العنب ثمر أهل الجنة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ذكر العنب في القرآن الكريم إحدى عشرة مرة في جملة من النّعم التي أنعم الله بها على عباده، ومن هذه الآيات ما جاء في سورة الأنعام (وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب)، وفي سورة الرعد آية 4 (وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب)، وفي سورة النحل آية 11 (ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب).

كثرة الخير

كان يُسمى العنب سابقاً كرْماً، ثم نهى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عن تسميته بهذا الاسم، لأن العنب سابقا كان يستخدم في صناعة الخمر والنبيذ، وكان العرب يكرمون بعضهم بعضا بهذا الشراب، فكانت سبيلاً من سبل ا لكرم، ولأجل ذلك كانوا يسمون شجر العنب بالكرم، فكره النبي صلى الله عليه وسلم هذه التسمية، فقال: »الكَرْمُ قَلْبُ المُؤمِنِ« لأن هذه اللفظةَ تَدُلُّ على كثرة الخير والمنافع في المسمَّى بها، وقلبُ المؤمن هو المستحِقُّ لذلك دون شجرة العِنَب.

وقد خرّج الإمام مسلم في صحيحه من حديث وائل بن حجر - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: »لا تقولوا: الكرم، ولكن قولوا: العنب، والحبلة«، وفي هذا الحديث دليل على اجتناب الألفاظ المكروهة، فالعنب كان يتخذ شرابا خبيثا محرما، فيعصر ويخمر فيكون خمرا خبيثة، والخمر من أكبر الكبائر، وسميت بهذا الاسم لأنها تخمر العقل أي تستره.

وأثر الخمر على الإنسان هو إزالة العقل وأفضل ما في الإنسان عقله، ولهذا إذا دبت الخمر في رأس شاربها وفقد الشعور زنى ولاط وجاء بأنواع الفحش والفجور وسب وشتم ولعن الدين والمسلمين وربما اقترف الإثم مع إحدى محارمه وارتكب الموبقات وكذلك يفعل المخمور.

ومن أجل ما يترتب على شرب الخمر مما ذكرنا من الشرور حرمها كثير من الناس على أنفسهم في الجاهلية قبل بعثة الرسول، ومنهم قيس بن عاصم المتقري فقد شربها يوما فغمز ابنته وشتم والديه وضرب امرأته فلما أفاق أخبر بما صنع.

والخمر أم الخبائث تجر شاربها إلى ارتكاب الجرائم وانتهاك المحرمات، روى عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: (قال سمعت عثمان بن عفان يقول: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث إنه كان رجل فيمن خلا قبلكم يتعبد ويعتزل الناس فعلقته امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها أن تدعوه لشهادة، فدخل معها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام .

وآنية خمر فقالت: إني والله ما دعوتك لشهادة، ولكن دعوتك لتقع علي أو تقتل هذا الغلام أو تشرب الخمر فسقته كأساً، فقال: زيدوني فلم يبرح حتى وقع عليها وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر فإنه لا تجتمع هي والإيمان أبداً إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه).

ثمار الجنة

ورغم أن العنب كانت تصنع منه الخمر إلا أنه فاكهة من ثمار الجنة، وله فوائد عظيمة كما ذكره ابن القيم، وأنه من أفضل الفواكه وأكثرها منافع وهو يُؤكل رطباً ويابساً، وأخضر ويانعاً، وهو فاكهة من الفواكه، وقوتٌ من الأقوات، ودواءٌ من الأدوية، وشرابٌ من الأشربة، فهو مقوٍ للبدن، وغذاؤه كغذاء التين والزبيب.

وبالرغم من أن عناقيد العنب صغيرة جداً في الحجم فإن لديها العديد من الفوائد الغذائية منها، إذ يساعد في التخلص من الصداع النصفي، لذلك يمكن أن يستخدم كعلاج فوري له، كما أنه يساعد في علاج عسر الهضم وتهيج المعدة، ومنها أنه يحتوي على مركب يساعد على خفض مستوى الكوليسترول في الدم، وكذلك يحتوي العنب على مستويات ترطيب جيدة تساعد في علاج الربو.

تخفيف الإمساك

وللعنب أيضا تأثير رهيب في التغلب على الإمساك، فهو يعمل كملين كما أنه غني بالسكر والأحماض العضوية والتي تساعد علي تخفيف الإمساك وتليين حركة المعدة، كما أن أوراقه لها فوائد كثيرة، فقد قيل في الحكمة إن أكلته على جوع فخير الزاد، وإن أكلته على شبع فخير مهضم، وإن أكلته على ضيق فخير صديق، إن اكلته على فرح زادك سعادة، إلى غير ذلك من الفوائد العديدة .

وقد ذكرها الأطباء في كتبهم، والتي إن دلّت على شيء فإنما تدل على أن الله تعالى هو أعلم بعباده وأعلم بشفائهم وبأمراضهم، فقد ذكرت هذه الفاكهة وغيرها لتكون هذه الآيات إشارة لطيفة إلى أهمية هذه الفواكه، والتي يكتشف العلماء فوائدها يوماً بعد يوم.

Email