ننساه في معترك سنين شبابنا ونتناساه في هدأة شيخوختنا.
قبل 67 عاماً، بالأبيض والأسود، كانت عذابات المهجرين من الفلسطينيين من وطنهم فلسطين، أما اليوم فهي بكامل الألوان عبر شاشات التلفاز نشاهد الجيل الثاني والثالث والرابع، وقد يكون الخامس، وهم يهاجرون ويُهَجَّرون من جديد في كامل الفصول الأربعة..
على شرفة بيت المطلّة على الفراغ ومداها الأقحط والأجرد إلا ما خلا من أعشاب جفت وتساقطت أوراقها، ولم يبق في سيقانها بلل إلا ما خبأته جذورها كي تبقيها على قيد الحياة أملاً أن لا يتأخر الشتاء هذا العام، كان توقيتي الصباحي ينضبط على طلّة الطيّر
قال لي أحد المنتجين العالميين في هوليوود الذي التقيت به في مدينة البتراء والذي جاء للتعرف على فرص الإنتاج السينمائي في الأردن، إن القطاع السينمائي بات أحد مؤشرات النجاح الاقتصادي، والمكانة الثقافية العالمية للبلدان المنتجة.
بدا عليه الارتباك الشديد واتسم وجهه بعلامات الاعتذار وسرعان ما استبدله بالتأفف والنظر بغضب إلى جهاز الكمبيوتر الخاص به، وبين الارتباك والاعتذار تجاهي، واتجاه الشخص المراجع الذي يجلس بجواري وهو عربي الملامح والجينات..
كيف لم أرها من قبل وأنا الذي أزورها دوماً سائقاً خلف عجلة قيادة سيارتي المريحة، مسرعاً حتى الحد الأقصى المسموح به، أو أكثر بقليل متحايلاً أحياناً على أجهزة رادار ضبط السرعة على الرغم من أنني لست متأخراً على اجتماع أو مستعجلاً لموعد لقاء صديق.
ثمة مناسبات وأماكن وأجواء تستطيع بسهولة أن تنفض عنا ما تراكم علينا من الكياسة حوّلتنا إلى شخصيات مملة، تكون قادرة على كسر الحدود الاجتماعية التي نرسمها لأنفسنا في علاقاتنا مع الآخرين..
رسم الإنسان القديم قلقه همومه وأحلامه وطقوسه على جدران الكهوف ومنحنيات الدروب، وجذوع الأشجار العملاقة، فنحت الصّخر والعظام، ونصب الشواهد، وكوّن الطين وشكّله ولوّنه وزخرفه باحثاً في ذلك عن هويته فيما حوله وخلق محيط يتواءم معه ويذوب فيه..
عاش حياته كباقي خلق الله، لا ميزة، ولا نقيصة، عاديٌّ جداً، لعب كباقي الأطفال في الظلال خِيفة من الشمس الحارقة، وعن أمه التي حذرته غير مرة أن ضَرَبات الشمس موجعة وقاتلة في بعض الأحيان، اعتاد صُنع طائرته الورقيّة بيده اليسرى من خشب صناديق
كانت ملقاة تَغرَق في نداها الصباحي بعيدة بأمتار قليلة عن حاوية النفايات، وعلى ما يبدو أنها أُلقَيَت على عجَلٍ وفي الليل وبكامل أناقتها وزهوها من إحدى نوافذ البناية الشاهقة المجاورة، ولكنها على رغم ارتطامها بالأرض وتكسّر سيقانها ما زالت
يتوافد العشّاق من فرنسا وجميع أنحاء العالم لوضع أقفالٍ على جسر بونت دزأرت، أو جسر الفنون الشهير، وإلقاء المفاتيح في نهر السين، حيث لا رجعة. ولكن تزايد أعداد الأقفال التي ُقدّرت بما يزيد على مليون قفل، بزنة 45 طناً، ما هدد سلامة الجسر
عادة ما نصرخ بأسئلتنا الوجودية والجدلية في آخر مقالاتنا، فتكون بعد التشخيص والتمحيص والاستدلال فيبرز السؤال الاستنتاجي.. وقد يكون ساخراً أو استفزازياً أو استهزائياً يطرحه الكاتب نفسه بهدف أن يقدح التفكير ويعيد تحريك المسببات والأسباب
دخلتها لزيارة أحد أقاربي، الثمانيني المصاب منذ سنوات بمرض الزهايمر، المرض الذي حرمه من كل شيء حوله، وحرم مَنْ حولَه منه، إنها أقسى حالات الغياب التي قد تواجهنا في علاقاتنا مع أحبائنا. دخلت غرفة العناية المركزة، والأصح أنني تسللت إليها في
حذر، حميم، لعوب، متحمس، رضوخ، قوي، حمول، هادئ، شغولٌ، ولا أغضبكم إن قلت ذكي ولمّاح ومتأمّل وحنون، بقدر ما تظلمونه أنه عبيط وغبي وأبله وشارد الذهن، وتمدحونه فقط بأنه «الصابر». إنه الأصيل في تحمّل غضب صاحبه وثقل متاعه، فهو متسامح، متأمّل إن
حاولت راجلاً متردداً أن أمسك بالثانية الخضراء الأخيرة في عَدّاد الإشارة المرورية على أشد التقاطعات حركة وازدحاماً في كورنيش أبوظبي، وهممت أن أقطع الشارع مغامراً أو متهوراً إن صح القول، ولكنني ترددت لأن العداد التنازلي الأحمر التحذيري قد
يطلّ قادما من بعيد، فيختلط الأمر: هل هو ذاته الشخص الذي قابلته مصادفة، ويقترب أكثر نحوي بابتسامته العريضة، فأردّ بمثلها احتراماً ودرءً للحرج، ولكن ما زال غموض هيئته يربكني أكثر، سيما أنني بدأت أبحث عن نظارتي الطبية على طاولة المقهى
استأصلت هيئة حماية البيئة في جنوب أفريقيا، قرون بعض وحيد القرن المهددة بالانقراض لإقناع المتربصين بالحياة البرية، أن يعدلوا عن رأيهم في اللحظة الأخيرة، قبل اقتراف جريمة القتل بالصيد الجائر، إذ قد يدركون أن لا جدوى من القتل ما دام «الجوهرة
في كل مصيبة أو طامة أو كارثة، طبيعية كانت أو اجتماعية أو سياسية أو حتى شخصية، يطلُّ علينا بعض الفلاسفة الأصدقاء فيتشدقون بتشخيص المشكلة وسببها بما لا يقبله المنطق، ولكن أشد ما يدهشني أن الكثير من هؤلاء يجد أن جذر المصائب في العالم هي
كنت في مهمة عمل بمدينة نيويورك، قلت لنفسي: أما وقد وانتهى العمل بنجاح سأكافئك بقليل من التسكع في بلاد الله البعيدة، وعلى عجَلٍ قفزت من أريكتي وأطفأت التلفاز ونزلت من الفندق الذي يقع في منتصف شارع «تايمز سكوير» شريان نيويورك النابض بالبشر
مباركة هي الحياة لكنها مثقلة في التجارب والدروب الغامضة، مليئة بالمحطات والعقبات والآمال والآلام، وعند كل خاتمة درب بحلوها ومرها تطل علينا مفترقات قد تكون مصيرية، فنقف أمام نواص جديدة تفرض علينا أن نتخذ القرار الحاسم في حياتنا فإما أن نكون
«من لم يحرّكه الرّبيع وأزهاره، والعود وأوتاره، فاسد المزاج ليس له علاج»، هذا ما قاله الإمام أبو حامد الغزالي، رحمه الله، واستند على ذلك بما خلق الله من أصوات ونغمات انتجتها الطبيعة وأدهشت البشر، فمن خرير الماء، وتغريد البلابل وزقزقة
بدأت تروي حكاياتها قبل خمسة آلاف سنة، أو أربعة أو ثلاثة أو ألفين، تسردها دون توقف، ترويها فيسمعها ويراها كل من وقف مندهشاً في حضرتها سائحاً أو زائراً أو فضولياً أو باحثاً، ومع كل إيماءة ولفتة وحركة في تعابيرها، نثرت حولنا فخر الإنسان
قبل أيام في إحدى المناسبات المزدحمة التي تكثر هذه الأيام على كورنيش أبوظبي التقيت بالعديد من المقيمين والزوار من مختلف الجنسيات، وفي مثل هذه المناسبات تكثر المجاملات ويبدأ الحديث عن جمال المدينة وأحوال الجو الرائع، ويطلق كل واحد موجات
أجمل الطرق، تلك التي لم نسلكها من قبل، إذ إن الدهشة تموت في الطرق المستهلكة، فهي مملة بتكرار مشهدها وانحناءاتها وتحدياتها وتضاريسها. ولكن من ذا الجريء الذي يقوى على تغيير طريقه ويعيد تشكل أنماط تفكيره وحياته، ليجد في الطريق الجديد تفرعات