5 عوامل حاسمة منــــحت العنابي اللقب

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لعبت 5 عوامل دوراً أساسياً في منح اللقب للمنتخب القطري ورجحت كفته على حساب الأخضر السعودي، والغريب أن من بين هذه الأسباب ما سبق المباراة.

وضعية المدربين

دخل مدرب المنتخب السعودي لوبيز كارو المباراة وهو في حالة سيئة جداً، حيث يواجه ضغوطاً كبيرة من الجمهور والصحافة وحتى من عدد من اللاعبين. حقيقة أشفق على هذا المدرب لأنه كان يعرف حتى لو توج باللقب لن يبقى مدرباً للمنتخب السعودي. وهذا عامل مؤثر جداً فعندما يفتقد المدرب إلى ثقة من حوله من مسؤولين في اتحاد الكرة ولاعبين وجمهور وإعلام لن يقدر على تحقيق نتيجة إيجابية.

وفي المقابل فإن مدرب المنتخب القطري جمال بلماضي دخل المباراة النهائية في وضعية مريحة جداً حيث كان خلفه الإعلام والجمهور ويحظى بثقة عالية من مسؤولي الاتحاد القطري لكرة القدم، بل إنهم جهزوا له أعذار الفشل في حال استعصى عليه معانقة اللقب الخليجي. نعم قالوا إن العنابي أصبح أداؤه مختلفاً عما كان عليه مع المدربين السابقين.

إدارة المباراة

مدرب المنتخب السعودي لوبيز كارو قام بتبديل واحد، حيث دخل سليمان الفرج بدلاً من تيسير الجاسم، ولم يكن لهذا التغيير أي تأثير ملحوظ في أداء الأخضر. الفرج لاعب دفاعي بينما الجاسم له صبغة هجومية، وبالتالي لم يستفد كارو من هذا التعديل على التشكيل.

وفي المقابل فإن المدرب الجزائري جمال بلماضي كان أكثر جرأة خاصة بالإبقاء على اللاعب علي أسد على مقاعد البدلاء (وهو الذي سجل هدفين في نصف النهائي أمام المنتخب العماني).

وقد يتساءل البعض: لماذا أخرج المدرب بلماضي علي أسد من حساباته؟

لأنه كان يحتاج إلى أكثر عدد ممكن من اللاعبين في منطقة الوسط وليس في الهجوم. لقد اختار أن يكسب معركة وسط الميدان في البداية ثم يغامر بالهجوم لاحقاً حسب أحداث ووقائع المباراة.

إسماعيل محمد كان بديلاً أيضاً على الرغم من تألقه سابقاً في الدور الأول. لكنه دخل قبل 14 دقيقة من نهاية المباراة وقدم مستوى جيداً أسهم به في تنشيط العنابي.

تضييق المساحات

تعامل المدرب جمال بلماضي بذكاء كبير للحد من خطورة المنتخب السعودي ونجومه السريعين خصوصا فعمد إلى تضييق المساحات أمام سالم الدوسري ونواف العابد وناصر الشمراني وغيرهم. بلماضي احترم كثيرًا المنتخب السعودي وتعامل معه بجدية. وتضييق المساحات أصاب منطقة الوسط السعودية بالشلل حيث عجزت عن صناعة الهجمات السريعة المرتدة أو المنظمة ما قلص كثيراً الخطورة على مرمى قاسم برهان.

توتر سعودي

نجح لاعبو المنتخب القطري في إفقاد لاعبي السعودية التركيز، وتجلى ذلك خصوصا بعد هدف التعادل الذي جاء سريعاً بعد هدف السبق السعودي.

تعادل العنابي بعد دقيقة واحدة من قبولهم لهدف أصاب لاعبي السعودية بالتوتر والغضب، ورأينا ذلك بوضوح على ملامح وجوههم. والتوتر و(النرفزة) كان واضحين جداً على سعود كريري ووليد بخشوين لاعبي الارتكاز. وعندما يفقد لاعبو «افتكاك» الكرة لأعصابهما فإن العدوى تصيب سريعاً بقية اللاعبين، وهذا ما حصل فعلًا.

الثقة العالية

المنتخب القطري لعب بثقة كبيرة في النفس، وأعتقد بأن المدافع المهدي علي يقف وراء هذه الثقة بتألقه الكبير وتميزه في الخط الخلفي على الرغم من عدم ظهوره في المباريات السابقة.

واعتماد جمال بلماضي في المباراة النهائية على لاعب كان غائباً في ما سبق من البطولة يفسر شجاعته وجرأته الكبيرة. بلماضي مدرب لا يكترث بالنقد الخارجي، وإنما يحدد قناعاته حسب اختياراته وحسب تقييمه لاستعدادات اللاعبين لأنة على يقين بأن أي قرار سيتخذه سيجد الرضا والمباركة من اتحاد الكرة والإعلام والجماهير.

التعصب للأندية أفشل البطولة جماهيرياً

 

انتهت كأس الخليج ودخلت طي التاريخ، ولكنها تركت مسائل كبيرة محل جدل وجب مناقشتها لتفاديها في المستقبل. والمشكلة الأكبر كانت غياب الجماهير. نعم عزوف المشجعين عن المدرجات أفشل البطولة وحولها إلى ما يشبه الدورة الودية.. فكرة القدم لعبة جماهيرية بالأساس، وإذا غاب الجمهور تنعدم المتعة والإثارة والتنافس القوي.

وللأسف الشديد فإن تعصب الجماهير السعودية لأنديتهم المحلية أفشل خليجي 22 جماهيريا وجعل المباريات تقام أمام مدرجات خالية. والحال أن الخليجيين اختاروا السعودية لتنظيم خليجي 22 لتأكدهم المسبق من الحضور الجماهيري القوي باعتبار أن مباريات الدوري في المملكة تشهد دائماً حضوراً غفيراً للمشجعين.

وهنا يحق للخليجيين أن يتساءلوا: ما ذنب بطولتنا من تعصب الجماهير السعودية؟

حضور

وإذا كان الجمهور لن يحضر المباريات في خليجي السعودية لماذا منح حق التنظيم للمملكة والحال أن كل دول الخليج الأخرى قادرة على التنظيم بالمستوى نفسه لأنها تمتلك الإمكانات المادية والتنظيمية على قدر المساواة.

وأعتقد جازماً بأن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دوراً سلبياً في كأس الخليج، حيث أسهمت في تشتيت وحدة الجمهور السعودي وعمقت أزمة التعصب في صفوفه ليتضرر الأخضر خصوصاً والبطولة عموماً.

تأثير

لكن الوضع كان مختلفا تماماً في المباراة النهائية بين المنتخبين السعودي والقطري، وذلك بسبب إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حضوره المباراة. فقد لقيت هذه البادرة تجاوباً كبيراً من السعوديين وتدافعوا أمام بوابات الملعب لحضور النهائي والاحتفال باللقب لكن الوقت كان متأخراً جداً لمساندة الأخضر الجريح معنوياً، وخاصة مدربه الذي افتقد ثقة من حوله من مسؤولين ولاعبين وإعلام وجمهور.

الإخراج التلفزي للبطولة سيئ

تساءلت بشدة خلال متابعتي لكأس الخليج على شاشة التلفزيون عن سوء الإخراج!! نعم الإخراج لم يكن في المستوى المأمول ومثلما تعودناه عند متابعتنا للدوريات الأوروبية على القناة الرياضية نفسها. اللقطات كانت متقطعة في كثير من الأحيان، حتى أننا لم نر أهدافاً كثيرة إلا باعتماد الإعادة والصورة البطيئة. وفي لقطات أخرى كنا نرى جزءًا من الهجمة ولا نرى الجزء الآخر حتى نشاهد المشهد كاملاً ونقيم العملية، خصوصاً في حالات التسلل.

بلماضي أفضل مدرب

يستحق المدرب الجزائري للمنتخب القطري جمال بلماضي جائزة أفضل مدرب نظراً لتميزه الكبير طوال البطولة وقيادته للعنابي إلى الفوز باللقب. بلماضي تعامل مع المباريات (قطعة .. قطعة) كل مباراة على حدة، ولم يتأثر بتاتاً بأنه لم يحقق الفوز في الدور الأول حيث تعادل في المباريات الثلاث.

بلماضي نجح في اختياراته الفنية وفي فلسفته حيث عمل على تأمين خطي الوسط والدفاع بطريقة محكمة جداً إذ لم يقبل دفاعه سوى 3 أهداف.

جمهور اليمن الأفضل

أعتقد بأن مشجعي المنتخب اليمني يستحقون لقب أفضل جمهور خلال خليجي 22 بعد حضورهم الكبير في ملاعب البطولة والأجواء الرائعة التي أضفوها عليها على الرغم من أن منتخب بلادهم لم يكن مرشحاً للعب الأدوار الأولى.

جمهور اليمن خطف الأضواء وكان فاكهة بطولة كأس الخليج وبالتالي يستحق لقب الأفضل عن جدارة واستحقاق.

 

التحكيم تدارك هفوات البداية

شهد مستوى التحكيم تحسناً كبيراً خلال الأدوار الأخيرة في بطولة كأس الخليج، إذ غابت الأخطاء الفادحة لقضاة الملاعب خلال الدور الأول والتي أثارت جدلاً كبيراً.

وتحسن مستوى الحكام في نصف النهائي أسهم في تهدئة الأجواء وأنجح الدورة.

تعيين الحكم مهند للمباراة النهائية كان قراراً صائباً لأنه كان عادلاً ومنصفاً في صافرته بين السعودية وقطر.

خليجي 22 لم يفرز نجوماً جدداً

 

بطولة كأس الخليج أحببناها وعشقناها على امتداد عقود من الزمن لأنها قدمت لنا نجوماً في كرة القدم... عرفتنا بأساطير الساحرة المستديرة في الخليج.. لذلك كنا ننتظرها كل عامين حتى نكتشف نجوماً جدداً لنستمتع بروائعها وفنونها على المستطيل الأخضر لأعوام أخرى. ولكن خليجي 22 لم ينجب نجوماً لامعة مبهرة.

نعترف ببروز عدد من اللاعبين في عمان وقطر، ولكن غاب النجم اللامع الساطع الذي يغرد خارج السرب. انتهى فعلاً زمن الطلياني وبخيت وماجد عبدالله وحمود.. يبدو أن الزمن الجميل ذهب ولن يعود..!!

برز في منتخبنا المهاجم علي مبخوت وتوج بلقب هداف الدورة، وهذا في تقديري أمر متوقع وليس مفاجأة، وقد سبق لي ذكره في مصافحتي الأولى معكم . كما خطف عمر عبدالرحمن الأضواء وقدم مستوى جيداً لولا لعنة الإصابات التي تلاحقه.

أما التميز فقد كان للاعبي المنتخب القطري؛ إذ ظهر إسماعيل محمد وإبراهيم ماجد وهو أفضل لاعب في المباراة النهائية دون منازع. كما اكتشفنا أيضاً الحارس قاسم برهان الذي قدم بطولة رائعة. حسن الحيدوس أيضاً خطف الأضواء في الرياض، وإن كان مستواه أقل في الدور النهائي.

جيل عماني متميز

المنتخب العماني وصل إلى نصف النهائي وحصل على المركز الرابع بفضل جيل جديد من المواهب الكروية، لعل أبرزهم المهاجم عبدالعزيز المقبالي وسعيد سالم وقاسم سعيد ومحمد المسلم.

في المنتخب الكويتي برز بدر المطوع وهو لاعب متميز جداً في الدوري المحلي.

كما لفت انتباهي أيضا ثنائي رائع في المنتخب اليمني يتألف من الحارس محمد عياش والمدافع قصير القامة وليد الحبيشي. أما في المنتخب السعودي فإن الأفضلية كانت لنواف العابد ووليد بخشوين. وحقيقة الجمهور الخليجي يعرف مسبقاً لاعبين مثل العابد أو الدوسري والشمراني.. هؤلاء أوراق مكشوفة من خلال الدوري السعودي أو دوري أبطال آسيا.

الدورة  تعزف لحن  «خليجنا واحد»

نجحت بطولة كأس الخليج في توحيد شعوب المنطقة وأسهمت كثيراً على امتداد أسبوعين في دعم وتكريس مبادئ الأخوة والمحبة بين جميع دول مجلس التعاون وأنستهم خلافاتهم السياسية.

مرة أخرى تحقق كرة القدم ما تفشل فيه السياسة، ومرة أخرى تنتصر فيها الرياضة للمبادئ الإنسانية. وفي الحقيقة فإن الأهداف الأصلية لكرة القدم لم تكن يوماً تحقيق الانتصارات والفوز بالبطولات على المستطيل الأخضر، وإنما هدفها الأسمى وانتصارها الكبير توحيد الشعوب ودعم أواصر المحبة بينها.

وخليجي 22 كان مثالاً رائعاً لتوحيد شباب منطقة الخليج. لقد رأينا خليجنا واحداً.. ولاحظنا التوحد والتكافل في أكثر من مشهد.

انتباه

وما لفت انتباهي في هذه البطولة أن المعلقين الرياضيين عن المباريات في القنوات التلفزية تخلوا إطلاقاً على غير عادتهم عن الانتماءات والانحياز وعلقوا على المباريات بحيادية كبيرة وتجنبوا التعليقات التي من شأنها أن تثير الفتن والفرقة بين أهل الخليج.

المعلقون كانوا متميزين بحق ورفعوا جميعاً شعار: «خليجنا واحد». ولكن المحللين في الاستوديوهات غلب عليهم الانحياز وانصاعوا إلى عواطفهم وأهوائهم وميولهم نحو أوطانهم وهذا مقبول وطبيعي. فلا أحد يستطيع أن يساوي بين بلاده وبلد آخر مهما كانت درجة وعيه وتسامحه. والمحللون أقل تأثيراً في الجماهير من المعلقين. لذلك كانت بطولة كأس الخليج ناجحة جداً لأنها وحدتنا في ظرف سياسي حساس تمر به المنطقة.

Email