واسطة العقد بين الشمال والجنوب اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً

تعز حلقة استراتيجية ومخزون بشري متنوع

■ مقاتلون من الشرعية على أطراف مدينة تعز | أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

هي المدينة التي يمكنها تغيير معادلة الصراع جذرياً ما يعزز الأهمية الاستراتيجية لمحافظة تعز، ومدى تأثيرها في سير الأحداث على مستوى الساحة اليمنية.

تتقاطع مجموعة عوامل سكانية وجغرافية واجتماعية وثقافية اقتصادية تجعل من تعز محافظة ذات أهمية استراتيجية بالغة لليم ن. ويقول المحلل العسكري ثابت حسين إن أهم هذه العوامل موقعها الجغرافي المتوسط بين الشمال والجنوب وإطلالتها علی باب المندب ذي الأهمية الحيوية البالغة وميناء المخاء التجاري العريق وصلتها الجغرافية بمحافظة الحديدة الساحلية. مضيفاً: «كما تتميز باعتدال مناخها وتربتها الخصبة وتنوع نشاطها الزراعي والحرفي».

مخزون بشري

وتمثل تعز مخزوناً بشرياً هائلاً فهي أكبر المحافظات اليمنية سكاناً بكثافة سكانية بالغة أربعة ملايين ونصف، فيما يتنوع النشاط الاقتصادي والثقافي والاجتماعي لسكان تعز وأبنائها الذين يشكلون عصب الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية في اليمن بشكل عام. كما يتميز أبناء تعز بمستويات ثقافية وتعليمية عالية، أي ثقل نخبوي فاعل ومنتشر في جميع محافظات الجمهورية اليمنية.

وتقع محافظة تعز في الزاوية الجنوبية الغربية لليمن مُشكلة حلقة الارتباط بين بحر العرب على المحيط الهادي والبوابة الجنوبية للبحر الأحمر، وهي بذلك تطل على مضيق باب المندب الاستراتيجي، الذي تمر عبره 22 ألف سفينة سنوياً، وخاصة ناقلات النفط، وهو ما يعكس أهمية وتأثير موقعها على الملاحة الدولية.

جسر مع إفريقيا

من ناحية أخرى يحاذي تعز في الضفة الأخرى من البحر الأحمر ساحل جمهورية جيبوتي، والذي يبعد عنها 30 كيلومتراً فقط، ما يجعلها مرشحة لتكون نقطة التقاء قارتي آسيا وإفريقيا، وبسبب هذا الموقع الجغرافي المهم لتعز، طُرحت فعلاً في العام 2009 فكرة إنشاء جسر بحري، يشكل الطريق البري الرابط بين القارتين، بحيث تكون نقطة ارتكازه الغربية في الساحل الجيبوتي والشرقية على سواحل محافظة تعز، ويحمل على ظهره طريقاً سريعاً وخطوط سكك حديدية خفيفة، فضلاً عن خط أنابيب لتوصيل المياه والبترول بين القارتين.

من جانبه يقول الأستاذ في جامعة صنعاء د. عبدالله ناشر إنه من الناحية السياسية، فإن تعز هي العاصمة الثقافية للجمهورية اليمنية، ولها تأثيرها الكبير على مجمل الوضع السياسي اليمني، ذلك أن أبناء هذه المحافظة يتواجدون في كل المحافظات اليمنية شمالاً وجنوباً، وتاريخياً وصل أبناؤها في الجنوب إلى أعلى مناصب في سلطة الدولة الجنوبية قبل الوحدة 1990، كما أن الكثير من أبناء عدن هم من أصول تعود إلى هذه المدينة. كذلك يتواجد أبناء هذه المحافظة في كل أجهزة الدولة، كونهم الأكثر تعليماً.

وتعد تعز بثقافتها ومستوى الوعي فيها ومدنيتها الأكثر قبولاً لدى أبناء الجنوب، وعزز من ذلك وقوف هذه المدينة مع القضية الجنوبية، مع ميلهم الكبير لعدم المساس بوحدة اليمن، لذلك فإن تعز تمثل خيط المسبحة الذي يمكن أن يجمع بين الشمال والجنوب على حد قول د. عبدالله ناصر، وحجر عثرة أمام المشاريع الصغيرة التي يسعى البعض إلى تمريرها في اليمن، وفي مقدمتها المشروع الحوثي القائم على الاصطفاء بفعل الجين الوراثي الذي تدعيه وحصر الولاية في البطنين، فضلاً عن مشروع التوريث الذي يسعى إليه صالح، كما أنها تمثل حجر عثرة لمشروع الانفصال. لذلك كله فإن تعز اليوم تدفع ثمن هذه الأهمية التي تمثلها لليمن ككل ولمستقبل الدولة اليمنية.

اتجاهات سياسية

أما التوجهات السياسية لأبناء محافظة تعز فهو متنوع يشمل كل الاتجاهات السياسية مع تواجد أكبر للانتماء القومي واليساري. لكن برغم التنوع يبقى التوجه المدني هو المهيمن والطاغي حتى في أوساط المنتمين إلى الأحزاب الدينية.

ويضيف الأستاذ الجامعي: «المعروف عن أبناء هذه المحافظة رفضهم لكل أشكال الانتماءات العصبوية التي تعود لما قبل الدولة وخاصة الروابط القبلية، بل أن منظري الدولة المدنية في اليمن جلهم من أبناء هذه المحافظة، والتي ينظر أبناؤها إلى أن الولاءات والثقافة العصبوية المتجذرة في الشمال الجغرافي لليمن هي المعيق الأول لبناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة التي يتطلعون إليها، وعملوا لأجلها عقوداً من الزمن، لذلك فإن تعز بثقافتها المدنية تمثل الحامل الحقيقي لمشروع الدولة المدنية في اليمن».

Email