توزيع الفطرة.. ذكريات تستعيد حياة "الفريج"

ت + ت - الحجم الطبيعي

 ترتبط الأيام الأخيرة من شهر رمضان، بعادات وطقوس جميلة، درجت لدى البعض في شريط الذكريات، ومن هذه العادات توزيع «فطرة» رمضان التي ظل يتشارك فيها الصغار والكبار.

وينطلقون بفرح وبهجة يطرقون أبواب منازل الجيران ليعطوهم ما جادت به أيادي أسرهم. ذلك ما قاله عادل سعيد رب أسرة، الذي أضاف ان توزيع الفطرة على المنازل، تحول اليوم إلى مجرد ذكريات جميلة تتبادر إلى أذهاننا كلما اقتربت نهاية شهر الخير، حيث كان الأطفال يخرجون في أوقات مختلفة يحملون التمر أو الأرز أو الدقيق الذي يوضع في أكياس متساوية، ليوزع على منازل «الفريج»، وفي تلك الأيام، لا تتوقف الطرقات على الباب، وتتكدس الأكياس في المنزل الواحد.

استحضار الأسماء

وأضاف ان الأبناء كانوا ينتظرون هذه اللحظة بشغف، فبعد أن يبدأ رب الأسرة توزيع زكاة الفطر، أو المتعارف عليها بـ «الفطرة» في أكياس متساوية، تستحضر الأم منازل «الفريج» بالأسماء، وتبدأ بإرسال أبنائها إلى هذه المنازل حيث ينطلقون بسرعة ليتسنى لكل واحد منهم، توزيع أكبر عدد من هذه الأكياس، مشيراً إلى أن الأبناء غالباً ما يعودون محملين ببعض العصائر والحلويات أو المأكولات التي يقدمها أصحاب المنازل التي قصدوها لتوزيع «الفطرة».

أما علي محمد رب أسرة، فقال إن توزيع الفطرة مرتبط بأجواء خاصة تميز شهر الصوم، وتحمل في طياتها العديد من المعاني التي لا بد من التأمل فيها، فهي صورة من صور التكاتف والتواصل، مشيراً إلى أن بعض الأسر قد لا يكون لديه أبناء حاضرون لتوزيع الفطرة، فتستعين بأبناء الجيران أو عند حضور أحدهم لتوزيع فطرة أسرته، يُعطى الفطرة ليحملها إلى منزله.

قبل العيد

وأوضح أن توزيع الفطرة لا يقتصر على الأرز أو الدقيق أو التمر، وكان هناك من يحرص على إخراج زكاة الأبدان من المال، فيما يسعى البعض إلى جمع زكاة منازل «الفرجان» وتوزيعها مجتمعة على من هم بحاجة إليها، أو نقلها إلى المناطق التي تكتظ بالعمالة أو الفئات التي تحتاج إلى المؤن الغذائية أو المال في فترة ما قبل العيد.

وأشار إلى أن طريقة توزيع زكاة الفطر اختلفت في السنوات الأخيرة بقصد إيصالها إلى أكثر الناس حاجة لها عن علم ودراية، عبر الاستعانة بالجمعيات الخيرية وشراء قسائم الزكاة منها غالباً، وهو ما ساهم في تخلي الناس عن تبادل الزكاة أو الفطرة كما كان في السابق.

منازل الفريج

وفي السياق ذاته؛ أشار عبدالله ناصر رب أسرة، إلى أن زكاة الفطر كانت لها فرحة خاصة عند الأبناء، الذين يتنافسون في توزيعها، إذ يختار كل منهم عدداً من منازل «الفريج»، وعند وصوله إلى البيت يقرع الباب ويخبر أهل المنزل بأنها من بيت «فلان الفلاني»، لافتاً إلى أن البيوت إذا كانت بعيدة عن بعضها، فإن ذلك يفرض على رب الأسرة، وضع الفطرة في سيارته وحمل أبنائه، ثم التوقف أمام كل منزل، ليهرع الأبناء في تسليم الفطرة إلى أصحابها.

تنافس

من المواقف الجميلة التي يذكرها عبد الله ناصر منذ سنوات، حينما جمع أبناءه لتوزيع زكاة الفطر بعد صلاة التراويح، وطلب منهم حمل كيس واحد وتوصيله إلى أحد البيوت، ومن ثم العودة مرة أخرى لحمل كيس آخر، فلاحظ أحد أبنائه لا يمكث سوى دقائق قليلة ثم يعود مسرعاً، فشك في أمره وبدأ يراقبه فوجده يخزّن الأكياس في إحدى زوايا «سكة الفريج»، فسأله عن سبشب ذلك، فأخبره الابن أنه يريد أن ينافس أشقاءه بالحصول على أكبر كمّ من الأكياس وتوصيلها إلى البيوت.

Email