من «فينيسيا» إلى «أمستردام» وقريباً في «دبي السينمائي»

«أنا مع العروسة» رحلة من أجل الحياة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حتى اللحظة لم يتم توجيه أي تهمة لخالد سليمان الناصري وأنتونيو أوغوليارو وجابريلي دل غراندي مخرجي الفيلم الفلسطيني الإيطالي «أنا مع العروسة». الفيلم الذي يحكي قصة «تهريب» حقيقية لخمسة فلسطينيين سوريين انطلاقاً من مدينة ميلانو الإيطالية إلى مالمو السويدية بغرض تقديم اللجوء الإنساني هناك هرباً من جحيم «الحرب» في سوريا، حيث تم تصوير اللقطات ضمن الزمن الحقيقي للفيلم ويبدأ من يوم 14 حتى 18 نوفمبر 2013.

فيلم «أنا مع العروسة» الذي عرض أخيراً في مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية، وسيعرض قريباً خلال مهرجان دبي السينمائي في ديسمبر المقبل، بدأ عندما كان الأصدقاء خالد وجابريلي وطارق الجبر يحتسون القهوة في محطة بورتا غاريبالدي في أكتوبر 2013، وبحسب القصة التي نشرها فريق العمل على موقع الفيلم الرسمي «يقترب شابّ فلسطيني ويسألهم عن القطار المتجه إلى السويد، فيجيبونه بأنْ ما من قطار يتجه إلى هناك»، وهناك يروي عبدالله قصة نجاته من الغرق، حيث نتعرف على التفاصيل المأساوية التي يختزنها «عبدالله» عندما شهد غرق250 مهاجراً. وقتها ألقي بعبدالله مع جثث الغرقى، ولولا قدرته على تحريك يده لما نجى، ويبوح بالحكاية وهو يكتب أسماء بعضهم على حائط المنزل الحدودي الذي يفضل إيطاليا عن فرنسا، لكأنه يكتب شاهدة قبرهم، أو ذكرى سجنه في طريقه للحرية، فيما يلعب دور العريس المفترض، وتبدو الزفة كاحتفال بالانتقال إلى حياة جديدة كتبت له.

مصطلح «التهريب» هنا ملتبس من جهة قانونية إلا أن له أبعاداً أخلاقياً مختلفة، إذ ينطلق صانعوا الفيلم من نقطة إنه طالما يتكفل الاتحاد الأوروبي باستيعاب وقبول لجوء أعداد من المهاجرين بعد وصولهم بشكل غير شرعي إلى دوله، فلماذا لا يفتح هذا الباب باللجوء من خلال السفارات بشكل قانوني ويغلق الباب على محنة «الإتجار بالبشر» الراغبين في الأمان وهو حق إنساني!.

«قوارب الموت»
يفتح الفيلم باب السؤال هنا على مصراعيه عن مدى صحة الإدعاءات الإنسانية التي تزعمها دول الاتحاد الأوروبي، وينطلق الفيلم من إيطاليا الدولة التي كانت البوابة العريضة لوصول ركاب «قوارب الموت» من ليبيا، وزوارة تحديداً النقطة الأقرب إلى الحدود الليبية في رحلة يفترض ان تستغرق ثلاث ساعات في الشروط الاعتيادية، إلا أنها تتمدد لتصل إلى يوم كامل في بعض الأحيان وكثيراً ما تتعدى هذا التوقيت نظراً للشروط السيئة التي يعانيها هؤلاء من تكدس بأعداد تفوق طاقة المركب على الاستيعاب عدة مرات، وما يقابل هذا من مخاطر التعرض للغرق وهو ما حدث كثيراً، إلى ما هنالك من أرقام فلكية يفرضها المهربون على هؤلاء، وتتسائل إحدى بطلات الفيلم: «أعاقل من يدفع المال في سبيل موته؟«. إلا أن الحال مستمر ولا يزال الكثير يدفعون ثمن موتهم، واحتمال أن يبتلعهم البحر المتوسط في ظرف سفر متهتك يبدأ من السفينة المنهكة أساساً إلى ظروف السفر نفسها، والمخاطر خلال الرحلة.

أثمان باهظة
تذخر قصص السوريين في منافي اللجوء بالعديد من التفاصيل المؤلمة عن حالات نصب واحتيال واستغلال لحاجة هؤلاء الإنسانية للأمان، ويورد صانعوه واحدة من القصص المتمثلة في ترك عائلة مكونة من أب وأم وثلاثة أطفال على سفوح جبال الألب، حيث زعم المهربون أنهم وصلوا بالعائلة إلى السويد. الرحلة التي يدفع الكثير من اللاجئين أثماناً باهظة لأجلها، في الوقت الذي يتوقعون أنهم بمجرد عبورهم البحر في رحلات الموت عبر المتوسط قد وصلوا إلى أرض الأحلام.

يتعامل صانعوا الفيلم مع أبطالهم كأبطال سينما حقيقيين، ويكتبون أسمائهم بالخط العريض كما تقدم تترات السينما نجوم العمل من المشاهير. في الواقع سيصير الشباب من المشاهير، إذ لا يزال الفيلم يتصدر شباك التذاكر الإيطالي منذ إطلاق عروضه التجارية في إيطاليا، وهذا حدث بحد ذاته في تاريخ السينما الإيطالية يحسب للفيلم، ، ويضيف الناصري «يعتبر الإيطاليون فيلمنا حدث العام، ويستمر بنجاح كبير في شباك التذاكر منذ دخوله صالات العرض التجاري الإيطالية»، خصوصاً أن الفيلم وثائقي ويتناول قصصاً حقيقية في رحلة حقيقية تحمل مخاطرة حقيقية تتمثل في احتمالية دخولهم السجن لمدة قد تصل إلى 15 عاماً.

يقول الصحفي الإيطالي الشاب إن اختيارهم تهريب خمس أشخاص فقط، هو خيار مدروس بدقة إذ تصل مدة سجنه القصوى إلى 15 سنة، لكن الفيلم يراهن على رقم قياسي آخر سجل في إيطالياً أيضاً، وتحديداً في فينيسيا إذ حاز الفيلم على 17 دقيقة من التصفيق المتواصل في مهرجان فينيسيا السينمائي 2014، فيما سجل الفيلم حضوراً منقطع النظير في عروضه بمهرجان DIFA2014 في أمستردام ضمن مسابقة الظهور الأول، كما أنه من أول الأفلام في تاريخ السينما الإيطالية المستقلة الذي يحقق هذا التمويل من قبل الجمهور.

بلغت تكلفة الفيلم حوالي 150 ألف يورو، جمع فريق الفيلم منها 100 ألف يورو خلال الشهر الأول من وضعهم فكرة الفيلم على موقع لجمع التمويل المجتمعي لدعم وتمويل كافة مراحل التحضير والتصوير واستئجار المعدات والدعم اللوجستي، حيث شهد الفيلم مشاركة جماعية في تمويله، وحاز على مساهمة من Doc Lab التابع لمهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية، إضافة لمساهمة عدد من المتطوعين لتذليل العراقيل التي تقف بوجه هذه القصة/الرسالة، حيث قال ديل غراندي «إن وضوح القصة وإظهارها بهذه العلنية أمام الشرطة، كان يهدف إلى إبعاد أي شك في سلوك هؤلاء كي لا تكتشف الشرطة أي شيء وتنكشف العملية، فلم يكن أحد ليشك في موكب عرس».

Email