الفكرة نبعت من طاولة مطعم

غزة تغزل الحياة بأمسيات فرح

ت + ت - الحجم الطبيعي

على أنغام أغنية المطرب سيد مكاوي«يا ليل طول شوية، على الصحبة الحلوة ديّ»، علا صوت احد المغنين ضمن فرقة موسيقية أحيت ليلة طربية في أحد مطاعم غزة على شاطئ البحر، والمدينة التي فقدت بعضاً من ملامح الأجواء الاجتماعية خلال رمضان تحديداً، تحاول أن تنهض من جديد، وسط الركام والزحام وأنهر الصيام، لتغازل الحياة، فالجميع يحبون الحياة ويبحثون عن الأفضل. وباختصار فإن غزة تغازل الحياة عبر أمسيات مترعة بالشجن والحنين عل أهلها ينسون ليالي المحن والأنين وما سكب من دمع سخين.

ومطعم روزا كان صاحب الفكرة بتنظيمه سهرة فنية اجتماعية استقطبت الكثير من شرائح المجتمع، ولبى الدعوة عدد كبير من المواطنين، وليس غريبا على المجتمع الغزي أن تجتمع فيه الثقافة والفن والطرب الأصيل في سهرة رمضانية، علما أن الظروف السياسية أجبرت كافة الفعاليات على التنحي جانبا لتحل محلها أخبار الدمار والشهداء. وبجانب مطعم روزا تكثر الفنادق والمطاعم التي تقوم بعضها بإحياء سهرات رمضانية، ونظرا للموقع الجيد على شاطئ البحر فان هذه الأماكن تأخذ حصة الأسد من الإقبال من قبل المواطنين عليها.

وكانت غزة تفتقر لإحياء مثل هذه السهرات، إذ حالت الظروف السياسية والحروب دون ذلك بل جعلت من المستحيل تنظيم أي فعالية، وفي العام الحالي حاول الجميع الخروج من الحالة النفسية الصعبة التي عاشوها بعد عدوان شديد ليكملوا حياتهم نحو الأفضل.

واعتبر احمد السعدي صاحب أحد المطاعم الكبيرة في القطاع أن إحياء السهرات ضرورة ملحة، ومن الضروري التجديد في الحياة، ولن يكون كل يوم، ولكن نحرص على تنظيمها، ونلمس إقبالا كبيرا من قبل العائلات الفلسطينية. ونحاول تخفيض أسعار المشروبات والمرطبات والحلويات وكل ما هو موجود، حتى نشارك الناس همومهم ونخفف عنهم.

ترويح وترويج

جاء الشاب احمد عواد برفقة زوجته وشقيقته لحضور الأمسية الفنية، ويؤكد أنه ولأول مرة يلبي دعوة لسهرة رمضانية، ولم يتوقع أنها بهذا الزخم الرائع من الطرب الأصيل وبعض الأغاني الوطنية الثراثية. وأوضح:« نفتقد فعلا لمثل هذه السهرات، فهي تستقطب الجميع، وفرصة أيضا لترويح النفس، والترويج للمدينة ونحن في غزة لا توجد لدينا أماكن عدة لتغيير الأجواء، ومحرومون من السفر، وهذه السهرات اقل شيء يجب أن يتم تنظيمها دائما.

وتوافقه الرأي سامية القن أن غزة تحب الحياة، ومن حقها أن تفرح، يكفينا قرع طبول الحرب وانتظار ما هو آت، نريد أن نحيا كباقي الشعوب حياة طبيعية. وعبرت عن سعادتها لحضورها السهرة : الأجواء جميلة ورائعة خاصة والمكان مقابل للبحر، نتنفس هواء نقيا وراحة، حتى أغاني الطرب الأصيل وكأنها كانت تحاكي انفسنا وتدعونا إلى الحياة من جديد، سألبي أكثر من دعوة لمثل هذه السهرات برفقة أسرتي، فلا ضرر من تغيير نمط حياتنا، تعبنا كثيرا من الدمار والموت، نريد أن نعيش ونحيا.

ذكريات المحبين

الستينية أم سالم الحاوي بدت عليها مظاهر الانسجام وهي تحاول ترديد ما يغنيه المطرب لأغنية أم كلثوم بعيد عنك حياتي عذاب، تقول: هذه السهرة أرجعتني إلى ذكريات جميلة، حين أهداني زوجي الأغنية بعد ان تقدم لخطبتي، وأنا سعيدة جدا، نسيت همومي وكافة المشاكل واردت أن استرجع أجواء زمان وذكريات زمان«. وبجوارها كان يجلس زوجها أبو سالم هو أيضا كان سعيدا لاستعادته ذكرياته مع زوجته في بداية حياتهما: أشعر وكأننا في أيام الخطوبة، فأنا أهديتها هذه الأغنية وبعض الأغاني التي غناها المطرب،ويكمل: بدأت أنا وزوجتي استذكار اجمل اللحظات وأروعها، كانت أياماً جميلة،هذه الحفلة الطربية رجعتني لزمان وأعادت لقلبي الجراح والأشجان.

ويرى الشاب علاء شامي والذي لبي دعوة أحد المطاعم على شاطئ البحر، أن مثل هذه السهرات جيدة، وتجدد الحياة والروح، وتبعث الأمل في النفوس: نحن نعشق الحياة، لماذا نجعل حياتنا فقط للموت والدمار، لن ننسى ما حصل ولكن نحن بشر نريد استخدام حقنا في الحياة، وعلينا ألا نجلد انفسنا كثيرا، فقد أصابنا الكثير من الألم، إلا أن الحياة مستمرة، وهذه فرصة للخروج من الواقع المظلم لغزة.

إقبال متنوع

اللافت أن الإقبال على حضور السهرات الرمضانية كان كبيرا من مختلف الأعمار حتى من بعض كبار السن، فالمكان ليس من الأماكن التي تعتبر باهظة الثمن، فهو في متناول الجميع، فهم أتوا ولم يفكروا سوى اقتناص لحظات فرح كانوا بحاجة لها خاصة ونحن على أبواب الذكرى الأولى للعدوان الأخير.

Email