تفاصيله تنقل المشاهد للثمانينات

«وديمة وحليمة» شهادة نجاح الكوميديا المحلية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ربما يكون الوقت مبكراً للحكم على الأعمال الدرامية، إلا أن الحكم على مسلسل "وديمة وحليمة" الذي تعرضه قناة "سما دبي" ليس مبكراً أبداً، وخصوصاً أنه مسلسل مكون من حلقات متصلة منفصلة، كما أن مقولة "المكتوب واضح من عنوانه" تنطبق عليه إلى حد كبير، فالمكتوب مجموعة من القصص والمواقف الجميلة والممتعة، امتزجت فيها كوميديا الموقف مع جمال الصورة، والعنوان "وديمة وحليمة"، اللتين تؤدي دوريهما الفنانتان سعاد علي وملاك الخالدي، ومقالب لا تنتهي بين الجارتين اللتين تُعد كل منهما نجمة حقيقية في سماء الكوميديا.

من خلال متابعة الحلقات الأولى للمسلسل، يلمح المشاهد بسهولة مدى الجمال الذي أوجدته البساطة، ويرى نفسه في تفاصيل العمل الذي عايش فترة الثمانينات، وعرض ملامح الحي الشعبي ببيوته البسيطة، والمساحات التي لم تكتم أنفاسها آخر صيحات الديكور والأثاث، ولم تلامسها أيادي التقنيات التي أصبحت تطاردنا من كل جانب.

ماض جميل

جدران مصبوغة بالدهان الزيتي الملون والجاف الأبيض، وجلسات أرضية، وحصير، ودِلال القهوة، وأواني الطعام، وحافظ الماء، كلها تفاصيل صغيرة وُجدت في العمل، إلا أن كلاً منها أعادنا إلى الوراء، إلى ما يقارب خمسة وعشرين عاماً أو أكثر، وإلى ماضٍ جميل اشتقنا له، فوجدنا أنفسنا نتحدث مع "حليمة"، ونجلس على الكرسي الخشبي الموجود أمام بيت "وديمة"، ونزور دكان "سليم" كل صباح لشراء احتياجاتنا، ونستمع بشغف إلى "فرج" ونصلح معه شباك الصيد.

جاء أداء الممثلين قوياً ومتميزاً، فسعاد علي أثبتت في هذا المسلسل أنها ممثلة كوميدية بامتياز، ورغم أنها معروفة بإبداعها في هذا الجانب، إلا أن العلاقة الحميمة التي جمعت الممثلين وراء الكواليس انعكست بشكل واضح على أدائهم جميعاً.

وفي ما يخص ملاك الخالدي، فرغم رزانتها المعهودة في الطبيعة، ومشاركتها السابقة في السيت كوم "عجيب غريب"، إلا أنها في "وديمة وحليمة" ارتقت بأدائها إلى أقصى الحدود، وأكدت أنها فنانة مبدعة أينما تكون، وفي أي دور.

منافس قوي

مرعي الحليان أطل بدور جميل ومتميز، لدرجة جعلنا نحتار فيها من الذي اختار الآخر، هو أم الدور؟، ويبدو من خلال أدائه أنه منافس قوي للبطلتين الرئيسيتين في العمل، فمن يعرف الحليان في الحقيقة بروحه الحلوة وذوقه اللامتناهي، يتعجب من قدرته على إتقان هذا الدور الذي يظهر فيه حاد الطباع.

ورغم مشاركة أسيل عمران في المسلسل، إلا أن دورها يُعد محصور جداً في نطاق الفتاة الهادئة، ولم يقدم لها جديداً يذكر، أو يكشف عن شيء من مواهب خفية لديها، أما عائشة عبدالرحمن فقد ظهرت بشكل جديد ومختلف، تخلت فيه عن الاهتمام بمظهرها، وهو ما أضاف المصداقية لدورها.

ما ميز "وديمة وحليمة" تجنبه لجرعات السواد والنحيب التي تمتلئ بها المسلسلات الخليجية على آخرها، وهذا دليل على تميز الكاتب جاسم الخراز، الذي نجح في تقديم سيناريو جميل وحوارات ممتعة، وألفاظ تناسب البيئة والفترة الزمنية التي يعرضها العمل.

وفي المقابل نجح المخرج عمر إبراهيم في وضع بصمته الإخراجية على المسلسل، ورغم تخوفه الكبير من تقديمه في بادئ الأمر، واعتباره مغامرة إخراجية، إلا أنه شَكَّل مع الكاتب والممثلين فريق عمل ناجح، واستطاع أن يصل بهم من خلاله كاميرته إلى بر الأمان.

"وديمة وحليمة" من إنتاج شركة "جرناس" للإنتاج الفني، التي وفرت له كل ما يتطلبه من عناصر إنتاجية عالية المستوى، وتكفلت بتوفير مستلزمات التصوير بتقنية"HD"، وبحق، فقد نجحت "جرناس" في تقديم عمل متكامل، دخل البيوت بلا استئذان، وناسب جميع جميع أفراد الأسرة على اختلاف أعمارهم وثقافاتهم، فكان عملاً كوميدياً ناجحاً بامتياز.

على الخطى

وعلى خطى "طاش ما طاش" و"حاير طاير" وغيرهما من الأعمال المحلية الناجحة، يخطو "وديمة وحليمة"، ليكون واحداً من الأعمال التي حققت جماهيرية كبيرة، وليستمر مشوار نجاح المسلسلات المحلية التي تستعين بأعلى التقنيات في تصويرها، وبأعلى الكفاءات والأسماء الفنية والنجوم في تقديمها، مع المحافظة على عادات وتقاليد المجتمع، وبصورة لا تعرف الابتذال أو الإسفاف.

 

اعتراف

"وديمة وحليمة" يُعد شهادة أخرى واعتراف بقدرة الفنان والمنتج أحمد الجسمي على تقديم عمل مميز، وتميز مؤسسة دبي للإعلام في تقديم منتج جميل ومنافس.

Email