ذكرى طيبة تركاها لدى أهالي الطويين

راشد وخليفة اليماحي.. دماء زكية روت أرض اليمن

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تزال منطقة الطويين التابعة لإمارة الفجيرة تعيش ذكرى البطلين الشهيد راشد سعيد محمد التكلاني اليماحي وخاله الشهيد خليفة محمد سعيد اليماحي اللذين استشهدا معاً خلال مشاركتهما في قوات التحالف العربي لإعادة الأمل في اليمن الشقيق بقيادة المملكة العربية السعودية. فلا تزال عائلتا الشهيدين وأهالي المنطقة يفخرون بما قدمه هذان البطلان اللذان بذلا حياتهما دفاعاً عن الوطن وحماية أراضيه، وصوناً لكرامة الأمة وعزتها، مشيرين إلى أن الشهيدين كانا من أشد الناس خلقاً في المنطقة.

لم يكن الشهيد الضابط خليفة من المطلوبين في ذلك الوقت للخروج إلى اليمن، إلا أنه آثر الذهاب بدل أحد أصدقائه، وكان خروجه إلى اليمن طمأنة لشقيقته الكبرى فاطمة التي هي الأخرى ودعت ابنها راشد إلى اليمن، إلى أن عادا يحملان راية الشهادة في سبيل الدفاع عن الأمة.

فوسط عائلة مكونة من الأب والأم و9 إخوة و4 أخوات، عاش خليفة ضمن أسرته المترابطة التي يسودها الحب والتفاهم، وبعد وفاة والده محمد سعيد اليماحي الذي كان متعلقاً به تعلقاً شديداً، اعتبره إخوته بمنزلة الأب، لحكمته وعمق تفكيره ورأيه السديد، ما جعله يرفض أن يشارك إخوته في الميراث، ويفضل أن ينفق على أسرته من راتبه الشهري.

ولأنه كان أكبر إخوته، ترك خليفة المدرسة في المرحلة الثانوية برغم اجتهاده وحبه للدراسة، ليشارك في تربية إخوته وتخفيف الحمل على الأسرة، ويلتحق بالقوات المسلحة، الحلم الذي تحقق له ومنحه شرف خدمة أسرته ووطنه في آن واحد.

واجب

ضمن القوات المسلحة الإماراتية، عمل خليفة بكل جد واجتهاد، وأثبت حبه لوطنه والتزامه بتأدية واجبه نحو مجتمعه، فقد اضطرته ظروف العمل إلى السفر كثيراً وترك أسرته.

خليفه الابن البار بوالدته لم يكن يفوت فرصة لزيارة بيت العائلة، حيث يجد راحته في الحديث إلى والدته وطلب رضاها، عندما وصل إلى اليمن وبرغم الظروف القاسية التي كان يعيشها مع إخوانه هناك، حرص على الاتصال يومياً بأولاده لتحضيرهم لتلقي خبر استشهاده، لأنه كان يردد دائماً لأهله وأصدقائه: «أتمنى أن أعود إلى وطني شهيداً».

مسؤوليات

وعلى الطرف الآخر، توفي والد الشهيد راشد اليماحي منذ أن كان صغيراً، وكان لزاماً عليه أن يعتني بأسرته المكونة من والدته فاطمة محمد سعيد وثلاثة من الإخوة و6 من الأخوات، حمله كان كبيراً، لكنه كان أكبر منه بفضل رجولته التي بدت واضحة منذ صغره وطيبة قلبه التي يشهد له بها كل أهل المنطقة، ولحسن صحبته مع الجميع، عاش محبوباً بين أبناء قريته ورجالها، نشأ متحملاً للمسؤولية وقائماً بواجباته تجاه أسرته، بل كان مشوار طفولته قصيراً جداً.

وبسبب ظروفه العائلية الخاصة، درس «راشد» في الفترة المسائية بالمدرسة، وعندما وصل إلى الصف الأول الثانوي، ترك مقاعد الدراسة وهو في عمر السادسة عشرة، ليقرر الالتحاق بالقوات المسلحة، فطموحه كان كبيراً إلى أن يخدم الوطن ويصبح ضابط صف، بعد أن أظهر شجاعة جعلته محل احترام من رؤسائه وزملائه في العمل، تزوج راشد وكانت ثمرة هذا الزواج حمد ذي الـ3 أعوام، وميرة ذات العامين، وحرص على تربيتهما تربية صالحة.

كان راشد على حد وصف زوجته عنود الزوج الشهم الذي كان لا يتأخر عليهم في كل متطلباتهم، بل كان بشوشاً دائماً وراضياً بما منحه الله في الدنيا، وكان روح المكان الذي يملأ البيت مزاحاً وضحكاً، حيث لا مثيل للجو الذي يخلقه في حضرته، ولا تخلو صورة لـ«راشد» من ابتسامته العريضة التي عُرف بها.

سفر

عُرف عن الشهيد راشد أنه كان كثير السفر في إطار عمله في القوات المسلحة على مدى 12 عاماً قضاها مجنداً، حيث ذهب إلى العراق وقضى هناك 9 أشهر، وعاد منها سالماً لأهله، ليذهب بعدها إلى ليبيا، بؤرة أخرى من بؤر التوتر، وبعد إتمام مهمته هناك عاد إلى أهله، لتعود إليهم الفرحة من جديد، ثم تكررت رحلاته إلى المملكة العربية السعودية، إلى أن جاء نداء الرحلة الأخيرة التي استدعي إليها في عون اليمن، وهناك نال شرف الشهادة في سبيل الله.

Email