سيف غباش سفير الوحدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الشهيد سيف سعيد غباش الذي قال عنه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: «إنه مثال للرجل المسؤول، وواحد من خيرة الشباب ممن جاهدوا وسعوا إلى خير العرب ووحدة كلمتهم وتضامنهم»، كان من أوائل مؤسسي أركان وزارة الخارجية في 25 ديسمبر عام 1973 وإداراتها وحاملي راية رسالة الإمارات إلى العالم من أجل الخير والتضامن والسلام.

وكانت ظروف استشهاده غريبة، حيث لم يكن الشخص المقصود بعملية الاغتيال، فعند الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الثلاثاء 25 أكتوبر 1977 كان سيف غباش يرافق عبد الحليم خدام، وزير الخارجية السوري آنذاك، إلى مطار أبوظبي لوداعه،..

وعند دخول الوزيرين إلى الصالة الكبرى لمطار أبوظبي وفي طريقهما إلى قاعة الشرف، انطلقت رصاصات كانت تهدف إلى اغتيال عبد الحليم خدام، لكنها أصابت الوزير سيف غباش في كتفه وبطنه، حيث نقل إلى المستشفى وتوفي متأثراً بجروحه.

سيرة البطل

ولد الشهيد سيف سعيد بن غباش بن مصبح بن أحمد بن زايد بن صقر بن أحمد المري في 21 أكتوبر 1932 في حي معيرض بإمارة رأس الخيمة، توفي والده ولم يكمل سن 12 سنة، وتوفيت والدته بعد 3 أشهر من وفاة والده، وعاش بعدها مع عمته في دبي لمدة 3 سنوات، حيث التحق بالمدرسة المحمدية فترة من الزمن، وكان يدرس اللغة الإنجليزية في مدارس ليلية.

وفي الفترة من 1946 حتى عام 1959 تنقل في دول عربية عدة، منها البحرين والعراق ومصر والكويت، بهدف الدراسة، كما حصل على بعثات دراسية عدة.

هجرة سيف

وفي عام 1959، هاجر سيف غباش إلى النمسا، بعد أن توقف برهة في لبنان الذي كان يحتضن حينها معظم المثقفين والسياسيين، وأقام في مدينة كراتس التابعة للعاصمة فيينا، حيث انكب على دراسة اللغة الألمانية بشغف واهتمام، لينمي ذاكرته بروائع الأدب الألماني مثل الشاعر جوته.

وانتقل من ألمانيا إلى سويسرا، متقدماً للعمل في شركة أخرى مساعد مهندس، حيث تمكن بذكائه وتفوقه من الحصول على الوظيفة، واستفاد من وجوده هناك بالقيام بزيارات متعددة إلى إيطاليا التي أسهمت في إثراء ثقافته في حقل الآداب والفنون وقدر لا بأس به من اللغة، وفي عام 1963 انتقل إلى العاصمة الفرنسية باريس.

غربة وترحال

وبعد 20 عاماً من الغربة والترحال، عاد الشهيد سيف سعيد غباش إلى مسقط رأسه في رأس الخيمة وهو مملوء بالحماس للعمل في خدمة وطنه وتأمين مستقبل آمن لعائلته، حيث رزق تباعاً بأبنائه الثلاثة عدنان وعمر (سفير دولة الإمارات لدى روسيا الاتحادية) وسعيد، حيث عيّن رئيساً لقسم الهندسة في بلدية رأس الخيمة.

الجزر الثلاث

وفي عام 1971، كان من أوائل الإماراتيين الذين هبوا للدفاع عن أرضهم ووطنهم، حيث ذهب ضمن وفد من الإمارة إلى القاهرة لعرض قضية احتلال إيران الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى على مجلس جامعة الدول العربية، مدافعاً عن عروبة الجزر، ومطالباً بإنهاء الاحتلال الإيراني.

جيل جديد

بعد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971، تم تعيينه في منصب وكيل وزارة الخارجية، حيث عمل جاهداً في تنظيم الوزارة وتجهيز العناصر الجيدة من شباب الإمارات لإرسالهم إلى سفارات الدولة في الخارج، كما قام بتنظيم الإدارات التابعة للوزارة، ومنها الشؤون السياسية والشؤون القنصلية والمالية والإدارية والسكرتارية، ساعياً إلى تربية جيل جديد من الدبلوماسيين عبر دعوتهم الدائمة إلى تحكيم العقل والابتعاد عن الانفعال والعواطف وانتهاج الموضوعية في الحكم على الأحداث التي تمر بها البلدان العربية والأجنبية.

القضية الفلسطينية

كان من أشد المتحمسين للقضية الفلسطينية، حيث ذكر الأمم المتحدة في خطابه أمام الجمعية العامة عام 1975 بقراراتهم لمنح الشعب الفلسطيني حقوقه الثابتة، واتخاذ قرارات لإجبار إسرائيل على الالتزام وفق الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية، كما كان داعياً إلى إقامة علاقات عربية أوروبية تنطلق من الجذور التاريخية.

الخبر المفاجأة

وكان خبر استشهاده مفاجأة لمعظم أصدقائه من الكتّاب والسياسيين الأجانب في الأمم المتحدة، وأبدى كل من شارك في الجمعية العامة أسفه البالغ للخسارة الفادحة التي منيت بها الإمارات في واشنطن، وتوالت البرقيات والمكالمات الهاتفية على سفارة الدولة من رؤساء معاهد وجمعيات وبعض أعضاء مجلس الشيوخ.

وتمت تسمية أحد المستشفيات (مستشفى النخيل) بإمارة رأس الخيمة باسمه (مستشفى سيف بن غباش)، وتمت تسمية أحد شوارع إمارة أبوظبي باسمه (شارع سيف غباش)، كما تمت تسمية إحدى القاعات الكبرى في مقر وزارة الخارجية باسم الشهيد.

Email