المدير الفني لأكاديمية النصر يشخص الواقع

لوكاسين: قاعدة الكرة الإماراتية تعاني «الهشاشة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

«مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة».. هكذا يصف مارسيل لوكاسين المدير الفني لأكاديمية النصر لكرة القدم في حديث خاص لـ«البيان الرياضي»، المشهد والعمل في أكاديميات كرة القدم، نظراً للحاجة إلى الوقت من أجل إفراز المواهب وإخراج عناصر شابة واعدة، فضلاً عن توحيد فلسفة العمل بين المدربين في الأندية على مستوى جميع المراحل وفق اتجاه يحدده اتحاد الكرة.

وأكد لوكاسين، أن الكرة الإماراتية بعد مرور نحو 10 سنوات على الاحتراف، ما زالت تعاني من «الهشاشة» في القاعدة على مستوى جميع المراحل السنية، مشدداً على ضرورة توحيد العمل والتنسيق بصورة أكبر بين اتحاد الكرة والأندية في الدولة.

المدير الفني لأكاديمية النصر، تحدث عن تجربته مع الكرة الألمانية حينما أشرف على منتخبات تحت 15 سنة حتى 21 سنة، وحصاد 4 بطولات عالمية أثناء فترة تواجده في الاتحاد الألماني لكرة القدم من 2008 حتى 2015:

خضت تجربة حافلة مع «الكرة الألمانية»، كيف تلخصها؟

بعد المستوى المتدني للمنتخب الألماني عام 2000 كان الاتجاه نحو بناء قاعدة جديدة لكرة القدم وتطويرها وتطوير الأكاديميات ووضع ميزانيات هائلة من أجل تحسين وتطوير المنتخب الألماني، حيث إن البداية دائماً ما تكون في تطوير منتخبات المراحل السنية والأكاديميات.

دعاني يوماً ماتياس سامر المدير الرياضي للمنتخب الألماني واللاعب السابق لمنتخب ألمانيا وبروسيا دورتموند، للحضور إلى مبنى الاتحاد الألماني للكرة عام 2007، وقال لي بكل واقعية إن ألمانيا بدأت ببناء القاعدة، ولكن كرة القدم لن تتغير إذا لم يتغير مستوى التفكير وتطوير المدربين.

وأتذكر حينما قال لي سامر إننا نحن الألمان نعلم القليل عن الإعداد البدني لكننا لم نصل إلى المرحلة المطلوبة، وأنت تملك الكرة الحديثة التي تربط الإعداد البدني لكرة القدم، متسائلاً في هذا الإطار إن كان بإمكاني المساعدة؟!

لا شك أن المهمة ليست سهلة، كيف بدأت الخطوة الأولى؟

عندما بدأت مع الاتحاد الألماني كان لا يملك قاعدة أو فلسفة وبدأنا بتأسيسها وتطوير المدربين واللاعبين وكانت البداية في تطوير اللاعبين منهم ماريو غوتزه لاعب دورتموند وايمري كان لاعب ليفربول ومارك ستيغن حارس برشلونة، وحرصت على تطوير مدربي المنتخبات السنية وعمل ورشات عمل ودورات في تحليل المباريات وتطوير المهارات الفردية للاعب وتطوير عمل المدربين وفهم الفلسفة وأسلوب اللعب من تحت 15 حتى تحت 21 سنة، وبعد مرورنا ضمن الخطة الاستراتيجية جنينا ثمار الصبر وحصلنا على بطولة أمم أوروبا لمنتخبات 17 و19 و21 سنة، والهدف الأساسي كان الحصول على كأس العالم 2014.

وهل الأندية كانت في منأى عن هذه الاستراتيجية؟

بالطبع لا، فتطوير المنتخب مرتبط حتماً بتطوير مدربي ولاعبي الأندية بصفتهم الرافد الأساسي للمنتخب، وقمت بإعطاء الجميع الدورات نفسها من أجل توحيد أسلوب اللعب بين جميع الأندية بناءً على فلسفة الاتحاد الألماني التي قمت بوضعها شخصياً.

وتابع: هذه الفلسفة وتطوير مدربي الأندية ساهمت في خفض معدل أعمار اللاعبين، حيث قبل وصولي كان معدل الأعمار 23 سنة، ولكن بعد وصولي إلى الاتحاد الألماني أصبح معدل أعمار اللاعبين 19 سنة.

ما هي النتائج التي أسفر عنها خفض معدل أعمار اللاعبين؟

ما زلت أتذكر اجتماعين مع يواخيم لوف مدرب المنتخب الألماني وقال لي: لقد جلبت لنا المتاعب وكان يقصد بها كثرة اللاعبين المتاحين للمنتخب الألماني وصعوبة الاختيار، وللعلم في كأس القارات الأخيرة وبطولة العالم 21 سنة التي فاز بهما المنتخب الألماني، كان عدد اللاعبين المشاركين بمعدل 85 % ممن التحقوا خلال فترة تواجدي مشرفاً على المنتخبات الألمانية.

تجربة النصر

أنهيت العام الثاني مع العميد، حدثنا عن البداية، وماذا أنجزت حتى الآن؟

كنت محاضراً في أكاديمية كرة القدم العالمية، ورشحني أحد المنتسبين للمهمة الجديدة مع نادي النصر وهو ميك ميكدروموت، حيث كان يعمل في قلعة العميد وطلب مني الموافقة إذا كنت متشجعاً للعمل، وفي البداية رفضت لانشغالي في تطوير المدربين حول العالم لا سيما وأن العرض تزامن مع منتصف الموسم، لكن في نهاية الموسم وافقت مع انتهاء عقدي مع المنتخب الألماني رغم أن الاتحاد الألماني كان يجهز عقداً جديداً.

قررت المجيء إلى دبي للتحدث أولاً والتقيت أعضاء مجلس الإدارة، وتحدثنا عن الفلسفة والقاعدة وأسس التطوير في نادي النصر.

عادة ما نبحث عن النتائج سريعاً، وعمل الأكاديمية يحتاج إلى وقت، كيف تعاملت مع ذلك؟

دون شك العمل يحتاج إلى وقت، وأدركت حجم اهتمام إدارة النصر في تطوير كرة القدم لتتناسب مع أفكاري وفلسفتي، وشعرت بمدى الرغبة في البحث عن مستقبل أكثر إشراقاً بعد مضي 9 سنوات على احتراف الكرة في الإمارات، وعندما أعلنت الموافقة على العمل أدركت أنني مقبل على تحدٍ عظيم.

ما ملامح خطة العمل التي رسمتها للنصر؟

كان الموسم الأول لعمل قاعدة ثابتة والخطوة الثانية في الموسم التالي ركزت على تطوير المدربين واللاعبين، ولاحظت سرعة تطور الأجهزة الفنية مع اللاعبين مقارنة بالموسم الأول الذي حرصت خلاله على عدم البدء من الصفر وإنما العودة خطوتين إلى الوراء لعمل القاعدة الثابتة والفلسفة الكروية ومن ثم مواصلة العمل. وبدعم من الإدارة، قمنا بإحضار اللاعبين من المدرسة إلى النادي مباشرة للتطوير الفردي والحرص في البرنامج الغذائي والتعليمي.

في بداية الأمر كان صعباً على الجميع، ولكن مع العمل والرغبة في التطوير حصدنا نتائج إيجابية، ولكن للأسف لم نستمر للموسم الثاني وآمل أن نعود إليه في المستقبل، وفي الموسم الثاني بدأنا بمعسكر الصيف وقمنا بتطوير اللاعبين بشكل أفضل وبشكل يومي.

فلسفة اللعب الألمانية.. كيف بدت؟

عملت في البداية لإنشاء قاعدة ثابتة وتثقيف المدربين واللاعبين في فلسفتنا الجديدة، فعلى سبيل المثال كان اللاعبون يبدأون بناء اللعب من خلال الكرات الطولية فقط ومع بداية فلسفتنا جاء البناء من الخلف.

كانت البداية صعبة حتى استوعب الجميع تدريجياً تغيير طريقة اللعب، أنا لا أملك في قاموسي ما يسمى بالخطأ وإنما اعتبرها نقطة للتعلم ويستفيد منها اللاعب والمدرب من خلال تحليل الموقف بالفيديو ومشاهدة اللاعب للموقف والتعلم منه، لا سيما وأن التمارين سابقاً كانت مفصولة عن الخصوم، حيث يتمرن اللاعب من دون خصم ويتمرن حراس المرمى بمفردهم طوال الأسبوع علاوة على أن إقامة التمارين على ملاعب صغيرة ولهذا نرى الكثير من القرارات الخاطئة والتنفيذ الخاطئ في المباريات لاختلافها كلياً عن التمرين ووجود منافس.

ما أهم مطالب الإدارة آنذاك؟

كان من أكبر أهداف مجلس الإدارة آنذاك هو تأهيل اللاعبين للوصول إلى الفريق الأول وتطوير المدربين المواطنين. المهمة الأولى والتحدي كان تبديل تفكير الأشخاص العاملين لدى النصر من مدربين وإداريين ثم التركيز على كيفية الإعداد السليم وبناء قاعدة وتطوير المدربين واللاعبين وكيفية تحليل المباريات وأمور أخرى.

منذ 2015 حتى الآن، هل كانت النتائج مقنعة؟

تم إعداد مجموعة من الخطط والبرامج مثل ورش عمل للمدربين وتمارين إضافية للاعبين الموهوبين، المدربين فهموا الفلسفة وكان يختلف الوضع بين سرعة الاستيعاب بين المدربين وكذلك مع اللاعبين. ونتيجة التطوير الكبير على مستوى الإعداد البدني، يسعدني بأنه من نوفمبر 2015 حتى اليوم لا توجد إصابة عضلية واحدة على مستوى جميع المراحل في الأكاديمية وهذا يوضح حجم النجاح والعمل المتواصل من قبل المدربين والتنفيذ.

كم عدد اللاعبين الصاعدين إلى الفريق الأول؟

في بداية الموسم الحالي ثمة 4 لاعبين من الأكاديمية متواجدين مع الفريق الأول في فترة الإعداد وهم: حسين مهدي وعبد الرحمن حسن، و«سرواش» إلى جانب حمد جاسم الذي التحق بمنتخب 99 وثلاثة لاعبين مع فريق 20 سنة وهم راشد إسماعيل خالد حسن والحارس ماجد صلاح وهؤلاء اللاعبين لم تتجاوز أعمارهم 18 سنة، إضافة إلى تواجد 4 لاعبين مع منتخب 2003 ولاعبين مع منتخب 2002.

في هذه اللحظة هذه أحد أكبر المكتسبات للأكاديمية ولكن يجب الوضع في الحسبان أننا إلى الآن في بداية المشوار.. كل شيء بحاجة إلى الوقت بالعمل والصبر للحصول على النتيجة المطلوبة. وفي موسمنا الثاني حصلنا على بطولة الدوري 17 سنة إلى جانب المنافسة في جميع المراحل الأخرى.

مضى عامان على تواجدك في الدولة، ما الذي تفتقده الكرة الإماراتية بصفة عامة؟

الكرة الإماراتية تفتقد للأشخاص الذين يملكون المعلومات الكافية حول بناء القاعدة في تطوير كرة القدم، لا نتحدث عن الوصول إلى القمة العالمية، ولكن أول سؤال يجب طرحه هو ماذا يجب أن نفعل للوصول لهذا المستوى المتقدم؟

بالطبع التحدي الأكبر هو الحصول على قاعدة ثابتة فهل تملك كرة الإمارات تلك القاعدة الاحترافية؟ عندما تقل المعلومات الاحترافية عن الأشخاص حينها يجب التوسع والجلوس مع الأشخاص الذين يملكون المعرفة من أجل التطوير، وأشعر بالأسى حينما يتم اتخاذ قرار من دون معرفة ومن دون تواصل مع الأشخاص المعنيين.

وأريد أن أنوه بأن ليس كل لاعب كرة قدم عظيم من الممكن أن يصبح مدرباً ناجحاً، فنجاح الأجيال واللاعبين وتطويرهم بحاجة لتطوير المدربين ورفع كفاءاتهم وذلك عن طريق من يملك المعرفة والقدرة في ذلك.

أخيراً أكرر.. الكرة الإماراتية بحاجة إلى تطوير وبناء قاعدة خاصة وفلسفة ثابتة تتفرع إلى جميع الأكاديميات المتواجدة في الدولة.

هل أعتبر ما ذكرته نصيحة أم انتقاداً موجهاً إلى اتحاد الكرة؟

لك أن تعتبر حديثي ما شئت، ولكن لدي تساؤلات أخرى لاتحاد الكرة، هل تملكون أسلوب لعب واقعياً؟ هل يوجد نهج واضح يمكن تعميمه على أكاديميات الأندية؟ هل لدينا تواصل عالي المستوى مع لاعبي المنتخبات والتواصل مع مدربي الأندية؟ هل لدينا بنك معلومات تفصيلية لجميع اللاعبين؟ التدقيق على الأمور البسيطة والخفية دائماً ما يكون مهماً لتطوير الذات والتفكير الإيجابي فقط في تطوير كرة الإمارات بعيداً عن الأمور الشخصية لبناء فلسفة كروية قوية وقاعدة ثابتة.

«الساحرة» لعبة معقدة

قال مارسيل لوكاسين المدير الفني لأكاديمية النصر لكرة القدم، إن «الساحرة المستديرة» لعبة معقدة تحتاج إلى أشخاص يمتلكون الرؤية في تطويرها وفهمها.

كل من يعمل في مجال كرة القدم مهما اختلفت القاعدة والوظائف عليه أن يدرك القواعد الثابتة لكرة القدم، وأن يكون طالباً ويسعى لتطوير نفسه في التمارين والمباريات، فتطوير اللاعبين دائماً يعتمد على تطوير المدربين.

وجوه واعدة في النصر

تحدث الألماني مارسيل لوكاسين المدير الفني لأكاديمية النصر لكرة القدم، عن تجربته في الموسم الأول مع نادي النصر، وقال: قمت بتدريب مجموعة من اللاعبين الموهوبين والوجوه الواعدة في مراحل مختلفة، وكان يساعدني فيصل الطاهري وعبدالله الجسمي وكانت فرصة في تطويرهم كمدربين وتطوير مهارات اللاعبين وكان فيصل الطاهري مثالاً للمدرب المجتهد، حيث بعد أن كان في الموسم الأول مساعداً وضعته مدرباً لفريق 14 سنة وقدم أداءً رائعاً وفق الآلية والنهج الذي اعتمدناه.

وأضاف: ما كان رائعاً أيضاً أن المدريين من الأندية الأخرى لاحظوا وجود الاختلاف في نادي النصر وكانوا مستغربين على التقدم الكبير والتطور في أسلوب اللعب لجميع فرق المراحل، بدليل أنه منذ تواجدي زاد عدد اللاعبين في المنتخبات مقارنة بالسابق.

Email