الإماراتي والعراقي نمـوذجاً.. الإرادة تقهر التعالي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن خافياً ولا صعباً أبداً على أي متابع بسيط أو عارف متعمق بشؤون كرة القدم رصد حقيقة أن المنتخبين الياباني والإيراني قد لعبا بتعال أمام نظيريهما الإماراتي والعراقي أول من أمس، في ربع نهائي بطولة كأس الأمم الآسيوية بنسختها الـ16 المتواصلة حالياً في أستراليا، تعال قهرته الإرادة الصلبة للأبيض الإماراتي والأخضر العراقي اللذين قدما نموذجاً حياً ليس في كيفية قهر التعالي فحسب.

بل في إسقاط نظرية التفوق المسبق المبنية على أساس واه يتمثل بالاسم دون العطاء، وهذا ما لخصه نجوم المنتخبين العربيين معاً بعد ملحمتين كرويتين دامتا 120 دقيقة في مباراة كل منهما، قبل أن تنصفهما نواميس «الساحرة المستديرة» بتأهلهما معاً إلى نصف النهائي بجدارة عبر الركلات الترجيحية.

ولا أدل على حقيقة أن المنتخبين الياباني والإيراني قد لعبا بتعال يرقى إلى مستوى «التكبر» في الكثير من التفاصيل، من تلك الآراء الصريحة التي أجمع عليها نجوم منتخبي الإمارات والعراق في ختام المباراتين الملحمتين، آراء ذهبت كلها باتجاه أن اليابانيين والإيرانيين معاً استفزوا لاعبي الأبيض الإماراتي وأسود الرافدين كثيراً بلعبهم المتعالي غير الخالي من «العجرفة» في أحيان كثيرة، وهذا رأي لا يمكن إسقاط قوته بأي حال من الأحوال، كون اللاعبين هم الأكثر قدرة على تحديد هوية وطـــبيعة أداء المنافس داخل الملعب!

تعالي هوندا

وليس هذا فقط، بل أن هوندا «نجم الساموراي» وميلان الإيطالي، لعب كرته الترجيــحية باتجاه الشباك الإماراتية بطريقة متعالية جداً، كما لو أن دخول الكرة إلى شباك الأبيض أمر مفروغ منه، قبل أن يستفيق على حقيقة أنه يعيش وهماً عندما وجد تلك الكرة تعانق الهواء وليس شباك ماجد ناصر حامي عرين الأبيض الإماراتي!

درس محمود

وفي المعسكر العراقي، قدم المخضرم يونس محمود درساً في كيفية أن يكون اللاعب الكبير سناً كبيراً في العطاء والقيادة، وذلك عندما «شحن» زملاءه بطاقة هائلة من المعنويات عند تنفيذه ركلة الجزاء الحاسمة، عندما ذهب إلى الحكم وأطلق في وجهة ابتسامة لا تخلو من مكر وغاية، ابتسامة أراد من خلالها هز معنويات حارس المرمى الإيراني حقيقي، قبل أن يبهر الجميع بطريقة تنفيذ تلك الركلة والمعروفة بـ«جب بول»، طريقة وجد بعدها الحارس الإيراني حقيقي نفسه بلا حول ولا قوة، فيما يونس ينظر إلى كرته تداعب شباك إيران، قبل أن يطلق ابتسامة أخرى حملت كل معاني الكبرياء والفخر والاعتزاز بالنفس أمام منافس لعب طوال دقائق المباراة بتكبر أجوف استند إلى تفوق مسبق عفى عليه الزمن!

بعد الصاعقة

وبعد صاعقة الخروج العربي السباعي من الدور الأول للبطولة القارية، أعاد الأبيض الإماراتي وأسود الرافدين الاعتبار للكرة العربية في ملحمتين لن تمحيا من الذاكرة بسهولة، لا سيما أن تلك الملحمتين قد جاءتا على حساب منتخبين يحملان «اسمين كبيرين» في تاريخ كرة القدم الآسيوية، اليابان وإيران، كلاهما تأهل إلى ربع النهائي بالعلامة الكاملة متصدراً مجموعته التي ضمت كل منهما 3 منتخبات عربية سقطت كلها أمام الياباني والإيراني في الدور الأول، قبل أن يحين موعد الرد أول من امس على أيادي نجوم الإمارات والعراق.

مهدي وشنيشل

وإذا كان اللاعبون هم الجنود الذين صالوا وجالوا في أرض الميدان، فإن وراء أولئك الجنود عقلين راجحين فكراً وخططاً، ورسما خطة النصر، مهدي علي وراضي شنيشل المدربان الوطنيان لمنتخبي الإمارات والعراق، تمكنا بعقليتهما العربية من كشف حقيقة تواضــــع تفكير المكسيكي خــافيير اغيري والـــبرتغالي كارلوس كيروش مدربا منتخبي اليابان وإيــــران على التوالي، مهدي تعامل مع اغيــــري بأسلوب حصيف جداً تلخص في مجــــمله بالمباغتة والرد غير المتــــوقع من جانب المنافس، وشنيشل تصرف مع كيروش بمنهجية التحدي المكشوف منذ اللحظة الأولى!

عموري ويونس

وبعد ملحمتي ملعبي كانبيرا وسيدني، بات من الطبيعي أن يتسلل الرعب والخوف إلى أعماق لاعبي المنتخبين الكوري الجنوبي والأسترالي من إخوة يونس محمود وزملاء عمر عبد الرحمن «عموري»، في لقاءي نصف النهائي الاثنين والثلاثاء المقبلين في المحطة ما قبل الأخيرة من المباراة النهائية، رعب وخوف ظهرت ملامحهما بجلاء من خلال مضامين التصريحات والتغطية الصحفية والإعلامية المختلفة لما بعد ملحمة تجريد «الساموراي» من لقبه القاري وهزيمة «ميلي تيم» على أيادي نجـــــوم الأبيض الإماراتي وأسود الرافدين!

الضربة العربية

وفي ضوء ما تمخض عن ملحمتي ربع النـــهائي أول من أمس، أمام منتخبي اليابان وإيران، فـــإن تواجد الأبيض الإماراتي وأسود الرافدين في النهائي الحلم يبدو استـــــحقــاقاً لأبناء الناطقين بالضاد، رغم أن عــــقبة نصف النهائي أمام أستراليا وكوريا الجنوبية لن تكون أقل صعوبة من محطة اليابان وأستراليا.

لا سيـــــما أن تــأهل الإمارات والعــــراق إلى نصف النــهائي قد أرسل رسائل عدة شديدة اللهجة إلى «الكـــنغارو» و«الشمشون» اللذين سيكونان في غاية الحذر والتحسب من أن تكون الضربة العربية القادمة على رأسيهما يومي الاثنين والثلاثاء!

Email