محمد صالح بداه بدأ شغف التواصل الاذاعي سبعينيات القرن الماضي

عميد المستمعين العرب..18 ألف مشاركة عبر الأثير

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

من ذكريات الزمان نبحر في أعماق الشخصية، ونتلمس مواقف وتجارب ومناسبات لا تنسى.. في «زيارة» نجلس معاً على حافة الماضي، فنتداخل مع ما تجول به ذاكرةٌ كان لها من التجربة نصيب، ومن الخبرة قدر وفير. في «زيارة» نستعيد مع النفس والروح شريط الذكريات المرتسم طوال سنوات، ونتعرف على الشخصية من جوانبها الرسمية والذاتية.

ونتطرق إلى أيام وليالٍ عبرت بها حتى يومنا الحالي، ونستظل بحكاياتها الشيقة، ونتشارك في مائدة الزمان الوفيرة بصنوفها المروية والمرئية، بالكلمة والصورة والوصف والتصوير، نلملم خبايا رحلة عمر.. إنها زاوية يومية، نطل منها عليكم طوال أيام الشهر الكريم، عنوانها «زيارة».

 

لُقّب بـ «عميد المستمعين العرب» و«ملك الإذاعات» و«المستمع رقم 1»، إضافة الى 50 لقباً أطلقها عليه مذيعو البرامج في المحطات التلفزيونية والإذاعية محلياً وعربياً بسبب مشاركاته في تلك البرامج التي وصلت حتى الآن إلى 18 ألف مشاركة.

وأصبحت شهرته تتخطى في بعض الأحيان شهرة بعض المذيعين، ليصل صوته إلى الصين عبر مشاركته في إذاعة الصين الدولية الناطقة باللغة العربية. أسلوبه في التعبير شيق وممتع، وينتقي عباراته بأناقة، وكأنه مذيع يحاور لا مشارك، ويقدم البراهين والحجج، ويعطي الأمثلة، مما يجعله يثري البرامج ويضفي عليها نكهته الخاصة.

إنه العميد محمد صالح بداه الذي يشغل مدير العلاقات العامة في وزارة الداخلية حالياً (أبو عايدة) الذي امتدت شهرته خارج نطاق عمله، ووصلت إلى دول الخليج والدول العربية والأجنبية، بسبب حبه وشغفه بالمشاركة في مختلف البرامج الإعلامية منذ السبعينات، فنادراً ما تستمع إلى برنامج إذاعي أو تلفزيوني داخل الدولة، إلا وتسمع صوته يشارك ويبدي رأيه بفاعلية في مختلف القضايا، وأهمها القضايا الاجتماعية.

مؤلفات بداه

أبو عايدة وبعيداً عن مجال عمله الشرطي، يُعتبر قارئاً نهماً في كل المجالات العلمية والثقافية وغيرها، وله أربعة مؤلفات هي: محطات من الحياة، ولسعات اجتماعية، ولسعات رياضية، وأقوال.

حبه للحياة الاجتماعية والمشاركة فيها، دفعه إلى تحقيق النجاح أيضاً في مجال عمله في وزارة الداخلية، إذ يؤكد أن من يشغل مدير العلاقات العامة بالداخلية هو الرجل الذي يفترض أن يعطي صورة حقيقية وواضحة ومفهومة عن الوزارة، وأن يتقن فن التعامل مع الآخرين، ويعرف القوانين ويحترمها،.

وكذلك دستور الدولة، ويجيد التواصل مع أفراد المجتمع لتحقيق رسائل الوزارة التوعوية بهدف الوصول إلى مزيد من الاستقرار والأمن في المجتمع. العميد بداه كما عرفناه في الإعلام، كان ولا يزال مقرباً من الصحافيين في مجال عمله، بسبب حرصه على توفير المعلومات والبيانات التي يتطلبها العمل الصحفي، وذلك نابع من تفهمه لمهنة الصحافة، وهو يعد بشكل ما أحد روادها.

وفي ما يتعلق بالعمل الشرطي، يقول العميد بداه إن ذلك ساهم في زرع مبادئ الانضباط لديه والتنظيم والصدق والأمانة والحفاظ على الوقت، خاصة وأن الشرطة وفرت له دورات تأسيسية وتخصصية ودورات قيادات عليا، وكل ذلك يساهم في صقل الإنسان، لا سيما المحب لعمله.

صناعة الألعاب

ولد محمد صالح بداه في عام 1955 في دبي، وعاش طفولته بين دبي وعجمان، وأكثر ما يتذكره في عمر الـ 10 سنوات إنه تتلمذ في (الكتاتيب) على يد امرأة علمته أصول الدين والفقه والقرآن الكريم، مشيراً إلى أنه في بداية طفولته تتلمذ على يد رجل أعمى.

وبالرغم من أن معظم الأطفال في تلك المرحلة، يصبون اهتمامهم على اللعب إلا أن بداه إلى جانب اللعب مع أقرانه، فقد تمكن من صنع بعض الألعاب من المواد الخشبية، ومنها السيارات إذ كان يجمع بعض المواد ويركبها على شكل سيارة أو ألعاب مختلفة. ويقول بداه: كانت البساطة ما ميزت الحياة وقتها، والحياة الاقتصادية كانت تتوقف على بعض المهن البسيطة مثل النجارة والبناء والصيد والغوص والبقالة والسفر سعياً للرزق.

البقالة الوحيدة

التحق بداه في طفولته بمدارس عدة، وتنقل بين أكثر من إمارة بسبب ظروف أسرية، لكن ذلك أكسبه العديد من الصداقات التي ما زالت مستمرة وبقوة، ومن المدارس التي درس فيها مدرسة الشعب الابتدائية في دبي، ومدرسة الراشدية في عجمان، ومدرسة الأمير بأم القيوين. وكان بداه يتميز بالذكاء والاجتهاد وحب العلم، فقد كان دائماً من الأوائل في مراحل الدراسة المختلفة.

ويشير إلى أنه عاش حياة متوسطة من الناحية الاقتصادية، إذ كان والده يملك بقالة هي الوحيدة في «الفريج»، وكان يساعد والده فيها، ومن هنا تعلم التجارة وأصول البيع والشراء وقيمة المال والتعامل مع الناس، وساعده ذلك على اكتساب قوة الشخصية والاعتماد على الذات.

النجارة والديكور

كان أبو عايدة أيضاً يحب النجارة والفن والديكور، فقد ساهم وجود محل نجارة بالقرب من منزل العائلة في أن يثير اهتمامه من خلال تقربه من صاحب المحل وهو من الجنسية الآسيوية، فصار يقضي بعض أوقاته في محل النجارة، وتعلم من ذلك الآسيوي صناعة الأسرَّة الخشبية للأطفال، ودواليب المطابخ وهو في عمر 14 سنة.

ويقول بداه عن هذه الهواية إنها نابعة من حبه للفن والديكور، وإنه استفاد منها بعد ذلك عندما أسس منزله الخاص، ووضع بعض اللمسات الشخصية على الفرش والديكور.

نهر دبي

«نهر دبي» اسم مستعار أطلقه أبو عايده ورفاقه في فترة الطفولة على منطقة كانت تتجمع فيها مياه خزان المياه العلوي في دبي بالقرب من مصلى العيد، في نهاية كل شهر، ويوضح بداه أنه عندما كان العمال ينظفون الخزان ويفرغونه من المياه.

كانت تتجمع على عمق متر أحياناً وبطول مصلى العيد، ويبقى الماء في هذه البقعة ساعات عدة قبل أن يجف. ويضيف: كنا نطلق على تلك المياه نهر دبي، لأنها مياه حلوة وعلى شكل نهر، وكنا نسبح فيها ونلهو، وتلك تعتبر من أجمل الأيام التي عشتها في عمر 16 سنة.

الإخراج السينمائي

وبحكم حبه للعمل وعصاميته واجتهاده، فقد عمل بداه في الإجازات الصيفية في مرحلة الثانوية والجامعة في أكثر من مكان، إيماناً منه بأهمية أن يكون الإنسان فعالاً ومساهماً في الحياة الأسرية، وفي المجتمع إذ عمل في شركة المرطبات بدبي وفي بنوك وفي شركة مقاولات.

ويؤكد أبو عايدة أن هذه الخبرات العملية في تلك الفترة، أكسبته المهارات القيادية والعملية وساعدته كثيراً بعد التخرج من الجامعة. وفي عام 1974 بعد تخرج بداه من الثانوية، لم تكن هنالك جامعات في الإمارات، مما اضطره إلى الذهاب إلى مصر، وقد التحق بداية بالمعهد السينمائي ودرس الإخراج لمدة 15 يوماً، وبسبب ظروف معينة تحول إلى جامعة حلوان ليدرس الخدمة الاجتماعية.

صفر بطالة

يقول أبو عايدة: تخرجت في عام 1980، وكانت الوظائف في تلك الفترة متوفرة بكثرة، ولم تلك هنالك بطالة، خاصة لدى فئة الجامعيين، واتخذت قراري بالالتحاق بالعمل في وزارة الداخلية، أو ما كان يسمي (الشرطة الاتحادية) نظراً لحبي للعمل الشرطي وخدمة المجتمع، إذ كان من صميم تخصصي، وقد شجعني والدي لخوض هذا المجال.

شغل أبو عايدة وظائف عدة في الداخلية، منها باحث اجتماعي في السجون، ثم باحث جنائي في التحقيقات الجنائية، ومدير فرع التحقيق في الشرطة الاتحادية بالشارقة، وغيرها من المناصب، وخلال تلك السنوات كان بداه يكتسب خبرة كبيرة في مجال العمل الشرطي، واستفاد من الدورات والمؤتمرات وورش العمل التي كانت تنظمها الوزارة للمنتسبين لها، حتى أصبح مديراً للعلاقات العامة.

جلسات رمضان

 يتذكر بداه رمضان في ماضي السنوات، وبشكل خاص أيام الطفولة وحرصه على الصوم بالرغم من صغر سنه وتعبه وحرارة الجو وعدم وجود مكيفات وغيرها من الصعوبات.

ويقول إنه بالرغم من كل ذلك فإن «رمضان زمان» يختلف عما هو الآن، رغم أنه لكلٍ طعم ومذاق، ويبقى أحلى ما في رمضان زمان اجتماع الأهل والأقارب للإفطار معاً، والسهرات الرمضانية الجميلة، وحكايات وقصص الجدات، التي لا تزال حروفها مرسومة في ذاكرته، وحية لدى أبنائه أيضاً

العديد من الجوائز والكثير من شهادات التقدير

 حصل بداه على العديد من الجوائز منها «جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز عام 2000» عن فئة الأسرة المتميزة، وجائزة الشيخة فاطمة بنت مبارك للبر، عام 1999. وجائزة الشارقة للعمل التطوعي عن فئة الأفراد عام 2003.

وجائزة الشارقة للتميز التربوي (فئة الأسرة المتميزة) عام 2006، ووسام الخدمة الطويلة والمخلصة من وزارة الداخلية عام 2001، وجائزة الموظف المتميز في المجال الإداري لعام 2003- برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، وجائزة «الأب المثالي» رواق عوشة بنت حسين الثقافي 2007.

وجائزة الصين الدولية في المسابقة التاريخية الثالثة عام 2003، وفي المسابقة الثقافية عام 2004، وشهادة الآيزو 9001 عام 2008. كما حصل محمد صالح بداه على شهادة تقدير من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بالإضافة إلى 86 شهادة تقدير من مدارس حكومية وخاصة منذ عام 2001، و19 شهادة شكر وتقدير من جهات غير تعليمية.

مشاركات إذاعية عبر البريد

 لأن أهم ما يميز العميد بداه حبه للإذاعة والبرامج الحوارية والدينية والثقافية وغيرها، يعود مرة أخرى إلى ماضيه في تلك الهواية، التي بدأت معه منذ السبعينيات، واستمرت حتى الآن فيقول: كثير من المواطنين والمقيمين على أرض الدولة يعرفون (أبو عايدة) من خلال تلك المشاركات. ويشير إلى أنه في فترة السبعينات عندما أطلق عليه لقب (ابن الصحراء) كان يشارك في الإذاعة من خلال إرسال مشاركته في البريد.

وكانت البرامج محدودة، وكان وقت الإذاعة قصيراً، وبالرغم من ذلك كان يحب تلك البرامج وتعلم من المذيعين الكثير من الأمور التي ساعدته في حياته العملية والاجتماعية، وأهمها أن يكون إنساناً مطلعاً وقارئاً، إذ قرأ حتى الآن أكثر من 5 آلاف كتاب، وأن يستفيد كذلك من آراء الآخرين، وأن يكون واسع الأفق لينعكس كل ذلك على تربيته لأبنائه وخدمته لمجتمعه.

 

 

Email