العراق بطل «خليجي 9» والأبيض وصيفاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

        تمثل دورات كأس الخليج رحلة عمر بالنسبة لي فقد علمتني الكثير من التجارب وأكسبتني المعارف والاصدقاء فأصبحت جزءا هاما في مسيرتي العملية والاعلامية فهي التي كونت لي شخصية على الصعيد الاعلامي ولهذا أصبح لها وضعها الخاص في قلبي ولها لي من المواقف والذكريات الحلوة والمرة التي علمتني الحب والتضحية والصبر  واليوم يتجدد الحديث عن عروس الدورات الرياضية كأس الخليج العربي التي تعود الى رياض الخير فالجميع يتمنى أن تنجح الشقيقة الكبرى في تنظيم الحدث الكبير فهي ليست غريبة عنها وسبق تنظيمها ثلاث مرات .

والآن تمر وتعود الى أرض الذكريات لنا (فوق هام السحب) تحديدا حيث كانت المشاركة الخارجية الاولى لمنتخبنا الكروي في دورات كأس الخليج العربي الثانية عام 72 حيث نتطلع للحفاظ على اللقب، ومن يسترجع هذه السنوات سيجد الكثير من الذكريات الجميلة التي يحملها كل خليجي في أعماقه فهذه تجربة عمر لما تحمل هذه البطولة الغالية علينا من ذكريات جميلة والتي علمتنا فنون الإعداد والإدارة والتنظيم والاعلام الرياضي.

وبدأت الكرة في الخليج رحلتها في عالم المنافسة الشريفة تبحث لها عن هوية وعن مكانها اللائق فلم تكن هناك دورة تحظى بسمعة تستحق الالتفاف حولها وما يميزها عن غيرها بأنها علاقة حب بين القادة والشعوب مما أدى لوجود صلة وترابط قوي مما يعزز من مكانتها شيبتني كأس الخليج.. والله من وراء القصد.

استضافت دورة كأس الخليج التاسعة السعودية في الفترة من 2 - 18 مارس عام 1988، بمشاركة 7 منتخبات، وشهد الافتتاح المغفور له الأمير فهد بن عبد العزيز، الذي افتتح البطولة على استاد الملك فهد الذي تبلغ سعته 80 ألف متفرج، وفي المباراة الافتتاحية حقق الأخضر صاحب الأرض الفوز على عمان بهدفين نظيفين، واستعاد المنتخب العراقي اللقب مرة أخرى وأحرزه للمرة الثالثة..

وكانت الأخيرة للعراق بكأس الخليج حيث تغيبت عن البطولات التالية ابتداء من الدورة الحادية عشرة وحتى الآن 1996، في حين ظهر المنتخب الكويتي حامل اللقب، بشكل أقل من مستواه، واحتل المركز الخامس، بينما تألق المنتخب الإماراتي وجاء وصيفاً بجدارة،..

وكان قريباً من اللقب لكنه تراجع في اللحظات الأخيرة خاصة في مباراته أمام السعودية قبل الأخيرة بالبطولة، حيث تقدم الأبيض بهدفين من النجم المتألق زهير بخيت الذي استفاد من إصابة ابن خالته فهد خميس، وشارك أساسياً وصار نجماً في الدورة، وفي آخر دقيقة سجل ماجد عبد الله التعادل للأخضر..

ولو لم نسقط فجأة أمام قطر في المباراة السابقة، للعبنا مباراة فاصلة مع العراق على لقب البطولة، ولو لم نفرط في الفوز على السعودية لفزنا باللقب، علماً بأننا فزنا في أول مباراة على البحرين بهدفين، وتعادلنا سلبياً مع العراق، وفزنا على عمان بهدف نظيف، وهذه النتائج وضعتنا في مركز الوصيف وحصلنا على الميدالية الفضية..

ولعب البرازيلي كارلوس البرتو دوراً مؤثراً في تطور أداء منتخبنا الذي أصبح بإمكانه الفوز على أقوى الفرق وأجبر كارلوس الآخرين على احترام منتخبنا في كل البطولات، ويذكر أن نجم الإمارات زهير بخيت نال لقب هداف الدورة مناصفة مع العراقي أحمد راضي (4 أهداف)، بينما حصل العراقي حبيب جعفر على لقب أفضل لاعب في البطولة، والحارس العماني يوسف عبيد أفضل حارس في الدورة.

تصريحات فهد النارية

وقبل الدورة بأيام قليلة، أطلق الراحل الكويتي الشيخ فهد الأحمد تصريحات نارية عندما قال إن فريقه الأزرق سيفوز بالبطولة وسيجعل السعوديين يشربون ماء زمزم، وقد أثارت هذه التصريحات ردود فعل واسعة في المملكة، قبل وأثناء الدورة وكان لها مردود عكسي على أداء منتخب الكويت الذي تأثر بصيحات الجماهير السعودية الغاضبة..

في كل لقاءات الأزرق، مما انعكس على مستواهم الفني داخل الملعب، وعلى النتائج التي جعلت من حامل اللقب، يتراجع ويحتل المركز الخامس في لائحة الترتيب النهائية للدورة، كما حدثت تطورات واسعة داخل صفوف المنتخب الكويتي، حيث تم اسبتعاد النجم الكبير فيصل الدخيل وانتقل للإقامة في فندق الإعلاميين بقصر الرياض، وكانت غرفته بجوار غرفتي واشتكى بما حصل له وتأثر بإبعاده عن القائمة نظراً لاختلافه في وجهات النظر مع ادارة البعثة.

«علقة سخنة»

وفي الدورة التاسعة عام 88 بالرياض، أتذكر واقعة شهيرة حصلت معنا يوم حفل الافتتاح باستاد الملك فهد الدولي، فقد ركبنا حافلة الإعلاميين وعند وصولنا البوابة المخصصة لنا لم نتمكن من الدخول بسبب تدافع الجمهور الذي وصل إلى الملعب قبل الافتتاح بعدة ساعات، لنشاهد فنان العرب محمد عبده الذي أنشد أغنيته الشهيرة (فوق هام السحب)..

وحاولنا مع المنظمين الدخول إلى الاستاد، لكن محاولاتنا بائت بالفشل، وتعرضنا ليوم صعب حيث أرادت الجماهير أن تدخل من نفس البوابة، ونتيجة للتزاحم الشديد، تلقينا ضربات قوية بالعصا بالطبع غير مقصودة، وحتى ننقذ أنفسنا ذهبنا كمجموعة كبيرة من الإعلاميين من بينهم المرحوم الكابتن المعلق المصري محمد لطيف إلى البوابة الرئيسية محتجين، وهناك كان الأمير الراحل فيصل بن فهد وشاهدنا ونحن في حالة من الغضب..

وأمر رحمه الله، فوراً بدخول جميع الإعلاميين من البوابة الرئيسية للمقصورة الملكية طوال أيام الدورة وكان رحيماً بالجميع ويقدر الإعلاميين بل انه أمر بتقديم 50 ألف دولار للاتحاد العربي للصحافة الرياضية تثميناً لدوره، وقد كانت لفتة من رجل إنسان بمعنى الكلمة لا تنسى أبداً وبتوجيهات من الأمير نفسه أصبح دخولنا وخروجنا مريحاً فيما بعد، دون عقبات والبركة في ذلك للأمير فيصل الغائب الحاضر بأعماله الطيبة التي يسجلها التاريخ بحروف من ذهب.

كأس ثالثة

بعد أن امتلكت الكويت كأس الخليج مرتين نتيجة حصولها على اللقب 6 مرات، أصبحت الدورة التاسعة في السعودية بدون كأس، فقدمت السعودية الكأس الجديدة وكانت تحفة فنية رائعة تكلفت نصف مليون ريال سعودي وهي عبارة عن قطع لجزع شجرة ثابت من كرة قدم، تعلوه خارطة الجزيرة العربية وقاعدة الكأس المثبتة فيه سباعية الأضلاع بعدد الدول المشاركة ..

وذاق طعم هذه الكأس دولتان الأولى العراق في الدورة التاسعة ثم الكويت في الدورة العاشرة إلا أن الكأس فقد في زحمة حرب الخليج وقدمت قطر مع هذه الكأس الجميلة كأساً إضافية تسلم لفائز ويحتفظ بها لتسجيل ذكرى فوزه وتكلفت الكأس الإضافية الشبيهة 10 آلاف دولار ووزنها 12 كيلو جراماً أما الكأس الأصلية فتملك كما تنص اللوائح للفائزين ثلاث مرات فازت بهذه الكأس حتى الآن قطر عام 92 ثم السعودية عام 1994 في الإمارات.

حول الدورة

Ⅶ يبقى استاد فهد في مدينة الرياض، الذي استضاف مباريات البطولة، الأروع والأجمل على مستوى المنطقة، وحفلت الدورة بأحداث فنية رائعة وكذلك تاريخية أهمها تحقيق منتخب عمان أول فوز له في دورات الخليج العربي منذ انطلاقتها وذلك الذي تحقق أمام قطر 1/2 أحرزهما يونس أمان والمرحوم غلام خميس فيما أحرز هدف قطر منصور مفتاح.

Ⅶ اشتمل حفل الافتتاح على إطلاق بالونات تحمل صور أصحاب الجلالة والسمو قادة دول الخليج العربي في سماء الرياض.

Ⅶ نقل حفل افتتاح استاد الملك فهد الدولي ودورة كأس الخليج العربي التاسعة على الهواء مباشرة بحوالي 16 كاميرا تلفزيونية وزعت في أرجاء الاستاد، واشتمل حفل افتتاح على لوحات خلفية قدمها أكثر من 3000 مشارك يمثلون الحرس الوطني رسموا من خلال العرض صورة الملك فهد والملك عبدالعزيز والأمير عبدالله بن عبدالعزيز رئيس الحرس الوطني وشعارات ترحيبية مثل «أهلًا بكم في بلدكم» باللون الفضي والأحمر.

Ⅶ أشرف على تدريب المنتخبات المشاركة في الدورة كل من: البرازيلي جورج فتوريو ( عمان) والإنجليزي جورج آرمسترنج (الكويت) والبرازيلي كارلوس البرتو (الإمارات) وبوركيبيو (قطر) والعراقي عمو بابا (العراق) والأورغواياني عمر ابوراس (السعودية).

Ⅶ أدار مباريات خليجي 9 أربعة حكام أجانب هم: لوينيجي كارلو ( إيطاليا) وأدجارو كوديال (المكسيك) وبوفليت كوليت (فرنسا) ولارسون ران (السويد)، إضافة إلى حكام المنتخبات المشاركة وهم: وزاري هاني (العراق) وعبدالعزيز الملا (الإمارات) وعبدالله الناصر (السعودية) ومحمد صالح الشهاب (سلطنة عُمان) وشعيب محمد (الكويت) وجاسم مندي (البحرين) وجمعان سالم (قطر).

لمعلوماتك

Ⅶ شهدت الدورة عودة اللاعب القطري منصور مفتاح نجم قطر الذي استبعده المدرب ايفرستو من قائمة المنتخب في خليجي 8 وعودة حارس البحرين النجم حمود سلطان الذي استبعده المدرب تشيرا من المنتخب.

Ⅶ أقيمت في الدورة التاسعة 21 مباراة، وبلغ عدد الأهداف المسجلة 34 هدفاً، وتُعد هذه النسبة طفيفة جداً ويعود ذلك لتقارب المستوى بالإضافة إلى اتباع العراق للخطط الدفاعية.

Ⅶ احتسبت في الدورة 5 ركلات جزائية ثلاث منها للمنتخب الإماراتي.

Ⅶ سجل منتخب عمان أول فوز له في تاريخ دورات كأس الخليج وذلك على حساب المنتخب القطري.

Ⅶ شهدت الدورة حضوراً إعلامياً مميزاً حيث بلغ عدد الإعلاميين 150 إعلامياً.

Ⅶ اختير يوسف عبيد حارس مرمى منتخب عمان أفضل حارس بالدورة ونال اللاعب العراقي حبيب جعفر لقب أفضل لاعب.

Ⅶ أول هدف سجل في الدورة كان للسعودي فهد الهريفي في مرمي عمان وأما آخر هدف فكان للعراقي ليث حسين أمام البحرين وكان أيضاً أسرع أهداف الدورة.

Ⅶ تساوى مهاجم الإمارات زهير بخيت مع أحمد راضي المهاجم العراقي في عدد الأهداف برصيد أربعة أهداف لكل منهما ثم جاء بعدهما صلاح الحساوي برصيد ثلاثة أهداف وماجد عبدالله بهدفين.

Ⅶ سجل الحضور الجماهيري رقماً قياسياً لم يتحقق في أي دورة خليجية سابقة وفاق الحضور الجماهيري كل وصف، حيث تجاوز ثمانين ألف متفرج بالرغم أن سعة الاستاد حوالي 70 ألف متفرج، حتى أن عشرات الآلاف من الجماهير السعودية عادوا إلى منازلهم حيث لم يجدوا لهم قدماً في المدرجات.

Ⅶ قامت الأندية السعودية بدور كبير في تعبئة جماهير المملكة للزحف على الاستاد ومؤازرة الأخضر، وخصص كل ناد بعض الحافلات والباصات لنقل الجماهير إلى الملعب مجاناً.

Email