الشهيد سليمان جاسم البلوشي.. عاش ومات مبتسماً

■ الابتسامة لم تفارق محيا الشهيد سليمان | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

لن تعد تتمكن مهرة ابنة العامين، وحشر ذو الأشهر التسعة من رؤية والدهما سليمان جاسم البلوشي، كما أن صورته التي رسخت في ذهن زوجته، ووالدته بالبدلة العسكرية، وهو متجه للذود عن حياض وطنه، ستظل عالقة في مخيلتهما.

ولد الشهيد في مستشفى صقر الحكومي في يوم الـ 6 من شهر يوليو في عام 1990، حيث يعد الشهيد سليمان آخر الأبناء لوالده جاسم البلوشي، الذي توفي بعد صراعه مع المرض، ووالدته عائشة سليمان محمد ولي الشيخ، وله 9 أشقاء بينهم 6 ذكور و3 إناث. سمي على اسم جده من والدته، الذي كان يتصف بسمات العطف والحنان..

وفي الوقت ذاته القوة والشجاعة، كما ورث منه الابتسامة الدائمة التي لا تنقطع في أي موقف كان، فسليمان منذ نعومة أظفاره إنسان رقيق المشاعر مرهف الحس، يقول دائماً ما يحس ويدرك، وترعرع بين رفاقه وأصدقائه في حي من فريج دهان القديمة.

التحق في القوات المسلحة باكراً في 21 أبريل 2009، بعدما كانت المرحلة الإعدادية محطته الأخيرة في المسيرة الدراسية من مدرسة صديق الإعدادية، وتزوج في 11 مارس من العام 2012.

ومن هواياته كتابة الشعر والخواطر، وكان يحب التصوير والفروسية، ويعشق ابنته مهرة، التي كانت بمثابة خليله، ترافقه في كل ساعة ومكان، ومدينة دبي بقيت ملاذه الروحي ووجهته المفضلة، كان يهوى السرعة وامتلاك السيارات الفارهة.

خالف التوقعات

والدة الشهيد عائشة سليمان تتحدث عن ابنها «كان صغيراً يعشق المهارات العسكرية، وكل ما يتعلق بها كالانضباط في سلوكه، وكان يردد دائماً أنه سيلتحق بالجيش ما يخالف التوقعات إذا ما قورن بأشقائه، حيث إن الأطفال في عمره يميلون للعب والراحة، والابتعاد عن المهام الجسام، ولكن سليمان كان مختلفاً عنهم..

حيث كان يهوى إتقان المهارات القتالية وعمل جاهداً على التدرب كي يتقنها، وعندما كنا نصطحبه لشراء بعض الألعاب كان يهوى العسكرية منها..

حيث نما لديه منذ الصغر حبه للعمل العسكري وخدمة الوطن ، ونحن نفتخر بشهادة سليمان وإن كان الفراق صعباً، إلا أن شهادته كما أرادها يوماً وسام عز على صدورنا، فقد أدى واجبه الوطني على أكمل وجه، وأبدى شجاعة وبسالة لا مثيل لها في الدفاع عن وطنه حتى آخر رمق في حياته واستشهد.

«سامحوني»

وأضاف في السياق ذاته، جابر شقيق الشهيد «نشعر بالفخر وكلنا فداء للوطن، حيث إن استشهاد شقيقي فخر كبير لنا، وعمل بطولي في خدمة الدين والوطن..

وبقدر ما في قلوبنا من حزن بقدر ما فيها من فخر نحمد الله ونشكره على فضله، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبله في الشهداء. سليمان بذل الغالي والنفيس لإعادة الحق لأصحابه، وكان ضمن كوكبة العرسان، الذين زفتهم الملائكة إلى السماء، ونسأل أن يكتب لهم القبول، ويحشروا مع الأنبياء والصديقين والصالحين».

ذكريات

ويتابع جابر حديث الذكريات فيقول: شاءت الأقدار أن نودع بعضنا بعضاً بعد أسبوع على انقضاء عيد الفطر، حيث ذهب إلى مهمته في اليمن، وأنا ذهبت إلى عملي، إلى جانب ذهاب والدتي إلى رحلة علاج خارج الدولة، مشيراً إلى أنه كان يمتاز بطيبة قلبه بين إخوانه وأقاربه وزملائه، واعتادوا منه الحيوية والبشاشة في كل محفل وفي كل مناسبة..

مؤكداً جاهزيته في أي لحظة للدفاع عن الوطن والتضحية من أجله، ويتضح ذلك من حديث زوجته عن رغبته الكبيرة إلى الذهاب مع رفاقه، الذين تم استدعاؤهم للانضمام لقوات التحالف العربي، حيث لم يدرج اسمه معهم وقتها، فرجع للمنزل حزيناً دون أن يكلم أحداً، وقام بمحاولات عدة للحاق بركب الرجال فنجحت محاولاته في الالتحاق بهم، ما أسعده كثيراً..

وكان يوماً لا ينسى بالنسبة له عبر تأمين أسرته باحتياجاتهم ومستلزماتهم، ومن ثم التجهز إلى مهمة اليمن. وما يبهج القلب وفقاً ما بُلغوا ممن كان معه بأنه استشهد هادئاً ومبتسماً، مثلما هو دائماً على هذه الهيئة.

Email