حمد المدفع.. نشر مظلة الخدمات الصحية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

التعليم والصحة من معايير التقدم في أي دولة، فهما قاطرة التفوق اليوم وغداً، وفي هذا السياق فإن جهود معالي حمد عبدالرحمن المدفع وزير الصحة الأسبق، قد لفتت انتباه الجميع بفعل ما حققه قطار الخدمات الصحية في عهده، فيما تركت إنجازاته بصمتها في القطاعين التعليمي والصحي. وأكسبته سنوات العمل الدبلوماسي الذي أوكل إليه بعد سنوات من العمل في القطاع التربوي، خبرة إضافية مكنته من إقامة علاقات صداقة واسعة بين دولة الإمارات وكبار المؤسسات والشخصيات في الدول التي خدم فيها، وأتاحت له فرصة الاطلاع على تجارب تلك الدول والتي استفاد منها في تطوير العمل الحكومي.

في لقاء مع أحمد محمد شريف مدير منطقة الفجيرة الطبية السابق، أردنا التعرف على تجربة شخصية ومهنية مهمة لمعالي حمد عبدالرحمن المدفع، إذ يقول شريف إنه لا يمكن الحديث عن تطوير المنظومة الصحية في الإمارات دون الوقوف على ما حققه معالي حمد المدفع، فقد شهدت سنوات إدارته لوزارة الصحة حركة متسارعة في بناء المستشفيات والمراكز الصحية والأقسام الطبية التخصصية، ونخص بذلك المناطق والإمارات البعيدة التي حظيت باهتمام فائق من معاليه، تحقيقاً لمبدئه الذي كان ينادي به «علينا أن نصل بخدماتنا الطبية إلى المواطن في أي مكان».

مرحلة جديدة

ويذكر أحمد شريف أنه في عام 1979 اختار الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، المدفع وزيراً للصحة، ليبدأ مرحلة جديدة من العمل في خدمة الدولة والنهوض بالقطاع الصحي في دولة الإمارات إلى أرقى المستويات، ساعده في ذلك خبرته الإدارية الواسعة ومعرفته التي اكتسبها طوال سنوات العمل الدبلوماسي.

وتميز عمل وزارة الصحة في عهد المدفع باتخاذ العديد من التدابير الرامية إلى تحسين واقع الخدمات الصحية والرفع من جودتها وجعلها في متناول المواطنين والمقيمين كافة، في القرى كما في المدن. فقد انخرطت الوزارة، كما يصفها أحمد الشريف في عهد معالي حمد المدفع، في ورش إصلاح المنظومة الصحية عبر العديد من الإجراءات بقصد تعزيز العروض الاستشفائية وتقريبها من المواطنين.

الواجهة الأساسية

ونالت المناطق الطبية اهتمام حمد المدفع الذي اعتبرها الواجهة الأساسية لخدمات الوزارة وتنفيذ البرامج الصحية للمواطنين، فيما ظلت الوزارة مقراً للاستراتيجيات والخطط والتوجيهات. ومنها اتضح اهتمامه بالمناطق الطبية والمناطق النائية بتوسعة رقعة المراكز الصحية والإشراف على افتتاح مستشفيات من بينها مستشفيا دبا والفجيرة.

وكان المدفع، والكلام لشريف، من أشد المؤيدين لروح الفريق وتمكين الأفكار والخطط التطويرية في المناطق الطبية، إذ نجحت منطقة الفجيرة الطبية في عهده بتوسعة أقسام وخدمات مستشفى الفجيرة ليضم قسماً خاصاً بمرضى القلب، ومن ثم مستشفى خاصاً بالأطفال ألحق بمستشفى الفجيرة، جاء من بعدها مستشفى تخصصي بالنساء والولادة أرفق أيضاً بمستشفى الفجيرة بطاقة تشغيلية عالية الإمكانيات.

ونجحت قيادته لوزارة الصحة في الكثير من الإنجازات التي يصعب حصرها، من بينها الإشراف على عدد كبير من النظم والقوانين التي أسهمت في تطوير العمل الصحي في الدولة مثل: قانون الصيدلة، وقانون تسجيل شركات الأدوية، وقانون التسجيل الصحي، وقانون المواليد والوفيات، وقانون الرعاية الصحية.

شخصية متواضعة

يصف أحمد شريف، المدفع، بأنه ذو شخصية قيادية متواضعة، لا يفرق في التعامل بين موظفيه من أصغرهم درجة وحتى أعلاهم منصباً. فقد كان يحرص على تقديم التحية والاطمئنان على صغار موظفي الوزارة، مضيفاً: يتضح تواضعه أكثر عندما كان يضطر أو يحتاج إلى نقل أحد الكوادر الطبية أو الفنية من ملاك منطقة طبية إلى أخرى، إذ يستأذن من مدير المنطقة بسحب ذلك الكادر الطبي وتعويضه بآخر رغم صلاحياته النافذة كوزير، وتتجلى ملامح الرقي والاحترام لديه، في معاملة كوادره الإدارية والطبية خصوصاً في زياراته الميدانية. ومن سمات شخصيته القيادة الناجحة أنه كان يمنح المسؤول المباشر الصلاحيات الكاملة، ويأتي في الأخير ليتابع ويحاسب على التقصير، وهو أسلوب ناجح منح مسؤولي الوزارة والمناطق الطبية الدافعية نحو تطوير الخدمات الطبية.

يشرف بنفسه

ويضيف شريف: كان يولي تطوير المستشفيات أهمية خاصة، إذ كان يشرف بنفسه على مواقع إنشاء المستشفيات، ويتابع مراحل الإنشاء ثم يزورها في جولات تفقدية بشكل مستمر، للاطمئنان على نوعية الخدمات وتلمس هموم المرضى والاستماع إلى احتياجاتهم والعمل على توفيرها، إلى جانب توفير الدعم اللامحدود لشراء المعدات والأجهزة المتطورة واستحداث التخصصات المختلفة إذ كان يقول دائماً: «لا أريد أن يغترب المواطن بحثاً عن العلاج»، حرصاً على وصية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

مستشفى الفجيرة

وفي عهده أيضاً، حصلت التوسعة والتمكين كذلك لمستشفى الفجيرة المركزي منذ نهاية السبعينات، فشكلت العيادات المتناثرة في المنطقة في ذلك الوقت، نواة المستشفى الذي شهد توسعات عديدة حتى أصبح من المستشفيات الرئيسية المتميزة ذات الكفاءة العالية في الكوادر الطبية العاملة فيه، وقد حرص معالي حمد المدفع على اختيار الكفاءات الطبية المتميزة ومدها بمستشفيات الدولة، وأصبح مستشفى الفجيرة في تسعينات القرن الماضي من المستشفيات المهمة، فكانت التحويلات الطبية تجري إليه من خورفكان ودبا وكلباء والمناطق القريبة، فقد كان يضم أقساماً تخصصية وكفاءات طبية عالية.

واهتم معالي الوزير الأسبق حمد المدفع، بإدخال التقنيات الحديثة إلى مختلف المستشفيات، وعن ذلك يقول أحمد الشريف: لم يكن يمانع الخطط والبرامج الاستراتيجية التي تضعها المناطق الطبية لتطوير مستشفياتها، وعلى العكس من ذلك، فقد كان من أشد المساندين لإدخال التقنيات الحديثة وبناء الأقسام التخصصية، وفي عهده نجحنا في إدخال جهاز سيتي سكان وجهاز MRI المقدرة تكلفته بالمبنى الخاص فيه بنحو 12 مليون درهم، بالإضافة إلى جهاز الطب النووي الذي تميز به مستشفى الفجيرة، وكانت تجري إليه التحويلات الخاصة بالطب النووي.

4 أيام

 

يشيد أحمد الشريف بما عرف عن حمد المدفع وزير الصحة الأسبق، بخصوص الاهتمام الشديد بحالات السفر للخارج، إذ أنه كان لا يسمح بتاتاً أن تنتظر أي حالة تستدعي السفر إلى الخارج أكثر من 4 أيام كإجراء إداري وطبي، والجميل في تعامل معاليه أنه كان حريصاً على تلبية أي نداء عاجل للسفر إلى الخارج، بل ويحمل المسؤولين مسؤولية التأخير في حال عدم إبلاغه شخصياً، فمن المواقف التي يحفظها أحمد شريف، كما يقول: كنت أحمل أوراقاً لشخص حالته مستعجلة، وكان من الضروري إبلاغ الوزير بالموضوع، ولم تكن الفرصة مواتية لشدة انشغاله خارج المكتب، وحينما سلمت الوزير الأوراق قبل أن يصل مكتبه، بدأ على الفور الاطلاع عليها، ووقعها وهو في مصعد الوزارة، وقال لي ابدأ في إنهاء باقي الإجراءات بأسرع وقت. حقاً لقد كانت حالات السفر إلى الخارج لا تؤجل لديه مهما كانت الظروف والمشاغل.

 

رفع معدل التوطين

 

كان لمعالي وزير الصحة جهود حثيثة وواضحة في استيعاب الكفاءات المواطنة بغية رفع معدلات التوطين في الوظائف الصحية والفنية، فأصبح ذلك التحدي والهاجس الذي يسعى كل يوم إلى تحقيقه، لاسيما وأن خبرته الإدارية والمناصب التي شغلها، تساعده في رسم استراتيجية عمله، وكيفية تنفيذها.

وعلى الرغم من ندرة أعداد المواطنين المتخصصين في العلوم الصحية والفنية، إلا أن وزير الصحة في ذلك الوقت راهن على خطط الوزارة وبرامجها الرامية إلى تشجيع الفئات المواطنة على دراسة العلوم الصحية، ونجح في تأسيس مدرسة التمريض بالفجيرة بجهود المنطقة الطبية وبدعم من الوزارة، وعمل على تمكين خريجات التمريض المواطنات بمنحهن درجة وظيفية على درجة الرابعة الفئة الثانية في حين كانت حسب القانون تدرج في الدرجة الثالثة الفئة الأولى، وذلك تحفيزاً للمواطنات لخوض هذا المجال.

وأضاف أحمد شريف: نشهد أن حمد المدفع كان من أشد الحريصين على تعزيز التوطين في القطاع الصحي، فقد كانت إجراءات التعيين والتوظيف في عهده سهلة جداً وتمر من دون تعقيد، كما عمل على تشكيل لجنة من المناطق الطبية كافة لحصر الاحتياجات الوظيفية سنوياً ورفعها إلى وزارة المالية دون الخوض في مسائل الميزانية.

وقال شريف إن الصحة في عهد الوزير الأسبق لم تكن تعاني تعقيدات في الاحتياجات وفي التوطين، فقد كانت طلبات التعيين وسد الشواغر في المستشفيات التابعة للوزارة تلبى حسب الحاجة وبسرعة فائقة.

ووصف أحمد شريف معالي حمد المدفع بالقول: «في زمن كانت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة في بداية نهضتها، بذل معالي حمد عبدالرحمن المدفع جهوداً حثيثة في خدمة بلده وحكومته. ويحسب له تأسيسه لوزارة الصحة والوصول بها إلى المستوى المتقدم الذي هي عليه الآن، كما يحسب له تميزه في قيادة وزارة التربية والتعليم والشباب، فهو رجل تحمل مسؤوليات كبيرة منذ بداية حياته المهنية، فكان نعم المسؤول ونعم القائد».

Email