تتبنى مشاريع مجتمعية تسهم في تمكين المرأة واستقلالها مادياً

ساندي ساكسينا: ما أحوج العالم إلــــى الاقتداء بنموذج التعايش في الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

«إن الرزق رزق الله، والمال مال الله، والأرض أرض الله، والفضل فضل الله، والخلق خلق الله، ومن توكل على الله أعطاه الله، ومن يبينا حياه الله».. غيض من فيض حكمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ترحب بتعدد الجاليات، وتعزز ثقافة التسامح.. «البيان» تستعرض شهادات 30 شخصية طاب لها العيش على أرضنا الطيبة.

كونت الهندية ساندي ساكسينا، المستشارة المالية والناشطة الحقوقية في شؤون المرأة والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة شبكة علاقات ممتدة الصلة بالمواطنين في منطقة الخليج العربي والإمارات منذ أكثر من 40 عاماً، تبلورت خلالها أفكارها الواضحة حول مجال عملها وخاصة في قطاع المسؤولية المجتمعية التي تحاول عبرها إعادة تأسيس الأهداف النوعية لتمكين النساء واستقلالهن مادياً لنشر الوعي وثقافة الاقتصاد القائمة على المعرفة والرؤى المستقبلية.

التخطيط أولاً

تقول ساكسينا: قدمت إلى منطقة الخليج منذ كنت في الخامسة من العمر، وأمضيت فيها وقتاً طويلاً، حيث إني بدأت أشعر أنها موطني الأم. أما دبي فقد جئتها قبل عشرين عاماً، حين بدأت حياتي فعلاً بانطلاق مسيرتي العملية. يتمحور اهتمامي الأول بالاستقلالية المالية للنساء، أي تمكينهن. لذا فإن عملي يقتصر على التخطيط المالي بوصفه الطريق نحو الاستقلالية المؤدية إلى التمتع بالقوة وبالخيارات الكثيرة في الحياة، كمسؤولة تمكين وأركز في المهنة على العمل مع النساء والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وتضيف ساكسينا: إن التخطيط المالي للنساء مجرد فكرة ناشئة، حيث لاتزال العديد من النساء لا يملكن أي فكرة عن كيفية القيام بالتخطيط المالي. لذا فإنها مهمة صعبة، حيث يجب أن تعلّم النساء، وتشرح ماهية الاستقلالية المالية والإلمام بحيثياتها، ليس لهن وحسب بل بالنسبة لعائلاتهن أيضاً، وكيف يخولهن ذلك دعم عائلاتهن ومساعدتهن. وأتحدث في هذا الإطار كذلك عن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث ما زلنا نقنع أنفسنا اليوم في هذا الجزء من العالم بأنه يمكن لهؤلاء أن يكونوا مفيدين لمجتمعهم، وهذا ما أفعله.

ثقافة الادخار

وتوكد ساكسينا: في الإمارات، كما في كل أقطار العالم، تعشق النساء إنفاق المال، وإذا تمعنّا في الإعلانات فنلاحظ أنها تتجه جميعاً إلى المرأة المبذرة، إنفاق المال أمر جميل، لكن إذا تعلمنا اليوم كيف نخطط وكيف ننفق، حيث نبقى مع ذلك قادرين على الإنفاق بعد عشرة أعوام من اليوم، فسيكون ذلك أفضل، خاصة أننا نعيش ضمن منظومة مجتمع معاصر تتوفر خلالها الكثير من الوجهات الترفيهية والأماكن التي يمكن أن ننفق الأموال فيها، بدءاً بالمحال التجارية المنتشرة وصالات السبا الجميلة والكثير من الحوافز التي تحض على الإنفاق، الذي يتفق الجميع أنه يجعلنا سعداء. لكن ماذا إذا تمكنا من إنفاق المال والشعور بالسعادة وادخرنا ما يكفي للإنفاق فيما بعد.

نموذج مثالي

وتوضح ساكسينا: إذا أخذنا الإمارات على سبيل المثال، فحين أتيت إليها قبل 20 عاماً لم تكن إلا مدناً صغيرة تخلو من اللافتات الكبرى والمسارات الستة على الطرقات السريعة والازدحام المروري. وكانت كل الطرق تؤدي إلى أبوظبي، أما اليوم فقد برز اسم البلد على الخارطة وأصبح الجميع راغباً في زيارته. لكن كيف حصل ذلك، يعود الفضل إلى التخطيط المتأني والعمل على مراحل، والكثير من الإنفاق. فلماذا لا نطبق ذلك على حياتنا الخاصة؟ إن كنت تعيش في الإمارات، وتختبر هذا العدد الهائل من النمو، فلماذا لا تختبره على المستوى الشخصي؟ جل ما يتطلبه الأمر هو التخطيط الجيد ورصد الموازنة والحرص على تحويل أحلامنا إلى حقيقة.

تمكين المرأة

وتقول ساكسينا: كما أننا لو نظرنا مثلاً إلى ما كانت عليه السيدة الإماراتية قبل عشرين عاماً وكيف هنّ فتيات جيل اليوم، تجد العديد من الخريجات والطبيبات والموظفات في القطاعين الحكومي والخاص، وليس هذا سوى تأكيد على أن النساء الإماراتيات قد استفدن من الفرص الممنوحة لهن ومضين بتطويرها. أجل يسعنا القيام بأكثر من ذلك، لكن فقط إذا هيأنا الأرضية المناسبة وتطلعنا قدماً كيف يسعى هؤلاء إلى التطور والنمو بالمبادرة والابتكار، فإننا سنحظى بالبيئة المواتية التي يصبح تمكين المرأة من خلالها مذهلاً.

محور التغير

وحول مفهوم السعادة والتسامح الذى تنتهجه الدولة تقول ساكسينا: إن العالم في الوقت الراهن بات أحوج أكثر من أي وقت مضى إلى النموذج الإماراتي للتعامل بكل سلاسة مع تنوع الثقافات والحضارات والخلافات والتوترات التي تميز عصرنا الحالي، وإن ما تقوم به الإمارات من ترسيخ للتسامح، عبر العديد من المبادرات والسياسات يتماشى مع أجندة الأمم المتحدة للتطوير المستدام 2030، وأهدافها العالمية الــ 17»، موضحة أن الأمم المتحدة على ثقة أكيدة بأن رسالة السلام والتسامح التي تحمل لواءها دولة الإمارات ستنتشر في ربوع العالم كافة، وفي دول الشرق الأوسط، لتصبح قدوة ودفعة حقيقية للتغيير.

المُغامِرة

تقول ساكسينا: أنا من النوع الذي يحب أن يتحدى نفسه، وحين أقرر الذهاب في عطلات فإني لا أزور المدن الكبرى، بل حيث توجد المغامرة. وقد ذهبت بالفعل إلى منطقة في الأنتركتيك حيث الحرارة تتدنى عن 35 درجة تحت الصفر وكان الأمر ممتعاً بالفعل، كما أنني زرت البيرو، ذلك البلد الجميل حيث تقوم بالكثير من النزهات مما يتطلب أن تكون بصحة جيدة.

تحديات الحياة

وتضيف ساكسينا حين تقوم بهذا النوع المحدد من الرحلات فإنك تعتني بصحتك بالفعل، وتشحن نفسك بالطاقة وحسّ المغامرة. وحين تدخل عنصر المغامرة على حياتك، فإن الحياة تصبح مغامرة بذاتها، وحين تصادفك التحديات فإنك لا تصاب بالإحباط بل تدرك في أعماقك أنك قادر على تحقيق الإنجازات.

إننا في موسم رمضان الذي يعني أنك ستصاب بالجوع والعطش، أو يمكن أن يعني أنك تعيش فترة من الانضباط الذاتي الذي يفقد معه الشعور بالجوع والعطش معناه، لاسيما أنك تدرك أن هناك سبباً وجيهاً وراء ذلك هو تنظيف الجسم والعقل من السموم، ونقوم بالتركيز على أمور أكثر أهمية. إننا نحظى بالطعام والشراب طوال الوقت، لكن هذا الشهر هو الوقت المناسب الذي يخولنا النظر في إمكانية ضبط إيقاع حياتنا والمضي قدماً، وحبذا لو نستفيد من هذه الدروس في حياتنا، لأننا إذا نظرنا إلى مسألة الانضباط في حياتنا والمصاعب وحرمان الذات من شيء ما لتحقيق ما هو أسمى، نرى أنه وقت مواتٍ لإدخال تلك المبادئ إلى حياتنا بكليّتها، وليس اعتمادها في شهر رمضان وحسب.

فرص ذهبية

ومن جانب آخر تحث ساكسينا الجميع على التحلي بالإيجابية في التفكير، وتقول: لا أتوجه فيما سأقول إلى النساء وحسب، لأني واحدة منهن، بل إلى الرجال أيضاً. القاعدة الأولى، أحبوا أنفسكم. لا تحكموا على الأشخاص وتفكروا في أفعالهم وأقوالهم، فكروا في أنفسكم بما يخولكم تقبّل الآخر والتعلّم منه حتى لو لم تحبوه.

وحين تفعلون، فاعلموا أنكم في طور النمو الذاتي والتطور، والأهم أنكم تعلمتم أن تحبوا العائلة وأولادكم، والأهم أنكم تحبون أنفسكم. الحب عاطفة قابلة للتمدد تصبح الأمور كلها معها أفضل، وإذا عكست ذلك على أوجه حياتك، سواء في الوظيفة والعمل والمفاوضات والأصدقاء، فإن هالتك ستتغير وتمدّك بتغيرها بالقوة التي تمكنك من تحقيق ما تريد، وهناك تعبير رائج تعايشه كثيراً في دبي ويرادف «الفرص الجديدة» كالتي اختبرتها أنا على الصعيد الشخصي، لأنني أقوم بثلاثة أمور هي الأقرب إلى قلبي، وأعلم أن هناك الكثير من الفرص الأخرى في طريقها إليّ. أولاً: أدير مدرسة «المنزل» لذوي الاحتياجات الخاصة، وقد كانت صغيرة جداً لكنها تحقق بعد 11 عاماً بصمتها، لاسيما أن خرّيجينا يعملون بدبي في وظائف بدوام كامل. أوليس هذا رائعاً؟ ألا يمثل فرصةً جديدة؟

ثانياً: مشروع استقلالية المرأة المالية الذي كما قلت يمثل مهمة طويلة وشاقة، لكن النتائج مجدية، وهناك الكثير من المهتمين وهذا ما يجعله أفضل، لأنه يتجه لأن يكون جزءاً من خدمة المجتمع. والأهم أني بدأت مشروعاً جديداً بعنوان «نحن نقول أجل للفرص الجديدة» وهو مشروع يعنى بالنساء رائدات الأعمال، الذي يوجد منهن الكثير في دبي لكنهن لا يحظين دوماً بمنصات تخولهن دفع عجلة العمل من النطاق الضيق إلى نطاق أوسع. وهنا يأتي دورنا في خلق بيئة عمل شاملة تؤهل النساء لتطوير أعمالهن وتحقيق المزيد من النجاح. وهذه هي حقيقة دبي، لذا أنا أعشق العيش هنا.

طاقة إيجابية

ترى ساندي ساكسينا أنها تتمتع بكم هائل من الطاقة الإيجابية والتي تنبع أولاً من طريقة التفكير الإيجابي. قائلة: أهم ما في الأمر أني أحب نفسي، وإن كنت لا تحب نفسك فلن تعتني بها ولن تكون سعيداً. لكن عندما تحب نفسك فإنك ستسعد تلقائياً وسيرتفع مستوى الطاقة لديك.

Email