أسامة بطة.. طقوس الحاضر وتقاليد الماضي

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يحمل رمضان كعادته، أجواءً إيمانية وطقوساً استثنائية تعبق بجو روحاني واجتماعي وإنساني يروق لدى الجميع، أما أسامة بطة المشرف التربوي في مدرسة الحكمة الخاصة في عجمان، فينظر إلى رمضان من زاوية اجتماعية دينية صرفة، فرمضان بالأساس هو شهر العبادات والطاعات والتقرب إلى الله، وفيه سجل من الذكريات الجميلة التي يأباها النسيان، إذ تظهر الفرحة بقدوم هذا الشهر جلية في قسمات الوجوه التي تعلوها الابتسامات وعلامات الرضا.

في المساجد تجد الالتزام وحلقات الذكر وقراءة القرآن، وفي الجانب الاجتماعي لا يطيب رمضان دون صلة الأرحام، التي تشكل عناوين بارزة في الشهر الكريم، كما يقول ضيفنا.

طقوس معروفة

طقوس أسامة بطة في هذا الشهر واضحة ومعروفة مسبقاً، فللصلاة في أجندته زاوية كبيرة، حيث تشهد المساجد إقبالاً مكثفاً، لما لهذا الشهر من مكانة يسعى فيها المصلون إلى التقرب إلى الله في أجواء مفعمة بالطاعات والسمو بالنفس إلى صالح الأعمال. كما تتحول هذه المساجد إلى فضاءات للتوعية والإرشاد الديني من خلال دروس ومحاضرات يلقيها نخبة من الأئمة والعلماء.

ويعتبر أن ختم القرآن أكثر من مرة، واجب ديني، وفرصة يتقرب فيها العبد إلى ربه في شهر توصد فيه أبواب الشياطين، إضافة إلى حرصه الشديد على زيارة الأقارب وصلة الأرحام طوال أيام رمضان.

تبادل الأكلات

ويضيف أسامة بطة: يتميز شهر رمضان المبارك عن بقية أشهر السنة بالطقوس الرمضانية الخالدة التي تضيف إلى أيامه نكهة وجمالية فريدة، ومن بين هذه الطقوس تبرز عادة تبادل الأكلات والأطباق مع الجيران والأصدقاء، وإقامة العزائم ودعوتهم إليها، في أجواء تتسم بالحميمية والود.

وبعد الإفطار والانتهاء من صلاة التراويح التي تحرص الغالبية على الظفر بها كل عام، تبدأ جلسات السمر التي يتبادل فيها الأقارب والأصدقاء الحوارات والآراء حول جملة من المواضيع الدينية والاجتماعية والحياتية.

ويؤكد أن عادة تبادل أطباق الطعام قبل أذان المغرب، بين الجيران المواطنين والمقيمين على حد سواء، تظل من أبرز سمات التواصل الاجتماعي في شهر رمضان، التي تدل على الترابط والتواصل بين الجيران، والإحساس ببعضهم البعض، فهي من العادات والتقاليد الأصيلة والمتوارثة في مجتمعنا منذ زمن بعيد، فمنذ اليوم الأول للصيام، وحتى آخر يوم في رمضان تستمر هذه العادة بين البيوت، إذ أن البعض يأخذها من باب الالتزام في حدود واجبات رمضان.

تنظيم الوقت

ويهتم بطة بتنظيم الوقت بين قراءة القرآن والصلاة، وبين زيارة الأهل والأقارب، موضحاً أن هذا الشهر له فضل كبير في تعليم الآخرين قيماً ومعاني مثل الصبر والجلد والإحساس بالفقراء والمحتاجين، كما قال إنه لا يميل إلى مشاهدة المسلسلات والبرامج التلفزيونية، فيما يحرص على تقديم الصدقات للفقراء والمحتاجين بصورة أكبر من المعتاد، مؤكداً أهمية الرياضة وحرصه على ممارستها خلال أيام هذا الشهر.

السمة الغالبة على الأجواء الرمضانية، والتي تجعل نهاره وليله متميزان للغاية في نظر بطة، هو تقرب الأفراد من الله سبحانه وتعالى، والتقارب أيضاً بين بعضهم البعض، بعد أن فعلت الحياة ومشاغلها فعلتها بهم إذ باعدتهم فترة طويلة، وأبقتهم بلا تواصل.

موسم الطاعات

ولأن رمضان موسم للطاعات، يسعى أسامة إلى استغلاله بكل ما أوتي من قوة، حيث يقول إنه ينبغي على المسلم ألا يفرّط في رمضان ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ويجب أن يكون من السبَّاقين إلى فعل الخير، والمتنافسين في العبادة والطاعة، لقوله تعالى: «وَفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ»، ومن خير الأمور التي يحرص عليها ضيفنا، استقبال رمضان بتوبة متجددة إلى الله تعالى..

فرمضان موسم للربح في الدنيا والآخرة، اختصه الله تعالى بليلة هي ليلة القدر، خير من ألف شهر. ويصف أسامة علاقته برمضان بـ «الخاصة»، لاسيما مع جلسات السمر والعادات والتقاليد التي ترتبط بهذا الشهر الفضيل، ويؤكد أن ذاكرته تكتظ بالكثير من الذكريات، وهي في مجملها ذكريات ومواقف جميلة ورائعة. لاسيما عند انتقاله إلى الإمارات عام 1974.

الماضي والتكنولوجيا

ويقول: ما زلت أذكر منذ كنت صغيراً استعدادات الناس لاستقبال رمضان، والمسحراتي الذي غيبته التكنولوجيا، وأصبح يقبع في مخيلتنا فقط، إلا في أماكن معينة وقليلة نسبياً، وهو الشخص الذي يقوم بإعلام الصائمين بوقت السحور، وتلك عادة قديمة تجلب الفرح للصائمين، وهم يسمعون عبارات مغناة جميلة منها: «يا نايم وحد الدايم»، «سحورك يا صائم». ويضيف أسامة إن السحور بالنسبة له، كما مائدة الإفطار، أساسيان في رمضان، ويحرص على أن يكون ضمن أفراد الأسرة الكبيرة المجتمعة حول مائدة رمضان.

ويعتقد أسامة أن كثرة متابعة برامج رمضان، والانشغال بالتلفاز ووسائل التكنولوجيا الحديثة، والموبايلات والأدوات الذكية، فإن ذلك جاء على حساب العلاقات الاجتماعية الرمضانية..

وزيارات الأقارب والأرحام، التي لطالما كانت من أهم ملامح وعادات وتقاليد شهر رمضان، لذا فنحن مطالبون أمام هذا الكم التكنولوجي الذي يجرف الأبناء إلى غير وجهة، أن نحرص أضعاف المرات على صلة الأرحام، وتفعيل شق الزيارات الأسرية في شهر رمضان الفضيل.

خيوط الصباح

أكثر ما يفتقد أسامة بطة في رمضان، هو انتظام النوم لديه، فالسهر سمة أساسية تمتد حتى خيوط الصباح الأولى، خاصة في العشر الأواخر، حيث يقضي معظم وقته ليلاً في المسجد، وقبله مع العائلة، فالتجمع الأسري أمر يحرص عليه أسامة بطة، الذي يعيش في الدولة منذ 40 عاماً، ولديه ابن وابنة أنهيا دراستهما الجامعية بنجاح وتفوق.

وبحكم العادة والهواية، فإن لأسامة رغبة في مسايرة النشاطات والفعاليات الأدبية، وفي رمضان يحرص على متابعة ما هو نوعي منها فقط؛ وذلك بسبب ضيق المساحة الزمنية التي يمنحها الشهر الفضيل له خارج إطار العبادة والمسجد والأسرة.

موائد الصداقة

يعتبر بطة أن موائد الصداقة التي تكثر في الشهر الفضيل، ميزة رائعة تجمع الأقارب والأصدقاء للجلوس على مائدة الحكايات الجميلة، لاسيما في جانب استذكار الماضي الجميل بكل تفاصيله، منذ الطفولة وما تلاها من ذكريات. وأكثر ما يخطر على بال أسامة كلما جاء شهر الخير؛ الأم والأب.

الأب الغائب الحاضر ذو الماضي الجميل وصاحب اليد العطوفة والعبارات الحنونة، يفتقده وقت الإفطار وفي صلاة التراويح حيث كان يصطحب الأبناء إلى المسجد. أما الأم فتبقى أشد أصناف الألم وأصعب الأوجاع، وطالما أن البيت بلا أم وأب، فهو منقوص من متعة رمضانية ونفسية كبيرة.

Email