موائد الرحمة وعابرو السبيل .. ملاذ «الزوافرة» في الجزائر

موائد تجمع شمل الصائمين في لقاءات عامرة بالايمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الآف الشباب من الجزائريين فضلوا ركوب البحر مخاطرين بحياتهم من أجل الوصول إلى شواطئ المتوسط الشمالية، لكن مئات الآلاف من الفقراء والمهمشين ومحدودي التعليم، لم يجدوا بداً في قبول أية وظيفة من أجل الحصول على لقمة تسد رمقهم وأفواهاً أخرى تنتظر رحمة الله.

وهناك كهول أرغمتهم الحياة المزرية على العمل تحت أشعة الشمس الحارقة أو البرد القارص تحت كل الظروف من أجل عيش كريم ولو كان قليلاً. وفي الجزائر تلك الفئة تسمى "الزوافرة" وهو مصطلح دارج مشتق من الكلمة الفرنسية Louvrièr"" وتعني الأجير الذي يقوم بأعمال يدوية هامشية في الغالب. وتجد السواد الأعظم منهم نازحون من الأرياف والقرى البعيدة عن العاصمة وأهم المدن الكبرى في البلاد، ويعملون عادة في مهن بسيطة غير دائمة وعادة لا يستفيدون من الرعاية الاجتماعية.

ولا يشملهم الضمان الصحي ما يجعلهم عرضة لكل الأخطار، تراهم شعثاً غبراً يبتلعون مرارة نظرات الناس التي تزدريهم على الرغم من أنهم بسطاء شرفاء يكدون لكسب اللقمة الحلال في ورشات البناء، أو تجدهم يتسابقون لتفريغ شاحنة معبأة بمواد البناء أو بأية سلعة مهما كانت من أجل عائد لا يتعدى في أحسن الحالات 1.5 دولار يومياً، منه قوت صاحبه وقوت العيال الموجودين بعيداً في القرية أو المقاطعة مسقط الرأس.

وذلك لن يتحقق إلا بعد قهر المعدة حتى تشبع العائلة. يقول مراد ايت لعرابي ومجموعة من الشباب "الزوافرة" تحدثت إليهم "البيان"، وهم يتجمعون بالقرب من غابة ديكار، بحي دالي إبراهيم، الراقي بالعاصمة الجزائر، أنهم يقصدون المكان كل يوم من أجل الحصول على عمل في ورشات البناء الخاصة أو كحمالين أو عمال تنظيف وأشغال الحفر وتقطيع الحديد وتحضير الخرسانة للبناء أو أية وظيفة بسيطة مهما كانت، مقابل أجور تتراويح بين 700 و1000 دينار "ما يعادل 1 إلى 1.5 دولار مقابل 10 ساعات من العمل" في عز الحر مع هجير الصيف ومشقة الصوم.

ويضيف ايت لعرابي، القادم من منطقة سطيف التي تبعد 250 كم شرق العاصمة الجزائر، في الغالب نكون سعداء جداً عندما يقبل صاحب العمل السماح لنا بالمبيت في الورشة، وإلا كانت الحمامات الشعبية السقف الذي يؤوي الجميع، قبل أن يضيف أن بعضنا يبات في العراء في الأوقات الحارة مثل التي نعيشها حالياً وهذا من أجل اقتصاد ثمن المبيت في الحمامات الشعبية.

أما عند ساعة الإفطار خلال الشهر الفضيل فمطاعم "الرحمة" التي يقيمها أهل الخير أو جمعية الهلال الأحمر الجزائرية والاتحاد العام للعمال، هي المأوى لنا، لأنها توفر أجواء قريبة من جو العائلة، وتسمح أيضاً باقتصاد بعض المصاريف على قلتها. ويقول بعض الشباب ممن تحدثنا إليهم من زملاء ايت لعرابي ان رمضان شهر رحمة بالنسبة لنا دون غيره لأن بعض المحسنين يوفرون الإفطار، ويثني البعض الآخر على الميسورين من أصحاب الورشات أو أرباب العمل الذين يقومون بتوفير الإفطار لهم في محال عملهم.

 

Email