32 ألف ناخب يختارون أعضاء المجلس عن إمارة الشارقة

مشهد حضاري يكرّس مبدأ الديمقراطية في الدولة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

عاشت الشارقة يوماً حافلاً بالمشاعر الوطنية، حيث توجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في مختلف أنحاء الإمارة، لاختيار من يمثلهم في المجلس الوطني الاتحادي لأربع سنوات مقبلة، في مشهد حضاري متقدم، يكرس مبدأ الديمقراطية في دولة الإمارات. وقد بدأت عمليّة التصويت عند الساعة الثامنة صباحاً، وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة الثامنة مساءً، وسط كثافة في الإقبال تصدرها الذكور من أعمار سنية مختلفة. ومرّت تفاصيل اليوم الانتخابي، أمس، وعين الناخبين على أعضاء المجلس المقبل، والذين ستحدد هويتهم أصوات 32 ألف ناخب على مستوى إمارة الشارقة.

المشهد العام بدا هادئاً في ساعات الصباح الأولى، لكن وتيرته ارتفعت بشكل تدريجي، وأخذت الأعداد تتجه نحو الصعود، حيث شهدت مراكز الاقتراع إقبالاً كثيفاً، لا سيما بعد ساعات الظهيرة، حيث توجه الناخبون للإدلاء بأصواتهم، فيما كان مركز اقتراع الذيد الأكثر زخماً في الإقبال. وبحسب محمد الغفلي مسؤول لجنة الانتخابات في المركز، فإنه شهد تدفق الناخبين من الجنسين، مؤكداً سلاسة العملية الانتخابية والتزام الناخبين بالأنظمة المتبعة.

وأجمع عدد من المسؤولين والناخبين على أن هنالك عوامل عدة أسهمت إسهاماً كبيراً في نجاح الانتخابات، أهمها سيادة القرار الحرّ للناخبين، والشعور بالمسؤولية وتقديم المصلحة الوطنية، مترجمين رؤية القيادة الرشيدة التي يقودها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله. ولفتوا إلى أن المشاركة في الانتخابات واجب وطني لدعم مرحلة التمكين السياسي، مؤكدين أن إدلاء الناخبين بأصواتهم ضرورة لإنجاح العملية الانتخابية.

وأبدى ناخبون ارتياحهم لسير الانتخابات وإجراءات الاقتراع المتخذة، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن مشاركتهم في هذا العرس الديمقراطي، تأتي تطبيقاً لحقهم الدستوري في اختيار من يمثلهم في المجلس الوطني.

تجربة خاصة

معالي عبد الرحمن العويس وزير الصحة، تفقد لجنة الانتخابات في نادي الشطرنج، وأدلى بصوته لمن يراه الأجدر لدخول قبة البرلمان مع الأعضاء الآخرين، حيث تقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة بما يحقق تطلعات المواطنين وآمالهم وطموحاتهم. وقال إن الانتخابات في الدولة لا تتسم بالقبلية بقدر ما هي تجربة خاصة، مشيراً إلى أن أعضاء المجلس الوطني هم شركاء استراتيجيون، مستنداً إلى تجربتهم في الصحة مع الأعضاء السابقين الذين شكلوا حلقة الوصل مع المجتمع، وتمكنوا من الوصول إلى حل جذري للعديد من الإشكاليات بحكم قربهم أكثر من المجتمع، لافتاً إلى أن أعضاء الوطني وعلى مر السنوات، ساهموا في مناقشة الكثير من مشاريع القوانين، الأمر الذي يدل على تفاعلهم وعملهم لصالح الإمارات.

وأشار العويس إلى أن الانتخابات أضحت أكثر رسوخاً وثباتاً، وهي ماضية قدماً بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، منذ أن أطلق التنمية المستدامة عام 2005، وقال إنه من الأهمية بمكان أن يعي الناخب الإماراتي الدور المنوط بالمجلس، وأن لا يردد ماذا قدم وسيقدم لي المجلس، لأن ما تم إنجازه من قوانين وتشريعات دليل على التفاعل وأنهم أعضاء مؤثرون.

أما معالي عبد الله بلحيف النعيمي وزير الأشغال العامة، فقد طالب الناخبين بعدم التقاعس عن ممارسة حقهم الدستوري في الانتخاب، على اعتبار أن التصويت واجب وطني، وعليه تجب تلبية النداء لإيصال من يمثلونهم في المجلس الوطني الاتحادي، والمساهمة في مسيرة التنمية، مؤكداً أنه لم يصوت لقبيلة أو معرفة بل صوت للإمارات، ودعا الناخبين لتحمل مسؤولياتهم الوطنية في حسن اختيار ممثليهم، الذين يستحقون أن يمثلوهم في المجلس الوطني ويدفعوا برلمانهم لتحقيق أهدافه.

أصوات ناشزة

وأضاف عبد الله بلحيف النعيمي إن الأصوات الناشزة التي نسمعها عن جدوى المجلس والتصويت، تدحضها أعداد الناخبين الذين توافدوا على مراكز الاقتراع أفراداً وجماعات، لافتاً إلى أن المجلس يساعد القيادة على تلبية احتياجات أبناء الدولة، من خلال إصدار تشريعات وقوانين هدفها إسعاد الشعب. وعاود تأكيده أن الصوت أمانة، وأنه منحه لمن يراه على درجة من الكفاءة ليمثل نبض الشارع.

وأوضح أحمد الزرعوني رئيس مركز الانتخابات في نادي الشطرنج في الشارقة، أن نسب الإقبال بدت ضعيفة في الصباح الباكر لكن وتيرتها زادت حتى انتهاء الوقت الفعلي للتصويت، وأن العملية الانتخابية سارت بشكل سلس ولم ترد أي شكاوى من الناخبين، مؤكداً أن المركز لم يشهد أي مشكلات تقنية أو خروقات، سواء من قبل الناخبين أو المرشحين، وأرجع ضعف الإقبال على التصويت في الساعة الأولى، إلى أن يوم السبت إجازة رسمية، ويفضل الناخبون الحضور في وقت غير مبكر. وقال إن على الـ32 ألف ناخب الذين وردت أسماؤهم في القوائم الانتخابية، عدم التردد لمنح أصواتهم للمرشح الجدير بدخول المجلس، أو إبطال أصواتهم إن لم يجدوا مرشحاً يرونه جديراً بها، معولاً على وعي الناخبين لرفع نسب المشاركة.

مرونة التصويت

وحول نسب المشاركة، قال الزرعوني إن ارتفاع الأعداد «دليل على أنّ أبناء الدولة يؤمنون بالديمقراطية وتوّجوا ذلك بمشاركة جميلة»، لافتاً إلى أنهم هيأوا الأجواء العامة للمنتخبين وضمنوا لهم حرية التصويت دون وجود أي تأثيرات، من لحظة دخول المركز حتى انتهاء عملية التصويت ومغادرة القاعة، وأن لديهم 50 موظفاً موزعين في المركز.

وتحدث عن عملية التصويت وتدريب الناخبين على كيفية الأدلاء بأصواتهم، على أنها مرنة وسهلة للغاية، حيث يقدم 6 مدربين متواجدين في القاعة، تدريباً عبر شاشات عرض تم توفيرها، وإن احتاج أحد الناخبين إلى إيضاح أكثر يتم تدريبه بشكل فردي، فيما يساعد أحد أعضاء الفريق من لا يتمكن من إتمام العملية بمفرده.

وذكر انه لم يتم تسجيل أي خروقات خلال الانتخابات المبكرة التي جرت الأسبوع الماضي، باستثناء دخول بعض الأفراد ممن لم ترد أسماؤهم في القوائم يريدون الإدلاء بأصواتهم، ويتم إخطارهم بذلك عبرنا أو عبر خدمة العملاء، وإن واجهنا أي مشكلة في هذا الإطار نسجل محضراً يتم إرساله للجنة الوطنية للانتخابات.

أصحاب الكفاءة

وقالت المهندسة جميلة الفندي المديرة العامة لبرنامج الشيخ زايد للإسكان، إنها انتخبت شخصاً على درجة عالية من الكفاءة، يعمل في خدمة المجتمع منذ سنوات، وله برنامج انتخابي قوي ومتميز، مضيفة إنه «الشخص الأكثر استحقاقاً لأنه سيكون قادراً على إيصال صوت المواطن بشكل جيد للحكومة، وهو شخص خدم الدولة في مواقع كثيرة ولمدة طويلة»، وأكدت أن نظام الصوت الواحد الذي تم تطبيقه في هذه الانتخابات، أفضل من نظام الثلاثة أصوات الذي كان في الانتخابات الماضية.

وذكر الناخب طارق خلفان الفندي (40 عاماً)، موظف في مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، أنه انتخب مرشحاً بناءً على برنامجه الانتخابي، الذي يركز على خدمة المجتمع وملفات التعليم والصحة والإسكان، وليس بناءً على اتجاه قبلي أو صداقة شخصية، مؤكداً أن التصويت في الانتخابات واجب وطني.

أول الناخبين

وكان عادل الخاجة (موظف في مشاريع قرقاش) أول ناخب أدلى بصوته في الشارقة، مؤكداً ضرورة التواجد في هذا الاستحقاق التاريخي، واختيار الشخص الأمثل بعيداً عن أي مؤثرات أو ضغوط، لأن من يتم اختياره بأغلبية شعبية يكون صاحب امتيازات وقدرة على الإضافة للمجلس من خلال ما لديه من إمكانيات. أما راشد الكتبي، وهو من منطقة المدام، فأثنى على حسن التنظيم وبساطة الإجراءات، لافتاً إلى انه اختار شخصاً على درجة من الوعي والمسؤولية، أملاً في تحقيق مزيد من التطوير، خاصة في قطاع الخدمات العامة.

أما ابتسام أحمد، موظفة في وزارة الصحة بأبوظبي، ورغم إمكانية التصويت في العاصمة، إلا أنها أرادت أن تشارك أبناء الشارقة الباسمة فرحتهم في يوم التمكين السياسي والعرس الديمقراطي الذي تشهده الدولة، لافتة إلى أن الوضع العام يعكس عمق الوعي ونضج التجربة بين أفراد المجتمع، وهو ما يظهر جلياً من احترامهم للأنظمة والضوابط وعدم حدوث أي حالات تزوير أو خرق، مشيرة إلى أنها انتخبت مرشحاً ترى أن لديه كاريزما قيادية وشخصية ذات تأثير، ما يجعله فاعلاً داخل قبة المجلس، رغم أنها لم تتطلع على برنامجه الانتخابي كما تقول.


 

Email