الشاعر السوداني كامل عبد الماجد:

جغرافية المكان تحدد نوعية الإفطار بأرض النيلين

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ذكريات طفولتي تعود إلى مناطق متفرقة في السودان، بسبب تنقلات والدي الذي كان يعمل في التعليم، وأنا أمضيت طفولتي متنقلاً بين كردفان ودارفور رغم أنني أنتمي لوسط السودان.. هكذا بدأ الشاعر والأديب السوداني دكتور كامل عبد الماجد حديثه عن ذكرياته وأسرار حياته. وعن الصوم بسنوات عمره الأولى.

والحوار معه جاء باعتباره واحداً من أعلام الشعر والأدب في بلاده. يقول الصيام يختلف من منطقة إلى أخرى، ومائدة الإفطار تختلف باختلاف جغرافية المكان، فالذرة مثلاً بعد أن تخرج من كوستي في النيل الأبيض متجهاً إلى كردفان ودارفور لا تجدها، فالوجبة الأساسية هناك تعتمد على الدخن. ورمضان في رشاد بجبال النوبة الشرقية يختلف عنه في كتم بشمال دارفور، فالأكل والمشروبات مختلفة، وفي جبال النوبة هناك مشروب لطيف يسمى «الكرمدودة»، أشبه بالتفاح وثمرته تنمو برياً.

ويسترجع عبد الماجد ذكرياته في مدرسة حنتوب الثانوية والتي أخذت روعتها من جمال المنطقة إذ تقع على خاصرة النيل الأزرق بمدينة واد مدني وسط السودان. ولم تكن مجرد مدرسة بل مدينة قائمة بذاتها، وتضم 12 داخلية للطلاب من مختلف أنحاء الوطن، وتميزت بالانضباط، ومعلمين من أميز الكوادر البريطانية في التدريس.

وعن جامعة الخرطوم التي دخلها طالباً في كلية الاقتصاد عند منتصف الستينات من القرن الماضي، يشير إلى أن الجامعة كان يحلو للبعض تسميتها بـ(الجميلة ومستحيلة)، فسميت مستحيلة لأن المنافسة كانت شديدة للوصول إليها. وبالجامعة التقيت بعدد من الشعراء والأدباء، ودرست اللغة العربية على يد الشاعر الوطني الكبير الهادي أدم الذي تغنت كوكب الشرق أم كلثوم بأغنيته «أغداً ألقاك»، وهو من حبب الينا الأدب والشعر. وكان هناك أيضاً الشاعر الكبير محمد عبد الحي، وفيها وجدنا طوفاناً من الأدباء والشعراء أبرزهم محمد المكي إبراهيم وعبد الرحيم أبو ذكري وغيرهما.

محطات الصبا

وعن ذكرياته وغرامياته في مرحلتي الصبا والشباب يقول الشاعر كامل، المدارس التي درسنا بها لم يكن فيها أي اختلاط مع الجنس الآخر بجانب طبيعة المجتمع في ذلك الوقت، لذا لم أحظ بلقاءات كثيرة مع الشابات في ذلك الزمان. وعند دخولي جامعة الخرطوم وجدنا اختلاطاً في الدراسة ومشاركة في النشاط. وتعلقت بطالبة كانت في كلية الآداب وأنا أتقدمها بعامين وهي التي كتبت فيها قصيدتي «سيد الاسم» التي تغنى بها الفنان الراحل أحمد الجابري وكتبتها عام 1969 ولا تزال تردد، وأعتقد أن وجودها حتى الآن في ساحة الغناء السوداني يعود إلى أنني كتبتها بصدق، وعن تجربة حب حقيقي، وهي للمرأة ذاتها التي باتت زوجتي.

ويواصل عبد الماجد عقب تخرجي من الجامعة انتهجت طريق السلك الإداري وعملت ضابطاً إداريا وبعد عامين طلب مني محافظ الخرطوم آنذاك أن أكون مديراً لمكتبه، ومن ثم ابتعثت إلى بريطانيا لاستكمال درجة الماجستير والدكتوراه وأمضيت بها قرابة العشرة أعوام، وكنت كثيراً ما أعود إلى أرض الوطن الذي كان جميلاً في ذلك الزمن، وبعد أن أكملت الدراسة العليا وتخصصت في الحكم المحلي كضابط إداري، عملت مساعداً لحاكم الولاية الشرقية، وبعد فترة اخترت مستشاراً لشؤون البلديات بوزارة الحكم المحلي في السعودية لمدة سنتين، والآن أعمل مستشاراً غير متفرغ بالإمارات والسعودية وتنزانيا.

عمل وأمل

يقول الشاعر عبد الماجد، بعد عودتي من السعودية عينت ضمن المحافظين الأوائل في بداية عهد حكومة الإنقاذ محافظاً لمحافظة بارا بشمال كردفان، ثم محافظاً لرشاد بجبال النوبة الشرقية، ونقلت محافظاً للقطينة بالنيل الأبيض، وأمضيت فترة قليلة محافظاً لكتم بولاية شمال دارفور، وبعدها عينت مستشاراً للمجلس الوطني، ومستشاراً لوزير الثقافة وقبل عامين أحلت للتقاعد، وأعمل الآن خبيراً بالمجلس القومي للتدريب ولدي شركة خاصة وتفرغت للكتابة.

Email