الدكتورة رفيعة غباش.. شغوفة ببث السعادة في نفوس الآخرين

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الشخصيات الطموحة تثبت أن الإنجاز لا يرتبط بتخصص أو وظيفة مرموقة، وأن الرغبة في تحقيق الإنجازات هي ما تضع الإنسان على مقربة من طموحاته، رغماً عن كل الصعوبات التي قد تعترض سبيله، فالطموح المفعم بحب الوطن والغيرة عليه يدفع الشخص إلى العمل على إعلاء شأنه دون كلل أو ملل.. هكذا هي الدكتورة رفيعة غباش كما وصفتها الدكتورة حصة لوتاه، والتي قالت إن تربيتها على يد امرأة فاضلة «مطوعة»، غرست فيها العديد من القيم الدينية الجميلة وإرث العناية بالإنسان والحيوان، ويتجلى ذلك في حرصها الدائم، واهتمامها المبالغ بكل من يحتاج إلى مساعدة، إذ إنها لا تدخر جهداً ولا يهدأ لها بال، إلا بمشاهدة الابتسامة والسعادة راسخة في نفوس من تعتني بهم.

زيارة الأقارب

وأشارت لوتاه إلى أن الدكتورة رفيعة غباش، تولي العلاقات الإنسانية وزيارة الأقارب جل اهتماماتها، وعلى الرغم من كثرة أعمالها وانخراطها في الدراسة ومن ثم الوظيفة والبحث والتوثيق، إلا أنها حافظت على استمرارية تلك العلاقات، وقد حرصت منذ طفولتها على إيجاد علاقات متينة مع كافة أفراد أسرتها، وصديقات والداتها ووالدها، وكافة فئات المجتمع.

وحرصت غباش على تغذية تلك العلاقات بزيارات مستمرة لكافة الأشخاص الذين تعرفهم، وبين الحين والآخر تلتقي صديقات والداتها ووالدها وتطمئن عليهم، وتقدم لهن الرعاية وتقف إلى جانبهن في حالة مرض إحداهن، ولا تبتعد عنها حتى تشفى، وتقدم لهن النصح والتوجيه وتشرف على متابعة الجميع باستمرار، ولا يتوقف الأمر عند أصدقائها أو أصدقاء عائلتها، بل تحرص على زيارة مختلف الفئات المساعدة ممن كانوا يعملون معها في السابق، وتطمئن عن أحوالهم، وتساعدهم على بلوغ احتياجاتهم، وتشاركهم أفراحهم وأتراحهم.

طفولة النشاط

حياة الدكتورة رفيعة مفعمة بالنشاط، إذ ظلت منذ طفولتها حريصة على إيجاد مختلف الأنشطة والفعاليات أينما تواجدت، وقد تميزت بالمشاركة وفي قيادة الأنشطة والجماعات في المدرسة، وأصبح جهدها ملحوظاً بشكل أبرز خلال مشوارها الجامعي، وهناك أنشأت العديد من الجماعات، وأسست أنشطة جديدة ومبتكرة بمساندة زميلاتها، وقد بثت فيهن روح الابتكار والإصرار من أجل إبراز طاقاتهن وتحويلها إلى عناصر فاعلة في المجتمع، كما عززت دراستها للطب النفسي من إصرارها وعزيمتها، وأحدثت مزيداً من التغيرات على حياتها، التي كرستها لتحقيق جملة من الإنجازات والأهداف السامية.

 

دراسة الطب

يعتقد الكثير من الأشخاص أن دراسة الطب من التخصصات الصعبة التي يقبل عليها بعض الطلبة، لكن الدكتورة رفيعة غباش أكدت بتفوقها وإنجازاتها أن هذه الصعوبات التي يراها البعض، يبدو أنه لا محل لها في قاموس عطائها الصلب.

كما أوضحت حصة لوتاه، فمهنة الطب لا تختلف عن سائر المهن، ولا يمكن أن تعيق صاحبها عن البحث والتوسع في مجالات أخرى، لذلك فإن غباش لم ترتبط بفكرة التخصص الفريد، وقد برهنت في المقابل أن الشخصية الطموحة لا تحصر نفسها في مجال معين، وأن الإنسان الناجح لا يبرز إلا بالبحث والتفكر، فمن دون البحث يصبح العقل البشري مجرد آلة، تتلقى وتلقي، ولا تكون لصاحبه أية إضافة في الحياة، وأهل العلم الحقيقيون لا يمكن حصرهم في مجال واحد، وإنما يحرصون على التعددية وربط العلوم ببعضها، خدمة للمجتمع وسعياً للنهوض به.

صداقات ممتدة

تكوين العلاقات والصداقات حتى مع الأشخاص الذين تقابلهم ولو لمرة واحدة، من الغايات والأسس التي تستند إليها الدكتورة رفيعة غباش في حياتها، كما أشارت الدكتورة حصة لوتاه، لذلك فهي تمتلك شبكة علاقات واسعة في مختلف دول العالم، وتحرص على زيادة رقعة هذه العلاقات يوماً بعد آخر، ومنذ طفولتها برزت لديها هذه الصفة، وتطورت خلال دراستها الجامعية في مصر وبريطانيا، وما زالت تحافظ على هذه العلاقات الاجتماعية إلى الآن.

ولم تقتصر علاقاتها على نطاق الدراسة، بل ظلت تسعى إلى إيجاد علاقات مع جيرانها وفي كل حي تسكن فيه، وتحرص من خلال هذه العلاقات على التعريف بالعادات والتقاليد الإماراتية المنبثقة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.

عزاء بريطانيا

كما كانت خلال دراستها في بريطانيا، وفي شهر الصيام بالتحديد، تحرص على إعداد الطعام وتوزيعه قبيل أذان المغرب على الجيران، وهذا ما وثق علاقاتها بقوة وحميمية كبيرة مع جيرانها. وأضافت لوتاه: لم يقف الأمر عند عملية التواصل وحسب، بل حرصت الدكتورة غباش على زيارة أصدقائها ودعوتهم إلى منزلها، وكذلك مشاركتهم أفراحهم وأحزانهم متعالية على كل حدود الخرائط.

وقبل فترة قصيرة وصلها نبأ وفاة امرأة من جيرانها السابقين الذين تعرفت عليهم خلال فترة الدراسة في بريطانيا، فلم تكتفِ بتقديم واجب العزاء عبر الهاتف، وإنما حرصت على التوجه إلى بيت تلك العائلة لتكون من أوائل المعزيين لأفرادها.

بصمة واضحة

في كل مكان تعمل فيه، تحرص الدكتورة رفيعة غباش على ترك بصمتها هناك، كما أوضحت لوتاه، مشيرة إلى أنها لا تختزل دورها في إطار الوظيفة، بل تساهم في إحداث فروقات نوعية تعزز من الإنتاج، وتطور من الأداء، وهو ما دأبت عليه خلال الأيام الأولى من عملها في مستشفى راشد، إذ سعت إلى بناء نسيج ثقافي مع كافة الموظفين، وعملت مع مجموعة من زملائها على تأسيس نادي ثقافي للسينما، يهدف إلى تجويد العمل وزيادة جرعة الوعي والتثقيف لدى الموظفين، إضافة إلى إصدار نشرة دورية لرفد الجانب المعرفي لديهم.

كذلك كانت بصمتها واضحة في جامعة الخليج البحرينية خلال فترة ترؤسها لهذه الجامعة التي أضافت إليها لمسات من طموحها وإصرارها، لتزيد من درجة الاعتراف بها من الناحية الأكاديمية والعلمية، وأصبح حضورها بارزاً في المجتمع الخليجي، وذلك من خلال الفعاليات والجوائز التي حصدتها، إضافة إلى ذلك فقد حرصت على تأسيس مركز الشيخة جوهرة للبحوث الذي رفد الجانب العلمي للجامعة واستقطب العديد من المهتمين بذلك النهج العلمي العميق.

 

المرأة على رأس أولوياتها وتذكير الأجيال بماضيها محل اهتمامها

بذلت الدكتورة رفيعة غباش الكثير من الجهد والوقت، لتصل بمتحف المرأة الذي كان وليد أفكارها إلى هذا المستوى، والذي وجد تأكيداً على الدور الريادي والإنجازات النسوية التي كانت وما زالت، أحد موازين القوى في رقي المجتمع، إذ وثق هذا المتحف إنجازات المرأة القديمة والحديثة في الجوانب السياسية والتعليمية والثقافية، ودورها الأهم في تربية النشء، حتى أصبح متحفها محل فخر للمرأة، ومرجعاً تستند إليه، وبه ترد على من يقلل من شأن إسهاماتها في بناء ونهضة هذه الدولة.

ويدل المتحف أيضاً على شخصية الدكتورة رفيعة غباش، التي اهتمت بتقديم صورة إيجابية وجميلة عن مجتمعها، من خلال تأريخها للنشاط الثقافي والسياسي والتعليمي للمرأة، وحرصها على ترك أثر في الحياة، وتجلى دورها في هذا المتحف بجمع مفردات التاريخ وتوثيقها، وتمكنت أيضاً من جمع أوراق ديوان جدها الشاعر حسين بن ناصر بن لوتاه، المبعثرة، فبمجرد أن سمعت عن حبه للشعر، بدأت على الفور في رحلة البحث عن إبداعاته الأدبية، وتمكنت من لملمتها بعد جولة شاقة من البحث والاستقصاء.

وفي ذات المتحف اجتهدت الدكتورة رفيعة غباش في توثيق إبداعات الشاعرة الكبيرة عوشة بنت خليفة السويدي، وخاضت رحلة طويلة مع البحث والتوثيق إلى أن تمكنت من توثيق معظم أشعارها في ديوان أطلقت عليه «ديوان عوشة بنت خليفة السويدي»، الذي تزين أشعاره جدران المتحف.

وتواصلت جهود الدكتورة رفيعة في إضافة كل ما من شأنه أن يعزز من قيمة المرأة، ويذكّر الأجيال بماضيها، واجتهدت في الاستعانة بالأشخاص الذين تربوا في «فريج سكة الخيل» ممن يعرفون عن تاريخ «بيت البنات»، على أمل أن تنعش بذاكرتهم القوية مواقف نبيلة وقيماً جميلة، للإسهام في تحويل الماضي إلى واقع ملموس، وتعريف الأجيال بما كان عليه الآباء والأجداد وبأدق التفاصيل.

 

طائر البوم الحكيم

اهتمامات الدكتورة رفيعة غباش عديدة ومتنوعة، فهي محبة للفنون والآداب، وتقرأ في ثقافات عديدة، وهو ما جعل من نظرتها إلى بعض المفاهيم تتغير بثقة ومعرفة وإدراك، أحد ملامح هذا التغير يبدو نسبياً في هوايتها الغريبة شيئاً، إذ إنها تحب طائر البوم وهو حب ورثته من الثقافة الغربية، فعلى الرغم من نظرة البعض تجاه طائر البوم بأنه يوحي إلى التشاؤم، إلا أن الدكتورة غباش ترى فيه طائراً حكيماً، لذلك فهي تقتني العديد منه على شكل مجسمات، ويعج بيتها بتصاميم فريدة لطائر البوم، لدرجة توغل هذا الطائر في بعض الأدوات التي تستخدمها في حياتها اليومية مثل أدوات الطعام وديكور المنزل، ومن شدة تعلقها بهذا الطائر فهي تمتلك نحو 200 قطعة مختلفة على شكل طائر البوم.

 

المتحف والوطن

استلهمت الدكتورة رفيعة غباش خطى المسير في طريق الإنجازات، من دافع رد الجميل إلى دولة الإمارات، والمساهمة في تقديم كل ما يعلو برايات الوطن خفاقة وفي مقدمة دول العالم، فغيرتها الوطنية وحرصها على رفعة شأن الوطن، دفعاها إلى تأسيس متحف للمرأة «متحف بيت المرأة»، الذي يعد من الإنجازات الفريدة في المنطقة، وقد ترسخت فكرته من شعور لديها بقصور النظر إلى إنجازات المرأة العربية في مختلف جوانب الحياة.

Email