الشهادة في سبيل الوطن مكرمة جليلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن الإسلام أمر بالاستقرار والسلام، ودعا للخير والوئام، وحذر من أهل الاعتداء والإجرام، الذين يفسدون على الناس حياتهم، ويعتدون على الآمنين في أوطانهم، فأمر بدفع شرهم، ورد كيدهم، ودحر عدوانهم، قال الله جل وعلا: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين)، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأخذ على يد الظالم المعتدي، لمنع ضرره عن الناس، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: «تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره».

ولا يكون ذلك إلا بأمر من الحاكم، فطاعته واجب مؤكد، وفرض محتم، وهي آكد في مواضع الشدة والحزم وردع المعتدين، لما في ذلك من تحقيق الخيرات والمصالح، ودفع الشرور والمفاسد، وإرساء دعائم الحق والعدل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:« إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به». أي يقتدى برأيه ونظره في الأمور العظام والوقائع الخطيرة، ولا يتقدم على رأيه، ولا ينفرد دونه بأمر مهم. فهنيئا لمن لبى نداء وطنه، وساهم في الدفاع عنه، وقدم العون لأشقائه، فظفر بالفضل العظيم، والثواب العميم، الذي أعده الله سبحانه للمرابطين المجاهدين في سبيله، يقول صلى الله عليه وسلم: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها».

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبداً». وما يصيب المؤمن من أذى وهو مرابط في سبيل الله تعالى إلا وله فيه الكرامة عند الله، والشرف العظيم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده، ما من كلم يكلم -أي جرح يجرح- في سبيل الله، إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم، لونه لون دم، وريحه مسك».

إن نيل الشهادة في سبيل الله دفاعا عن الأوطان مكرمة جليلة، ومنحة كبيرة، يمن الله تعالى بها على من يشاء، يقول سبحانه: (وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء). أي: ليكرم منكم بالشهادة من أراد أن يكرمه بها، فدرجة الشهداء كبيرة، ومنزلتهم رفيعة، فهم أحياء فرحون، عند ربهم يرزقون، قال الله جل وعلا مذكرا بعظم منازلهم: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون* فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون). فطوبى لأبناء هذا الوطن الأبرار، الذين التحقوا بركب الشهداء الأطهار، الموعودين بأعظم الجزاء عند العزيز الغفار، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة، ويأمن من فتنة القبر».

وإن بركة الشهيد لا تقتصر عليه، بل تتعداه إلى أهله وذويه وأقاربه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه».

فاللهم ارحم شهداء الدولة، واحفظ جنودها، وارزقنا اليقين وحسن التوكل عليك.

 

Email