جميلة عبدالعزيز.. جندية مجهولة في موائد الرحمن

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كعادتها في رمضان، تنهض المواطنة جميلة عبدالعزيز في الصباح، وتستعد ليوم إنساني آخر، يتمثل بإعدادها 100 وجبة إفطار للصائمين، بمساعدة بعض الفئات المساعدة، وبتشجيع من أبنائها وأحفادها الذين يرافقونها حيناً إلى المطبخ لاستراق النظر إلى أشهى الأطباق والمأكولات، والتي تنطلق من البيت عبر سيارات النقل، إلى مواقع محددة لإفطار الصائمين، بالتنسيق مع مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية.

هذا المشهد الإنساني، يتكرر يومياً في حياة جميلة، طوال شهر رمضان، ولا تتوانى عن المشاركة سنوياً، إيماناً منها بأن مبادرة إفطار صائم حققت ولا تزال تحقق لها الكثير، انطلاقاً من اكتساب الأجر والثواب، ومروراً بسد وقت الفراغ وفتح آفاق جديدة نحو تأسيس مشاريع خاصة، ووصولاً إلى الحصول على المكافآت المالية التي ساعدت الكثير من السيدات المشاركات على معالجة الديون وصيانة البيوت وتلبية الاحتياجات الأخرى.

هدف معين

قالت جميلة عبدالعزيز إن مشروع إفطار صائم خدم الكثير من العائلات والأسر المنتجة المواطنة، ووضعت كل سيدة مشاركة في المشروع هدفاً معيناً إزاء مشاركتها في المشروع، فبعض العائلات تمكنت من صيانة بيوتها من خلال المبلغ الذي حصلت عليه من المشروع، وبعضها الآخر اعتبرت المشروع بارقة أمل أمامها لخوض تجارب تجارية تتمثل في تأسيس مشاريع خاصة في الطبخ..

عدا ذلك فإن مشروع إفطار صائم الذي تنظمه مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، يعد من أكبر المشاريع الإنسانية الذي يعود على الطاهيات بالخير، كونهن يمضين معظم النهار في إعداد الطعام لإفطار الصائمين في المساء.

وأضافت أنها بدأت مشروعها الخاص منذ سنوات عدة، المتمثل في إعداد الولائم ومختلف وجبات الطعام في المناسبات الاجتماعية والمناسبات الوطنية الأخرى لبعض المؤسسات الحكومية والخاصة من مطبخها الصغير في البيت..

لكن مشاركتها في مشروع إفطار صائم منذ ثلاث سنوات، حققت لها الشهرة في عملها الخاص، بدليل إرفاق اسمها ضمن الطاهيات الإماراتيات في إحدى فعاليات الطبخ العالمية، ما رفع شعبيتها على مستوى الطبخ في المنطقة، بدليل ارتفاع مستوى الطلب من قبل الزبائن مؤخراً، مؤكدة أن مشروع إفطار صائم عزز مهارة الكثير من السيدات في الطبخ، مما أعطاهن الدافعية نحو فتح مشاريع خاصة.

سيدات «الفريج»

وأشارت إلى أن حجم المشاركة في مشروع إفطار صائم، في ازدياد سنوياً، وقد استقطبت مشاركتها الكثير من السيدات الراغبات في إعداد الطعام، بعضهن من الحي الذي تسكن فيه «الفريج»، وبعضهن الآخر من صديقاتها وغيرهن من النساء اللواتي نجحن في استثمار وقت الفراغ في ما يخدم من الجانبين المعنوي والمادي، ويفيد النفس باعتباره عملاً إنسانياً يتجدد سنوياً في رمضان، مؤكدة أن مشاركتها السنوية زودتها بالخبرة الكافية، والقدرة على إعداد أضعاف هذه الوجبات الكثير.

وأثنت عبدالعزيز على مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الخيرية والإنسانية بصفتها فتحت أبواب المشاركة أمام الكثير من الأسر الإماراتية الراغبة في إعداد الوجبات ضمن مشروع إفطار صائم داخل الدولة، خاصة وأنها رسالة إنسانية مصدرها بيوتنا الصغيرة في الدولة تنطلق عبر مختلف الجسور الإنسانية إلى المسلمين الصائمين، كما أسهمت المبادرة في تعزيز العلاقة بين أفراد بعض الأسر، ويبدو أن المشاهد والصور الداعمة لهذه الحقيقة كثيرة، مثل تعاون بعض أفراد البيت الواحد، في عملية إعداد الطعام.

معايير الصحة

ولفتت إلى أن المؤسسة تتابع وجبات الطعام التي تعدها الأسر باستمرار، للتحقق من جميع معايير الصحة والنظافة في الطعام، ويبدو أنه ثمة فارقاً بين طعام المطاعم والطعام المعد على يد السيدات ربات البيوت، حسب ما أوضحت، فالجودة والنظافة التي سيتمتع بها الطعام المعد عن طريق الأمهات لا يمكن مقارنتهما بذلك الطعام الذي تعده المطاعم، خاصة وأن المواد المستخدمة في إعداد الطعام على يد السيدات تحمل جميعها أعلى معايير الجودة والنظافة.

معالجة الأخطاء

وذكرت أنها تستعد للمشروع سنوياً قبل حلول شهر رمضان، من خلال معالجة أخطاء العام الماضي إن وُجدت، وتحسين جودة الطعام، والاهتمام بملاحظات المشرفين الميدانيين على المشروع واقتراحاتهم، والتي عادةً ما يناقشونها بعد انتهاء رمضان في كل عام، إلى جانب الالتزام بمعايير الأمن والسلامة المتمثلة في توفير طفاية حريق، وغيرها من الأنظمة الصحية لسلامة الطعام، مثل ارتداء الطهاة للكمامات وارتداء القفازات، ما يجعل الطعام يتمتع بجودة عالية بصفته يحمل معايير عالية.

تختار جميلة الأواني المناسبة والمعدات اللازمة للطبخ، فضلاً عن شراء كميات مناسبة من البهارات التي يحتاج إليها إعداد الطعام، لتقليل الحركة اليومية في رمضان إلى الأسواق. كذلك تحرص على النهوض باكراً بنشاط وحيوية، تستقبل فيه العمل الإنساني المتجدد، لإعداد الطعام، مثل تنظيف الدجاج وغسل الأرز، ومن ثم إضافة البهارات، لتبدأ خطوات عملية الطهي التي تنتهي في المساء.

عند ساعات العصر الأولى، تكون جميلة قد انتهت من إعداد الطعام، كي تستلمه سيارات التوصيل الخاصة بنقل الطعام، لتصل إلى المحتاجين في مختلف الأماكن المحددة من قبل المشرفين، خاصة وأن المؤسسة تركز على المناطق المكتظة بالسكان والعمالة الأكثر احتياجاً إلى موائد الرحمن، مؤكدة أن هناك مراقبين ميدانيين يرصدون الملاحظات على جودة الطعام ليتعاملوا مع الطعام الذي يشكو من بعض السلبيات.

Email