قيمة برامج الهيئة السنوية تتجاوز حالياً نصف مليار درهم

الهلال الأحمـــــــر.. قلب العطاء النابــــــــض إلى العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

اليوم؛ وقد رسمت دولة الإمارات خطوطاً عريضة في سجل الخير والبذل والعطاء للإنسانية جمعاء، لم تكن تقصد من وراء ذلك، أن تصبح مثالاً أو رقماً صعباً، وقد صار لها ذلك وهو حق. الواقع يؤكد بالشواهد والحقائق.. ما أكثر مؤسسات الخير في إماراتنا السبع، وما أوفر نصيب الإنسانية من عطاء رسمي وشعبي.. ذلك نهج لم يدرسه الطلبة أو يقرأه الآباء والأمهات، إنه فطرة وُجد عليها أهل البلاد حكومة وشعباً، فصار جسراً عالمياً يُضاء بنور أيادي العطاء البيضاء.. في هذه المساحة المتكررة في شهر رمضان المبارك، سنعرض غيضاً من فيض العطاء لمؤسسات الخير المنتشية بالولاء للإنسانية وحسب.

المشاريع الخيرية والإنشائية والتنموية وما يتعلق بإعادة الإعمار، التي تنفذها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في الدول المنكوبة والمتأثرة بفعل الكوارث والأزمات، تساهم بقوة في تأهيل البنية التحتية والارتقاء بالمرافق الحيوية وإزالة آثار الخراب والدمار الذي تخلفه تلك الكوارث، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والإسكان والمرافق العامة المرتبطة مباشرة بقطاعات واسعة من الجمهور، وعادة ما تبدأ الهيئة في تنفيذ مشاريعها التنموية في الدول المنكوبة عقب عمليات الإغاثة العاجلة والطارئة للضحايا والمتأثرين، وتأتي هذه المشاريع كخطوة لاحقة لبرامج الإغاثات الإنسانية للمساهمة في إعادة الحياة إلى طبيعتها في الأقاليم المتضررة، وتوفير الظروف الملائمة لاستقرار المتأثرين والمشردين بفعل تلك الكوارث والأزمات.

التداعيات الإنسانية

الدكتور محمد عتيق سلطان زايد الفلاحي الأمين العام لهيئة الهلال الأحمر يقول في هذا الصدد: إن الهيئة حققت خلال الفترة الماضية الكثير من الإنجازات على الصعيد الإنساني محلياً وإقليمياً ودولياً، ووصلت مساعداتها وبرامجها ومشاريعها التنموية إلى عشرات الدول في أفريقيا وآسيا وبعض الدول الأوربية، وسجلت الهيئة حضوراً مكثفاً على الساحة الإنسانية الدولية، وواكبت برامجها حجم التداعيات الإنسانية التي خلفتها الكوارث الطبيعية والأزمات حول العالم، وذلك بفضل توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومتابعة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس هيئة الهلال الأحمر.

كانت انطلاقة الهيئة في يناير 1983، ومنذ ذلك الوقت فقد تميزت في دعمها ومساندتها لضحايا الكوارث والأزمات، وتجلى ذلك بوضوح في برامجها الإغاثية التي نفذتها في ذلك الوقت للمتضررين من الزلزال الذي ضرب اليمن، ومساندتها القوية لضحايا القحط والجفاف في السودان وأريتريا، ومكافحة وباء الكوليرا في الصومال وموريتانيا عامي 1984 و1985، وتوالت مبادرات الهيئة حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن من ريادة وتميز وسط نظيراتها في الحقل الإنساني. وبالنسبة للميزانية فكما هو معلوم فإن ميزانية الهيئة متحركة وليست ثابتة، وتعتمد على حجم الكوارث التي تلحق بالشعوب من وقت إلى آخر، وتقديرياً تتجاوز قيمة برامج الهيئة السنوية حالياً النصف مليار درهم.

سرعة الانتشار

حالياً وكما يوضح الفلاحي، تنتشر فروع الهيئة على مستوى الدولة، وتتواجد في كل من أبوظبي والعين والمنطقة الغربية ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة، إلى جانب عدد من المكاتب الأخرى في بعض مدن الدولة، وللهيئة مكاتب خارجية في كل من الصومال واليمن وفلسطين وإندونيسيا وأفغانستان وباكستان وكازاخستان ولبنان والبوسنة وألبانيا. وفي الدول التي تحظى بمكاتب للهيئة، يتم التنسيق مع المكتب والجمعية الوطنية (الهلال الأحمر أو الصليب الأحمر) في البلد المعني، وسفارة الدولة هناك، إلى جانب البعثات الإقليمية للاتحاد الدولي لجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر، ومنظمات الأمم المتحدة الإنسانية مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وبرنامج الغذاء العالمي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وغيرها من المنظمات الأخرى.

وداخل الدولة هناك برامج دائمة تعمل الهيئة على دعمها ومساندتها نظراً إلى حيويتها وأهميتها بالنسبة للمستفيدين من خدماتها، كالصحة والتعليم والبرامج التي تخص الأيتام والمعاقين والمسنين والفئات الأشد ضعفاً، إلى جانب رعاية الأسر المتعففة وتلبية متطلباتها.

ومن المشاريع الاستراتيجية الحيوية المحلية مشروع (حفظ النعمة) الذي يختص بتدوير الفائض من الوجبات الغذائية للمناسبات والأفراح التي تقيمها الأسر والفنادق وتوزيعها على الأسر المتعففة والشرائح الضعيفة، خاصة الفئات العمالية التي تقيم في مجمعات سكنية حول المدن الرئيسية، وقد طُبق هذا المشروع في أبوظبي وسيعمم على مستوى الدولة.

شهر العطاء

 

لأن رمضان من أعظم الشهور وأكثرها رحمة ومودة، وفيه تتجلى مظاهر التكافل والتراحم بين الناس، وتتعاظم أعمال الخير والبر في كل ساعاته، فإن هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تسعى دائماً خلال هذا الشهر الكريم إلى تعزيز هذه القيم السمحة من خلال إتاحة الفرصة للخيرين والمحسنين لمساندة إخوانهم في الإنسانية، والمشاركة في البرامج الرمضانية التي تنفذها الهيئة كإفطار الصائم وكسوة العيد وزكاة الفطر، وتوسيع مظلة برنامج كفالة الأيتام.

وفي هذا الجانب يؤكد الفلاحي أن التعاون القائم بين أفراد المجتمع الإماراتي يتجلى بأبهى صوره في هذا الشهر الكريم، إذ يبادر الجميع في تقديم كافة أشكال وصور العون والمساندة المادية والمعنوية لكل محتاج أو فقير، ونستطيع القول إن شهر رمضان هو شهر العطاء والمودة والرحمة والبذل والإحسان، وفيه تجتمع كل السمات الإنسانية المفرحة. خاص خاص خاص

يقول الدكتور محمد عتيق الفلاحي إن هيئة الهلال الأحمر الإماراتي توفر خارجياً الكثير من المشاريع التنموية والاستراتيجية التي تنفذها الهيئة في العديد من الدول في مجالات حيوية كالإسكان والمرافق الصحية والتعليمية والخدمية الأخرى، وقد أقامت الهيئة عدداً من المدن السكنية في المناطق التي دمرتها الكوارث كالزلازل والفيضانات والأزمات الأخرى.

وعلى سبيل المثال لا الحصر أنشأت الهيئة مدناً سكنية في الدول المتأثرة من كارثة تسونامي مثل إندونيسيا وسيرلانكا، إلى جانب العديد من المدن السكنية الأخرى في فلسطين وباكستان وأفغانستان وغيرها، والتعاون قائم مع سفارات الدولة في الخارج من خلال شراكة استراتيجية معها، وهي مساندة لنا دائماً وتقدم دعمها اللوجستي وكافة التسهيلات لوفود الهيئة خلال مهامها الإغاثية والإنسانية حول العالم. وبالنسبة لنشاط الجمعيات الأخرى فهو لا يتعارض قطعياً مع جهود الهيئة، وجميعنا نكمل بعضنا البعض، ونحقق الأهداف الخيرة لدولة الإمارات ونعزز دورها على الساحة الإنسانية الدولية.

إنجازات تستحق الذكر

 

في فلسطين، نجحت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في إنجاز العديد مشاريع إعادة الإعمار التي تضمنت بناء مخيم جنين، وإنشاء ضاحية الشيخ زايد في القدس، وإنشاء الحي الإماراتي في رفح، وبناء 100 وحدة سكنية في الضفة الغربية، والمساهمة في البنية التحتية لجامعة الأقصى، وإعادة ترميم منازل بيت حانون في غزة، وإنشاء مدرسة ثانوية في مخيم سبينية للاجئين في سوريا، ومشروع بناء مخيم النيرب في سوريا، ومخيمي نهر البارد والبرج الشمالي في لبنان، إلى جانب مشروع بناء مساكن حي شعفاط في القدس، ومشروع إعمار وترميم المســـجد الأقصى والمقدسات الدينية.

وفي ما يخص المشاريع الصحية، فقد تضمنت إنشاء وتجهيز مستشفى الشيخ زايد، والمستشفى الميداني الإماراتي الأردني في رام الله، ومستشفى الشيخة سلامة بنت بطي للعيون في نابلس، ومستشفى رفح الخيري في غزة، وتجهيز قسم العمليات بمستشفى يافا الخيري، وتجهيز مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني بالخليل، وتجهيز عيادة الهيئة داخل المسجد الأقصى، إلى جانب دعم عدد من المستشفيات الفلسطينية الأخرى في الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى إمداد المؤسسات الصحية الفلسطينية بعدد كبير من سيارات الإسعاف.

فلسطين محور الاهتمام

 

لاشك أن أزمة الغذاء العالمية وارتفاع أسعاره، إلى جانب الأزمة المالية، قد أثرت وبقوة في أوضاع الكثير من الشعوب حول العالم، وأرهقت كاهل العديد من الدول التي تجد صعوبة كبيرة في توفير متطلبات شعوبها، خاصة تلك التي تعاني من شح الموارد وقلة الإمكانيات، لذلك اتسعت رقعة الدول التي تحتاج إلى المساعدة سواء في آسيا أو أفريقيا، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه فستستفحل الأزمة أكثر فأكثر، وتنضم دول جديدة إلى نظيراتها الأكثر حاجة للمساعدة.

وبالنسبة لفلسطين، كما يقول الفلاحي، فهي كانت وستظل محور اهتمام هيئتنا الوطنية، نسبة إلى الظروف الإنسانية السائدة على أرضها منذ عشرات السنين، ومعاناة شعبها التي طالت نتيجة ظروف الاحتلال التي يعلمها الجميع، لذلك عملت الهيئة بقوة على الساحة الفلسطينية في جميع المجالات الإغاثية والتنموية والإنسانية، وهناك العديد من المشاريع التي نفذتها الهيئة في قطاع غزة والضفة الغربية، ورأت النور بفضل توجيهات القيادة الرشيدة ودعم المحسنين والخيرين.

العمل التطوعي.. محور ارتكاز فعال لجهود ومبادرات الهيئة

 

من الأهداف التي يبني عليها الهلال الأحمر الإماراتي، العمل التطوعي الذي يدعو إلى دعم ومساندة المجتمع على الصعيد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، بصورة فردية أو من خلال جماعات تابعة للهلال، لتقديم الخدمات والمساعدات في شتى المجالات، وتلبية احتياجات اجتماعية ملحة أو خدمة قضية من القضايا التي يعاني منها المجتمع عبر هيئة الهلال الأحمر والمتطوعين المنتسبين إلى الهيئة.

وفي الوقت الراهن ينبه المجتمع الدولي الجمعيات الوطنية إلى ضرورة إعطاء الأولوية للمتطوعين، والاهتمام بشؤونهم، ووضع السياسات وتحديد الإجراءات، وتطبيق قواعد السلوك التي من شأنها أن تحافظ على الموارد البشرية وتؤهلها لخدمة الإنسانية، وقد تجاوزت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تلك المرحلة بخطوات عملية، منذ إنشاء إدارة مختصة بشؤون المتطوعين في بداية 2000م، لتعنى بشؤون الكوادر التطوعية بمختلف فئاتهم ومراحلهم العمرية، وتؤهلهم لمساندة برامج وأنشطة الهيئة في مختلف الظروف والميادين.

والهدف الاستراتيجي لهذه الادارة هو، نشر وإرساء ثقافة التطوع لزيادة وتشجيع دور أفراد ومؤسسات المجتمع في العمل التطوعي. ودائماً ما يدعو الهلال الأحمر المتطوعين من الطلاب والطالبات والعاملين وغير العاملين من أفراد المجتمع في القطاع الحكومي أو الخاص على السواء، ضمن خطة توزيع الأدوار التطوعية، سواء كانت لـ«الهلال الطلابي» أو «الهلال الجامعي» أو المتطوعين في العمل التطوعي الذي يشمل جميع أفراد المجتمع من الذكور والإناث العاملين وغير العاملين في القطاعين الحكومي أو الخاص.

ويسهم معظم المتطوعين في العمل بالمشاريع الخارجية الإنشائية مثل صيانة وبناء المنازل والمساجد والمدارس، والمساعدة في إعادة الإعمار التي تنفذها هيئة الهلال الأحمر في الدول المنكوبة والمتأثرة بفعل الكوارث والأزمات، و إزالة آثار الخراب والدمار الذي تخلفه تلك الكوارث، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والإسكان والمرافق العامة المرتبطة مباشرة بقطاعات واسعة من الجمهور، وغيرها من أعمال الإغاثة والمساعدة على المستوى الخارجي.

Email