حكايات وذكريات

عدن الجريحة تئن في شهر التسامح

ت + ت - الحجم الطبيعي

«أتذكر جيدا العام الفائت كيف كان شعورنا ونحن نحس بملامح وروحانية رمضان، كنا نراه في وجوه الأطفال، وفي ازدحام أسواق كريتر، ونشعر به حين لا تتوقف هواتف المنازل والأهل يتصلون لتبادل التهاني بالشهرالكريم، كنا نراه في تغير ملامح منازلنا، ونعيشه بتفاصيل حكاياتنا، ونشعر بسعادة كبيرة وهو فينا». وأخذ الأديب والشاعر علي محسن العدني يجتر ذكرياته ويسرد حكاياته ولسان حاله يشير للأوضاع المأساوية في عدن الآن بعد هجمة طيور الظلام على البلدة الوادعة، وكأنه يقول كيف كنا وماذا أصبحنا؟ ويواصل حديثه، الليلة السابقة لرمضان الفائت اتصل علي أحد اصدقائي، وأبلغني انه هو والشباب ينتظروننا في مقهى مليط الذي يقع في وسط مدينة التواهي، مكان يجتمع فيه الكبار من رجال الزمن الماضي، ليتذكروا جلساتهم ولياليهم على ماض جميل هيهات أن يعود.

في تلك الليلة شعرت بسعادة غامرة وفرح كبير وأنا أشاهد الأطفال وهم يلعبون في الشوارع وبعضهم يتسامرون حتى ساعات الفجر الأولى وقبل وقت السحور، وصراخهم يصل الى كل بيت فرحين ومبتهجين بقدوم الشهر الفضيل شهر الأمان والطمانينة.

إنني أشعر بألم شديد، فالتواهي تحولت الى مدينة اشباح يسودها الصمت والخوف، والظلام يلف أرجاء المكان، وصيحات وقهقهات الاطفال اختفت من مدينتنا، ولا شيء يدل على وجود حياة هناك. السهر والسمر والفرح والمرح، أشياء صارت من الماضي.

والذهاب الى جلدمور وساحل ابين بعد السحور للعب صار أيضا من الماضي الجميل كل شيء تغير في المدينة حتى جبل شمسان رغم شموخه وكبريائه صار يعاني، أمواج البحر تبكي وتتنهد، شارع مدرم او ما يعرف بالرئيسي تحول الى خرابة، كريتر البركان لا أحد يستطيع ان يتخيلها حاليا. فقد أصبحت هامدة بلا حركة، والمدينة التي كانت لا تتثاءب أو تعرف النوم في رمضان باتت كسيرة الخاطر، خورمكسر تبكي على الاطلال واهلها صاروا مشردين بعد ان هدمت منازلهم. مشهد أبكاني حين التقيت بالصدفة احدى الزميلات بالعمل في مدينة انماء وحين سألتها عن حالها انفجرت باكية فبيتها دمر وحرق بالكامل.

Email