جولات زايد في الخمسينيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

برزت قوة المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بعد استلامه لإدارة الحكم في منطقة العين، وبرزت شخصيته، طيب الله ثراه، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك القيادية، التي برزت أكثر عندما بدأ يتجول في عدد من إمارات الساحل المتصالح، وكلما كان يتجول، كان يشعر بأحوال المواطنين، وبأنهم يحتاجون إلى التنمية الشاملة، لهذا اقتنع بإحساسه الأبوي الفطري، بمدى حاجة البلاد إلى التنمية والتطور واللحاق بركب الحضارة والتقدم.

فقام بزيارة ما بين 1953 إلى 1954، لكل من بريطانيا، ومن ثم الولايات المتحدة الأميركية وسويسرا ولبنان والعراق ومصر وسوريا والهند وباكستان وفرنسا، وزادته هذه الجولات اقتناعاً بمدى الحاجة لتطوير الحياة في الإمارات، والنهوض بها بأسرع وقت ممكن، للحاق بركب تلك الدول، التي صار بعضها يتمنى أن يصير كالإمارات اليوم.

هذه الجولات زادته إحساساً وطنياً بقيمة الوحدة والاتحاد، الذي قرر أن يسعى إليه مع بقية الإمارات، وهو يعلم جيداً، أن هذا لن يأتي إلا بعزيمة وصبر، والتضحية من أجل مصلحة الأمة، وسبيل مواجهتها للمستقبل والتنمية، واللحاق بركب الحضارة والمستقبل، ودائماً ما كان يتمنى هذا الشيء في أقواله، رحمه الله، إلى السعي لتعزيز هذا الحلم وتحقيقه، وصار الحلم حقيقة، في هذه الجولات في الخارج، شاهد زايد المستشفيات والمدارس والمباني، التي تحتاج لها مختلف الإمارات، وفي نفس الوقت، كانت قد اكتشفت شركات أجنبية النفط بكميات تجارية في عام 1958، ومن ثم تصدير أول شحنة من النفط الخام المنتج من حقل أم الشيف البحري في عام 1962.

رؤيته النيرة وحكمته، جعلته يفكر في كيفية بناء دولة عصرية، ومحاولة قيام إمارات متحدة، وقيام ومنافسة دول أخرى، وفي نفس الوقت، مساعدة دول أخرى، لذلك أصبح يطلق عليه زايد الخير، وزايد العطاء، داخل الدولة وخارجها، في تلك الفترة، كان قد بدأ يجتمع ليناقش أمر الاتحاد بين الإمارات، وعرض هذا الأمر على جميع الإمارات، وبينها البحرين وقطر، فكانت هذه الجولات تحتاج مزيداً من الصبر وكسب الولاء، لكي يبدأ مشاورات لقيام دولة الاتحاد.

ثم ما لبث أن بدأ يجتمع حول الشيخ زايد مجموعة من الطلبة والخريجين المواطنين، الذين كانوا قد درسوا في خارج الدولة، في القاهرة وقطر والكويت، والذين أحسوا بأنه لا بد من الالتفاف حول هذا الإنسان الوحدوي، ودعمه من أجل الاتحاد، وتكوين دولة اتحادية، في ظل ظروف صعبة في تلك الفترة، تحتاج إلى مزيد من الجهد والتلاحم والتعاون والتآخي.

في ظل هذه الظروف، سعى زايد بن سلطان، إلى غرس القيم النبيلة في نفوس شعبه، كما غرس فيهم حب العطاء للجميع دون استثناء، وحرص على أن يتحلى جيل الاتحاد بالقيم الأصيلة، والانتماء لتراب الوطن، والارتباط بكل مفردات تراثه وتاريخه.

 

Email