الجزء الثالث عشر

الطـاقة تحافظ على المـادة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم ، منْ الآيـة [ 53 ] من سورة يوسـف ، و حتى الآيـة [ 52 ] من سورة إبراهـيم ، و مـمّـا ورَد فيـه :

( قَالَ سَـوْفَ أسْـتَغْـفِرُ لَـكُـمْ رَبّي )[ يوسف 98 ] :

لـقَدْ تَحَمَّلَ يعقوبُ عليه السلام مِنْ أَذَى أَوْلاَدِهِ أَكْثَرَ مِمّا تَحَمَّلَهُ يوسُفَ بِكَثيرٍ، فَفي آخِرِ السُورَةِ نَجِدُ بالمقَارَنَةِ أَنَّ الإخْوَةَ قالوا ليوسُفَ: ( قَالُـوا تَاللَّـهِ لَـقَدْ آثَرَكَ اللَّـهُ عَـلَـيْنَا وَ إنْ كُـنَّا لَـخَـاطِـئِـينَ )[ يوسف 91 ] ، فَكَانَ جَوَابُ يُوسُفَ: ( قَالَ لاَ تَثْريبَ عَـلَـيْكُـمُ الـيَوْمَ يَغْـفِرُ اللَّهُ لَـكُـمْ وَ هَوَ أَرْحَـمُ الراحِـمِـينَ )[ يوسف 92 ] ، نُلاَحِظُ أَنَّـهُ قالَ: [ اليومَ ] يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ وَفَوْراً، بَيْنَمَا يَعْقُوبُ: ( قَالَ سَـوْفَ أسْـتَغْـفِرُ لَـكُـمْ رَبّي إنَّهُ هُـوَ الـغَـفُورُ الرَحِـيمُ )[ يوسف 98 ] ، فَالمُلاَحَظُ أنَّـهُ قالَ : [ سَوْفَ ] وَ هِيَ للمُسْتَقْبَلِ البعيدِ ، بينمَا قالَ يُوسُفُ: [ اليومَ ]، وَ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا عَـانى يَعْقُوبُ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا عَـانى يُوسُفُ بِكَثيرٍ ، كَمَا قالَ يَعْقُوبُ : ( إنَّهُ هُـو الـغَـفُـورُ الـرحِـيمُ ) ، بَيْنَمَا قالَ يُوسُفُ : ( وَ هُـوَ أَرْحَـمُ الـراحِـمـينَ) ، فَالبَطَلُ الحقيقيُّ للقِصَّةِ ، وَ الذي عَانـى فِعْلاً هُوَ يَعْقُوبُ .

الطَـاقَةُ

وَضَعَ اللّهُ بِرَحْمَتِهِ طَـاقَةَ حِمَـايَةٍ حَوْلَ الجِسْـمِ البَشَـرِيِّ مِنْ أَجْلِ المُحَافَظَةِ عَلى كُتْـلَتِهِ المَادِيَّةِ : ( لَـهُ مُـعَـقِّبَاتٌ مِـنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِـنْ خَـلْـفِهِ يَحْـفَظُـونَهُ مِـنْ أَمْـرِ اللّـهِ )[ الرعد 11 ] ، مُـعَـقِّبَاتٌ: سَـبْعُ طَبْقَـاتِ حِمَـايَةٍ، بَيْنِ يَدَيْهِ: أمَامَهُ، مِـنْ خَـلْـفِهِ: مُحِيْطَةٌ بِـهِ مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ، وَ إلاَّ لَمَا بَقِيَ الجِسْمُ الإنْسَانِيُّ سَـليمَاً وَ صَالِحَاً لِلحَيَاةِ، كَذَلِكَ يُمْسِكُ اللّهُ مَـادَّةَ السَمَاواتِ وَ الأَرْضِ بِطَـاقَةٍ هَـائِلَةٍ تَفُوقُ التَصَوُّرَ، وَ إلاَّ لَـزَالَتِ السَمَاواتُ وَ الأَرْضُ مِنَ الوُجُودِ تَمَـامَاً: ( إنَّ اللّـهَ يُمْـسِـكُ الـسَـمَـاواتِ وَ الأَرْضَ أنْ تَزولاَ وَ لَـئِـنْ زَالَـتَا إنْ أَمْـسَـكَـهُـمَـا مِـنْ أَحَـدٍ بَعْـدَهُ )[ فاطر 41 ] ، إنْ أَمْـسَـكَـهُـمَـا مِـنْ أَحَـدٍ بَعْـدَهُ : لاَ يُوجَـدُ مَـنْ يُمْسِـكَهُمَا أحَـدٌ بَعْـدَهُ .

(وَ يُـنْـشِـىءُ الـسَـحَـابَ الـثـِقَـالَ)[ الرعد 12 ] :

يُقَـدَّرُ وَزْنُ الغُـيُومِ حَوْلَ الكُرَةِ الأَرْضِيَّةِ ... ... ... ... ... ... 1 كغ [ عـدد الأصفار 18 ] ، فالرِيَاحُ إذَاً تَحْمِلُ فَوْقَنَا جِبَـالا مِنَ المَاءِ : ( فَالـحَـامـلاَتِ وِقْـراً ) [ الذاريات 2 ] ، وِقْـراً : وزنـاً ثقـيلاً جِـدّاً ، ( وَ يُنَزِّلُ مِـنَ الـسَـمَـاءِ مِـنْ جِـبَالٍ فِيهَـا مِـنْ بَرَدٍ )[ النور 43 ] ، فَحَبَّاتُ المَطَـرِ تَكُونُ دَاخِلَ الغَيْمَةِ حَبَّـةَ بَـرَدٍ فَقَـطْ ، لأَنَّ دَرَجَةَ الحَرارَةِ تَنْخَفِضُ دَاخِلَ الغَيْمَةِ إلى حَوالي / - 60 ْ درجة مئـويّة / .

تَرْتَفِعُ تَيَّـاراتُ الهَواءِ الصَاعِدَة دَاخِلَ الغَيْمَةِ بِسُرْعَةِ / 100 متر / ثانيَة ، حَامِلَةً مَعَهَا قُطَيْراتُ الجَليدِ ، فَتَشَكَّلُ نَواة حَبَّـةِ البَـرَدِ ، وَ أثْنَاءَ صُعُودِ هَذِهِ الحَبَّةُ إلى الأَعْلى تَلْتَقِطُ قُطَيْراتِ الجَليدِ ، فَتَكْبَرُ عَلى شَكْلِ طَبْقَاتٍ جَليدِيَّةٍ ، وَ عِنْدَمَا يُصْبِحُ وَزْنُهَـا أَكْبَرُ مِنْ تَيَّاراتِ الهَواءِ الصَاعِدَةِ ، تَسْقُطُ عَلى شَكْلِ بَرَدٍ ، وَ أَثْنَاءَ نُزُولِهَا تَذُوبُ بِفِعْلِ الهَواءِ ، وَ تَصِلُ الأَرْضَ ذَائِبَـةً على شَكْلِ حَبَّاتِ مَطَرٍ ، وَ إذَا كَانَ حَجْمُهَا كَبيراً ، لاَ تَذُبُ كَامِلاً وَ تَصِلُ الأَرْضَ عَلى شَكْلِ حَبَّاتِ بَـرَدٍ ، لِذَلِكَ دَائِمَاً نَجِدُ مَعَ حَبَّاتِ البَرَدِ ، حَبَّاتُ مَطَرٍ ذَائِبَـة ، وَ يَصِلُ ارْتِفاعُ الغَيْمَةِ حتّى / 14 كم / ، وَ فيهَا قِوى وَ طَاقَة لاَ تَهْـدَأُ ، بَيْنَ تَيَّـاراتِ هَواءٍ صَاعِدَة ، وَ حَبَّاتُ بَـرَدٍ نازِلَة .

العَـارِضُ : هُوَ العَـاصِفَةُ الرَعْدِيَّةُ الشَـديدَةُ ، مِثْلَ العَاصِفَة التي أَهْلَكَتْ قَوْمَ عَـاد : ( فَلَـمَّـا رَأَوْهُ عَـارِضَـاً مُـسْـتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِـمْ قَالُـوا هَـذَا عَـارِضٌ مُـمْـطِـرُنَا )[ الأحقاف 24 ] ، ( أَوْ كَـصَـيِّبٍ مِـنَ الـسَـمَـاءِ فِيهِ ظُـلُـمَـاتٌ وَ رَعْـدٌ وَ بَرْقٌ )[ البقرة 19 ] ، ( يَـكَـادُ الـبَرْقُ يَخْـطَـفُ أَبْصَــارَهُـمْ )[ البقرة 20 ] ، ( يُريْـكُـمُ الـبَرْقَ خَـوْفَــاً وَ طَـمَـعَـاً )[ الرعد 12 ][ الروم 24 ] ، وَ البَـرَدُ في العَاصِفَةِ الرَعْدِيَّة هُوَ المُسَبِّبُ للبَرْقِ : ( وَ يُنَزِّلُ مِـنَ الـسَـمَـاءِ مِـنْ جِـبَالٍ فِيهَـا مِـنْ بَرَدٍ فَيُصِـيْبُ بِهِ مَـنْ يَشَـاءُ وَ يَصْـرِفُهُ عَـنْ مَـنْ يَشَـاءُ يَكَـادُ سَـنَا بَرْقِه ِ يَذْهَـبُ بالأَبْصَـارِ )[ النور 43 ] ، وَ الغُيُومُ العَاصِفَةُ هيَ أَكْثَرُ السُحُبِ احْتِواءً على الشحْناتِ الكَهْربائِيَّةِ السَالِبَة في أسْفَلها وَ لِذَلِكَ يَتَشَكَّلُ البَرْقُ الشَريطيُّ .

( وَ يُـرْسِـلُ الـصَـواعِـقَ )[ الرعد 13 ] :

يُـرْسِـلُ الصـواعـق : إلى المكان المطْلوب ، فَيُصِـيْبُ : دونَ ردّ ، فيوجد [ مانعات برْق و ليس مانعات صواعق ] ، مَـنْ يَشَـاءُ وَ لَوْ كَانَ بَعيدَاً عَنْ مَجَال البَرْقِ .

( فَـسَـالـَتْ أوْدِيَـةٌ بِقَـدَرِهَـا )[ الرعد 17 ] :

( أنْزَلَ مِـنَ الـسَـمَـاءِ مَـاءً فَـسَـالـَتْ أوْدِيَـةٌ بِقَـدَرِهَـا فَاحْـتَمَـلَ الـسَـيْلُ زَبَداً رابِيَاً وَ مِـمَّـا يُوقِدونَ عَـلَـيْهِ فـي الـنَارِ ابْـتِـغَـاءَ حِـلْـيَةٍ أوْ مَـتَـاعٍ زَبَدٌ مِـثْـلُــهُ كَـذَلِـكَ يَضْـرِبُ اللّـهُ الـحَـقَّ وَ الـبَاطِـلَ فَـأمَّـا الـزَبَـدُ فَـيَـذْهَـبُ جُـفَـاءً وَأمَّـا مَـا يَنْـفَـعُ الـنَاسَ فَـيَمْـكُـثُ فِـي الأرْضِ كَـذَلِـكَ يَضْـرِبُ اللَّـهُ الأمْـثَـالَ )[ الرعد 17 ] ، سَـالـَتْ أوْدِيَـةٌ بِقَـدَرِهَـا : قَـدَرُ الوادي أنْ يَسـيلَ ، وَ في هَذا تَنْبـيهٌ لِسُكَّانِ الأوْدِيَةِ مِنْ خَطَرِ السُيولِ ، زَبَداً رابِيَاً : مرتفِعاً على السطحِ وَ مِنهُ كَلِمَةُ الرَبْـوَةِ ، يُوقِدونَ عَـلَـيْهِ فـي الـنَارِ ابْـتِـغَـاءَ حِـلْـيَةٍ : مِثْلَ صَهْرِ الذَهَبِ وَ الفِضّةِ ، أوْ مَـتَـاعٍ : مِثْلَ صَهْرِ الحَديدِ أوِ الرَصَاصِ مَثَلاً ، زَبَدٌ مِـثْـلُــهُ : أيْ يَظْهَرُ الزَبَدُ أيْضَاً على السطْحِ عِنْدَ صَهْرِ المَعَادِنِ ، الـحَـقَّ وَ الـبَاطِـلَ : فَصْلُ الصَالِحِ عَنِ الطَالِحِ ، الـزَبَـدُ : رَمْزُ الطَالِحِ ، يَنْـفَـعُ الـنَاسَ : رَمْزُ الصَالِحِ فَـيَمْـكُـثُ فِـي الأرْضِ .

جَــنَّــاتُ عَــدْنٍ

هِيَ أكْثَرُ الجَنَّاتِ ذِكْرَاً وَ هي الجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِها الأنْهَارُ ، وَ فيهَا مَسَاكِنُ طيّبةٌ : ( يَغْـفِـرْ لَـكُمْ ذُنوبَكُـمْ وَ يُدْخِـلْـكُمْ جَــنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ وَ مَـسَـاكِـنَ طَـيِّبَةً في جَـنَّاتِ عَـدْنٍ )[ الصف 11 / 12 ] ، ( وَ إنَّ لِلـمُـتَّقينَ لَـحُـسْـنَ مَـآبٍ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ مُـفَتَّحَـةً لَـهُـمُ الأَبْوابُ مُـتَّكِـئـينَ فيهَـا يدْعـوْنَ فيهَـا بِفَاكِـهَـةٍ كَـثيرَةٍ وَ شَـرابٍ وَ عِـنْدَهُـمْ قَاصِـراتُ الـطَـرْفِ أَتْرابٌ )[ ص 49 ] ، ( إنَّ الـذينَ آمَـنوا وَ عَـمِـلـوا الـصَـالِـحَـاتِ أُولَـئِـكَ هُـمْ خَـيْرُ الـبَريَّةِ جَـزاؤهُـمْ عِــنْدَ رَبِّهِــمْ جَـنَّـاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ خـالِـدينَ فيهَـا أَبَداً رَضـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَ رَضـوا عَـنْهُ ذَلِـكَ لِـمَـنْ خَـشـيَ رَبَّهُ )[ البينة 7 / 8 ] .

وَ الملائِكَـةُ الأبْرارُ مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ وَ حَوْلَهُ ، يَدْعونَ اللهَ تعالى أنْ يُدْخِلَ التائِبينَ في جَنَّاتِ عَـدْنٍ : ( الـذينَ يَحْـمِـلُـونَ الـعَـرْشَ وَ مَـنْ حَـوْلَـهُ يُسَـبِّحُـونَ بِحَـمْـدِ رَبِّهِـمْ وَ يُـؤْمِـنونَ بِهِ وَ يَسْـتَغْـفِرونَ لِلَّـذينَ آمَـنوا رَبَّنَا وَسِـعْـتَ كُـلَّ شَـيْءٍ رَحْـمَـةً وَ عِـلْمَـاً فَاغْـفـِرْ لِلَّـذينَ تَابوا وَ اتَّبَعُـوا سَـبيلَـكَ وَ قِـهِـمْ عَـذابَ الـجَـحـيمِ، رَبَّنَا وَ أَدْخِـلْـهُمْ جَـنّـَاتِ عَـدْنٍ الـتي وَعَـدْتَهُمْ وَ مَـنْ صَـلَـحَ مِـنْ آبائِهِـمْ وَ أَزْواجِـهِـمْ وَ ذُريَّاتِهِـمْ )[ غافر 7 ] ، إذاً في جَنّاتِ عَدْنٍ يَلْتَمُّ شَمْل العائِلَة الواحدّة سَواءً كانوا ظالِمي أنْفُسِهِمْ أمْ مُقْتَصِدونَ أمْ سَابقونَ بالخَيْراتِ : ( الـذينَ اصْـطـفَيْنَا مِـنْ عِـبَادِنَا فَـمِـنْهَـمْ ظَـالِـمٌ لـِنَفْـسِـهِ وَ مِـنْهُـمْ مُـقْـتَصِـدٌ وَمِـنْهُـمْ سَـابِقٌ بالـخَـيْراتِ بِإذْنِ اللَّهِ ذَلِـكَ الـفَـضْـلُ الـكَـبيرُ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ يَـدْخُـلُـونَهـَا يُحَـلَّوْنَ فِـيهَـا مِـنْ أَسَـاوِرَ مِـنْ ذَهَـبٍ وَ لُـؤْلُـؤاً وَ لِـبَاسُـهُـمْ فيـهَـا حَـريرٌ )[ فاطر 32 / 33 ] ، مُـقْـتَصِـدٌ : خَلَطَ عَمَلاً صَالِحـاً وَ آخَرَ سَيِّـئاً ، فالزينَةُ مِنَ الذَهَبِ وَ اللؤلؤ وَ اللباسُ حريرٌ : ( وَ مَـنْ يَأْتِهِ مُـؤْمِـنَاً قَـدْ عَـمِـلَ الـصَـالِـحـاتِ فَأُولَـئِـكَ لَـهُـمُ الـدَرَجَـاتُ الـعُـلـى جَـنَّاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فيهَـا )[ طـه 75 ] ، ( إنَّ الـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلوا الـصَـالِـحَـاتِ إنَّا لاَ نُـضِـيعُ أَجْـرَ مَـنْ أَحْـسَـنَ عَـمَـلاً أُولَـئِـكَ لَـهُـمْ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ يُحَـلَّـوْنَ فِـيهَـا مِـنْ أَسَـاوِرَ مِـنْ ذَهَـبٍ وَ يَلْـبَسُـونَ ثِياباً خُـضْـراً مِـنْ سُـنْدُسٍ وَاسْـتَبْرَقٍ )[ الكهف 30/ 31 ] ، سُـنْدُسٍ : قماش رقـيق ، اسْـتَبْرَقٍ : قماش سـميك .

لغة القرآن الكريم العربية وفيه 275 مصطلحا أجنبيا

( أنْـزَلْـناهُ حُـكْـمَـاً عَـرَبيّـاً )[ الرعد 37 ] :

إنَّ لُغَةَ القُرْآنِ الكَريمِ هيَ اللغَةُ العـربيّةُ : ( بِلِـسَـانٍ عَـرَبِيٍّ مُـبيـنٍ)[ الشعراء 195 ]، ( وَهَـذا كِـتَابٌ مُـصَـدِّقٌ لِـسَـاناً عَـرَبيّاً)[ الأحقاف 12 ] ، ( قُـرْآناً عَـرَبيّـاً غَـيْرَ ذي عِـوَجٍ ) [ الزمر 28 ] ، ( وَ كَـذَلِـكَ أوْحَـيْنـا إلَـيْـكَ قُـرْآناً عَـرَبيّـاً )[ الشورى 7 ] ، ( إنّا جَـعَـلْـناهُ قُـرْآناً عَـرَبيّـاً )[ الزخرف 1 ] ، ( إنّا أنْزَ لْـناهُ قُـرْآناً عَـرَبيّاً )[ يوسف 3 ] ، ( كِــتَابٌ فُصِّـلَـتْ آياتُهُ قُـرْآناً عَـرَبيّـاً )[ فصلت 3 ] ، ( وَ كَـذَلِـكَ أنْزَلْـناهُ حُـكْـمَـاً عَـرَبيّـاً )[ الرعد 37 ] ، ( وَ كَـذَلِـكَ أَنْزَلْـناهُ قُـرْآناً عَـرَبيّـاً )[ طـه 113 ] ، ( وَ إنَّهُ لَـذِكْـرٌ لَـكَ وَ لِـقَوْمِـكَ )[ الزخرف 44 ] ، أيْ أَنَّ الصيغَةَ البلاغيَّةَ تَفْهَمُها أنْتَ وَ قوْمَكَ .

وَ مَعَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَخْدَمَ أكْثَرَ مِنْ / 275 / مُصْطَلَحَاً مِنَ اللغَاتِ وَ الثَقافاتِ الأخْرى ، كَدليلٍ على الانْفِتاحِ على [ ثَقَـافَةِ الآخَـرِ ] ، وَ مِنْ هذِهِ المُصْطَلَحَـاتِ التي ذَهَبَتْ للثَقَافاتِ الأُخْرى ، قَبْلَ أنْ يُعِيدَهَا القُرْآنُ للعَـربيَّةِ ، مثال :

الطُـورْ : كَلِمَةٌ سِـرْيانيّةٌ بِمَعنى جَبل صَغير : ( وَالـطُـورِ وَ كِــتَابٍ مَـسْـطُـورٍ )[ الطور 1 /2 ] ، الرقيـم : كَلِمَةٌ روميّـةٌ بِمَعنى لَـوْح : ( أصْحَابَ الـكَـهْـفِ وَ الـرَّقـيـمِ )[ الكهف 9 ] وَ مِنْهُ كَلِمَةُ الرُقُمِ الأثَريّة ، سُـورة : كَلِمَةٌ سِـرْيانيّةٌ بِمَعنى فَصْـل : ( سُــورَةٌ أنْزَلْـنَاهَـا وَ فَـرَضْـنَاهـَا )[ النـور 1 ] ، جَهَـنّم : كَلِمَةٌ فارسـيّة بِمَعنى القَعْر البعيد : ( إنَّ جَـهَـنَّـمَ كَــانَتْ مِـرْصَــاداً )[ النبـأ 21 ] ، وَ غَـيْرِهَا مِنْ مُصْطَـلَحَاتِ وَ ثَقَافات الشُـعُوبِ الأخْرى .

(الطـيّبات للطـيّبين والطـيّبون للطـيّبات)[ النور 26 ] :

قال تعالى : ( الخـبيثات للخـبيثين والخـبيثون للخـبيثات و الطـيّبات للطـيّبين و الطـيّبون للطـيّبات أولئـك مـبرّؤون مـمّـا يقولون )[ النور 26 ] ، يعتقد الكثيرون أنّ الآية الكريمة تتكلّم عن النسـاء و الرجال و علاقة الزواج بينهمـا، فلو كان هذا التفسـير صحيحاً لتعارض مع قولـه تعالى : ( ضـرب اللـه مثـلاً للّـذين كـفروا امـرأة نـوح و امـرأة لـوط كـانتا تحت عـبدين من عـبادنا صـالحـين فخـانتاهمـا ... و ضرب الله مثـلاُ للّذين آمنوا امرأة فرعون إذْ قالتْ ربّ ابن لي عـندك بيتاً في الجنّة و نجّـني من فرعـون و عملـه ) [ التحريم 10 / 11 ] ، إنّ الآية الكريمة في سـورة النـور تتحدّث عن [ الكلمات الطـيّبة ] و [ الكلمات الخبيثـة ] و ليس عن النسـاء، و هـذا واضـح من نهـاية الآيـة : ( أولئـك مـبرّؤون مـمّا يقولون ) ، أي أنّ الإنسـان الطـيّب لا يقول إلاّ الكلمات الطـيّبة ، و الإنسان الخبيث لا يقول إلاّ الكلمات الخبيثة، و قـد كانت الآيات السـابقة لهذه الآية تتحدّث عنْ [ قذْف المؤمنات المحصـنات ] ، و القرآن الكريم تحدّث في مواضـع أخرى عن [ الكلمة الطـيّبة ] و [ الكلمة الخبيثة ] ، فقال تعالى : ( ألـمْ تـرَ كـيف ضـرب الله مثلاً كـلمةً طـيّبةً كشـجرة طـيّبة .... و مثـل كلـمة خـبيثـة كشـجرة خـبيثة )[ إبراهيم 24 ] ، و قال : ( إلـيه يصـعد الكـلِم الطـيّب )[ فاطر 10 ] ، ( وهُـدوا إلى الطـيّب من القول )[ الحج 24 ] .

و الإنسـان إذا اعتاد على قول الكلمات الطـيّبة يكون [ طـيّباً ] ، و تكون لحظات موتـه هي لحظـات سـعادة ، قال تعالى ( الذين تتوفّاهـم الملائكـة طـيّبين يقولون سـلامٌ عليكـم) [ النحل32 ] ، لذلك أوصانا تعالى أنْ نقول للناس أحسن الكلمات فقال : ( و قـلْ لـعبادي يقولوا التي هي أحـسن )[ الإسـراء 53 ] ، فمن كان يريد أنْ تكون لحظات موتـه لحظات سـعادة عليه أنْ ينفّذ أمر الله تعالى و يقول للناس جميعـاً القول الحسـن فقال تعالى : ( و قولوا للناس حسـناً )[ البقرة 83 ] .

 

كـل هـذا و اللـه أعْـلـم .

Email