الأثل شجرة أهل سبأ

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت سبأ دار ملوك اليمن وأهلها، وكانوا في نعمة وغبطة في بلادهم وعيشهم، واتساع أرزاقهم وزرعهم وثمارهم، وبعث اللّه تبارك وتعالى إليهم الرسل تأمرهم أن يأكلوا من رزقه ويشكروه بتوحيده وعبادته، فكانوا كذلك، ثم أعرضوا عما أمروا به، فعوقبوا بإرسال السيل والتفرق في البلاد، وكان من أمر السد أنه كان الماء يأتيهم من بين جبلين، وتجتمع إليه أيضاً سيول أمطارهم وأوديتهم، فعمد ملوكهم الأقادم، فبنوا بينهما سدا عظيماً محكماً، حتى ارتفع الماء، وبلغ حافات الجبلين، فغرسوا الأشجار، واستغلوا الثمار حتى أصبحت جنة.

اعتدال الهواء

ومن شدة خصوبة أراضي سبأ ذكر العلماء أن المرأة كانت تمشي تحت الأشجار وعلى رأسها مكتل أو زنبيل - وهو الذي تخترف فيه الثمار - فيتساقط من الأشجار في ذلك ما يملؤه، من غير أن يحتاج إلى كلفة ولا قطاف، لكثرته ونضجه واستوائه، وكان هذا السد بمأرب (مأرب بلدة بينها وبين اليمن ثلاث مراحل ويعرف هذا السد بسد مأرب) ، ويذكر أنه لم يكن ببلدهم شيء من الذباب ولا البعوض ولا البراغيث ولا شيء من الهوام، وذلك لاعتدال الهواء وصحة المزاج، وعناية اللّه بهم ليوحدوه ويعبدوه.

وقال تبارك وتعالى: { لقد كان لسبأ في مسكنهم آية} ثم فسرها بقوله عزَّ وجلَّ { جنتان عن يمين وشمال} أي من ناحيتي الجبلين والبلدة بين ذلك، { كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور} أي غفور لكم إن استمررتم على التوحيد، وقوله تعالى: { فأعرضوا} أي عن توحيد اللّه وعبادته وشكره على ما أنعم به عليهم، وعدلوا إلى عبادة الشمس من دون اللّه كما قال الهدهد لسليمان عليه الصلاة والسلام: { وجئتك من سبأ بنبأ يقين . إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم . وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون اللّه وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون}.

سيل العرم

قال تعالى: { فأرسلنا عليهم سيل العرم} المراد بالعرم المياه، وقيل: الوادي، وقيل: الماء الغزير، وذكر غير واحد منهم ابن عباس وقتادة والضحاك: أن اللّه عزَّ وجلَّ لما أراد عقوبتهم بإرسال العرم عليهم بعث على السد دابة من الأرض، يقال لها الجرذ، نقبته، وانساب الماء في أسفل الوادي، وخرب ما بين يديه من الأبنية والأشجار وغير ذلك، ونضب الماء عن الأشجار التي في الجبلين عن يمين وشمال فيبست وتحطمت، وتبدلت تلك الأشجار المثمرة الأنيقة النضرة، كما قال تبارك وتعالى: { وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط}.

وقال ابن عباس ومجاهد: هو الأراك وأكلة البربر، { وأثل} هو الطرفاء، وقال غيره: هو شجر يشبه الطرفاء، وقيل: هو الثمر، وقوله: { وشيء من سدر قليل} لما كان أجود هذه الأشجار المبدل بها هو السدر، قال { وشيء من سدر قليل} فهذا الذي صار أمر تلك الجنتين إليه، بعد الثمار الناضجة والمناظر الحسنة والظلال العميقة والأنهار الجارية تبدلت إلى شجر الأراك والطرفاء والسدر ذي الشوك الكثير والثمر القليل، وذلك بسبب كفرهم وشركهم باللّه وتكذيبهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل، ولهذا قال تعالى: { ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور} أي عاقبناهم بكفرهم، قال مجاهد: ولا يعاقب إلا الكفور.

شجرة الأثل

هي شجرة متوسطة الارتفاع دائمة الخضرة أوراقها صغيرة حرشفية الشكل، أزهارها بيضاء إلى قرمزية ويوجد من الأثل عدة أنواع متوسطة الحجم، وسريعة النمو، جميلة المنظر يكثر نموها على جوانب الطرق الزراعية والأراضي السبخية والأراضي الملحية، وتكثر في مصر وبالأخص حول بركة قاردن بالفيوم، وفي عدة مناطق كثيرة بصحراء سيناء، كما تكثر هذه النبتة في المملكة العربية السعودية فهي تنبت في أي مكان، يسيل من سيقانها سائل سكري حلو المذاق، يستخدمه الأعراب في الصحراء كغذاء خلال فصل الصيف.

لقد عثر علماء الآثار على بعض قطع من أشجار الأثل في وادي قنا يرجع تاريخها إلى العصر الحجري القديم وكذلك على خشبها منذ العصر الحجري الحديث في البداري وعصر ما قبل الآسرات. أما الأغصان والأوراق فقد وجدت في مقابر مدينة منف وطيبة، وهذا يدل على ان أشجار الاثل قديمة جداً في مصر كما يؤكد كل من «هيرودت وبليني» أن الأثل موطنه الأصلي مصر وعثر العالم الآخر «انجر» على قطع كثيرة منه في مدينة الكاب، بينما تعرف العالم «شفاينفورت» على فروع كاملة في تابوت الأمير الفرعوني «كنت»، وعثر أيضا العالم «بيتري» على أجزاء هذا النبات في مقابر هوارة.

علاج الحمى

ويستخدم النبات كمليّن ومقو للناحية الجنسية وضد حالات الحمى والحروق وعلى شكل دهانات عقب عمليات الختان «الطهارة» وهذا يؤكد أن الفراعنة عرفوا الخاصية القابضة لهذا النبات.

وقد قال أيمن البيطار: «الأثل ينفع من ضعف الكبد شرباً والحكة والجرب طلاء ورماده ينفع من بروز المقعدة والبواسير وإذا طبخت أصل الشجرة بخل وشرب منه مقدار أربع أوقيات ونصف قوي الكبد ونفعه ولين أورامه، كما أنه يشفي أوجاع الأسنان».

Email