«سيلفي» من أهم الظواهر التي أرخت لعهد جديد للصورة يتقاسمها النجوم والمعجبون والمتطلعون إلى الشُّهرة

دعنا نأخذْ Selfie

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

سيلفي أو Selfie، أو إن شئت سمِّها «الصورة الذاتية» أو «الصورة الملتقطة ذاتياً»، تعدَّدت المصطلحاتُ والمعنى واحد، كلها تدور حول صورة شخصية يقوم صاحبها بالتقاطها لنفسه باستخدام آلة تصوير، أو باستخدام هاتف ذكي مُجهزة بكاميرا رقمية، ومن ثم يقوم بنشرها على الشبكات الاجتماعية (فيس بوك، تويتر، إنستاغرام وغيرها)، وذلك لاعتمادها كصورة رئيسة في ملفه الشخصي، أو لتسجيل حضوره في مكان مُعين، أو إلى جانب أشخاص مُعينين، وعادة ما تكون هذه الصور عبارة عن صور عفوية لا تتسم بأية رسمية، ويقوم صاحبها بالتقاطها عبر الإمساك بآلة التصوير بيده وتوجيه الكاميرا إليه أو عبر توجيهها إلى مرآة عاكسة في حال ما إذا لم يتوفر الهاتف الذكي على كاميرا أمامية.

ومهما يكن، فإن هذا الأمر أصبح ظاهرة أخذت بالانتشار، لا سيما في نهاية العام الماضي وبداية العام الجاري، ولعل الصورة التي فجرت هذه الظاهرة، هي تلك التي ضمت مجموعة من النجوم بعد أن التقطت ألين دي جينيريس صورة في حفل توزيع جوائز الأوسكار السادس والثمانين مع أشهر نجوم هوليوود، وهم إلى جانب ألين نجد جاريد ليتو، جينيفر لورنس، ميريل ستريب، وبرادلي كوبر، وبيتر وبيتا نيونغ أو، تشانينج تاتوم، جوليا روبرتس، كيفن سبيسي، براد بيت وأنجلينا جولي، فسلك الناس دربها، وأصبحت العلامة البارزة في كل مناسبة، حتى باتت فاكهة المجلس، أو إن شئت قل لا تكتمل للمجلس نكهته إلا بها.

أصل الحكاية
يعتقد الكثيرون أن السيلفي هو حديث عهد في عالم التصوير حداثة الموبايلات، إلا أن نشأة هذا النمط من الصور يعود إلى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وذلك بفضل كاميرات براوني، حيث كان المصورون الذين يلتقطون تلك الصور الشخصية يستعينون بمرايا لالتقاط تلك الصور. ولكن إذا عدنا إلى الوراء، سنجد أن روبرت كورنيليوس أول من التقط صورة سيلفي عام 1839، بينما تقول دراسات بأن أصول سيلفي أسترالية، حيث أن منشأها من هناك، مع أن باحثين من ناشيونل بورتري غاليري قالوا إن الدوقة الكبيرة الروسية اناستازيا «هي من أول المراهقين الذين التقطوا صوراً لأنفسهم». فقد حصل ذلك في عام 1914، وكانت يومها في الثالثة عشرة، ولو كانت مواقع التواصل منتشرة كما اليوم، لتشاطرها المتابعون، على حد قولهم.

ضريبة السيلفي
ناهيك عن الأحداث المؤلمة التي تصاحب السيلفي، ولا سيما في أوقات قيادة السيارة، على غرار الشابة الأميركية التي توفيت في حادث سيارة مروع أثناء توجهها إلى حفلة، بعد لحظات من التقاطها صورة «سيلفي». فإنها لا تنفك عن وجود مضاعفات نفسية تعلو وتخفت حسب عدد المرات التي يلتقط فيها الإنسان صورة له.


في حين يوصف الالتقاط المفرط للصور الشخصية بالنرجسية الزائدة، إلا أن هناك من يعتبره نوعاً جديداً من التواصل الاجتماعي، خاصة بعد أن ظهرت تطبيقات خاصة بذلك على الهواتف الذكية، مثلما هو عليه الحال مع تطبيق سناب شات. كما ظهرت مؤخراً موضة جديدة تتعلق بالتقاط شخصية جماعية بدل الفردية. فقد أشارت دراسة أجرتها الرابطة الأميركية للطب النفسي، أن انتشار هذه الظاهرة بشكل واسع وحاد في صفوف بعض الشباب، قد يشير إلى الإصابة باضطراب عقلي لدى مدمنيها. عندما يتجاوز الأمر إلى أن تصبح حالة مزمنة، وقد شخصت الدراسة حالة ناشط فيس بوكي فقد السيطرة على نفسه أمام رغبته الجامحة في تصوير نفسه «على مدار الساعة»، ومشاركة الصور في المواقع الاجتماعية، لـ 6 مرات في اليوم على الأقل بشكل مستمر. ويبدو أن هذا الإدمان دفع بمغامر الاقتراب من زوبعة رملية مخيفة لأقرب مسافة ممكنة، بهدف الحصول على صورة «سيلفي».


في كل مكان
أما ما أفرزته هذه الظاهرة، تمخض عنه انتشار هاشتاق باسم #سيلفي أو #Selfie، هذا الهاشتاق أو المصطلح يأتي بمعنى أن تأخذ صورة لنفسك أو الصورة الذاتية باستخدام الكاميرا، وقد تكون هذه الصورة إما للشخص نفسه وحيداً، أو مع عدة أشخاص آخرين، ولانتشار هذا المصطلح على نطاق واسع، فقد قام قاموس أكسفورد بإضافتها في نهاية عام 2013، حيث أوردت التقارير أن استعمال هذه الكلمة قد زاد خلال هذه السنة بنسبة 17.000 مرة عن السنة الماضية. وأن أكثر الاستعمال هو في موقع «فيس بوك»، الذي تنتشر فيه الصور، بالإضافة إلى الرسائل. وأخيراً، موقع «إنستغرام» الذي يركز على الصور، ذاتية، وغير ذاتية، كما أن محرك Yahoo قد صرح بأن في عام 2014 ستلقط حوالي 880 مليار صورة، أي 123 صورة لكل واحد من سكان الأرض. ويتوقع أن يكون الكثير منها من نوع «سيلفي».

سيلفي النجوم
نظراً إلى هذا الانتشار والقبول الكبير من قبل أغلب مستخدمي مواقع التواصل، فقد سار كثيرٌ من المشاهير على دربه، فأصبحوا يُنافسون في نوعية هذه الصور، فنجد شخصية سياسية مرموقة مثل كولن باول، الذي صرح في تعليق له على الصورة «كنتُ ألتقط السيلفي قبل مستخدمي الفيس بوك بـ 60 عاماً». ومن بينها صورة للبابا فرانسيس مع مجموعة من المراهقين في الفاتيكان، وأخرى للمغنية الأميركية بيونسي مع أحد معجبيها في جنوب أفريقيا. كما التقط الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون هما أيضاً صورة من هذا النوع، مع رئيسة وزراء الدنمارك هيله ثورنينغ شميد، خلال مراسم تكريم نلسون مانديلا في جنوب أفريقيا.

من أجل الشهرة
يعتقد الكثير من علماء النفس والاجتماع أن السيلفي صار بمثابة وسيلة مهمة لشهرة صاحبها، فكثير من الأحداث تمر علينا مرور الكرام، ولكن تصبح مؤثرة على المجتمع إذا وثقت عبر صورة، لا سيما إذا التقطها صاحبها، ولا سيما تلك الصورة التي كادت أن تودي بحياة الرجل الذي حاول أن يلتقط صورة السيلفي أمام زوبعة رملية. كما اشتهر رب عائلة من سكان ولاية أوريغن الأميركية عالمياً، من خلال نشره صوراً له يقلد فيها تعابير طفلته الجديدة. أما الشابة التي التقطت لنفسها صورة على جسر بروكلين في نيويورك، فلم تكن لتتصور أنها خلدت أيضاً محاولة انتحار في خلفية الصورة. ولعل الصور التي تؤخذ للسياسيين على غرار فرانسوا هولاند أو ديفيد كاميرون، ربما هو نوع من التودد الخفي من أجل الإطالة في عمره سياسياً، حسب كثير من المتابعين.

إطار نفسي
لا شك أن سيلفي بات يرتبط بالكثير من سلوكيات الأفراد، حتى إن بعض المختصين في علم الاجتماع، يصفون من يقوم بهذا العمل بأنه عمل أناني، أو ظاهرة متطرفة، كما وصفها أحدهم بأن الإغراق في هذه الممارسة تعبير عن اضطراب نفسي وخلل، يكشفان مؤشرات نرجسية تدفع الشخص إلى محاولة إظهار نفسه وفرضها على الآخرين، بسبب إعجابه المفرط بنفسه، غير أن الكثيرين يصفونه بأنه مجرد فن الحياة، لا تعدو أن تدور في مجالين، الأول تعبير عن آرائنا، والثاني تزيد ثقتنا بأنفسنا، ومهما يكن، فإن غالب هذه النوعية من الصور تؤخذ ببساطة ومن غير تكليف، فهي مجرد محاولة لتجسيد حاضر سيغدو ذكرى جميلة بعد دقيقة من تحميل الصورة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.

Email